جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4582 - 2014 / 9 / 22 - 23:20
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
اسير الكلمات
يعتمد الادب العربي و لحد يومنا هذا و بشكل رئيسي على الشعر و الشعر بالمقارنة مع النثر وكما وصفه الشاعر البريطاني Wordsworth يعبر عن فيضان overflow في العاطفة و يقارن Abrams الادب بالمرآة و المصباح. تعكس المرآة الانطباعات الاتية من الخارج (المستوردة) و يعبر المصباح عن الانطباعات النابعة من داخل النفس البشري (المصدرة) راجع:
The Mirror and the Lamp
http://en.wikipedia.org/wiki/M._H._Abrams
هناك من يعتقد بان الشعر العربي وصل اليوم الى سن الشخوخة او وصلت سوق الشعر لحد التخمة و الاشباع و الملل و لكن كيف ياتي شخص مثل محمد في وسط هذا المحيط الشعري القديم و يلعن الشعراء (و الشعراء يتبعهم الغاوون) ليقضي على هذا التراث الادبي المركزي في ثقافة العرب الذي كان مهما في التخاطب بين القبائل؟ و كيف يستمر المسلم بتأليف الشعر ليومنا هذا و يتحدى محمد؟
نستطيع ان نقول ان محمد لم يكره الشعر و الدليل هو ميل القرآن للقافية و السور المكية الشعرية و اتهامه بالشاعر او الكاهن. يعكس ما قاله محمد بصلافة عن الشعراء عن غضبه الشديد و خوفه لتأثيرهم الكبير على الناس و القضاء على رسالته. لقد ادرك محمد الطاقة الهائلة التي تكمن في الكلمات و في تراجيدية شكسبير يسأل Polonius هامليت:
بولونيس: ماذا تقرأ سيدي؟
هامليت: كلمات كلمات كلمات
http://www.cs.cornell.edu/home/llee/talks/uai04.pdf
و يعنون James Murray مؤلف قاموس اكسفورد الكبير كتابه (اسير فخ الكلمات):
Caught in the Web of Words
http://yalepress.yale.edu/yupbooks/book.asp?isbn=9780300089196
لقد حافظت التقاليد الشعرية العربية القديمة على لغة شعرية موحدة لان الشاعر امتهن الشعر في حين ان محمد لم يمتهن الشعر بدليل ان لغة قرآنه الشعرية ليست موحدة بل تتميز بنكهة لهجة قريش مكة. لقد نجح محمد جزئيا في تحويل الانتباه من الشعر الى تفسيرات القرآن و لكنه لم يستطع القضاء على هذا الفن العريق و لا تهتم الناس بما قاله و الا لما ظهر شعراء بين المسلمين و لما قرأ المسلم الشعر و لما تطور الغناء العربي (راجع مقالي السابق عن اصلية كلمة الاغنية).
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟