|
قصيدة -تفصيل آخر من لوحة الصعود إلى العراق- خالد أبو خالد
رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 4582 - 2014 / 9 / 22 - 17:32
المحور:
الادب والفن
تفصيل آخر من لوحة الصعود إلى العرق خالد أبو خالد هناك تماثل بين معانة بدر شاكر السياب والفلسطينيين، فقد استخدم محمود درويش صراخ السياب في الخليج "العراق العراق ليس سوى العراق" كحالة تماثل بينه وبين السياب المنفي من العراق، وكان صراخه يمثل حالة كل إنسان عربي بعيد عن وطنه، مثل الصوت العالي ضد المنفى، ضد الظلم والظلام، صوت فيه من الحنين والحب والأمل الشيء الكثير، الشاعر الفلسطيني خالد أبو خالد يستخدم أيضا نداء السياب ليزاوج ويوحد بين ما يعانيه العراق والعراقي ـ بعد الاحتلال ـ وبين فلسطين والفلسطيني، وكأن العراق والعراقيين أصبحوا فلسطينيو القران الواحد والعشرون، فهناك احتلال، وتخاذل عربي ساهم فيما آلت إليه الأوضاع العراقية، وهناك تشريد لأكثر من ربع السكان، وقتلى وجرحى يعدوا بالملاين. كما أن تلاقي الشعراء الفلسطينيين والعراقيين في الهم والمعاناة ـ قديما وحديثا ـ يعكس التركيبة النفسية المتماثلة بينهما، وأيضا العلاقة الروحية التي تجمعهما معا. يتناول الشاعر في بداية قصيده الحالة العراقية، فيقول "يترك السياب من تمثاله ... ليشد ظهرك يا عراق متسائلا: أني لأعجب كيف يمكن أن ... يخون الخائنون... الشمس أجمل في بلادي الشمس أجمل في العراق"الشاعر يتحدث عن العراق، ويذكرنا بالسياب، ويتغنى بجمال الوطن، لكن هل يمكننا القول بأنه أراد أن يضرب عصفورين بحجر واحد، العراق وفلسطين فهما يعيشان نفس الحالة ويعانيان من ذات الهم. يستمر النداء المنفرد ـ شكلا ـ والعربي والعالمي مضمونا فيقول: "طفلتي تجتث من بغداد ... عن بغداد... عن نخل البيوت.. وعن تراب حديقة الزوراء عن أقلامها.. وعن الحكايا... والثياب المدرسية عن طفولتها.. وعن حلم يؤجلها... لتفرح فكن عدوي أيها المنفى.. خرجت.. فكن عدوي" الحديث عن الإبادة الإنسانية في العراق، وعن الأطفال، طفله، والتي نتعاطف معها أكثر من الطفل، وقد استخدم لفظ التأنيث لزيادة وتيرة التفاعل مع النص، فالأطفال بطبيعتهم يجعلوننا ـ نحن الكبار ـ نتعاطف معهم، فيما بالنا إن كان الحديث عن طفلة!، وما حديثه عن تفاصيل الانتزاع المتمثلة في الأقلام والحكايا والثياب إلا تأكيد على بؤس الحالة وإنسانيتها في عين الوقت. يستخدم الشاعر بعض المؤشرات على فلسطينيته من خلال قوله: "سيظل جرحي ... برتقالتنا... وقنطرة البريد ويظل اقرب من دمي .. دمك البعيد... إني وأنت ... مسافران ... بلا حقائب ... والتين ... الزيتون ... والنخل المحارب" استخدم المؤشرات على تحديد الجغرافيا الفلسطينية من خلال البرتقال والتين والزيتون، وإضافة النخيل الذي يجمع بين العراق وفلسطين، لتأكيد على الهم الواحد، المتماثل والمتشابك والمتداخل، بين العراق وفلسطين. من خلال تناول الحالة الفردية لكلا من العراق وفلسطين، كان هناك أيضا استخدام للوجع الثنائي، المزدوج، المتماثل، والموحد للعراق وفلسطين، فنجد في قصيدة "تفصيل آخر" الأبيات التي جمعت بينهما أكثر من تلك الأبيات المنفردة، ولنأخذ بعضا من تلك جمعت بين الجغرافيا العراقية والفلسطينية : "جسري على نهر/المسيب/ نخلة.. ونخيل أهلي جسرهم نحو الجنوب فكأنما نجد الذين نحبهم وصلوا الرمادي... بالنقب... غسل الصدى بتراب /بابل/ ساعديه.. وخاصر العتبات ... والوجع المقدس وغسلت قمصان البنات بماء /سومر/ من دم للقتلى ... وباركت الجليل... وحملت رماني ... على الجسد النخيل" عندما يجمع المكان في موضع واحد يتأكد الترابط والتلاحم الجغرافي والإنساني، فهنا كانت الجغرافيا احد والوسائل التي تجمع العرق وفلسطين، والعراقي والفلسطيني، فكلاهما "في الهم سو" كما يقول المثل الشعبي. أيضا يجمع الشاعر بين رمز العراق ـ النخيل ـ ورمز فلسطين ـ الزيتون ـ فيقولك "إني وأنت... مسافران ... بلا حقائب والتين .. .الزيتون... والنخل المحارب إني ذكرتك بين ذاكرتين.. من ورد وتفاح ... حزين ... النخل أعلى ـ بين خاصرتين... من نهر ونهر النخل أغلى بين موالين... من دمع ... وقهر" استخدم الاسم الثنائي يؤكد الحالة التي يعيشها الشاعر، فالعراق بالنسبة له كفلسطين، والوجع العراقي هو وجع فلسطين، من هنا نجد التأكيد في أكثر من شكل وأسلوب على هذه الثنائية. نقول بان ما يميز هذه القصائد أولا المقدرة الشاعر على تناول همين معا، وفي جغرافيتين مختلفين، واستخدم الرمز ـ النخيل والزيتون ـ بطريقة توحي للمتلقي وكأنهما مكانا واحدا، استحضار شخصية السياب الذي صرخ، رافضا ومحتجا على المنفى والغربة، كان يماثله ما استخدمه الشاعر من كلمات لشعراء وأدباء فلسطينيين، فقال : "إني وأنت مسافران بلا حقائب" والتي تعني ما قاله محمود درويش "وطني ليس حقيبة وأنا لست مسافر" نقول في نهاية هذه الإشارة لقصيدة "تفصيل آخر من لوحة الصعود إلى العراق" بأنها تمثل البعد الوطني الملتحم قوميا، إن كان في الجغرافيا أم في الإنسان أم في الرموز، وتبقى هذه القصيدة من أمتع القصائد التي يستمتع بقراءتها، لما فيهما من جمالية أدبية ولغة فنية، ولما تقدمه من أفكار أصلية موحدة وجامعة لنا. رائد الحواري
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رواية -شارع العشاق- محمد عبد الله البيتاوي
-
رواية -الصراصير- محمد عبد الله البيتاوي
-
رواية -شهاب- صافي صافي
-
رواية -اليسيرة- صافي صافي
-
الإيمان والعقل
-
-السلم المسلح- غاستون بوطول
-
رواية -المهزوزون- عبد الله البيتاوي
-
-امام المرآة- فاروق مواسي
-
من شعر معين بسيسو
-
-عودة الروح- توفيق الحكيم
-
الإبداع الفلسطيني
-
-أودنيس وعشتروت- فؤاد الخشن
-
الغباء العربي
-
-آه يا بيروت- رشاد أبو شاور
-
القبيلة والعشيرة وفلسطين
-
حلم
-
إلى الامام
-
-تحت سماء الجليد- جاك لندن
-
بيروت جمعتنا وغزة شتتنا
-
-رواية جنون الأمل- عبد اللطيف اللعبي
المزيد.....
-
-أجمل كلمة في القاموس-.. -تعريفة- ترامب وتجارة الكلمات بين ل
...
-
-يا فؤادي لا تسل أين الهوى-...50 عاما على رحيل كوكب الشرق أم
...
-
تلاشي الحبر وانكسار القلم.. اندثار الكتابة اليدوية يهدد قدرا
...
-
مسلسل طائر الرفراف الحلقة92 مترجمة للعربية تردد قناة star tv
...
-
الفنانة دنيا بطمة تنهي محكوميتها في قضية -حمزة مون بيبي- وتغ
...
-
دي?يد لينتش المخرج السينمائي الأميركي.. وداعاً!
-
مالية الإقليم تقول إنها تقترب من حل المشاكل الفنية مع المالي
...
-
ما حقيقة الفيديو المتداول لـ-المترجمة الغامضة- الموظفة في مك
...
-
مصر.. السلطات تتحرك بعد انتحار موظف في دار الأوبرا
-
مصر.. لجنة للتحقيق في ملابسات وفاة موظف بدار الأوبرا بعد أنب
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|