صلاح اميدي
الحوار المتمدن-العدد: 4580 - 2014 / 9 / 20 - 20:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ان انتخاب اردوغان كاول رئيس منتخب لتركيا يبدو وكانه يمثل بداية لمرحلة اخرى تترسخ في تركيا دكتاتوريه "اردوغانية" , مشابهة للدكتاتورية "البوتينية الروسية " ، وسوف يكون امتدادا لسياسة الدورات الثلاث التي شغل فيها , منصب رئيس الوزراء مع تغيير واحد , وهو , ترقية واعطاء رئاسة الوزراء " لملحقه و سنده الايمن : السيد داود اوغلو " .
اتسمت مواقفه بالغموض واللعب على اوتار متعددة داخليا وخارجيا .. داخليا وكمثال بارز: تعامله الاستعلائي مع المتضاهرين في احتجاجات (منتزه ميدان تقسيم) في تركيا في 28 مايو 2013 , وكذلك تدخله السافر في تقييد الحريات العامة ومراقبة وتضييق الخناق على شبكات التواصل الاجتماعي ...
من جهة اخرى شهدت تركيا زيادة عدد المدارس الدينية خمسة اضعاف خلال مدة عشر سنوات حسب المعنيين بالشأن الدراسي والتعليمي التركي .. وزيادة المدارس الدينية لا يمكن ان يكون ,الا دليلا للتراجع و ليس التقدم الدراسي في كل الاحوال ..
اما خارجيا فربما كان ارساله لشحنة مساعدات فاشلة عن طريق البحرالى غزة ثم قتل بعض من كان على السفينة من الاتراك والتوتر اللاحق بين تركيا و اسرائيل , الحدث الاخر الابرز في السنوات القليلة الماضية .
اردوغان مع هذا حافظ وباستمرار على احد مواقفه , الا وهوالموقف الداعم للتطرف " السني" المتمثل بحماس والاخوان المسلمين في مصر والنصرة في سوريا وداعش مؤخرا ....
السيد اردوغان , وفي حديثه في اجتماع حزبه ِفي شهر آب المنصرم ,اتى مرارا في حديثه عن الحرب الاخيرة في غزة , بسيرة" الجينوسايد" الذي يقترفه الجيش الاسرائيلي , وتسائل "ماالفرق بين ما قام به هتلر وما يقوم به الجيش الاسرائيلى" ؟ من مجازر بحق الابرياء , وان استخدام القوة الاسرائيلية , يمثل خرقا دوليا , ترتقي الجريمة الاسرائيلية فيها الى درجة الجينوسايد .. وفي حديثه كرر مصطلح "الجينوسايد عدة مرات و كانه هو من اكتشفه , ولتوه .. واشار الى الازدواجية الغربية في التعامل مع قضايا الشرق الاوسط والكيل بمكيالين في ما يتعلق باسرائيل ...
الرجل يدل غالبا على غبائه بنفسه و كثرة ثرثرته تمنعه غالبا من الامعان في ما يتفوه به .. لم يفكر لوهلة ماذا يقول عنه الاخرون , وهل ما يفعله هو في دعم داعش, التي سببت لحد الان في قتل وذبح اكثر من 20 الف شخص , هل هذه جرائم جينوسايد يسكت عنه السيد اردوغان؟ ,ام لآ , ام انه يعرف الاشياء على مزاجه وكما يشاء ؟...
لوعلم اردوغان جذور مصطلح الجينوسايد ، لسكت واخرس ..
***الجينوسايد مصطلح ، اول من اطلقه كان المحامي اليهودي البولندي الذي سافر الى الولايات المتحدة 1941 ( رفائيل ليمكن Raphael Lemkin ) في كتابه ( حكم المحور في اوربا المحتلة - 1944) .. و هو مركب الكلمة اليونانية جينوس genos- γ-;-έ-;-ν-;-ο-;-ς-;- (شعب او عرق ) , والكلمة الاخرى لاتينية سيدر cī-;-dere اي( قتل) ...
وعندما سؤل عن سبب اختياره او ماذا كان وراء فكرة هذا المصطلح كان رده :
جينوسايد الارمن ، والاشوريين في سميل -العراق , المذبحة التي راح فيها ليس اقل من 600 شخص ، و ثم الهولوكوست النازي الذي فقد هو فيها شخصيا اكثر من 9 من الاقارب .. هل سال اردوغان نفسه ان اول من اقترف الجينوسايد هم اجداده؟.
لكن عندما قامت كل من فرنسا بصياغة قانون تبناه كل من الرئيس الراحل (ساركوزي) والرئيس الحالي( هولاند) ، يمنع بموجبه نفي تركيا الجينوسايد التركي للارمن و بموجبه تقبل تركيا ما قد يترتب عليها من عواقب قانونية دولية ,,, ثم عندما جاء تصويت مجلس الشيوخ الامريكي في ابريل 2014 على مشروع قانون يعترف بالجينوسايد المقترف من قبل الاتراك ضد الارمن , والاحتفال بذكراه في 24/4 من كل عام :
قامت قيامة اردوغان واصابه الهستيريا و النفور وقام بالهتاف والوعد والوعيد ..
تعاني سياسة اردوغان من انفصام فعلي ..
داخليا : يدعي الانفتاح الاجتماعي والديمقراطية و بناء الدولة على الاسس العلمية .. اما الحقيقة فان مظاهر الانفتاح في تقهقر و يشهد تركيا تراجعا في مستوى المعيشة و بروزا للمظاهر الدينية بشكل ملفت ..
خارجيا:
اتساع الفجوة بينها و بين اوربا مما يجعل حلمها في الانضمام في الاتحاد الاوربي و على هذه الشاكلة امرا مستبعدا في المنظور القريب ..
ومن جهة يطلب من الناتو(باعتبار دولته تركيا عضوا في المنظمة ) , وضع درع صاروخي لردع اية صواريخ روسية الصنع قد تاتي من سوريا بشار الاسد ، و بالمقابل يرفض مقترح الناتو بالتعاون للقضاء على (داعش) .. الحجة الواهية لحد الان كانت وجود الاسرى ال49 الاتراك المحتجزين من قبل هذه المنظمة الارهابية و الخوف على سلامتهم ، علما ان هؤلاء كانوا الوحيدين الذين لم يطالهم بطش داعش و ذبحهم ... فكيف يعلل اردوغان للعالم الخارجي هذا الشيء الغريب !؟ و ان لم يكن بينه و بين "داعش " تنسيق كامل ؟ و كون هؤلاء من العناصر التركية المخابراتية المتعاونة المند سة مع داعش و اكتشف امرهم اخيرا ؟.
والسؤال الثاني : و الان قد افرج عن جميع هؤلاء , سالمين مسلمين و رجعوا الى تركيا ، هل سوف يغيير اردوغان موقفه و يكون طرفا في قتال داعش ؟.
الجواب هوكلا ,لان داعش و باعتراف العديد من قياداتها ,ما كانت لتصل الى هذا الوضع بدون دعم تركي لوجيستي كامل عن طريق ايواء قياداتهم , اقامة دورات التدريب و التنسيق بين قيادات هذا التنظيم الارهابي , و الاهم من ذلك كله, ادخال هذا العدد الخيالي من المقاتلين الاجانب من العرب وغيرهم الى سوريا و العراق عن طريق اراضيها للاتحاق بالارهابيين .
السؤال المحير لكن هو :
كيف يغمض المجتمع الدولي عينيه ، الناتو بالاخص ، عن الدور التركي الرئيسي في تغذية داعش ؟ الجينوسايد الذي يقترفه داعش ضد الكورد في العراق و سوريا ، اليست تركيا هي المرتكب الرئيسي بالاستعاضة ..
على رئيس حزب العمال (ابو ) النظر مجددا في الهدنة مع اردوغان ... اردوغان يطبق تكتيك ( افضل طريقة لقتال عدوك هو ان ان يفعله طرف ثالث نيابة عنك ) ..
اما بالنسبة لمقاتلي ب ك ك فالموت في جبال تركيا في قتال الاسطول التركي او في كوباني غرب كوردستان او مخمور في جنوبه او شنكال , في قتال داعش , فهو بالنسبة للكورد ذات الشيء ....
الذي يستفيد من تغيير الاتجاه و البوصلة هو اردوغان .
فلماذا يعطى لاردوغان فرصة الظفر بالمكر السياسي والعسكري , الذي يلعبه للنيل من الكورد عن طريق "جينوسايد داعش"؟ ....
#صلاح_اميدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟