|
من تكون القوة المهيمنة في ظل الفوضى العارمة في المنطقة
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4570 - 2014 / 9 / 10 - 17:26
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
لم تنتج ثورات الربيع العربي ما تخيلته العقول العصرية او المتفائلين و المتضايقين معا، و بشروا بالخير من نتاج ما جرى في المنطقة، بعد تضحية بوعزيزي و اتقاد شعلة الثورات بشكل مفاجيء، و في وقت تفاجا به الكثيرون و منهم الدول الكبرى . ان كانت امريكا الثعلب الماهر المحرك الرئيسي لاية عملية مخططة من قبل و يسبقها تنظير و ترسيخ لارضية نجاحها في هذه المنطقة، و هي ستكون المسيطرة المراوغة، و من اجل هدف استراتيجي هام قبل اي شيء اخر،وهو ضمان بقاء تدفق النفط و استمراره ستفعل ما لم يفعله الشيطان . يجب ان نتوقع انها ستدخل انفاق مظلمة مغامرة و ما يمكن ان نسميه سياسات غير واضحة المعالم احيانا و تخرج منها و توجه الاخر و في النهاية تخرج من المشاكل التي تبرز كالشعرة من العجين و ان تدخل في نصف الخسارة التي تكبدها، انها لا تهتم بما يهتم به الشرق من الغيرة و الشهامة و الانكسار، الاهم عندها هو المصلحة الامريكية الخاصة فقط بعيدا عن كل قيم وما نعرفها نحن بالمنطقة الشرقية، و هي مستندة على مجموعة من المباديء الامريكية المبنية على اسس مصلحية ايضا، من كافة النواحي السياسية الثقافية فضلا عن اهمها لديه هي الناحية الاقتصادية قبل الاخريات و التي تنظر الى كل القضايا من منظورها بالتحديد . منذ عهد كيسنجر و امركيا لم تتوانى عن اية حيلة لتحقيق اهدافها و ان كانت غادرة، و هي مصرة على ضمان وارداتها و تفعل ما تشاء و تضغط و تسيطر على المنطقة و تصرف من ارباح المنطقة ذاتها و كما فعلت اثناء الحرب الباردة من اجل بقاء المنطقة بما فيها تحت هيمنتها و اوامرها . لم تتخذامريكا بعد قرار عدائيا لمن لم يوافقها او ينفذ اوامرها بالشكل المباشر و تعمل على ترويضه في الوقت الحاضر او ايجاد البديل اللازم له و من ثم اخضاعه بشكل مطلق، و هي الان في دور التحضير لتاديب تركيا بداية والتي عصتها في كثير من الجوانب، الا انها لم تزل تدللها لحين اكمال البديل المناسب و غلق المنفذ عنهاو تنظتر الخروج من ازمتها الاقتصادية . بعد اندلاع ثورات الربيع العربي تدخلت امريكا سلبا و ايجابا كلما كان اختيارنوع التدخل لصالحها، و افرغت بعض الثورات من مضمونها، بل عكست مسار الثورات بمن ارادت ان تكون على المنصة الامامية و من كانت تفكر بانه سيكون الابن البار و يجب ان يكون كذلك. فوقعت الثورات في اخطاء او اوقعتها هي، و تراجعت بعضها و لم تنتج الاخريات شيئا يُذكر لحد اليوم . اعتكفت امريكا على توثيق و ابراز صراع مختلف في المنطقة التي اشتغلت عليه منذ امد و هو الصراع المذهبي لوجود الفوارق الكبيرة و الثغرات التي يمكن استغلالها و غطت به الصراع القومي و خففت عن كاهل اسرائيل الثقل الكبير الذي تحمله منذ انبثاقها . فلم يعد الصراع القومي له اثر الا في المزايدات السياسية و العمل على الارض هو الشان الديني المذهبي المتنافر لدى المحورين . ليست امريكا لوحدها بل القوى الكبرى جميعا تتعامل مع هذا الملف بشكل حساس و مهم، و ابرزوا به الموقع الايراني لاسباب و عوامل موضوعية هامة و في مقدمتها الاقتصادية، و نجحوا في تشغيل القوى الاقليمية المتمكنة و شلوا اطرافها لمنعها من صنع الاعاقات بامكاناتها المختلفة. ليس امام المنطقة الا الخنوع و الخضوع لمدة طويلة لمتطلبات الصراع المذهبي الى ان تتساوى الاثقال و المواقع و تكون لصالح العراب و المهيمن العالمي بعيدا عن الحرب الباردة الثانية التي تتوضح مؤشراتها من بعيد، و تحاول امريكا بكل جهدها ان تمنع اندلاعها، او تقطع الطريق عن روسيا في ما تنعكف عليه من العودة الى الساحة الدولية و تشغيلها بمشاكل في باب بيتها او في عقر دارها . تاتي هذه الصراعات التي تتدخل امريكا فيها بعدما تيقنت بان الديموقراطية في وضع كما هو الموجود فيه الشرق الاوسط لازال الوقت مبكر لتجسيدها، و هي كما لا تريد ان تتخلل ترسيخها مضرات لها من صراعات التي تبدا و المخاض المراد لانبثاقها و لمدة لا يتحمل اقتصادها ما يمكن ان ينجم عن الصراع الاقليمي بسببها . من الفوضى العارمة الموجودة في المنطقة بشكل شامل و كامل و من عدم وجود بديل مناسب للحكومات الاحادية التوجه و الفكر و الاستراتيجية، و في ظل عدم بيان الرؤى ولو في الافق، و في وجود احتمال احتدام الصراعات القوية و الحروب، و عدم احلال بدائل قطرية داخلية مناسبة و ملائمة لما تفكر فيه امريكا فانها مستعدة ان تفعل ما يفعله الشيطان من اجل مستقبل اجيالها و بقاء هيمنتها العالمية و هي الان تعيش في ازمة اقتصادية لم تخرج منها بعد، و لا تريد انتاج حكومات معادية لها في المنطقة و هذه هدفها الاساسي و ما تتعامل به مع ايران و تسايسها و تتوزع الادوار معها في امور شتى . اعتلى دور ايران نتيجة ظروف موضوعية اقليمية و ليس داخلية و بامكانية ذاتية، اي انعكست ما فعلته امريكا و ما اصرت لعيه لصالح ايران و ما لم تتمكن ايران من تحقيقه في الحرب حققته بالتغييرات التي جرت و وصلت اللقمة الى فمها دون جهد يُذكر . اليوم نحن بانتظار ما تبرز، عدا ايران، من القوة التي كونتها، و كنتيجة لما يحدث فان الصراع المذهبي يُبرز و يبعث قوة مساوية و ربما ان كانت لصالح امريكا ستكون مصر المعافية من امراضها و ما وقعت فيه بعد ثورتها، بمساعدة المحور المعادي لايران، و هذا لصالح امريكا ان تمكنت من تنظيمها كما تفعل الان تقريبا . و في ظل المعاداة التاريخية القديمة الجديدة و الامكانيات المتساوية منكافة النواحي، فان مصر و ايران ستكونان مرشحين لاداء دور راس الحربة في الصراع و يعتلي شانهما كقوة مهيمنة في الوقت القريب، و اللاعب الرئيس و المفتاح دائما يبقى بيد امريكا القوة المهيمنة و هي تلعب بلاعبين محليين و اقليميين و هي من تستفيد من نتيجة صراع المحورين الذي بدا منذ مدة و لم يبدر الى الاذهان من يكون على راسهما بشكل يمكنه ان يبعد الشر عن الابار النفطية و المصالح الاقتصادية الدولية و الامركية على وجه الخصوص . فان بدات امريكا عملية تهميش تركيا الحليفة المدللة لها لحد اليوم بعد عصيانها في تنفيذ عدة اوامر كان لابد من تنفيذها من قبلها، فان الانظار تتجه الى مصر . من خلاصة ما سبق من الاشارة الى الصراع و الراعي، ستبقى امريكا لمدة ليست بقليلة هي المهيمنة على المنطقة بشكل جلي بعد ابراز بديلين لها من حيث توازن القوى و الشان و المكانة و التاريخ في المنطقة، فلننتظر ما يتوضح عن قريب .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
امام العبادي مهمة اصعب من سلفه
-
الارهاب يوثٌق المحاور و يفصلهم اكثر
-
هل من الممكن ان يعيش الشعب العراقي واقعيا
-
ما يميٌز الحكومة الجديدة
-
اللااستراتيجية اوباما هي الاستراتيجية الامريكية بعينها في ال
...
-
هل نتفائل لحال كوردستان و مستقبلها
-
كان من الاجدر ان تكون نسبة من الوزراء من الوجوه الجديدة
-
ان ارادوا للشعب الراحة و الاطمئنان
-
جهاد النكاح في تاريخ الاسلام
-
الموقف المخزي لتركيا و علاقاتها مع اقليم كوردستان
-
لماذا يتعامل اوباما مع داعش بدم بارد
-
العقل يقطع دابر داعش
-
يقفون ضد المثلية و هم يمارسونها في السعودية
-
منطقتنا و الحرب الباردة على الطريق
-
لماذا البرلمان ؟ توجهوا الى المسبب الرئيسي
-
هل يمكن تعريفه بالنسيج العراق الداخلي
-
الدور السلبي لاعلام كوردستان
-
حان الوقت للعلمانية ان تؤدي دورها في العراق
-
هل تنوي امريكا استئصال داعش
-
انه ارهاب و ليس حرب عادلة
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|