|
أن تتزوج الشانق
قصيدة للكندية مارجريت آتود، ترجمة: مصطفى مدثر
الحوار المتمدن-العدد: 4587 - 2014 / 9 / 28 - 23:22
المحور:
الادب والفن
[B]
أن تتزوج الشانق مارجريت آتوود
قضوا بموتها شنقاً. ومن موتٍ كهذا قد ينجو رجل بأن يغدو هو نفسه شانقاً وتنجو معه امرأة إن هو تزوجها. لكن ليس هناك شانقٌ الآن! ليس هناك مهرب، هنالك فقط موت في أجلٍ غير مسمى. وهذا تاريخ وليس جماح خيال. إن تحيا سجيناً، تحيا بلا مرايا. أن تحيا بلا مرايا، تحيا بلا ذات. هاهي ترفل في غيريتها! تجد ثقباً في الجدار الحجري، ومن ورائه تسمع صوتاً يأتيها عبر الظلام ولا وجه له. يصبح هذا الصوت مرآتها! وكي تتحاشى موتها، ذاك المتعيّن، ذا العنق الملوي واللسان المتورم، لا بد أن تتزوج الشانق، ولأنه لا وجود له، عليها أن تخلقه أولاً. لابد أن تستدرج هذا الرجل في الطرف الآخر من الصوت. هذا الصوت الذي لم تره ولم يرها، هذا الظلام، لابد أن تستحثه أن يقلع عن وجهه، يبدّله بقناع الموت المجهول، تقنعه بالموت الرسمي الذي له عيون وليس له فم، بقناع المجذوم المعتِم.
لابد لها أن تمسخ يديه فتتهيئان لطي الحبل حول المناحر. المناحر التي تم افرادها مثل عنقها، لكنها أعناقٌ لآخرين. يتوجب أن تتزوج شانقاً، لا أحد غيره. ليس الأمر أكثر سوءاً، إذ مَن غيره يمكنها أن تتزوج؟ أتعجب ما جريرتها؟ قضوا بموتها لسرقتها ثياباً من مخدّمها، من زوجة مخدّمها. راقها أن تبدو أكثر جمالاً، وتلك رغبة يمنعها القانون على الخادمات.
ستجعل من صوتها يداً. صوتها يعبر الجدار ويدلك، ويفرك ويلمس. ما الذي يمكنها قوله كي يقتنع هو؟ لم يكن محكوماً بالموت. والحرية في انتظاره. ماهو الإغراء الذي أثمر وأصاب عنده؟ ربما يريد أن يساكن امرأةً أنقذها بنفسه، امرأة في طريقها إلى التراب فإذا بها،مع ذلك، تتبعه عائدةً إلى سطح الحياة.
كانت فرصته الوحيدة كي يغدو بطلاً، في نظر شخص واحد على الأقل، لأنه لو صار شانقاً لأبغضه الآخرون. كان سجيناً بسبب جرحه لرجل آخر في اصبعٍ واحد من يده اليمنى، بالسيف. هذا أيضاً أمر قديم.
صديقتاي، أنثيان، تحكيان لي قصصهما البعيدة عن التصديق وقريبة من الصحة. حكايات رعب لم تحدث لي، ليس بعد، حدثت لي لكننا كنا منفصلين، نرقب في ذعرٍ شكوكنا. لايمكن أن يحدث لنا ما قد حدث، ليس في ظهيرة، هذه أشياءٌ لا تحدث في الظهيرة. البلية، قالت هي، أنني لم أجد وقتاً لأضع نظارتي التي بدونها أكون أعمى من خفّاش، لم يكن بمقدوري أن أرى مَن هو. تحدثُ هذه الأشياء ونجلس إلى مائدة نحكيها وعنها بغرض تصديقها في النهاية. وهذا ليس جماح خيال، إنه تاريخ. هنالك أكثر من شانقٍ واحد يعمل وبسبب هذا بعضهم عاطلون.
قال: نهاية الحيطان، نهاية الحبال، انفتاح الأبواب، حقلٌ، ريحٌ، بيت ما، شمسٌ، طاولة، تفاحة. قالت: حلَمة، ذراعان، شفاه، خمرٌ، بطنٌ، شعرٌ، خبزٌ، فخذان، عينان، عيناي. وحفظ الإثنان وعودهما.
الشانق ليس بهذا السوء. يذهب لاحقاً لتنظيف البراد من بقايا الطعام رغم أنه لا يمسح ما اندلق عرضياً منه، يريد فقط الأشياء البسيطة: كرسي، أحدهم ليسحب عنه حذاءه ذا الرقبة، يريد أن يسمعه أحد وهو يتحدث وبإعجاب وخوف، وبعرفان إن أمكن، يريد أحدهم ليغمد فيه نفسه طلباً للراحة والتجدد.
هذه أشياء أحسن ما يحققها على نحو جيد هو أن يتزوج إمرأة قضى بموتها رجال آخرون لمجرد تمنيها أن تبدو أجمل وفي الخيار متسع. كلهم قالوا عليه غبي الجميع قالوا عليها امرأة ذكية. أوقعته في شراكها.
ماذا قالا حين انفردا في غرفتهما؟ ماذا قال حين أزاح خمارها ورأى أنها لم تكن صوتاً بل جسداً وبالتالي فانٍ. ماذا قالت حين استدركت أنها أخلت غرفتها محكمة الإغلاق لأخرى مثلها! تحدثا، بطبيعة الحال، عن الحب، لكنه لم يصبح شغلهما الشاعل إلى الأبد.
الحقيقة ليس لدي ما أحكيه لصديقتيّ فيجعلهما تحسان أحسن. التاريخ لا ينمحي رغم أن بامكاننا أن نلطّف على بعضنا بالتخمين حول أشيائه. لم تكن، في تلك الأزمان، امرأة في وطيفة شانقة. ربما لم يحدث بتاتاً وبذا لم ينقذ الزواج حياة رجل، وهذا الحق أعطاه القانون للمرأة.
قال: قدمٌ، حذاء، نظام، مدينة، قبضة يد، شوارع، زمنٌ ومدية. قالت: ماء، ليل، صفصاف، شعيرات حبلٍ، بطنٌ بشكل الأرض، كهف، لحم، كفنٌ، فتحٌ ودماء. وحفظ الإثنان وعودهما.
انتهت ترجمة: مصطفى مدثر
النص الأصلي هنا، الرابط نشط ويمكن فتحه في صفحة جديدة http://www.poetryfoundation.org/poem/177287 /* http://www.poetryfoundation.org/poem/177287 */ a:link { color: #FF0000---;--- }
[/B]
#قصيدة_للكندية_مارجريت_آتود،_ترجمة:_مصطفى_مدثر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
روى النضال الفلسطيني في -أزواد-.. أحمد أبو سليم: أدب المقاوم
...
-
كازاخستان.. الحكومة تأمر بإجراء تحقيق وتشدد الرقابة على الحا
...
-
مركز -بريماكوف- يشدد على ضرورة توسيع علاقات روسيا الثقافية م
...
-
“نزلها حالا بدون تشويش” تحديث تردد قناة ماجد للأطفال 2025 Ma
...
-
مسلسل ليلى الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
فنانة مصرية تصدم الجمهور بعد عمليات تجميل غيرت ملامحها
-
شاهد.. جولة في منزل شارلي شابلن في ذكرى وفاة عبقري السينما ا
...
-
منعها الاحتلال من السفر لليبيا.. فلسطينية تتوّج بجائزة صحفية
...
-
ليلة رأس السنة.. التلفزيون الروسي يعرض نسخة مرممة للفيلم الك
...
-
حكاية امرأة عصفت بها الحياة
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|