|
فوضى (رايس) و..عراق (بايدن)
ابراهيم سمو
الحوار المتمدن-العدد: 4582 - 2014 / 9 / 22 - 21:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فوضى (رايس) و..عراق (بايدن)
ابراهيم سمو
[email protected]
بريمر و.. دستور تمييزي : الدستور ـ في العادة ـ وثيقة تحوي ،مجموعة من القواعد الاساسية ،التي تبين شكل الدولة ،ونظام الحكم فيها ،ومدى سلطة هذه الدولة ازاء الافراد ،هذا في الانظمة الديمقراطية ،التي تعتمد المواطنة والكفاءة اساسا ،في تعاطيها مع قضاياها ؛أفي الداخل ام في الخارج ،لكن في دولة مثل العراق ،لاتُطرَّز الذهنية فيها ،الا بالدين والمذهبية والاثنية والعشائرية، حفّز الحاكم الامريكي (بول بريمر) المُستقدَم بعد سقوط صدام ما ان وجد الارضية ـ الاطيافَ العراقية الكبرى ؛من شيعية وسنية وكردية ،ان يمجد كلٌّ خصوصيته ،عبر علاقة تعاقدية تؤسِس ـ حيث أذن بريمر لهاـ تلك الخصوصية ومتعلقاتها ،دون ان يبالي احد ؛حتى (بريمر) نفسه آنئذٍ ،ان الدستور في العراق، أبرم بروح التمييز ،والاستعلاء ،والتفرقة ،والمحاباة للكثرة العددية ،مجانبا الاقليات الاصيلة ،في النسيج العراقي ؛إذ سادَ النصوصَ الدستورية ،نفسُ الغالب ،وتجاسرُ القوي ،وتضمنتها روحُ الإقصاء بجلاء ،فحابت الشيعة والكرد والسنة ،واشار الى السريان ،والشبك والايزيديين ،والصابئة والتركمان ،كمواطنين من درجات اخرى ،متفاوتة ،واقل مرتبة ،دون ان يغفل هذا الدستور؛ كعقد اجتماعي ،ان ينتصر للعشائرية وفضائلها ـ حسب النصوص ـ في المجتمع العراقي .
التعاقد السياسي ودولة المكون: غاب عن المتداعين، الى طاولة (بريمر) ،ومن جاء من بعدهم، المواطنةَ والديمقراطية و(ثنائية الانا والآخر)، حيث شدد كلٌّ على وجود (اناه) ،ومَطالب تلك (الانا) ،فاتخذوا ،وهم يتفقون ؛او قل يتمظهرون بالاتفاق، من العراق دولة للمكون ،وليست للمواطن ،ولإن ال(انا) كانت طافية على الاجواء ،فقد طبعت اضافة الى الدستور، كما اسلفنا، كذلك الواقع والقوانين ذات الصلة ،والحياة بطابعها الانقسامي، الهزيل . والظاهر، ان التناقضات كانت حاضرة منذ البداية ،لكنها كانت تعالج ،مرة بالترقيع ،واخرى بالمماطلة والترحيل، وثالثة بالتعاند الذي اظهرته المكونات الكبرى اخيرا، ثم تماهت باتفاق غير مستقر، ولانهائي ،والقرينة الدالة، ان قانون ادارة الدولة العراقية ،في مادته (58 )نص على( قضايا خلافية) ،وفق مسمى (المناطق المتنازع عليها)، ثم دُوِّرت الخلافات بالمسمى عينه ،الى الدستور العراقي النافذ ،بخاصة في المادة (140 )،ذات الصيت الذائع، في الاروقة العراقية .
نزعوية الدستور العراقي وخلافات الواقع : يدرك القارئ السياسي ،فضلا عن الحقوقي، ان ملامح الدستور العراقي الاساسية ،ليست سوى نتاج توافق فكر (شيعي ـ كردي) ؛كان هذا الفكر مع حامله مستلبا ،مقصيا لجهة الحقوق والوجود، فبوشر بل بوغت بإفاقته، لكن مشرَّبا بالقمع اياه ،كيما يبت في الشئون العامة ،فتعاطى مع قضاياه ،وقضايا العراق الوطنية ،بذهنية وادوات ومنهجية جلاديه ،حتى بلغت المعاندة باصحابها، الى آفاق مسدودة ،تؤزز الخلاف على ارض الواقع ،الى حد نحي معه الالتزام بالدستور ،كوثيقة مرجعية ،وتم التجازو على (التعاقدعلى الحياة المشتركة )،بذرائع لاتمت في الغالب الى قضاياها المفتعلة، ولاتعبر عن كنه الحقيقة ،فانكسرت التعهدات ،ولاحت رقعة التزاحم بل التصارع ،تمور بين السنة والشيعة والكرد، فاظهرتْ كلا يفتش عن ليلاه ويغفل عن وجود وحقوق الآخر، الشريك ،فعمت الفوضى لكن بصورة خلاقة ؛بمعنى مصطنعة ،وسُدَّ التحاور ،فاضمحلت المكونات الصغيرة ،وغابت عن المشهد العراقي برمته .
الفوضى الاصطناعية وتفعيل التقسيم : لم يظهر عن سر (بريمر)، ولا عن علنه، حين اوفد الى ادارة العراق، ان تُؤسَس الدولة العراقية، على اساس المواطنة ،والديموقراطية والحقوق والحريات، بل طفح الرجل ،وفي جعبته تعزيزات ،(مسبقة الصنع )،تقوي المذهبية والطائفية والعرقية ،وتجسدها كقنابل موقوتة ،عبرت عن تلك التعزيزات ،السيدة (كوندليزا رايس) ،عقب توزيرها على رأس السياسة الخارجية، الامريكية باسلوبها الخاص ،ودعت في مطلع 2005 ،الى تجديد نظرية (الفوضى الخلاقة )،التي قال بها ثعلب السياسة الامريكية ؛(هنري كيسنجر) عام 1974 ،واحتاج اليها نائب الرئيس الامريكي ؛(جو بايدن)، وهو يعلن بما لا لبس فيه سنة 2006 ،عن مشروعه في تقسيم العراق ؛الى دويلات ثلاث ،يغنمها السنة والشيعة والكرد . والبحث اذ يشير الى التقسيم، لايعترض على الحقوق المشروعة، للشعوب العراقية ؛من اكثريات واقليات ، في تقرير مصيرها، لكن المخالفة تأتي ،على اسلوب تنفيذ القسمة ،وشكله واسبابه المباشرة ،بل ذرائعه ذات الروح الميكافيلية ،التي نزلت ترهق العراق، وتضربه بمكوناته، ثم تضرب المكونات بعضها بالآخر ،عبر اصطناع فوضى؛ حدودها الاضطراب والتنافي ،والغاء هوية وحقوق وكينونة الآخر، بالعنف والعنف المضاد ،حتى طفا التصارع صاخبا ،يمرجح السنة والشيعة والكرد ؛كلا ضد الآخر ،في مساحات قد تضيق اوتتسع ،فتهرس في المعمعة عينها ،مكونات اقل شأواً من الكبرى.. فتاه الجميع ،وبرزت مسميات جديدة ،تخلط الدين والسياسة والقوموية، والوطنيات الفارهة ،وتعنف ؛بل تقتل مرة باسم الله، واخرى باسم العراق واشتقاقاته، كيما يسير الجميع ،الى (فوضى كيسنجر) ف (رايس) ،وعراق (بايدن) .
فوضى رايس وعراق بايدن : هوى العراق في بحر، من فوضى نازفة اذاً ،من التي رمت (رايس )اليها وفق جرعات خلّاقة ،تفوق التي وضعها ذات نظرية( كيسنجر )،فغرقت المكونات كلها ،في (نزاع طرشان)، لاح فيه ،كل يصعد من جعجته ،دون ان يتفهم جعجعة الآخر؛هذا الذي طفق ،لايوفر بدوره المهاترة ،ويسارع كيما تتاح له، ان يعمم معتقداتِه واهواءَه وميولَه الحزبية ،او المذهبية او الاثنية، او الدينية بعنف غير مسبوق ،على شريكه في الوطن ،الذي استُفزَّ، فضادَّ يخالف بصورة اقسى من مُستفِزِّه ،الامر الذي افسح ،ان تنهار الدولة ،وتنشطر السلطات بعد اساءة استعمالها ،واصطفاف عناصرها خلف مكوناتها ، عوض السعي الى المصلحة العراقية ،العليا ؛حيث تراجع الاداء والولاء ،وطفت ميليشيات عن المكونات المُبعَدة ،او غير المُمثَّلة اصلا ،واخرى عن العصاة والمتمردين ،العراقيين وغير العراقيين ،الذين جمعتهم مقاذيرالعراق ؛حتى انكسرت السيادة الوطنية العراقية ،وآن لمخطط (بايدن)، ان يتنفس الصعداء على يد داعش ،التي احتلت الموصل ،فعرّجت باذاها على سهل نينوى ،وشنكال ،وتلعفر وسواها ،من الاقضية والنواحي والبلدات، والقرى والدساكر، التي كانت تضم اقليات ،دينية واثنية عراقية، اصيلة ؛فقتلت ودعشت اي اسلمتها على الطريقة الداعشية ،واستسبت المحصنات والقاصرات ،وشردت السكان الآمنين ،مُعلِنة ،هي داعش، خلافةَ الدولة الاسلامية ،ممتدة من الرقة ،مرورا بدير الزور ،الى الموصل وما حولها، نحو امبراطورية غايتُها ،ان تتسع دون ان تعترف بحدود ،مُلوِحة ل(بايدن ): ان تدخّلَ بلاده لمباشرة التقسيم، قد استوى ، ثم مُعرِّفة السيدة (رايس ) :ان فوضاها ،اجتثت الاقليات الوديعة ،الاصيلة في العراق ؛عن بكرة ابيها .
#ابراهيم_سمو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شنكال أُسْقِطَتْ (2)..والمجلس الروحاني سقط
-
داعشيات كفاح محمود ، او..عقوقيات
-
شنكال أُسقِطَتْ ( 1 ) : الدعيُّ والمُحَزَب الايزيدي لدى هولي
...
-
شنكال أُسقِطَتْ ( 1 ) : الدعيُّ والمُحَزَب الايزيدي لدى هولي
...
-
آل البرزاني × شنكال = مسؤولية - مساءلة
-
همسات عن شنكال لأذن هولير
-
اقلياته تفنى والاسلام يرضى
-
شنكال..جدتي والبرزانية
-
سنجار لالش اوكردستان ( مامش ) فعراق داعش
-
روج آفا سورية في البرلمان الاوروبي
-
اللاجئون السوريون و..ضيافة الجوار
-
قانون الانتخاب الرئاسي في سورية ..وقراءة
-
السيادة وتنحياتها ..معادلات من خُلاسة فمتلونة
-
المرأة..وجندر جنس
-
الربيع العربي ... انظمة من ملح وثورات من ملح
-
جافة ....جهفة ..جهفاهُ نكسة في واقع،
...
-
تل ابيض.. امارة صَعْلَك
-
اللاجئون السوريون بين سندان الضيافة التركية و مطرقة
...
-
ثورة مَطارين ...أوان القيامة قصص قصيرة جدا
-
-وليدو -،- شيرينة- ... ثورة غرقى . دمعة من واقع قصيرة
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|