|
الجهد الوطني والغبار المثار
كاظم محمد
الحوار المتمدن-العدد: 1289 - 2005 / 8 / 17 - 09:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
دعوات التعاون والتنسيق والتحالف بين مختلف تيارات وفصائل العمل الوطني المكافح والمناهض للأحتلال ومشاريعه وافرازاته ، احتلت وتحتل مركز الأهتمام الأول بين صفوف الوطنيين العراقيين من قوى واحزاب وشخصيات سياسية وثقافية . أن المسؤولية الوطنية تجاه مستقبل العراق وفي هذا المنعطف التاريخي ، تستحضر أرادة التحرك والدعوة والمطالبة بقيام مرجعية وطنية شاملة بمواجهة جبهة قوى الاحتلال والمتعاونين معه ، وافشال مشاريعهم الطائفية والتقسيمية ، والتي لايخفى على احد انها وصلت الى مراحل غاية في الخطورة على ارض الواقع بالأعداد والتحضير لدستورهم الجديد ، والذي يريدونه قانونآ للتقسيم والتفتيت ، مشرعنآ ومدسترآ لتضفى عليه فيما بعد مظلة عربية ودولية بضغطٍ امريكي .
ان هذه التطورات المترافقة مع سياساتٍ عسكرية وامنية لأدارة الاحتلال وحكومته التابعة ، مع ميليشيات الاحزاب الطائفية والانفصالية في التدمير والقتل والارهاب ، وعمل ونشاط دوائر المرتزقة المرتبطة بالاحتلال ودوائر الموساد الاسرائيلي ، في استلاب انسانية المواطن العراقي واشعاره بشلله أزاء ما يواجه ويحصل ، واشغاله في توفير الخبز والماء وانتظار الكهرباء ، وأرهابه في حياته ومستقبله ، ان هذا يدفع الوطنيين من كل المنابع والاتجاهات بأستحضار ارادتهم في التحرك والنقاش والجدل ، للوصول الى افضل الصيغ الممكنة للتعاون والتنسيق ، ولتنضج وتصقل من خلالها سياقات التعاون والتنسيق ، واليته وصولآ الى الفهم المتبادل لصيغ العمل الوطني المناهض للأحتلال والمتعاونيين معه في مبدأيته ، ليمهد الطريق ويخلق الامكانيات والظروف لقيام جبهة المواجهة الشاملة ببرنامجها الوطني في مقابل جبهة الاحتلال ومريديه .
انطلاقآ من هذا الأدراك لطبيعة المنعطف الذي نمر به وتمر به قضيتنا الوطنية ، يجب الأعداد لعناصر تعميق مأزق المحتل وصولآ الى هزيمته ومشروعه وخطط الانفصاليين والطائفيين من اتباعه . أن المقاومة الوطنية الباسلة التي وجهت بندقيتها ضد المحتل الامريكي ، اجبرته وبفترةٍ قياسية على اعادة النظر في خططه التكتيكية والعملية والسياسية ، وأوصلته إلى المأزق الحالي مع اتباعه ومريديه ، والذي لايرى من مخرج له سوى تمزيق العراق مناطقيآ وطائفيآ .
لذلك فأن افشال وهزيمة هذا المشروع الذي يهدد وجود العراق كدولة ووطن ، وتحرير واستعادة سيادته وبناء دولته الديمقراطية ، يتطلب من القوى والتيارات والعناصر والنخب الوطنية التي يزخر بها شعبنا ، الأرتقاء إلى مستوى الأعداد لعناصر هزيمة المحتل واتباعه عسكريآ وسياسيآ وشعبيآ ، وقطع الطريق على البدائل والخطط التي يحاول من خلالها تجنب الهزيمة وامرار مشروعه .
من هذا الأدراك ينبغي النظر الى الجهد الوطني الذي يقف وراء عقد ( ندوة بيروت) اواخر الشهر الماضي . بدايةً لابد من الاشارة إلى ان ما أُثير حول هذه الندوة التي سميت ( مؤتمرآ ) يبعث على الاسف وخاصة في جانبه السلبي من المساجلات التي انزلقت الى مستويات الاتهام والتشكيك وتناول الشخوص واستخدام الكلمات النابية ، خاصة عبربعض الفضائيات سواءً كان من بعض حضور الندوة أم من المشككين والمتسائلين حولها ، اضافة الى العديد من الملاحظات حول مهمة الندوة وكيفية الدعوة لها . وكان من الايجابية بمكان ان نقرأ سجالات سياسية وفكرية بين شخصياتٍ وطنية تتمحور حول هذه الندوة ومواضيعها ، كطبيعة المرحلة والقوى الفاعلة والمقاومة والجبهة الوطنية الموحدة ووحدانية التمثيل . ان التجاذبات الحادة في هذه المساجلات الفكرية والسياسية وبعيدآ عن مثيري الغبار والمشككين ، تؤكد اننا في الطريق السليم للحوار المطلوب ، بقطع دابر الحواجز النفسية الناشئة التي من هذا الاختلاف وتجاوزها بالأستمرار فيه وأهما ل العديد من العناوين الصحفية والغايات التي تقف وراءها . من المفيد التأكيد بأن هذه الندوة حضرتها شخصيات وطنية لاغبار عليها وعلى اتجاهاتها الفكرية والسياسية ، وخاصة فيما يتعلق بثوابتنا الوطنية في ازالة الاحتلال وافرازاته ، وفي دعمها للمقاومة الوطنية الباسلة في كفاحها اليومي . استحضر اغلب المشاركين ارادتهم لدعوة الحوار وضرورتها بين القوى المختلفة حول سبل قيام الجبهة الوطنية الشاملة ، والتي يجب التأكيد هنا ، ان تكون المقاومة الوطنية المسلحة بمختلف اطيافها ، ركنها الاساسي إلى جانب الاحزاب والتيارات والتجمعات الوطنية التي تمارس العمل السياسي المناهض للاحتلال ومشاريعه عبر ( مقاومتها السلمية ) كما سماها النداء الصادر عن الندوة ، وهي بالتاكيد لن و يجب ان لا تكون ( كالمقاومة السلمية ) التي دعت وتتبناها احزاب الاحتلال .
ان المقاومة الوطنية المسلحة هي تعبير عن إرادة شعبية في مقاومة الاحتلال والتخلص من نيره وازالة اثاره السياسية والاجتماعية وما خلفه من كوارث انسانية ووطنية في مجتمعنا ، وبحكم ظروف العراق المعقدة وتركة الماضي القريب وطبيعة المحتل الشرسة ومخططه التقسيمي وبمساعدة احزاب الردة الطائفية والانفصالية ، لم تأخذ هذه المقاومة الوطنية المسلحة سعتها الجغرافية الضرورية ، كما في مناطق بعينها ، فكان لتيارات وتجمعات وطنية نامية دورها السياسي والقتالي في فترة سابقة ، في مناهضة المحتل . ان هذه التيارات والتجمعات الوطنية تعبر عن نفس الارادة الشعبية والضمير الوطني في التخلص من الاحتلال بظروف مختلفة وبأمكانيات وبأشكال اخرى من الكفاح ، لتتكامل في اساليب النضال مع المقاومة الوطنية المسلحة .
ان ما يلاحظ ، ومع تعمق ازمة المحتل العسكرية والسياسية ، وافتضاح ادعاءات احزاب الاحتلال ومشاريعهم التقسيمية المتناغمة مع الاهداف السياسية للادارة الامريكية ، فأن قوى جديدة تبرز وتجمعات تتشكل يلعب رجال الدين الوطنيون والعشائر وابناءها من المثقفين الوطنيين ، يلعبون دورآ في صياغة مواقف سياسية تدعم العمل الوطني .
ان هذا التعبير لقوى العمل السياسي المختلفة ، عن الارادة الوطنية يجب وبالضرورة أن يجد قناته الوطنية ومرجعيته الواسعة ، المتكاملة مع مقاومتنا الوطنية الباسلة ، بتأطيرٍ تمثيلي من خلال الجبهة الوطنية الشاملة. من الضروري ان لانضع لأنفسنا حواجز ( لايمكن تجاوزها) كما يقول احد الاخوة ، والذي يستوجب (( ان يكون هذا الاطار الجبهوي الشامل امتدادآ سياسيآ للمقاومة )) .
اننا نرفض البدائل والخيارات التي تتظلل بمظلة عربية ودولية ، والتي تفضي بلا ريب الى مساومات على حساب الثوابت الوطنية وتوفر للغازي المناورة وعرقنة الاحتلال والخروج ، بعيدا عن التبعات القانونية والدولية لغزوه . ان الدور التشكيلي في بناء عراق ما بعد التحرير هو لجبهة قوى الشعب الوطنية ولبرنامجها الوطني التحرري الديمقراطي ، وهي بمكوناتها لها الصفة التمثيلية لمرحلة التحرر الوطني والتي يحدد بعدها الشعب ممثليه ويختارهم عبر انتخابات حرة وديمقراطية . اعداد دراسات بحثية معمقة للمسائل العقدية والمهمة ، التي ستواجه شعبنا ما بعد ازالة الاحتلال ، هي من ضروريات العمل الوطني الفكري والسياسي والقانوني ، وهي مهمة تصب ايجابيآ لصالح العمل المناهض للاحتلال ومشاريعه السياسة ، لذلك ينبغي ان لاننكر هذا الحق والواجب على مراكز الدراسات والابحاث الوطنية في اعداد مثل هذه الدراسات ، خاصة وانها غير ملزمة كبرامج عمل سياسية ، وفي الوقت الذي نرى ان الكثير من الحكومات والدول تستعين بمراكز الابحاث ودراساتها في مسائل السياسة الخارجية والبناء والاقتصاد والنفط .
فأذا كنا مؤمنين بعدم مشروعية الاحتلال ومشاريعه السياسية من انتخابات ودستور واجراءات قانونية اخرى ، فلنواجهها بدراسات معمقة بحثية غير ملزمة لأي جهة اوحكومة قادمة بعد ازالة الاحتلال ، تعمق وترسخ الحوار المطلوب دون تشكيك وازدراء .
نرى ان العمل الوطني يمر بأخطر مراحله ، خاصة مع وصول مشاريع الاحتلال الى نقاط الترسيم التشريعي والدستوري لجهة تفتيت البلاد وتقسيم العباد ، والذي يتطلب التعامل المسؤول مع اية فعالية وطنية ودعوة سياسية ، على اساس الجمع لا التفريق ، والمقاربة لا العزل ، مع اصطفاء النوعية الكفاحية فكرآ وممارسة .
#كاظم_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماهو قادم
-
تماثل ومدلولات من التأريخ
-
اخطر المراحل العمل الوطني المسؤوليات والمهمات
-
يمين اليسار ويسار ه الوطني الاصيل
-
سفر ومحطات / عرض
-
الحذر يا شعبنا المدائن بين التوصيف الطائفي والمناطقي
-
الامبريالية والفاشية
-
السياسة الأمريكية والدم العراقي
-
مفخخات العراق ومفخخات لبنان
المزيد.....
-
ماذا نعرف عن صاروخ -أوريشنيك- الذي استخدمته روسيا لأول مرة ف
...
-
زنازين في الطريق إلى القصر الرئاسي بالسنغال
-
-خطوة مهمة-.. بايدن يشيد باتفاق كوب29
-
الأمن الأردني يعلن مقتل مطلق النار في منطقة الرابية بعمان
-
ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان وإطلاق مسيّرة بات
...
-
إغلاق الطرق المؤدية للسفارة الإسرائيلية بعمّان بعد إطلاق نار
...
-
قمة المناخ -كوب29-.. اتفاق بـ 300 مليار دولار وسط انتقادات
-
دوي طلقات قرب سفارة إسرائيل في عمان.. والأمن الأردني يطوق مح
...
-
كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع
...
-
-كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|