أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - فضيلة يوسف - التضحية بالفقراء ( من غزة لأمريكا )















المزيد.....

التضحية بالفقراء ( من غزة لأمريكا )


فضيلة يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4578 - 2014 / 9 / 18 - 16:53
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


أود أن أبدأ الحديث عن شعب غزة. معاناتهم ليست فكرة مجردة بالنسبة لي. كنت مدير مكتب الشرق الأوسط لصحيفة نيويورك تايمز، قضيت سبع سنوات في المنطقة، وأنا أتكلم العربية، وفي معظم الوقت كنت في غزة ، بما في ذلك عندما كانت المقاتلات الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي يهجمون عليها.
لقد وقفت على الجثث ،التي خلفها القصف الجوي والاعتداءات الإسرائيلية، بينها جثث الأطفال، وشاهدت الأمهات والآباء يبكون أطفالهم القتلى بين أيديهم والدماء تغطيهم، يعصف بهم حزن لا يوصف ، صرخاتهم التي يرثى لها لا تصل إلى الكون اللامبالي.
في هذه المقبرة ، هذا السجن في الهواء الطلق حيث يعيش 1.8 مليون شخص ، نصفهم تقريباً من الأطفال ، محاصرين في الغيتو الإسرائيلي ، ولقد شهدت جرائم الاحتلال ، و نقص الغذاء، والاكتظاظ الخانق ، والمياه الملوثة ، ونقص الخدمات الصحية ، والفقر المدقع ، والبطالة المتوطنة ، والخوف و اليأس. وأنا أشهد هذا الكم الهائل من المعاناة الإنسانية، سمعت من نخب السلطة في القدس وواشنطن الأكاذيب لتبرير إرهاب الدولة .
لا يشكل الفلسطينيون الفقراء ،الأسرى ،الذين يفتقرون إلى جيش ،وسلاح بحرية ، و قوات جوية ، ووحدات مؤللة ، وطائرات بدون طيار وسلاح مدفعية وأي مظهر من مظاهر القيادة والسيطرة تهديداً لإسرائيل. إن استخدام إسرائيل العشوائي ، للأسلحة الحديثة لقتل المئات من الأبرياء ، وجرح آلاف آخرين وجعل عشرات الآلاف من الأسر بلا مأوى ليست حرباً ، إنها إرهاب وقتل ترعاه الدولة .
إن فشل طبقتنا السياسية الذريع في الاعتراف بهذه الحقيقة ، الحقيقة الواضحة لمعظم العالم ، يفضح التفاهة الفظيعة لنظامنا السياسي ،الذي يتمثل في خضوع الفئات الأكثر ضعفاً في الأرض المشين لتبرعات الحملات الانتخابية ، إنه شراء الاصوات مقابل المال.
يكشف رفض التحدث مع شعب غزة (وهو ليس حدثاً عرضياً في حياتنا السياسية) ، والاستفتاء الستاليني المثير للشفقة، في مجلس الشيوخ ، حيث سارع جميع أعضاء مجلس الشيوخ المئة دمى الAIPAC للهتاف للقصف الإسرائيلي للمنازل و المجمعات السكنية ، والمدارس - حيث تحتمي مئات العائلات المرعوبة - ومحطات معالجة المياه ، و محطات توليد الطاقة والمستشفيات ، وبالطبع الأطفال الذين يلعبون كرة القدم على الشاطئ، استسلام الطبقة السياسية لجماعات الضغط الغنية بالمال و سلطة الشركات .
أهل غزة الفقراء ،الضعفاء، ليس لديهم المال. تماماً مثل الفقراء في هذا البلد ، أسرى المجمعات الصناعية .
إذا كنت على استعداد للتضحية بالطبقة الأكثر فقراً في العالم مقابل النفعية السياسية يصبح من السهل على باراك أوباما والحزب الديمقراطي ، أن يضحي بالفقراء، والعمال ، والمرضى، و كبار السن ،والطلاب ، والطبقة المتوسطة في بلادنا. هذا هو اتفاق الشيطان، الذي ينتهي في بيع روحك لشركة ExxonMobil. وينتهي في تأليه الآلة العسكرية ،وخروجها عن السيطرة المدنية إلى حد كبير الآن، إضافة إلى مراقبتنا من أمن الدولة ، نحن أكثر شعب يتم التجسس والتنصت عليه وتصويره في تاريخ البشرية ،إنها الدولة الأمنية. فمن المستحيل وصف نفسك الآن بأنك حر ،عندما تتم مراقبتك باستمرار. هذه هي العلاقة بين السيد و العبد.
السياسة، إذا كانت السياسة تعني تشكيل و مناقشة القضايا والاهتمامات والقوانين التي تعزز الصالح العام ، فهي ليست من أعمال مؤسساتنا السياسية التقليدية. هذه المؤسسات ، ومن بينها اثنان من الأحزاب السياسية الرئيسية والمحاكم و الصحافة ، ليست ديمقراطية، ويتم استخدامها لسحق أي بقايا للحياة المدنية التي تدعو لها الديمقراطية التقليدية –المساواة والمشاركة بين جميع المواطنين في الفوائد والتضحيات و المخاطر- . انها واجهة سياسية ، تخلو من محتوى سياسي حقيقي . لقد آلت إلى ما تخوّف منه Alexis de Tocqueville الاستبداد الديمقراطي.
تحولت المشاحنات بين نخب السلطة والنزعة العسكرية والإمبريالية السقيمة ، جنباً إلى جنب مع القومية الطائشة التي تميز النقاش العام ، والذي ندد به وحاربه Bob La Follette إلى سياسة رسمية و كرنفال.
ينشغل النقاد ووسائل الإعلام بالتكهنات حول المشاهير :هل ستترشح زوجة الرئيس السابق للبيت الأبيض ؟ هذه ليست سياسة، إنها ثرثرةالقيل والقال. استطلاعات الرأي ، التي تخدم أغراضاً سياسية ، ليست سياسة، إنهاأشكال للسيطرة الاجتماعية . استخدام مليارات الدولارات لتمويل الحملات الانتخابية ودفع جماعات الضغط لكتابة التشريعات ليست سياسة، فقد شرّعت الرشوة.إصرار الحكومة على التقشف والعقلانية الاقتصادية بدلاً من رفاهية المواطنين ، ليست سياسة،إنها موت روح المدنية . نظام الحكومة للمراقبة بالجملة وعسكرة قوات الشرطة ، جنباً إلى جنب مع هوس الحرب الدائمة والخوف التي تحركه الدولة من الإرهاب ، ليست سياسة، إنها محاولة القضاء على الحريات المدنية وتبرير الحرب اللانهائية و عنف الدولة . الثرثرة حول لجان الموت ، والإجهاض ، وحقوق المثليين ، والبنادق والأطفال غير الشرعيين الذين يعبرون الحدود ليست سياسة، إنها تلاعب من جانب النخب القوية بالعواطف ، وزيادة الكراهية والخوف ليصرفونا عن رؤية عجزنا.
يؤمن معظم المواطنين بالفكر الذي يبرر الرأسمالية العالمية ، وبالمؤسسات الخاصة والحكومية التي تخدم سادتنا في الشركات التي لا يمكن تعويضها . وعندما يتحطم هذ الفكر وتنكمش وتنهار المؤسسات التي تعمل على تعزيز الطبقة الحاكمة، تخسر الشركات المعركة باطراد. ويدرك عدد متزايد من الأميركيين أنه يتم تجريدهم من السلطة السياسية. ويدركون حرمانهم من الحريات المدنية الأساسية والعزيزة علينا. إنهم يعرفون أن ما يقرب من نصف البلاد تعيش في فقر أو فئة " قريبة من الفقر ". وسيلتحق بها الكثيرون إذا لم يتم الإطاحة بدولة الشركات، هذه الحقائق من الصعب إخفاءهاالآن .
يبدو أن الهياج السياسي هاجع في الولايات المتحدة. هذا غير صحيح. الفكر الذي يدعم دولة الشركات يفقد فعاليته بسرعة عبر الطيف السياسي.الفكر الذي يرتفع ليأخذ مكانه ما زال في بداياته . و يتراجع اليمين إلى الفاشية المسيحية والاحتفال بثقافة السلاح . ويقترب اليسار من التوازن معه بعد عقود من القمع الشرس له باسم معاداة الشيوعية،بدأ اليسار بإعادة بناء نفسه، و تفعيل فئة الليبرالية العاجزة التي باعت روحها إلى الحزب الديمقراطي المفلس .
وقود الثورة يتراكم ، لا يمكن لشخص أو حركة إشعاله ، لا أحد يعرف متى سيشتعل ، لا أحد يعلم ما الشكل الذي سوف يتخذه. لكن من المؤكد أن ثورة شعبية قادمة. رفض دولة الشركات معالجة الحد الأدنى من مظالم المواطنين ،و النهب المستمر للدولة والنظام البيئي ، يذكرنا بإشارة كارل ماركس أن الرأسمالية غير المقيدة وغير المنظمة ،هي قوة ثورية . انها تتاجر بكل شيء، البشر والطبيعة تصبح سلعاً يتم استغلالها حتى تستنفد أو تنهار. هذا هو السبب في ارتباط الأزمة الاقتصادية بشكل وثيق مع الأزمة البيئية. دولة الشركات التي وصفها الفيلسوف السياسي Sheldon ب " محاكاةالشمولية " عاجزة عن الاستجابة العقلانية للأزمة. الاستجابة العقلانية ، خاصة بعد انتفاضة Madison وحركة احتلوا(Occpy (،تشمل فرض حظر على جميع عمليات الحجز على الممتلكات المرهونة للبنوك، وإعفاءات الديون ، والرعاية الصحية الشاملة للجميع و برنامج عمل واسع، يستهدف بصفة خاصة الشباب تحت سن 25. لكن دولة الشركات ، ومن خلال جهد تصاعدي اتحادي منسق بقيادة باراك أوباما أغلقت مخيمات (Occpy )، واتضح أن اللغة الوحيدة التي ستتكلم بها هي لغة القوة.
تبدو الثورات عندما تندلع ،للنخب والمؤسسات مفاجئة وغير متوقعة . وذلك لأن العمل الحقيقي لبذور الثورة غير مرئي من التيار الرئيسي للمجتمع ، ويتم ملاحظته فقط بعد الانتهاء منه بشكل كبير . على مر التاريخ ، يسعى الهادفون لإحداث تغيير جذري إضعاف الفكر الداعم للنخب الحاكمة و بناء فكر بديل للمجتمع ، وتعني [ اليوم ] صياغة اشتراكية قابلة للحياة كبديل لاستبداد الشركات.
في هذا الوقت يتم تحدي النخب الحاكمة علناً ، وتخسر بشكل كامل الثقة بفكرها، وفي حالتنا رأسمالية السوق الحرة والعولمة التي تدعمها. قد تستغرق هذه العملية سنوات ، يصبح التطور الاجتماعي البطىء والهادئ والسلمي سريعاً، وعنيفاً ومغواراً ، كما كتب Alexander Berkman ، "يصبح التطور ثورة".
نحن نتجه لهذا. أنا لا أقول ذلك لأنني من المؤيدين للثورة ، أنا لا. أنا أفضل الإصلاحات التدريجية و التراكمية للديمقراطية الفاعلة . أنا أفضل النظام الذي تسمح به مؤسساتنا الاجتماعية للمواطنين بتغيير السلطة بالطرق السلمية . أنا أفضل النظام الذي تكون فيه المؤسسات مستقلة وليست أسيرة لدولة الشركات . ولكننا لا نعيش في مثل هذا النظام . الثورة هي الخيار الوحيد المتبقي . ستلجأ النخب الحاكمة للقوة، بمجرد موت الفكر الذي يبرر وجودها. ومخلبهم النهائي هو القوة. إذا استطاعت حركة شعبية غير عنيفة نزع البيروقراطيين وموظفي الخدمة المدنيةوالشرطة،وضمهم للثورة فإن التغيير السلمي ممكن. ولكن إذا استطاعت الدولة تنظيم عنف فعال ضد المعارضة لفترات طويلة ، فإن ذلك يوّلد العنف الثوري المضاد ، أو ما تسميه الدولة "الإرهاب". وإذا كان رد فعلنا في اليسار قتالي، كالاشتراكيين القدماء ، فمن الممكن أن يكون رد فعل اليمين ،" نوع من الفاشية المسيحية".
يستحق الشعب في غزة أن يكون حراً. كذلك نحن. ولكن لا تنظروا للنخب السياسية للحصول على المساعدة ، ولا تتوقعوا منهم أي شيء.
لننظر لداخلنا .
نحن أيضا عاجزون . لقد خضعنا لانقلاب الشركات الذي تم ببطء .وانتهى الأمر. لقد فازوا . إذا أردنا انتزاع السلطة مرة أخرى ، سيكون لدينا خطة للتعبئة ، لتنفيذ أعمال مستمرة من العصيان المدني لإسقاط - اسمحوا لي أن أكرر تلك الكلمة لأعضاء الأمن الداخلي الذين قد يزوروني بعد ظهر هذا اليوم - إسقاط دولة الشركات. و ربما، بعد أن نكون قد حررنا أنفسنا ، يمكننا أن نحرر شعب غزة.
مترجم
Chris Hedges



#فضيلة_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دولة الجبناء
- لماذا نرفض الخدمة في الاراضي الفلسطينية المحتلة
- غزة:كسر آخر المحرمات
- جز العشب في غزة
- فشل في غزة
- اسرائيل تستخدم فيديو من 2009 لتبرير تدمير مستشفى الوفاء
- عائلة غزاوية دمرتها القنابل الإسرائيلية
- مجزرة ريشون لتسيون - قاتل غزة
- توجيه هانيبال: كيف قتلت إسرائيل جنودها وذبحت الفلسطينيين لمن ...
- ثلاثة أسئلة لحماس
- الأساطير القاسية حول المعلمين
- إعادة تشكيل عيد العمال
- لماذا خان العرب غزة
- ابن الموت - محمد ضيف-
- نظرة تاريخية لمجزرة غزة 2014
- عولمة غزة : كيف تقوض إسرائيل القانون الدولي من خلال -الحرب ا ...
- لماذا لا يمنح الجيش الإسرائيلي جائزة نوبل للسلام؟
- حماس : ليست هدف اسرائيل
- الجانب النفسي/العسكري للبلدوزر الإسرائيلي
- إرفعوا الحصار عن غزة يتحقق السلام


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - فضيلة يوسف - التضحية بالفقراء ( من غزة لأمريكا )