أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - موسى وجولييت الفصل الخامس والثلاثون والأخير














المزيد.....

موسى وجولييت الفصل الخامس والثلاثون والأخير


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4582 - 2014 / 9 / 22 - 16:51
المحور: الادب والفن
    



نهضت جولييت على انهيار العالم في اللحظة التي مات فيها. موسى الحبيب يموت حينَ عودةِ جولييت إليه! كيف من الممكنِ أن يكونَ اللقاءُ وداعا؟ ووداعًا أبديا؟ آهت جولييت: آهٍ، موسى! حبنا لعنة الأجداد، ولكنك، أنت، لم تشأ أن يكون حبنا لعنة أبنائنا! أن يكون سر الطبيعة، وأن تكون سر القلوب. أن تكون مثل أولئك الذين رموا عن كاهلهم عبئًا ثقيلا! الذين جروا النار إلى قُرصهم قدرًا ذليلا. اللعنة عليهم جميعًا هؤلاء الذين انتحلوا الأعذار لحبك! أين هم مما أخذوهُ من تافهٍ في عالمٍ خليِّ البال؟ في نظامٍ لن يعود إلى نصابه؟ في أرضٍ طار غرابها؟ فليمنعوا عني حبك الآن!
لن يستطيعوا، جولييت، وأنت بين ذراعيه دم، وهو بين ذراعيك دم. فلتتحد روحك وروحه، ولتذهبا معًا إلى عودة العمر! أتكونُ عودةٌ لِسِيَرِ الفاسقين؟ والأفانين، أتخترق العصور مثل سهامٍ محطمة؟ أتبقى لدمهما نكهة الفاكهة ورائحة السمك الطازج؟ أيأتيهما شاعر مجهول من عندنا ليكتب عنهما أحزن حكاية وأبهج أغنية؟ أغنية تمارس علينا فعل الرُّقْيَة، وحكاية للدمع المتدفق من نبعةٍ كريمة، إكرامًا لذكراهما، من غير قدر الهوى المتسلط؟ أم أنه قدر هواهما المضّيِع، موسى وجولييت؟ ولكن أين هو ذاك القوي ياكوف؟ أين ثَوْرُهُ؟ وأين بحرُهُ؟ ها هما يتركانه من ورائه جرذًا شقيا، ويبقيان له من بعدهما كربًا وإحساسًا ما ورائيًا وحصرًا نفسيا. فما استطاعت بعض لحظاتهما الهنيئة أن تحميه من حزنهما الطويل ويأس الشجر. تلك التي تحترق جذوعها حطبًا لفينوس. سَيُدْبِرُ عنه الدهر، وستنتهي كل الأنظمة. ستبقى للآخرين أنظمة الشعر من بعدهما. والمتعة. والتجسد ظاهرة. سيخلصان مثل عاشقٍ وعاشقةٍ قَبْلَهُما من علم الأخلاق، ومن كل مسؤولية. سينجوان من كل الأعراف، ومن كتائب الموت كلها، ولن يبقى أحدٌ عليهما وصيًا أو لهما وكيلا. وستبقى الأمة لهما أُمًا وضميرا. سيستسلمان جسدًا وروحًا لعاطفةٍ تسلم الواحد للآخر في جناتِ عدنٍ تشتعل فيها النيران، وإلا كيف سيفلتان، يا ترى، من كل هذا الكذب؟ كيف سيفلتان من كل هذا الدجل؟ كيف سيغادران الندم واللهب إلى الحُلمِ والموسيقى؟ كيف سينفدانِ مثلَ حجرٍ يبرز من جدار الزمن الرابطنا؟ وإلا كيف سننفد، يا ترى، بجلدنا، ونقيم حلفًا مع الكائنات ذات السر الخفيّ، فنحظى بالضوء والظل؟ موسى كنتَ منها مُنبثقا، وهي من ضلعك بلدٌ مترامي الأطراف، فاتركا للآخرين الخطرين من بعدكما جَوْرًا وجنوحَ سفينة! فما كان موسى إلا ملكًا للبحر، وما كانت جولييت للبحر إلا أجاجا، وما كانوا لموسى وجولييت إلا قتلةً وشهودًا على صراعٍ عاجلٍ من الوَجْدِ والنشوة جزعًا ويأسًا وغِلاً ووجعًا وإعصارا. لقد كانت الفاجعة. فاجعة القلب الممزق للعاشِقِين. للعاشِقِين الذين كان لهم الموت المرسوم. الموت المرسوم بريشتهم هُمُ الهالكون. نحن الهالكين الموقعين أدناه نشهد أننا دبرنا وأجرمنا. ذُدنا عن حياضنا سمكًا وفحما. فرقنا وسدنا. وما كان باستطاعة موسى، وما كان باستطاعة جولييت، أن يعيش الواحد دون الآخر، وأن يعيش الواحد مع الآخر. كانا روميو وجولييت، وكانا المجنون وليلى القادمين من قديم الزمان، ولم يكن لهما حل إلا بالموت، بالسلام، وبالنسيان.
طبعت جولييت شفتيها على شفتيه، ومسحت له شعره وجبينه. كانت طريقتها في التضرع إليه. هو ربها الآن وهي ربته. هو طفلها الآن وهي طفلته. هو قلبها الآن وهي قلبه. التواصل والتنامي. والبحر هناك امتداد وموج. هو غرامها الآن وهي غرامه الآن وغدا. وعادت الموجة إلى الموجة ليصبح البحر غضبًا وسيادة. آهت جولييت: آهٍ، يا حبي! ودمهما يذهب هَدَرا، ودمهما يروي ظَمَئا. دفنت وجهها في صدره، وتنسمته كله ملء رئتيها، مُحَرِّضَتَهُ على العودةِ إليها، فاخترقتها سلسلة من الطلقات، وخرت صريعة.



أنجزت كتابة هذا النص يوم الثلاثاء الموافق 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1989 في المحروسة والمحسودة باريس.

تم إعداده للطبعة الثانية يوم الثلاثاء الموافق 2 تشرين الثاني/نوفمبر 1993 في الحارسة والحاسدة عمان.



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موسى وجولييت الفصل الثاني والثلاثون
- موسى وجولييت الفصل الثالث والثلاثون
- موسى وجولييت الفصل الحادي والثلاثون
- موسى وجولييت الفصل الثلاثون
- موسى وجولييت الفصل الثامن والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل التاسع والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل السابع والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل السادس والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل الرابع والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل الخامس والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل الثاني والعِشرين
- موسى وجولييت الفصل الثالث والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل الحادي والعِشرون
- موسى وجولييت الفصل العِشرون
- موسى وجولييت الفصل الثامن عشر
- موسى وجولييت الفصل التاسع عشر
- موسى وجولييت الفصل السابع عشر
- موسى وجولييت الفصل السادس عشر
- موسى وجولييت الفصل الرابع عشر
- موسى وجولييت الفصل الخامس عشر


المزيد.....




- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - موسى وجولييت الفصل الخامس والثلاثون والأخير