|
طريق الثورة ( تنسيقية الثورة )
إبراهيم الحسيني
الحوار المتمدن-العدد: 4568 - 2014 / 9 / 8 - 16:38
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
تنسيقية الثورة
طـــــــــــــــــريق الثـــــــــورة
أفول الديكتاتورية العسكرية مقدمة للبرنامج الثوري لم يكن خروج الشعب المصري بكافة فئاته وطبقاته في موجة ثورية هادرة الأحد 30 يونيو 2013 ، ليستبدل الفاشية الدينية بالديكتاتورية العسكرية ، بل ليستكمل مهام ثورته الديمقراطية الاجتماعية ، وكانت نواته الثورية الصلبة تدرك يقينا ، أن الديكتاتورية العسكرية بما تملكه من قوة خشنة سوف تسطو على الموجة الثورية ، كما سطت على الموجة الثورية الأولى 28 يناير 2011 ، لم يكن لديها أية أوهام أو هذيانات حول وطنية أو ديمقراطية الديكتاتورية العسكرية ، لكنها كانت على يقين : أن ثوب الديكتاتورية العسكرية تهتك ولم تعد تجدي معه الترقيعات ، وأن أبنيتها وهياكلها قد تهدمت ولم يعد يجدي معها الترميمات ، فالنظم العسكرية تجاوزها الزمن وانقضى عمرها الافتراضي ، وزالت وانهارت من كل بقاع الأرض ، ولم يعد لديها القدرة على الاستجابة إلى قيادة شعوبها إلى التنمية ، فقد أصبحت الأولوية لدي الأمم والشعوب الديمقراطية والتنمية البشرية ، تحول نوعي في النظم السياسية يستبعد حكم الجنرالات القائم على الأوامرية والتراتبية ، والمعادي بحكم تكوين القادة العسكريين للديمقراطية وحق الاختلاف والتعددية ، العامود الفقري للتنمية البشرية ، وعلى الفور أخذت القوى الديمقراطية الاجتماعية الثورية لنفسها مسافة بعيدا عن الديكتاتورية العسكرية ، وأعلنت معارضة الديكتاتورية العسكرية ، ودعت ـ ومازالت تدعو ـ إلى انسحاب الجيش من الحياة المدنية وعودته إلى ثكناته وقشلاقاته ، وإجراء مصالحة اجتماعية لا سياسية ، فلا سياسة في الدين ولا دين في السياسة ، وقاومت ومازالت تقاوم قانون تقييد التظاهر والتوسع في تلفيق الاتهامات والملاحقات القضائية ، ونددت ومازالت برفع الدعم عن السلع التموينية والمحروقات وارتفاع الأسعار وسوء الخدمات في الكهرباء والماء والطرق والتعليم والصحة ، واستدعاء رموز الطاغية حسني مبارك وأعضاء لجنة سياساته إلى مواقع قيادية في الحكم ، وتشكيل ظهير سياسي خلف الدولة الصهيونية ، ودعت إلى مقاطعة الاستفتاء على الدستور الذي تشكلت أغلبية لجنة صياغته من عناصر الثورة المضادة التي أخرجت لنا دستورا تمييزيا يهدر مبدأ المساواة والمواطنة ويضع الديكتاتورية العسكرية في مكانة أعلى من الدولة والمجتمع ، فما كان من شباب الأمة والثورة إلا مقاطعة هذا الاستفتاء الهزلي ، وتطورت المقاطعة العفوية في استفتاء الدستور إلى مقاطعة منظمة في الانتخابات الرئاسية ، وتشكلت لجنة تنسيقية للمقاطعة في القاهرة ومعظم محافظات ومدن مصر الكبرى ، دعت إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية في جرأة وجسارة وشجاعة ، ظن كثيرون أنها غابت مع ما يعتقده البعض ، خطأ ووهما ، بتراجع الحالة الثورية ، ونجحت هذه اللجان التنسيقية الديمقراطية في دعوة جماهير المصوتين إلى مقاطعة واسعة للانتخابات الرئاسية جعلت النظام فرائصه ترتعد ، ومفاصله تصطك ، ويمد التصويت يوما إضافيا لعله يتمكن من حشد أية قدر من المصوتين ، ورغم الحشد والصراخ والبكاء والاستجداء الإعلامي ، لم يخرج للتصويت أكثر من سبعة مليون صوت ، نال منهم السيسي خمسة مليون صوت بواقع 10 % من جملة من لهم حق التصويت ، نفس النسبة التي حصل عليها الفريق أحمد شفيق في الجولة الأولى من انتخابات 2012 وشهدت هذه الانتخابات ظاهرة جديدة لم تحدث في أية انتخابات ، فقد جاء المبطلون أصواتهم احتجاجا بما يفوق أصوات المرشح الإمعة في هذه الانتخابات الهزلية ، كانت هذه رسالة الجماهير المصرية للديكتاتورية العسكرية : لسنا معكم ولن نقبلكم قيادة للأمة والدولة ، فحارس العقار لن ولا يجب أن يحكم ويتحكم في أصحاب وسكان العقار ، والجيوش في هذه المنزلة لا غير ، وعلى أثر نتيجة الانتخابات الرئاسية ، تحولت تنسيقية المقاطعة تنسيقية للثورة ، نواة صلبة ، تحاول أن تسد فراغ القيادة الذي طالما تعثرت خطاها ، وعانت من غيابه الثورة ، وهي تدرك وعلى يقين : أن الثورات أعياد الشعوب ، وأن الثورة حلمنا وقدرنا ، وأن الثورة سيمفونية ، تبدأ همسا خافتا ، لتعلو نغما راقصا ، وغناء ، هدير من صخب البحر وفيض النهر ، أعظم معزوفة في حياة الأمم والشعوب لا بد وأن يكتمل بنائها وعزفها بإعادة تقسيم السلطة والثروة والمعرفة والخدمات ، وإعادة رسم الخريطة الاجتماعية ، لتصعد قوى ظلت محرومة وبائسة في قاع السلم الاجتماعي ، لتجديد الأمة المصرية لتتبوأ مكانتها المستقبلية التي تليق بأمة التاريخ والحضارة ، وقد بدأت رياح الموجة الثورية القادمة تهل مع عودة الاحتجاجات العمالية تتصاعد ، وبدأت الجماهير الشعبية تكشر عن أنيابها وتمتنع عن دفع فواتير الكهرباء في أولى خطوات العصيان المدني ، وحتى لا تتعثر الثورة ، وتضل طريقها ، وتتوه فتتخطفها ذئاب وثعالب الثورة المضادة ، من الفاشية الدينية ، أو الديكتاتورية العسكرية ، أو جيف الثورة ، خونتها وانتهازيها ، الذين يتهافتون على كل الموائد ، تطرح هذه الورقة مبادرة تستعيد للثورة بريقها وتألقها ومسارها عبر أحراش الثورة المضادة ، تقوم على إستراتيجية وتنظيم وآليات عمل ثورية ، تضع نصب أعينها حالة الديكتاتورية العسكرية من الضعف والتهافت والهشاشة وتآكل شرعيتها وقوتها ، فالقوة ليست في البندقية فحسب ، القوة في الفكر والقبول والرضي الاجتماعي ، وهو ما تفتقده بالكذب والخداع والتحايل والتضليل ، مبادرة تستهدف تقديم برنامج للثورة يكون محل توافق سياسي ورضي مجتمعي ، يجدد مصر ، أمة ودولة ، بمفارقة الدولة الشمولية وهدمها ، والانطلاق إلى دولة الديمقراطية الاجتماعية وبنائها عبر المقالات الثلاث التالية : 1 ـ تجديد شباب الأمة برنامجا للثورة والتغيير 2 ـ اللجان الشعبية الثورية تنظيما للثورة 3 ـ العصيان المدني العام أداة للثورة
تجديد شباب الأمة بديل القوى الثورية مر أكثر من ثلاث سنوات على انفجار الثورة المصرية 25 يناير 2011 التي تتدافع موجاتها تنجز مهاما ثقافية كانت ومازالت ضرورة لأنسنة الحاكم وإخضاعه للمسائلة والمحاسبة واستعادة المصريين الجرأة والشجاعة والبسالة والجسارة دون أن تقترب القوى الديمقراطية الثورية من البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدولة وقد آن الأوان أن تطرح على نفسها الخطوة الحاسمة : تشكيل حكومة ثورية لتجديد شباب الأمة وقواها الحية ، دون حكومات الثورة المضادة تحت زعم حكومة الكفاءات التكنوقراط من حكومة عصام شرف وحكومات الجنزوري وهشام قنديل إلى حكومة الببلاوي ومحلب .. لإنجاز والاضطلاع بمهام الثورة التاريخية في تحديها الحضاري الجديد للطبيعة والاستبداد بتحويل تراكمات الثورة السكانية إلى شق مجري جديد للكشف عن الكنوز المخبؤة في اقتصاد البحر والصحراء بطرح برنامج سياسي من خارج أقواس النظم القديمة وصياغة نظام سياسي ديمقراطي مرن يمكن الأمة المصرية من الاتجاه إلى كل بقعة وشبر دون التقيد بالمركزية التاريخية الصارمة حول نمط الإنتاج النهري في الوادي الضيق الذي خنقنا واختنقنا به والعاصمة التي تستأثر بكل هياكل النظام السياسي ومؤسساته البيروقراطية ، وتطرح هذه الورقة بعض الاجتهادات القابلة للتعديل والحذف والتغيير والإضافة : ـ التحول من نظام الإدارة المحلية إلى نظام الحكم المحلي بانتخاب رؤساء وبرلمانات وحكومات الأحياء والمدن والمحافظات ( دون الوزارات السيادية المركزية الدفاع والأمن والخارجية والري ) وفق الانتخابات بالقائمة النسبية ، مع تمكين كل محافظة من ظهير مائي أو صحراوي بإعادة التقسيم الإداري للدولة . ـ تحول الانتخابات البرلمانية إلى القائمة النسبية مع اعتبار الجمهورية كلها دائرة انتخابية واحدة تجري عملية الاقتراع السري على أسس برنامجية ، مع تجريم الأحزاب العنصرية التي تتشكل على التمييز الديني وذات المرجعيات الدينية ، وتجريم المنظمات والجماعات المسلحة . ـ إلغاء وزارة العدل وإحالة كل مهامها واختصاصاتها وصلاحياتها إلى مجلس القضاء الأعلى ، مع تحويل الطب الشرعي إلى هيئة وطنية مستقلة . ـ إلغاء وزارة الإعلام وتشكيل هيئة وطنية مستقلة للإعلام . ـ تحصيل 20 % كتبرع إجباري من كل من تتجاوز ثروته 10 ملايين جنيه وتجميعهم في صندوق تنمية لاقتصاديات البحر والصحراء ، وتشكيل لجنة لاسترداد الأموال المنهوبة وإعادة تقييم الأصول بالأسعار السوقية وقت بيعها ، وإعادة منظومة ضريبة التركات والضرائب المتصاعدة والساخنة . ـ حصر الشقق الخالية وتوزيعها على الشباب والأسر التي تحيى بالعشوائيات وأحزمة الفقر في العشش الصفيح والقبور بواسطة موظفي الأحياء تحت إشراف لجان ثورية ـ فتح الصناديق الخاصة ودمجها في الميزانية العامة للدولة ـ شق قناة مائية تربط نهر النيل بالبحر الأحمر من أعالي أو وسط الصعيد وطريق بري على ضفاف هذه القناة ـ بناء جامعة عامة مجانية بتنسيق منخفض في سيناء مفتوحة لكل أبناء الوطن من أقصاه إلى أقصاه . ـ بناء أسطول سلمي للصيد والصناعات البحرية ـ تسيل الثروة العقارية المجمدة عبر إجراءات قانونية وبنكية ودمجها في مشروعات التنمية . ـ إقرار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الخمس الأساسية : حق العمل ـ حق السكن ـ حق التعليم والتعلم ـ حق العلاج والصحة ، حق الضمان الاجتماعي . ـ إقرار بدل بطالة للعاطل إلى أن يجد عملا أو توفر له الدولة عملا وتجريم العمل بأكثر من عمل بعقوبات غليظة . ـ إقرار الحد الأقصى للأجور وربط الحد الأدنى بالأسعار والتضخم ، مع إقرار حق التظاهر والاعتصام والإضراب السلميين بالإخطار دون تصريح مع تكليف الأجهزة الأمنية تأمين هذه الحقوق الديمقراطية ـ توحيد منظومة الخبز والتعليم والصحة دون تمييز اجتماعي . ـ تغليظ العقوبة على المنشآت الاقتصادية والإدارية التي تتجاهل تعيين نسبة المعاقين ودمجهم المجتمعي وإطلاق طاقاتهم وملكاتهم في المشروعات الصناعية والتكنولوجية والفكرية هذه بعض الإجراءات الإستراتيجية نطرحها على القوى الديمقراطية الثورية لتكون قاعدة للنقاش حول تشكيل الحكومة الثورية التي أصبحت ضرورة ملحة لاستكمال الثورة ومهامها عبر الدعوة إلى مؤتمر ثوري يؤسس ويكون قاعدة جبهوية من كافة أطياف الأمة لبناء دولة الثورة الديمقراطية الاجتماعية
( اللجان الشعبية الديمقراطية ( تنسيقيات للثورة ) في ظل مناخ القتل والعنف المتبادل بين الديكتاتورية العسكرية والفاشية الدينية تمر الثورة بأسوأ منعطف عفن ، تستعيد قوى الثورة المضادة بجناحيها " العسكر والإخوان " كوابيسها بالعودة إلى الماضي وحياة البداوة والقشلاقات ، وأخطر لحظة حاسمة للأمة المصرية ، " فإذا تصارعت الأفيال مات العشب " ، وما على العشب إلا أن يتحول إلى سنون مدببة ورؤؤس رماح تخترق أقدام الأفيال تجرحها وتدميها وتشل قدرتها عن الحركة ، وتستعيد المبادرة للحداثة والديمقراطية والمشاركة الثورية ، فالديكتاتورية العسكرية تحتل القصور الرئاسية بمندوبها عبد الفتاح السيسي ، والفاشية الدينية صارت على أعتاب القصور الرئاسية بمندوبها محمد مرسي ، وما على القوى الديمقراطية الاجتماعية الثورية إلا أن تأخذ الأمر بجدية وتتحمل مسئوليتها التاريخية ، ببناء لجانا شعبية في الأحياء والمدن وعاصمة البلاد وعواصم المحافظات وتوزيع المهام والأدوار والتكليفات لتكون على أهبة الاستعداد لقيادة موجة ثورية قادمة تلوح في الأفق حتى لا تقع الثورة وقواها مرة أخرى فريسة للعسكر أو الإخوان . عندما هبت الموجة الثورية الأولى يناير 2011 كان عفوية وتلقائية وكانت بحيرة الحياة السياسية راكدة جافة ومتشققة ، بما شكل أزمة هيكلية لمسار الثورة ( تكتيكا وإستراتيجية ) ، كان الظرف الموضوعي المحلي والإقليمي والدولي للثورة ناضجا ومكتملا إلا أن الظرف الذاتي للثورة كان في أسوأ حالاته ، فأثارت هذه الحالة شهية طرفي الثورة المضادة العسكرية والدينية ليتناوبوا السطو على السلطة والثروة ، وهاهم الآن يتنازعون ويتقاتلون ويسفكون الدماء ويقامرون بمصير ومستقبل الوطن والأمة ، وطوال السنوات التي مضت من عمر الثورة تكتسب عناصرها وقواها خبرات فكرية وتنظيمية وثقافية في خضم المعارك والموجات الثورية المتعاقبة ، وقد آن الأوان أن تتجمع العناصر والقوى الديمقراطية الاجتماعية الثورية في أشكال تنظيمية جنينية جبهوية لجانا شعبية ( تنسيقيات ) للثورة في المحافظات والمدن الكبرى والقرى لنتدرب على الديمقراطية والحوار وحق الاختلاف للوصول إلى رؤى مشتركة وقرارات وإجراءات ثورية نضعها موضع التطبيق والتنفيذ لنستنهض ثورتنا ونعمل على إعادة تقسيم السلطة والثروة والمعرفة والخدمات في إطار الحرية والمواطنة والمساواة وتكافؤ الفرص .. لنكون على أهبة الاستعداد لاستقبال لحظة الانفجار الثوري القادم والموجة الثورية التي تتجمع سحبها يوما بعد يوم .. ولتكن اللجان الشعبية تنسيقيات للثورة لكسر حلف احتكار جنرالات الجيش ورجال الأعمال ثروة الأمة المصرية وسلطتها ، ويقطع السيسي بالبندقية والمدرعة طريق الحياة ويستكثر الفتات على الطبقات الوسطى والدنيا وما على هذه الطبقات إلا الدفاع عن حقها في الحياة بالغضب والخروج في موجة ثورية عاصفة تستوعب أخطاء الموجات الثورية السابقة ، ليس لدينا ما نخسره وليس لدينا ما نخاف عليه أو منه .. جنرالات الجيش ورجال الأعمال لديهم ما يخسرونه ويخافون عليه ثرواتهم وسلطاتهم ونفوذهم وقصورهم وأرصدتهم في البنوك والبورصات . الجيوش تقوم أول ما تقوم على العقيدة القتالية ، وتحديد العدو المنظور والعدو المحتمل ، وإذا لم تمتلك الجيوش هذه العقيدة تحولت إلى عصابة مسلحة أو جماعة من البلطجية ( الإنكشارية الشراكسة ) تنهب شعوبها وتجبي الإتاوات من مواطنيها ، ومنذ تصالح الجيش المصري وعقد اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل وأدار فوهات مدافعه بعيدا عنها ، لم نعد نعرف له عدوا منظورا أو محتملا ، ولم نعد نعرف إلى أين تتجه فوهات مدافعه وبنادقه ، إلى أن شرعت الديكتاتورية العسكرية تنكل بالمصريين قتلا وترويعا وتجويعا في ميدان التحرير وميادين الثورة باغتصاب السلطة السياسية واحتكارها ونهب ثروات الأمة المصرية واستنزاف قروش مواطنيها الزهيدة برفع الأسعار وتقديم فروض الولاء والطاعة لصندوق النقد ( النهب ) الدولي ، في هذه اللحظات بدأت تتضح ـ أمام أعين المواطنين ـ إلى أين تتجه وتصوب فوهات مدافعه وتنطلق رصاصات بنادقه ؟ فالديكتاتورية العسكرية ( رأس الثورة المضادة ) تنتقم من الأمة المصرية على ثورتها الديمقراطية الاجتماعية : تشن حربا على الأمة المصرية تقتل وتسجن وتروع شبابها وتستبيح سفك الدماء وفقع العيون وبتر الأطراف .. ترفع أسعار سلعها وخدماتها .. تضطهد أطباءها وأساتذة وطلاب جامعاتها ومعلمي مدارسها .. تغلق مصانعها وورشها .. تطارد باعتها الجائلين .. ويطرح مفكريها الدعوة لتنظيمات قتل أطفال الشوارع والثوار .. تكذب وتبيع الأوهام لمرضى الأمة ومعاقيها .. تنهب ثرواتها للأجهزة الأمنية التي تؤمن سلطتها وقصورها ..تنشر الفاقة والبؤس والبطالة والعنوسة والأمية والعوز والخرافة والجهل وتضع الأمة على حافة الحرب الأهلية .. تستبيح القانون والتشريع وتدمر السلطة القضائية باستخدامها أداة في الثورة المضادة .. تصنع من نفسها دولة فوق الدولة والأمة المصرية .. تحتكر السلطة والثروة ومفاتيح القوة والمعرفة والخدمات .. تحيل المواطنين إلى كائنات مشوهة وممسوخة بالتخويف والقمع والتعذيب .. تكذب وتخلف وعودها ، وأصبح السؤال الذي يطرح نفسه بقوة : كيف تسترد الأمة سلطتها وثرواتها ومعارفها وخدماتها من بمخالب وأنياب الديكتاتورية العسكرية .
العصيان المدني العام
أرقى أداة مقاومة ثورية سلمية ، ينأى بنفسه بعيدا عن السرية ، أرقى من الاعتصام والتظاهر والإضراب . آلية للاحتجاج والتمرد والثورة على القوانين والقرارات والسلطات المستبدة التي تمكن الطغاة من النهب والاستغلال ، تلجأ إليها الأمم والشعوب عندما تستحيل الحياة بنفس الأساليب والطرق التقليدية السائدة ، تخاصم الشعوب الدولة بمؤسساتها وهياكلها وأنساقها القديمة ، رغبة في تجديد هياكلها وانحيازاتها ، لصعود قوى اجتماعية إلى القمة من القاع ، وهبوط قوى اجتماعية من القمة إلى القاع ، تغيير في مواقع السلطة والثروة والمعرفة والخدمات ، لصالح القوى المنهوبة والمسلوبة والمستغلة والمحرومة والمقموعة ، وفي مصر تفاقمت أسباب العصيان ، فما زالت أسباب الثورة الكبرى قائمة : مازال العاطل عاطلا لا يجد عملا ؟ مازال الجياع جياعا لا يجدون قوت يومهم ؟ مازال المريض مريضا لا يجد دواءه ؟ فكم من امرأة مازالت تقلب قروشها الزهيدة ـ بحسرة ـ في الأسواق ؟ وكم من أب مازال لا يجد مصروفات أو نفقات المدارس لأولاده ؟ كم من الصبية والأطفال يتسربون من التعليم الابتدائي والإعدادي ؟ كم من الأطفال يساقون إلى الورش والمسابك والمخابز والميكروباصات ؟ كم من الصبية تتلقفهم ساحات الجريمة والمخدرات الرخيصة ؟ كم من بنت فاتها قطار الزواج ؟ كم من شاب لا يستطيع تكوين بيت أو أسرة ؟ كم من أسرة تقطن في غرفة وحيدة وشقق مشتركة ؟ كم من أسرة مازالت تعيش في الإيواء والقبور ؟ كم من أسرة تنفصل وتنهار تحت ضغط الحاجة والعوز ؟ كم من امرأة تخرج للخدمة في بيوت الأغنياء ؟ كم من النسوة والفتيات تدفعهن الحاجة إلى سوق النخاسة والبغاء ؟ كم من عامل يعود خاوي الوفاض من أرصفة العمل ؟ كم من أرباب معاشات تنفذ رواتبهم فور استلامها ؟ كم من شركة دمرت ؟ كم من قوة عمل مازالت تهدر ؟ كم من الأفدنة بورت ؟ كم من خريجي جامعات ومعاهد عليا تتلقفهم أرصفة البطالة .. يندمون على علمهم وأعمارهم ؟ كم من تاجر وصانع يفلسون وينحدرون إلى الطبقات الدنيا ؟ مازال المصريون يبيعون أكبادهم وكلاهم وقرنية عيونهم ؟ مازالت الخريطة الطبقية كما هي لم يقترب منها الدستور بل يحصنها ويعيد إنتاجها تمييزا ونهبا واستغلالا وفسادا وطغيانا واستبدادا ، مازالت الشرطة أداة للحكام للبطش بالنشطاء والمختلفين ، مازالت السجون تضم آلاف من الثوار والمواطنين المحبوسين بأحكام عسكرية وغير عسكرية ومازالت الدولة تفتقد البصر والبصيرة لا ترى إلا الأغنياء المتخمين ، الذين ينعمون بما أنجزته البشرية عبر مسيرتها التاريخية ، وتغض النظر عن الفقراء والمهمشين الذين يئنون ويتوجعون ويتألمون ، في ظل هذه الأوضاع والأوجاع يصدر السيسي قرارات الغلاء ورفع الأسعار وإلغاء الدعم ، لتشتعل النار في فقراء الوطن وكادحيه ومهمشيه وطبقته الوسطى ليلبي شروط البنك وصندوق النقد الدولي ، ويعيد إنتاج التبعية والطغيان .. بالقتل وسفك الدماء وانتهاك الأعراض وسجن ومطاردة ذوى الفكر والرأي وملاحقة المناضلين والنشطاء ، استبداد لم يشهد له تاريخ البشرية مثيل ، يفوق استبداد هتلر وموسوليني والحجاج وسفاح الدولة العباسية . والدعوة إلى العصيان المدني العام لمقاومة الطغيان والنهب والسلب وإسقاط الطغاة الذين يغتصبون السلطة والثروة بالعنف والإكراه والترويع وفوهات المدافع والبنادق وإرهاب الدولة الشمولية ، بأداة مجتمعية ثورية سلمية متحضرة فلم تعد المظاهرات والاعتصامات والإضرابات رغم أهميتها كافية لإسقاط سلطة الاستبداد والفساد التي تتخندق وتتمترس بالديكتاتورية العسكرية ، بل أصبحت الدعوة للعصيان المدني العام ضرورة ثورية لتفعيل الثورة وتطوير آلياتها ، وهذه الدعوة تقتضي تشكيل مجموعات ثورية ( لجان ثورية ) تباشر أعمال الدعوة وبرامجها ـ سياسية اقتصادية اجتماعية إعلامية ـ وتقود خطاها التنظيمية ، وهي تضع نصب أعينها : أن العصيان يبدأ في توقيت محدد قد يكون متدرجا لكنه لا ينتهي إلا بتحقيق أهدافه وغاياته . تسقط الشمولية.................................................... 00000000000000000000 يسقط الشاويش والكاهن والدرويش
#إبراهيم_الحسيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أفول الديكتاتورية العسكرية
-
رسالة إلى القوى الديمقراطية الاجتماعية الثورية
-
الجثة
-
كشف الغمة
-
الحماقة
-
استعادة الثورة
-
الفريسة والصياد
-
العار
-
أسد على ..
-
المقاومة والمصالحة
-
العصيان المدني العام
-
اللجان الشعبية الديمقراطية ( تنسيقيات للثورة )
-
عام على 30 يونيو
-
الذئب الجريح
-
المقاطعة الثورية
-
تجديد شباب الأمة
-
الثورة المضادة
-
الثورة أبقى وأقوى
-
الديكتاتورية العسكرية ( 2 )
-
الديكتاتورية العسكرية
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|