|
سلبية توفر الحرية لمن ينفي الحرية
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4580 - 2014 / 9 / 20 - 14:52
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
في عالمنا اليوم، يكثر الحديث عن متطلبات العصر و ما يهم الانسان من الحرية و الحياة الكريمة للمواطن الفرد و الحرية العامة للشعب، وضمن مجتمعات في ظل انظمة وصلت اليها تلك الشعوب بعد طول معاناة و دهر من القهر و الحروب، و كان تطور الانظمة و الاستناد على الدساتير و الاعراف ضمن مجريات تطور الحياة الاجتماعية السياسية موازاة و مواكبة مع تطور الوضع الاقتصادي و ايجاد السبل الكفيلة لضمان ضرورات الحياة للفرد و المجتمع بشكل عام . فليس من المعقول ان تطلب من احد ما و هو يحتضر جوعا او غير مكتمل ثقافيا او يحس باغتراب نتيجة معيشته المتنقاضة و الفروقات الشاسعة بين نشاته و الموقع البديل الذي وصل اليه ان لا يعتدي على جاره الفاره العيش و في ابهة بحجة خرق حدود حرية الاخر اجتماعيا كانت ام اقتصاديا ام سياسيا، و ان منعه القانون فهو يرفضه و يخرقه باية طريقة كانت . المجتمعات الغربية و السياسة الليبرالية المتبعة قد تفيد الانسان في المرحلة التي وصلت اليها و ترعرت اجيالها فيها وفق ما موجود فيها، اما من عاش في ظل الضيم و التخلف و وجد الفرصة للتنقل الى مجتمع غريب عنه شكلا و تركيبا و عقلية، هل من الممكن ان تتعامل معه بذات الطريقة التي يتفهما الاخر المواطن الاصلي، هذه هي نقطة الضعف في التناقضات الموجودة في السياسة المتبعة في الغرب و تلقي بضررها على الشرق المتخلف و تنتج من المتطرفين اضافة الى ما موجود اصلا في الشرق و نحن لا ينقصنا منهم، الا ان الحرية التي يوفرها الغرب في كافة المجالات و لحد التطرف في توفرها انها تجعل حتى الذي يقف ضد اية حرية يستغلها لافعال و نوايا و اهداف لسد الطريق امام الحرية ذاتها التي تؤمن بها الليبرالية و الديموقراطية التي لا تكتمل الا بتوفر الركائز الاساسية لهما و منها الحرية كشرط لنجاح الياتها في العمل و تطبيق المضمون نظريا و عمليا على الارض روحا و نصا و تنفيذا . هل من المعقول ان تكون قادرا على منع من يمنع عنك الحياة و يغلق عليك الابواب التي ادت الى التنقل الى مرحلة جديدة من التطور و لم تمنعه بحجة توفير الحرية، و هو يستغل ما توفره له من الحرية لمنع ما توفره له و لك . ان مجتمعاتنا تعودت على القهر و الضيم و الضيق في التصرف و التعامل و تربوا على الدكتاتورية في البيت و الشارع والمجتمع و لم يتعايشوا مع الحرية و لذلك لا علم لهم بكل ما يمت بالمفاهيم الجديدة لما يحتاجه الانسان نفسيا و واقعيا ليستكمل مسيرته الحياتية بحرية و ان امكن برفاه و سعادة دون مضايقة او الاحساس بالاغتراب . هل من المعقول انك تهرب من الضيق في الحياة من جميع النواحي السياسية الاقتصادية الاجتماعية الثقافية و تصل لمكان يوفر لك الاحسن مما عشت فيه و عندما لم تقدر ان تتعايش مع الواقع الجديد و تحس بالاغتراب النفسي جراء التربية الاساسية التي تبنيت عليها و تغيرت طبيعتها في المجتمع الجديد و تستغل الواقع الجديد الاحسن لمحاربته قبل ان تحاول تغيير الواقع المخزي الذي جئت منه و تتعلق بفكر خيالي و تحسب نفسك على الحق . انه لامر معقد، و لا يمكن التعامل معه بسطحية، و يحتاج للتعمق و الدراسات الاكثر لعلاجه وفق المفهوم الليبرالي المعتمد في اكثر الدول، و هذا ما هم منعكفون عليه الان حسب كل المؤشرات، و لكن افرازات تلك الثغرة المستغَلة تفرز السلبيات الى المجتمعات ذاتها و الى الشرق الذي لا تنقصه تلك السلبيات من الاساس . ان وصول الالاف من مقاتلي داعش من الغرب الى ساحات الارهاب لامر غريب من استغلال الحرية في فكر و عمل شنيع لا يمكن اعفاء النظام الليبرالي من تسببه لمثل هكذا فجوات في امور تعود بالضرر على الانسانية كافة مهما كان موقع الضرر و من كان المتضرر . ان السماح لمن يستغل الحرية و المختل نفسيا لعدم تقبله واقع و طبيعة اجتماعية سياسية و هو هارب من واقع ماساوي لامر غريب من عدم معالجته من قبل الحاضن الغربي و من نظامهم الليبرالي لحد اليوم، ام السياسة هي التي يمكن ان تعرقل اية خطوة في الاتجاه الصحيح لتحقيق مثل هذه الاهداف المصيرية و ما يتصل بجوهر الحياة العامة و الخاصة للفرد قبل المتضرر و المضر للمجتمع لاسباب خاصة . ان المشكلة الاساسية و العلة التي تُستغل من قبل هؤلاء ليست الا عدم اكتمال المسيرة و عدم الوصول الى النظام الملائم في مسيرة حياة الانسان، وحسب تفهمي و اعتقادي هو النظام الاشتراكي، و مهما كانت الحريات المتوفرة من الانظمة الراسمالية و الليبرالة و ان كانت تفيد البشرية في مرحلة ما الا انها تحوي من الثغرات تعيد حياة الانسان الى الصفر و يمكن استغلال تلك التناقضات وا لنقوص و الثغرات لضرب النظام ذاته قبل المجتمع . فمرحلة الاشتراكية الديموقراطية و المساواة و العدالة الاجتماعية و التي لا تحوي الا ثغرات قليلة جدا مقارنة بالنظام الليبرالي و لحين الوصول الى الشيوعية في المستقبل البعيد وهي المرحلة و النظام الملائم الذي يفترض الوجود و يثبت نفسه في اخر المطاف مهما طالت مرحلة توفر اسباب و مستوجبات بقاء النظام الليبرالي او الراسمالي . فان كانت الثغرات الكبيرة الموجودة في الانظمة الغربية و التي تستغلها المنظمات الارهابية التي تقف ضد الانسان، فما بالك بمجتمعات متخلفة لم تصل لحد توفر الحرية لهم، فان انتجت مجتمعاتنا بذرة الداعش و عوامل نموه و امتداده فان الثغرات الغربية هي التي تغذيه من جانبها ايضا و من خلال استغلالها و ليس عاملا بانتاجه او انبثاقه او تولده و انما الرحم و الحاضنة الاصيلة هي مجتمعاتنا غير طبيعية الظروف و المعيشة و ما تحوي من الاسباب و الدوافع لولادة المئات من المنظمات الارهابية و ما يدعمها في ذلك هو التاريخ و الوضع الاجتماعي و السياسي و هو الاساس لنموها و انتشارها. اذن المرحلة ان لم تكن متكاملة الاوجه و التركيب و لم تصل لحال تحس ان تكون فيها المكونات و الاجزاء المتواجدة بالراحة و الاستيعاب الكامل للتناقضات و التقبل لما هو سالب فانها تفعل عكس ما مطلوب منها و تنتج مناقضاتها و تعيدها الى بداياتها ان لم تُعالج .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف تكون اليسارية في كوردستان
-
اعتبروا من درس اسكتلندا و انكلترا يا ساسة العراق
-
تاثير الجنس على عقلية القادة الاسلاميين
-
لماذا يفرض المالكي وزيرا فاسدا على العبادي ؟
-
هل بان رد فعل ايران ازاء تحالف جدة
-
موقف تركيا من التحالف ضد داعش
-
مؤتمر باريس والاولوية السياسية بموازاة العسكرية
-
شاهدت الغريب في بلد العجائب
-
ما الحل لو لم يكن هناك البديل المناسب ؟
-
هل يمكن ان يكون العبادي منقذا لما فيه العراق ؟
-
لماذا الاخطاء المتكررة للسلطة الكوردستانية ?
-
احلال البديل المناسب اصعب من انهاء داعش
-
اين المفر من هذه المنظومات الفاسدة ؟
-
مؤتمر جدة يؤسس لمابعد داعش
-
مؤتمر جدة يؤسس لابعد من داعش
-
ايٌ الاسلام هوالحقيقي مقابل عادات و تقاليد و ثقافة ؟
-
مَن نلوم غير المال و الراسمال و الملالي
-
من هو الشخص المناسب في المكان المناسب في العراق
-
خرجت امريكا من العراق من الشباك و عادت من الباب
-
التحالف الدولي ضد داعش و تعامله مع المحور الاخر
المزيد.....
-
لوبان لا تستبعد استقالة ماكرون
-
ترامب يوقع أول قانون بعد عودته إلى المنصب
-
10 شهداء في مجزرة ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي ببلدة طمون بال
...
-
إسرائيل تعترف باستهداف فلسطينيين في غزة رغم اتفاق وقف إطلاق
...
-
تحول تاريخي في سوريا.. تشكيل إدارة جديدة وإنهاء ستة عقود من
...
-
كيف يستعد الجنود من المتحولين جنسيًا لمواجهة ترامب بإعادة تش
...
-
الصين تحتفل ببداية عام الأفعى وسط طقوس تقليدية وأجواء احتفال
...
-
توجيه إسرائيلي لمعلمي التاريخ بشأن حرب أكتوبر مع مصر
-
الجزائر تسلم الرباط 29 شابا مغربيا كانوا محتجزين لديها
-
تنصيب أحمد الشرع رئيسا انتقاليا لسـوريا
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|