أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - للتاريخ فم, ولكن أين هي فتحات التصريف














المزيد.....

للتاريخ فم, ولكن أين هي فتحات التصريف


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 4589 - 2014 / 9 / 30 - 16:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


للتاريخ فم, ولكن أين هي فتحات التصريف
جعفر المظفر
التاريخ كائن حي
يأكل ويشرب وينام ,
إلا تاريخنا فهو لا ينام أبدا.
وهو مثل الكائن الحي له فم وفتحتي تصريف,
إلا تاريخنا .. فله فم فقط.
فقدانه لفتحتي التصريف جعل السموم تقضي على كليتيه مثلما أتلفت جهازه الهضمي, ولذك فهو, كأي مخلوق حي, لم يعد قادرا على مقاومة المرض,
لقد صار مصدرا للأوبئة, فأما أن يموت هو أو أن نموت نحن.
المعتزلة إكتشفوا غياب فتحتي التصريف, أرادوا ان يصنعوا له فتحتين ولو صناعتين حينما أكدوا على ضرورة أن يكون العقل قبل النقل وحاكما عليه, لقد بادروا إلى وضع النقاط على الحروف حينما أكدوا على أن مشكلة الإختلاف في النص القرآني لا يمكن حلها إلا من خلال تأويل ذلك النص وإعتباره حتى من الناحية التشريعية خاص بزمانه ومكانه وقابل لأن يتجدد على ضوء المكان والزمان الجديد.
لقد كانت غايتهم خدمة النص القرآني لا الإنقلاب عليه, وذلك بجعله أكثر قدرة على التلائم مع مقتضيات التطور التاريخي
السلفيون الأصوليون لم يعجبهم ذلك, وافقوا على حكاية العقل التي جاء بها المعتزلة ولكن على شرط أن يكون في خدمة النقل لا حاكما عليه. وهكذا وجه هؤلاء السلفيون الضربة القاتلة لإمكانية تحريك النص بشكل يراعي عملية التطور وحاجات المعرفة الإنسانية وألغوا تماما كل إمكانية لأن يقوم العقل بتفسير النص إلا بحدود حقه في أن يكون بخدمته حرفيا, كما أوجبوا ضرورة تحريكه بإتجاه يمليه الشكل لا المضمون والظاهر لا الباطن والسطح لا العمق.
لقد ظلوا لزمن طويل يعارضون فكرة أن الأرض كروية بحجة أن القرآن اشار إلى إنبساطها (والأرض مددناها وجعلنا فيها رواسي), وهم بذلك كفروا كل من يقول بكروية الأرض وكل من لا يعتبر الجبال قد خلقت لغاية تثبيت الأرض حتى لا تقع من مكانها في الكون. أما قوانين الجاذبية التي تحفظ للكون توازنه فتلك هرطقة وبدع يستحق القائلين بها الذبح على الطريقة الإسلامية مع التكبير.
وجاء المتوكل فأغلق حتى فتحتي التصريف الصناعيتين اللتين إخترعهما المعتزلة حينما أغلق باب الإجتهاد تماما, وأبقى التاريخ محصورا بالقرنين الثلاثة الأولى بعد البعثة النبوية وذلك تحقيقا لحديث (خير القرون قرني والذي يليه والذي يليه), أما بقية القرون الي تلت فأوجب أن تكون إستنساخا حرفيا لخير القرون, وبهذا يكون السلفيون الأصوليون أول من إخترع جهاز الإستنساخ في التاريخ.
كارثتنا الداعشية ليست جديدة, بل أنها من صميم تاريخنا المجيد وإمتداد لأسوء ما فيه. قصة الجعد بن درهم ما زالت تتجدد كل يوم. هذا الرجل الذي دعا إلى تقديم العقل على النقل وحاول أن يجد طريقة لتصريف إنسداد التاريخ العربي عن طريق إيجاد حل لآزمة النقل مما أدى به إلى القول بخلق القرآن, الجعد هذا كان ذبحه خالد بن عبد الله القسري والي هشام بن عبدالملك على الكوفة في باكر عيد الأضحى أمام أنظار المصلين عقوبة له على محاولة إيجاد مكانة للعقل في تاريخ بدأ يتكلس تماما. قصة الجعد بن درهم يعاد إنتاجها اليوم أينما حل السلفيون التكفيريون, بل إنني كلما سمعت بقصة ذبح جديدة يقوم بها التكفيريون كلما تذكرت قصة بن درهم ذاك وكيف نزل خالد القسري من منبره في أول يوم من عيد الأضحى ليذبحه بعد أن خاطب التاس ( انصرفوا إلى منازلكم وضحوا -بارك الله لكم في ضحاياكم-، فإني مضحٍ اليوم بالجعد بن درهم . ونزل عن المنبر فذبحه بيده وأمر بصلبه. غلاة الشيعة وبتأثير مضاف من الفكر الصفوي ألقوا القبض على التاريخ وجعلوه يبايع فترة إستشهاد الحسين, وإعتبروها أنها هي التي تستحق أن تسمى تاريخا, ثم إذا بهم ينتقلون تدريجيا إلى تلك الفترة ويأخذون معهم كل متاعهم, وحتى الجدار لم تعد تعلق عليه صور غير صور معركة الطف والأئمة, وحتى أجهزة الآي فون والآيباد لم يعد يصدر منها سوى قصة المقتل والنوح على الإمام الشهيد. لقد أخذ غلاة الشيعة وجهلتهم والضاحكون على عقولهم التاريخ إلى هناك, حيث معركة الطف, ثم صَفَّروا ما عداه.
داعش, السلفيون الأصوليون, غلاة الشيعة, هم جميعا تاريخ بلا فتحات تصريف.
تاريخ يختنق ويخنقنا معه.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب الأمريكية ضد داعش ولعبة الإستغماية
- النفاق الدولي والعربي في محاربة داعش
- العثمنة والفرسنة ونحن الذين بينهما
- سامي المظفر .. ليس لأنه إبن عمي, وطاهر البكاء .. ليس لأنه صد ...
- يوم إمتدح المالكي خصميه اللدودين
- ذاكرة الطيور
- الصيد الطائفي الثمين
- وأخيرا سمعت نباحا
- عزت مصطفى .. الموت نظيفا
- لولا علي لهلك عمر (3)
- قريبا من التاريخ قريبا من السياسة .. لولا علي لهلك عمر (2)
- الوهابية التكفيرية اشد خطر على السنة العراقيين مما هي على ال ...
- والعبادي أيضا دَعْشنوه وسَعْدنوه
- الرهان على البيشمركة
- بين سكين داعش وسيكارة التحالف الوطني
- تغيير المالكي .. أين المشكلة ؟
- هزيمة ما قبل الهزيمة
- في حرب العراق ضد داعش.. هل العراق بحاجة إلى اسلحة متطورة
- خطبة الوداع
- الطبعة العراقية لنظرية المؤامرة


المزيد.....




- تهديدات رسوم ترامب تضع ورشة ألمانية ريفية أمام معضلة شائكة
- -تيمو- و-شي إن- تعلنان رفع الأسعار في أمريكا بسبب رسوم ترامب ...
- عشرات القتلى والجرحى في غارات إسرائيلية استهدفت خيام نازحين ...
- موسكو تؤيد الحوار بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية
- انفجار في موقع لاختبار الصورايخ بولاية يوتا الأمريكية (صور) ...
- رئيس الوزراء الفرنسي يعرب عن قلقه حيال الوضع الصحي لصنصال وي ...
- الهند تصنع جيلا جديدا من السفن الحربية
- الوجه المظلم للأبوة .. اكتئاب الآباء يترك آثارا مدمرة على سل ...
- بعيدا عن عدد الخطوات.. كيف يمكن لمشيتك أن تحميك من الموت الم ...
- دميترييف: فكرة السفر إلى المريخ أصبحت أكثر واقعية


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - للتاريخ فم, ولكن أين هي فتحات التصريف