أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمود جرادات - الإسلام يتحيز للرأسمالية















المزيد.....


الإسلام يتحيز للرأسمالية


محمود جرادات

الحوار المتمدن-العدد: 4576 - 2014 / 9 / 16 - 00:27
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


الكثير ن العبادات الإسلامية تستوجب القدرة المادية للقيام بها ، منها ما هو متضمن داخل أركان الإسلام الخمسة ، على سبيل المثال : الزكاة و الصدقات و الحج و الأضحيات (القرابين) ، و حتى كفارة الإفطار المتعمد في رمضان تحتمل خياراات تتعلق بالقدرة المادية لدى مرتكب هذه (الجريمة) ، ففي الوقت الذي يكتفي المقتدر بإعتاق رقبة أو إطعام ستين مسكيناً (خيارات سهلة نسبياً) لا يجد الفقير سوى خياراً بالغاً في الإنهاك و الصعوبة ألا و هو صيام شهرين متتاليين !!
قد يقول قائل أن هذه العبادات اشترطت القدرة للقيام بها و بالتالي فإن غير القادر تكفيه النية و العمل الصالح للحصول على أجر من عملها ، عدا عن أن عائدات هذه العبادات ستذهب للفقراء (مثل الأضاحي و اموال الزكاة) . هنا سنقف عند نقطة جديدة قبل العودة إلى هذا التساؤل المنطقي إلى حد الآن : ماذا عن العبادات المرتبطة بالحياة اليومية ؟؟ أو لنكن دقيقين أكثر ... ماذا عن (عبادة) الزواج على سبيل المثال ، و ما يلحق بذلك من مثنى و ثلاث و رباع و ملك يمين " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت ايمانكم" . أليست هذه الآية خاصة بالمقتدرين مادياً دون سواهم، أليست تشريعاً يتيح للجنس أن يكون مرتبطاً ارتباطاً سببياً بالوفرة المادية دون سواها ؟؟ في المقابل يقدم الإسلام حلاً عبقرياً لغير القادرين " فمن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" ، دعونا نحلل هذا الحل العبقري: من المعلوم أن الطاقة الجنسية تستوجب طاقة جسدية ، و الامتناع عن الطعام سيؤثر سلباً في الطاقة الجسدية و بالتالي الجنسية ، و سيتم تثبيط الغريزة بهذه الوسيلة فيما يبدو أشبه بالتعذيب و الحصار ، هو ليس حلاً بمقدار ما هو مفاقمة للمشكلة الأصلية ، و إذا أردنا أن ندع البراءة و حسن الظن جانباً ، فالأمر يبدو مقصوداً لتحويل الغريزة الجنسية إلى شكل آخر آخر و هو العنف الديني (كنت أشرت له في مقال سابق بعنوان الكبت الجنسي في خدمة العنف الديني ) .
عودة إلى التساؤل المشروع المعروض سابقاً عن أن هذه العبادات تشترط القدرة كمتطلب للقيام بها ، و من جهة أخرى فإن هذه العبادات ستخدم الفقراء بشكل أو بآخر . للرد عليها سنأخذ بدايةً فريضة مثل الحج و ما يلحق بها من سنن مؤكدة مثل العمرة ، إن التكاليف الباهظة لهذه العبادات لن تفيد أي فقير و لن تحسن من وضعه المادي إلا بشكل يسير جداً في أفضل الأحوال (إذا ما استثنينا لحوم الأضاحي المتعلقة بالحج فقط لأن العمرة لا تستلزم التضحية كما نعلم) ، ذلك أن معظم التكاليف ستذهب للتجار و أصحاب الفنادق و الجهات المنظمة لهذه العبادات و للسلطة الحاكمة التي تتبع لها الأماكن المقدسة، أي أن هذه الأموال ستخرج من جيوب الأغنياء لتذهب إلى يوب أغنياء آخرين . إن المليارات التي يدفعها ملايين الحجاج و المعتمرين لممارسة عبادة لا تفيد الحضارة البشرية في شيء، كان من الممكن أن تستثمر بشكل يفيد الناتج القومي و يفيد المعوزين مادياً .
تساؤل آخر يتوجب أن يطرح و هو أن الإسلام حاول التقريب بين الطبقات المادية بدليل ما جاء في القرآن "ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم" و "والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم" و غيرها من يات الصدقات و الزكاة الكثيرة . للرد على هذا التساؤل نطرح تساؤلاً استنكارياً آخر : هل فعلاً حاول الإسلام القضاء على الفقر بشكل جذري نهائي ، أم أن جل ما فعله هو حلول تخفيفية للفقر تحد منه و لا تقضي عليه ؟؟ على مر التاريخ الإسلامي لم تأتِ أي مرحلة تم القضاء فيها على الفقر و التناقض الطبقي بشكله النهائي ، بما في ذلك فترة النبوة المحمدية و ما تبعها من خلافة راشدة (و التي تعتبر في الأدبيات التاريخية أفضل مراحل الدولة الإسلامية) حيث تردنا مئات القصص عن فقراء معدمين في نفس الوقت الذي وجد فيه أصحاب الملايين و المليارات (وفق المقاييس الموجودة في تلك الأيام) أمثال عبد الرحمن بن عوف و عثمان بن عفان ، و برزت هذه التاقضات الطبقية أوجها في زمن خلافة عثمان و أقاربه و التي انتهت بثورة ضد الخليفة و مقتله في نهاية الأمر . أما ما يرد عن عمر بن عبد العزيز من أساطير و قصص مفخمة فيبدو أنها لا تعدو عن كونها خرافات شعبية لا يقبلها عقل و لا منطق ، فالفترة الزمنية القصيرة جداً التي تولى فيها عمر الخلافة لا تكفي لحل مشكلات اقتصادية لدولة مترامية الأطراف ضعيفة في خطوط الإتصال (وفقاً للحياة البدائية تكنولوجياً الموجودة في ذلك الوقت) بكل ما فيها من تفاوت طبقي ورثتها عن الخلفاء الأمويين السابقين.
لماذا نعتبر هذه الحلول آنية و ليست جذرية ، تخفيفية و ليست نهائية ؟؟ إن الطريقة الرئيسية لتوزيع الأموال على المعوزين (اذا استثنينا جنود الحرب و ما يدخل عليهم من غنائم) تعتمد على الزكاة و الصدقات و مساعدات بيت المال ، و كون الصدقات أقرب ما تكون إلى عملية اختيارية غير مرتبطة بقانون إلزامي ، تبقى الزكاة عاملاً أساسياً في التوزيع المالي ، لكن الجمود التطبيقي و النسبة الثابتة لهذه (الضريبة) التي لا تراعي الوضع المادي المتغير للشعب من زمن إلى آخر ، و ظروف الدولة بشكل عام ، يجعلها أقرب إلى خطأ اقتصادي فادح. فعلياً لا اعلم كيف يمكن لـضريبة تبلغ نسبتها 2.5% أن تحل مشاكل اقتصادية، في الوقت الذي تلجأ فيه معظم دول العالم إلى فرض ضرائب تتجاوز الـ 50% لحل مشاكلها و توفير متطلبات حياة كريمة للشعب . أما عن المساعدات المباشرة من بيت المال إلى الفقراء ، فهي لا تتعدى ما يحصل الآن من مساعدات وزارات التنمية الاجتماعية و المبالغ البسيطة التي تصرفها للفقراء كي تكفيهم حاجاتهم الأساسية ، ذلك أن التحكم بالمال العام يخضع للعديد من الاعتبارات التي تختلف أيضاً باختلاف الظرف العام للدولة و ناتجها القومي و الأولويات التي تخضع لها ، و في كل الحالات و حتى في صرف مستحقات للفقراء من المال العام خارج إطار الزكاة و الصدقات ، ستبقى الفروقات المادية واضحة بشكل كبير و ستبقى الطبقات موجودة و ربما تتوسع أيضاً . إن كل القوانين و الأدلة الشرعية التي تتحدث في حقوق الفقراء ليست سوى اعتراف ضمني باستمرار هذه الظاهرة .
الإسلام يبدو أقرب لأن يكون يكون رأسمالياً لم يعطِ أية حلول مناسبة للعدالة المادية و للقضاء على الطبقية .



#محمود_جرادات (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقليم الأظافر
- التاريخ يتوب عن الكذب
- لماذا نرفض الأديان
- النساء تحب الله أكثر
- الحضارة الإسلامية : الميت لا يعود إلى الحياة
- التحرش الجماعي بين الكبت الجنسي و علم النفس
- الكبت الجنسي في خدمة العنف الديني
- خروجاً من الدفاع السلبي
- المتمرد : قراءة في متاهة كامو الخالدة
- الإسلام و العلمانية : خرافة التوافق


المزيد.....




- تراجع حاد في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار
- الذهب يحدث زلزالا جديدة في أسواق الصاغة.. سعر الذهب اليوم ال ...
- وزير الصناعة: الأبواب الاقتصادية ستتوسع اكثر بين إيران وكازا ...
- البنك المركزي العراقي يوضح حقيقة فرض عقوبات دولية على 5 مصار ...
- هل تشهد المنطقة العربية سقوط -الكويكب المدمر- بعد 8 سنوات؟
- بعد توقف كبّده 19 مليار دولار.. العراق يسعى لاستئناف تدفق ال ...
- هل يمهد اتفاق الغاز بين تركيا وتركمانستان لعهد جديد في أمن ا ...
- بي بي تبدأ الإنتاج من المرحلة الثانية لمشروع آبار ري?ن للغاز ...
- تراجع سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار اليوم الأحد
- لماذا حطم الروس الرقم القياسي في شراء الذهب؟


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمود جرادات - الإسلام يتحيز للرأسمالية