أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يعقوب زامل الربيعي - المرجل..














المزيد.....

المرجل..


يعقوب زامل الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 4577 - 2014 / 9 / 17 - 21:20
المحور: الادب والفن
    


اسماءنا.. وربما الكثير من حكايات الخرافة والجنيات، وما خلفته السلطات الغاشمة، هو ما ورثناه في عدة حياتنا من الآباء والأجداد. ما كان بمقدرونا أن نعترض أو نختبئ أو نوافق ذاكرتنا المليئة بالعيوب الشاذة أو بالعيون المفتوحة، على أن بعض ما تسرب إلى الذاكرة خلسة من بين آلاف الصور، كان يمدنا بالطاقة وبالخزين لمواصلة البقاء والمتعة بالحلم للوقوف على أقدامنا لمواجهة أزمات الواقع.
في سن مبكرة من طفولتي، كان أبي، العامل في أحدى محطات السكك الحديدية، كان يعمل كمفصلي هناك، حيث يقوم بفصل قاطرة عن أخرى أو جميع القطارات عن عربة القيادة ومن ثم ربطها بعربات أخرى، أو ترحيل القطار من مسار إلى مسار آخر ، حسبما يقتضيه عمله. في أغلب تلك المناوبات الليلية التي ينتهي زمنها صباح اليوم الثاني، كان بصطحبني معه للمحطة التي تعج بالقطارات البخارية، وبالسكك المتوازية.
صخب المكائن وهدير المحركات ووشوشة بخارالمياة الحارة الكثيفة التي تنفثها مركبة القيادة نحو الجانبين، وسحر المكان ورهبته، كان يملئ صدري بالخشية وبالمتعة ايضا. أحيانا يوقف السائق قمرة القيادة أمام أبي مباشرة ويؤشر لي طالبا مني بالصعود معه، وكان أبي يوافق بهزة من رأسه، وارتقي الدرجات لداخل القمرة. ومثل ديك صغير، كنت انتفض زهوا حين يلطخ السائق " خبالة " أو مساعده ، وجهي بخرقة " الويس " المدهمة بالزيت والسخام، فيغدو وجهي شبيه وجهيهما. ما كنت أرى وجهي حتى عندما يغرق الرجلان بالضحك إلا حين عودتي إلى أبى فيقوم هو بغسل وجهي من السخام والزيت.
كم من مرة ساعدني " خبالة " أو غيره من السواق على قيادة القطار، ولحظة أدوس فرامل مرجل الماء الحار لتشخر القمرة من منخريها دخان بخار الماء الأبيض، أو حين نمر بأبي وأسحب سلسلة حديدية معلقة جنب لوحة القيادة الى الاسفل ليخرج الصفير الحاد مدويا فيضحك أبي بملء شدقيه.فيغتبط السائق ومعاونه للأمر كون أن أبي نادرا ما كان يضحك في وقت يكتفي بالابتسام أو بدونه على أي رواية أو حكاية. إذ كان جديا ومتجهما في أغلب أوقاته.
حين يكبس النوم عليّ بسلطانه يروح أحدهما بفتح غرفة المفتش فيدثرني في السرير الخالي لا أصحو من النوم إلا على هزة من أبي أو معاون السائق ليصطحبني أبي إلى البيت بعد أنتهاء عمله صباحا.
العالم كان بالنسية إلي مجرد قطارات وسكك حديدية ودخان أبيض وسهر لذيذ وسخام. وحين أمسيت شيخا، مازال حلم الصوت المدوي يملئ رأسي، فأحس بأني أمتلك الفضاء أمامي وقت بمس وهج النار ظهري من مرجل الفحم المحترق، فأشعر بالأوقات الجميلة.
............
من مجموعة ( براويز ).



#يعقوب_زامل_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وردة الحيض أشهى..
- أمدُ يدي ، أتحسسكَ..
- هطولكِ غزالة للتشهي..
- في زاوية من زوايا طفل ، كان..
- لوكيميا البدانة..
- أيزابل..
- لتويج القلب غناء النهدين..
- لماذا أنتِ؟!
- غزالة مهادنة، لماذا..
- تنقيط......
- الساعة الرملية..
- رحيل الجهات..
- حفيف المسامات..
- آيكوالبياض..
- عشيرة الأسنان..
- يستصرِخُكَ اضطراب الضوء..
- للون عينيكِ عطش الشحرور..
- أصداء النعناع..
- غريق الشذى..
- مثقلة ببيت الرمان..


المزيد.....




- فتح: مجزرة دير البلح ترجمة حقيقية لخطاب نتنياهو في الكونجرس ...
- الكشف عن الإعلان الترويجي لفيلم -الملحد- بتصنيف رقابي -+16- ...
- أدب الرحلات وآفاق الاشتغال فيه في اتحاد الأدباء
- سُراقة وسِوارا كسرى وأم معبد وشاتُها.. كيف رسم الشعراء تفاصي ...
- السفير الإيراني يعلق على حادثة مجدل شمس: مسرحية وثلاث لاءات! ...
- ترويج للشذوذ وإساءة للمسيحية.. انتقادات حادة لافتتاح أولمبيا ...
- شاهد/حزب الله تدمر المنظومة الفنية في ‏موقع راميا بصاروخ موج ...
- حركة -فتح-: مجزرة دير البلح ترجمة حقيقية لخطاب نتنياهو في ال ...
- مغني الراب -كادوريم- يثير ضجة في تونس بإعلانه المفاجئ عن الت ...
- تحتضن مواقع مهمة.. أبرز آثار بلدة العيزرية شرقي القدس


المزيد.....

- Diary Book كتاب المفكرة / محمد عبد الكريم يوسف
- مختارات هنري دي رينييه الشعرية / أكد الجبوري
- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يعقوب زامل الربيعي - المرجل..