عبدالكريم الساعدي
الحوار المتمدن-العدد: 4572 - 2014 / 9 / 12 - 08:50
المحور:
الادب والفن
بيادق محنّطة بالغياب
-------------------
كانتِ البيادق البيضاء والسوداء تمرّ فوق بقع محنّاة بأحلام الملوك ، محنّطة بالغياب ،ترتشفُ خطواتَها العمياء ...وعند حيّز من الاضطراب يسقط بيدق في طرف الرقعة ، كان بيدقاً أبيض اللهاث وآخر ما زال معلّقاً بأنامل تتنفس طعم الهزيمة وسط ضجة من الذهول ، يمضي الصهيل طليقاً متعكزاً على مسافات ملتوية ، تتقاتل عند ظلها أبصار زائغة بينما القلاع ما زالت متأهبة غير آبهة بالنعاس.. خطوة للأمام.. خطوتين للخلف ، تعثر بالدهشة ، قذائف تتكرر خلف خط أفقه ، أشلاء البيادق وأفياله التائهة تتطاير في فضاء أحلامه ، الصهيل يأفل وما من تفاصيل أخرى عند منعطف الغفلة. التقط ما تبقى من صخب الأختلافات ، رمي ببصره خلف متاريس مترامية الرغبة ، كانت أطراف أنامله متخمة بعطر الجراح . رقعة الموت ترمقه بعيون أطفأها الغضب ، تتعذب بضجيج أنفاسه الكريهة، تحفّ بها رائحة الدخان وشفاه بعثر ها الصريخ بلا مبالاة ، البيادق تختنق بموتها فيظلّلها النسيان عند كتف قرص معدني تلاشت منه الأرقام والأسماء ولم يعد هناك من بريق إلّا بريق فصائل الدماء . كان يدرك أن المدى يترقرق بصدى الهاوية وأنّ المسافات بدأت تضيف ، وما تبقى من وقته يزدهي بالأوهام ، كان مشدوهاً حين انغلق المدى أمام ناظريه ، ولما أدرك أن طقوسه شاحبة ،فتحت أذرعاً من الوهن تأهب للخديعة فما من شيء آخر يخسره ، تسلّق اتقاده اليائس وأطلق عنان نزوته تسرح في القرى خراباً ،تقطر منها ندى الفجيعة ، تستصرخ حصونها ، كان الوجع طليقاً خلف أسوار مثقلة بالصمت ، وحين توقف الموت عند ظلّ أشلاء البيادق واتخذ الصمت زينته تصافحت الأيدي الممتدة من خلف القلاع متستّرة بالهمس، وسط ترهات ذوت في هدأة الخنوع .
#عبدالكريم_الساعدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟