أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين عمر - الموقف الفرنسي في كوردستان والعراق














المزيد.....

الموقف الفرنسي في كوردستان والعراق


حسين عمر

الحوار المتمدن-العدد: 4578 - 2014 / 9 / 18 - 21:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان لافتاً أنّ فرنسا هي أوّل دولة، وبسرعة قياسية، تستجيب لطلب إقليم كوردستان بالمساعدة في مواجهة غزوة تنظيم داعش الإرهابي. فعلاوة على المساعدات الإنسانية الفورية، كانت المساعدات العسكرية الفرنسية هي الأولى التي وصلت إلى الإقليم واستُخدِمَت في جبهات القتال ضدّ داعش. لم يكتف الفرنسيون بالمساعدات الإنسانية والعسكرية، بل تحرّكوا لأجل حشد الدعم السياسي فبادرت فرنسا إلى دعوة المجلس الأوروبي للانعقاد (في يوم عطلة رسمية في كلّ أنحاء أوروبا) لمناقشة سبل تنسيق جهود تقديم الدعم والمساندة لكوردستان في مواجهتها لغزوة داعش. وتوّجت فرنسا فرادة موقفها حيال كوردستان بالزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند إلى هولير التي استُقبِل فيها من قبل الرئيس بارزاني بمراسم بروتوكولية رئاسية، وقد وصف القنصل الفرنسي العام في هولير آلان غيبرات يوم زيارة الرئيس الفرنسي إلى العاصمة الكوردستانية باليوم التاريخي والاستثنائي. في هولير، أشاد الرئيس أولاند بالأداء العسكري الكوردستاني وحسن استخدام السلاح المقدّم من قبل فرنسا وكذلك أشاد بالنموذج الكوردستاني في التنوّع والتعايش وأكّد أن فرنسا ستكون إلى جانب كوردستان والشعب الكوردستاني كلّما دعت الحاجة إلى ذلك.
وكما كان الحال بشأن كوردستان، أظهرت فرنسا (الاشتراكية) ديناميكية استثنائية في التحرّك على الصعيد العراقي، إذ لم يكتفِ الرئيس أولاند بإطلاق مبادرة لعقد مؤتمر دولي حول الأمن في العراق تستضيفه العاصمة الفرنسية باريس، بل وكان أوّل رئيس يزور العراق في أعقاب نيل حكومة الوحدة الوطنية في العراق برئاسة حيدر العبادي الثقة في البرلمان، الحكومة التي طالبت فرنسا بأن تكون (جامعة) ليس لكلّ المكوّنات العراقية بل ولكلّ التيارات السياسية المختلفة وقد رهنت عقد مؤتمر السلام والأمن، الذي استضافته مشاركة مع العراق في باريس في 15 سبتمبر/ أيلول، بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة وفق هذه الشروط.
ولكن ما الذي يقف وراء هذا الاهتمام الفرنسي والتحرّك النشط للدبلوماسية الفرنسية في كلّ من كوردستان والعراق؟
الهدف واضح: إعادة فرنسا، إحدى الدول الثماني العظمى، إلى مكانتها الدولية وفعاليتها السياسية التي تراجعت وانحسرت في أعقاب موقفها المفارق للتحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية عام 2003 للإطاحة بنظام صدّام البائد. فقد رفضت فرنسا (الشيراكية) الانضمام إلى التحالف، الأمر الذي ألحق ضرراً بالغاً بالعلاقات الفرنسية-الأمريكية بل والأمريكية –الأوروبية الغربية، إلى حدّ إطلاق وزير الدفاع الأمريكي آنذاك دونالد رامسفيلد تصريحات انتقد فيه ما أسماه بأوروبا القديمة أو (الشائخة) غامزاً من قناة فرنسا وملمّحاً إلى إمكانية الاستعاضة عن التحالف معها بالاتجاه نحو دول شرق أوروبا التي كانت تلهث وراء علاقات مميّزة مع أمريكا. ولم تقتصر عواقب ذلك الموقف الفرنسي على تردّي العلاقة مع أمريكا، بل تضرّرت المصالح الفرنسية في المنطقة وتراجعت مكانتها وتأذّت سمعتها الدولية وانحسر نفوذها.
أرادت فرنسا، في هذه اللحظة المواتية، أن تستعيد دورها الدولي وهي مدركة بأنّ العراق عموماً وجنوب كوردستان خصوصاً قد تحوّلا إلى منطلق لإدارة السياسات الدولية حيال المنطقة برمّتها، وأنّ المعركة التي يريد المجتمع الدولي خوضها ضدّ اللوثايان الجديد (داعش) ستُحسَم انطلاقاً منهما، ولذلك تندفع فرنسا في طموحها لاستعادة دورها الدولي والسعي إلى تحقيق مصالحها الاقتصادية في المنطقة، مستفيدة من رخاوة الإدارة الأمريكية في المرحلة المنصرمة وحاجتها إلى حلفاء أقوياء إلى جانبها، مثلما تستفيد من حالة الخمود التي يعيشها الدبّ الروسي من جرّاء مأزقه في أوكرانيا.
صحيحٌ أنّ الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، في أعقاب وصوله إلى كرسي الاليزيه، سارع إلى محاولة كسر الجليد في العلاقات مع أمريكا، لكنّ اندفاعه الزائد نحو أمريكا أظهره في موقع الولاء والتبعية، خاصّة بوجود الرئيس جورج بوش الابن الذي عُرِفت عنه العجرفة والغطرسة حتى مع الحلفاء والأصدقاء، الأمر الذي يختلف مع إدارة فرانسوا أولاند الذي يُجاهر بالسعي إلى لعب الأدوار من منطلق الشراكة، بل ويحاول أحياناً التقدّم على الدور الأمريكي كما هو الحال مع الملفّ السوري – الذي سنتناول الموقف الفرنسي حياله في مقالتنا القادمة -.
ثمّة عاملٌ آخرٌ لا يمكن إغفاله لدى الحديث عن الموقف الفرنسي حيال كوردستان خاصّة، وهو عامل القيم، إذا يحرص الفرنسيون دائماً على إظهار أنّ جمهوريتهم هي جمهورية القيم، قيم الحرية والمساواة والإخاء والتنوّع والتعايش. وفي هذا الإطار، تُدرك فرنسا أن المنطقة برمّتها مجتاحة بنزعات التعصّب والانقسام الطائفي والمذهبي التي ترتسم تناحراً وتقاتلاً وتذابحاً بأبشع الصور، بينما تقدّم كوردستان نموذجاً راقياً في التعايش بين المكوّنات المختلفة حيث لا تكتفي كوردستان بحماية هذا النموذج بل وتتكفّل بأعباء الدفاع عن المكوّنّات المعرضّة للتهديد من قبل المتطرّفين والارهابيين، فتجد فرنسا في ذلك تشاركاً في القيم مع كوردستان الأمر الذي يحفّزها أكثر على توثيق العلاقات معها وتقديم الدعم والمساندة لها.
إذاً، تسعى فرنسا إلى إستعادة مكانتها الدولية وتأمين مصالحها الاقتصادية وإعادة الألق إلى إلى صورتها، وهي تُدرك أنّها قد تنجح في تحقيق ذلك من بوابتي كوردستان والعراق.



#حسين_عمر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ‫-;- الدور الفرنسي بين مطامح أولاند السياسية ومصاعبه ا ...
- الكورد وحماقة أعدائهم
- الإدارات الكانتونية والتحدّي السياسي المطروح
- في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر جنيف اثنان
- بين قرطبة وتل حميس
- عن سوريا والفيدرالية
- مؤشرات وعوامل توجيه ضربة عسكرية لنظام الأسد
- الحالة الكوردية في ظلّ الوضع السوري الراهن
- الحلّ السياسي في سوريا بين الواقع والأوهام
- الثورة السورية ومخاوف الكورد
- الثورة السورية ومخاوف الأقليات
- عن الاتحاد الديمقراطي وسيطرته على المناطق الكوردية
- تركيا: بين الرياضة والسياسة
- بين حملة « أنا هي» وانتخابات المجلس المحلّي لحلب
- سوريا: عن النظام والمعارضة وحلفائهما
- المسألة السورية: بين التكتيك والإستراتيجية
- بمناسبة الحديث عن الحكومة الكوردية
- القضية الكوردية في سوريا: التحوّل الدراماتيكي؟
- العلاقة الجدلية بين حقوق الإنسان وحقوق الأقليات
- عن وحدة الدولة ومركزيتها


المزيد.....




- إغلاق المخابز يفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، ومقتل وإصابة أل ...
- هل يهدد التعاون العسكري التركي مع سوريا أمن إسرائيل؟
- مسؤول إسرائيلي: مصر توسع أرصفة الموانئ ومدارج المطارات بسينا ...
- وزارة الطاقة السورية: انقطاع الكهرباء عن كافة أنحاء سوريا
- زاخاروفا تذكر كيشيناو بواجبات الدبلوماسيين الروس في كيشيناو ...
- إعلام: الولايات المتحدة تدرس فرض عقوبات صارمة على السفن التي ...
- الولايات المتحدة.. والدة زعيم عصابة خطيرة تنفجر غضبا على الص ...
- وفاة مدير سابق في شركة -بلومبرغ- وأفراد من أسرته الثرية في ج ...
- لافروف يبحث آفاق التسوية الأوكرانية مع وانغ يي
- البيت الأبيض: ترامب يشارك شخصيا في عملية حل النزاع الأوكراني ...


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين عمر - الموقف الفرنسي في كوردستان والعراق