|
إلى أطياف المجتمع السوري ..... و بهدوء!
مهند الكاطع
الحوار المتمدن-العدد: 4568 - 2014 / 9 / 8 - 12:51
المحور:
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
في ظلّ الزَوْبعة التي هَبَّت قبل أيام بخصوص ما يجب أن يكون عليه "أسم سورية" اليوم حتى يصبح ممثلاً لجميع السوريين ، الأمر الذي ساهم في تعطيل مستقبل 15 ألف طالب بسبب إصرار الكتلة الكردية في الائتلاف على حذف "العربية" من اسم سورية ، نستطيع طرح بعض التساؤلات حول إمكانية الموازنة بينَ هوية الدولة الطبيعية و المُستمدة من ثقافة السواد الأعظم من أبناءها كما هو الحال في جميع أصقاع المعمورة ، وبين ما يطرحه بعض أبناء المجتمع الذين لهم خصائص قومية تميّزهم عن هوية الأغلبية التي لا يستطيعون بالمقابل التخليّ عنها أو الاستغناء عن استخدام ثقافتها ولغتها ، و قد ذاق بعضهم بشكل "خاص" لوعة الحرمان والتضييق في مسألة ثقافتهم و لغتهم ، فضلاً عن التضييق الذي اشتركوا فيه مع بقية أطياف المجتمع السوري في مسائل الحريّات والديمقراطية والحقوق ..الخ فضلاً . لَن أخوض في مسالة عدم موضوعية أي تغيير يتم بشكل غير دستوري وشرعي وقانوني حتى يَتم الإعتراف به عند المجتمع الدولي والأقليمي وجميع المنظمات والمحافل العالمية ، ولا يخفى عليكم بأن المجتمع الدولي وجميع دول العالم بما فيها الدول العربية لا تزالُ لا ترفع سوى العلم الرسمي للنظام السوري والاسم الرسمي (الجمهورية العربية السورية) ، وأن المعارضة حتى الآن لا تستطيع استصدار وثيقة سفر معترف بها في أي دولة ، وان الحكومة السورية المؤقتة لا تستطيع حتى تمديد صلاحية جواز سفر حتى تحت الأسم القديم !! فما بالنا بأسم جديد يريدُ البعض أن يتم بشحطة قلم بأتفاق مسلوق في اروقة بعض الكتل السياسية التي لا تملك الآن أي نص دستوري أو قانوني أو أخلاقي يتيح لها نقرير او إقرار أي شئ لا يمكن لهُ أن يتم دون استفتاء الشعب السوري ، والذي لا يمكن له أن يتم في ظل الظروف الحالية على اقل تقدير. ما تطرحه بعض الأقليات اليوم متعلق "بالاسم" الذي يجب أن تكون عليه الدولة كما يؤكدون ، وأنَّ تعديل الاسم وعدم الإشارة صراحة من خلال الاسم إلى قومية معينة "العربية" هو بمثابة طمأنة للأقليات الغير عربية في سوريا والتي تُقدر بنحو 20% من أبناء الشعب السوري. ولو أنَّ الموضوع مُتعلق "بالاسم" فقط ، لقلنا بأن "الأغلبية" مُطالبة اليوم بتقديم تنازلات عن بعض حقوقها لطمأنة "الأقليات" وأنا هُنا أضعُ المصطلحين "الأغلبية ، الأقلية" بين قوسين لأني لا أحبذُ استخدامها لكن فقط لا مناص من استخدامها لتوضيح ما يتم طرحه بكل اسف من جانب بعض الاقليات القومية التي نعتزُ بها كجزء من الشعب السوري وساهمت في نهضته بكل تأكيد . لكن لا أعتقد بأن الموضوع يتم حله بتغيير الاسم فقط ، فالعراق مثلاً لا يوجد في اسمه لاحقة عربية وأموره نحو المحاصصات والطائفية تزداد نحو مستنقع لا يعلم أحد مستقراً له أو إلى اين يمكن أن تصل الأمور، وفي سوريا ايضاً هناك محاولات تشترك فيها على ما يبدو اطراف اقليمية ودولية ويدعمها ممارسات على أرض الواقع من قبل النظام والميليشيات التي تحمل شعارات دينية أو قومية مختلفة لرسم واقع متشرذم في سوريا لا يقل في مآسيه عن المستنقع العراقي . هناك الكثير من الإشكاليات التي اصبحت تشكلُ عائقاً في وجوهنا في مسيرة الانعتاق التي ننشدها كسوريين نحبُ الحياة وكُنا على الدوام راعياً وحاضناً لكل المحرومين والملهوفين والفراين قبلَ أن نصبح اليوم مشردين وتائهين وضائعين بين ذبيح ومُعتقَل. سأركزُ بشكل أساسي ومن وجهة نظري الشخصية على ابرز النقاط التي تزيدُ من انعدام الثقة بين ما يتم تسميته وتداوله على أنه "الأغلبية" من جهة و "الأقلية" من جهة أُخرى ، والاسباب كثيرة لا يمكن حصرها وتحتاج لدراسة واسعة ومتأنية ، لكن سأذكر ما هو في سياق متصل بموضوعنا الأساسي في مرحلة ما بعد الثورة و سأذكر بعض النقاط على عُجالة :
1- الاغلبية اليوم لا تستطيع تقديم تطمينات لأنَّ صوتها مقموع ، وغير مسموع ، ودماءها رخيصة ولا يكترث أحد بها ، على العكس تماماً في التعامل الإقليمي والدولي لأي حادثة قد تمسُ أحد ابناء الأقليات وما يرافقها من مصطلحات وللتذكير :(( الهجوم على الأرمن في بانياس ، الهجوم على راهبات معلولا ، اغتيال قس في حمص ، التنديد بتهجير أربع ناشطين أكراد على يد حزب الاتحاد الديمقراطي ، انباء عن اختطاف الأب باولو "هي خارج السياق " ، الهجوم على اليزيديين في سنجار ، تهجير مسيحيين الموصل ، نساء الأقليات سبايا في أسواق "النخاسة ))) في حين يتم المرور على قتل المئات من ابناء دير الزور ، وتجويع عشرات الآلاف في مخيم اليرموك ، وحاصر احياء حلب وحمص وموت المدنيين ، وارتكاب مجازر بحق القرى العربية في ريف الحسكة ، ومجازر باستخدام الغازات في عدة مواقع في دمشق وحلب و تهجير وحرق عشرات القرى في ريف القامشلي ، ومئات الغارات الجوية على الريف الجنوبي في الحسكة وريف دمشق ، نجدها تمرُ كخبر روتيني وفي أحيان كثيرة لا يتم ذكرها ابداً ولا المرور عليها ، لأنها دماء رخيصة من الأغلبية ، ومن يقود تلك العمليات معروف للجميع .
2- نجدُّ بأن هناك دعم لا محدود في عمليات قتل الأغلبية وتهجيرهم ، و لا يُنكر سوري عاقل بأنَّ ذبحَ السوريين اليوم من أقصى الشمال الشرقي "عين ديوار" إلى أقصى الجنوب الغربي "سحم الجولان" يتم بشكل أساسي ورئيسي بحق أبناء ما نطلق عليه "الأغلبية" أو السواد الأعظم من مكونات الشعب السوري . 3- معظم الأقليات نجح النظام في تحييدها عن مسار الثورة ، رغم أنها ذاقت الأمرّين كما ذكرنا من استبداد النظام وسياساته ، لكن خوفهم من البديل في ظل تغلغل المرتزقة والمتطرفين المشكوك بخلفياتهم من ناحية ، و التفاتهم لمصالحهم الخاصة من ناحية أخرى ، وانتهازية بعضهم في بعض الحالات، جعلهم يجدون نفسهم في منأى عن المواجهة مع النظام ، فحافظوا على علاقات جيدة مع النظام ، وعملت "بعض" فصائلهم ، وأكرر "بعــــضها" كمرتزقة عند النظام ضمن ميليشياته تحت التسميات المختلفة وبدعم مباشر منه ، ولدينا أمثلة كثيرة في الحسكة على أقل تقدير، هذا لا ينفي أن معظم المجندين في جيش النظام هم ابناء الأغلبية المسحوقة ولا يعني أن هناك حرب بين أقلية وأغلبية.
4- بعض الاقليات يصحُّ أن نقول عن ممثليها او من يدعّون تمثيلها بأنهم "انتهازيون" هذا إذا أردنا أن نذكر أقرب تسمية لهم "بأدب" ، لكن ينطبق عليهم كل ما هو خارج ذلك ايضاً ، إذْ تكمن الانتهازية لديهم في محاولتهم لوضع العراقيل في مسيرة العمل الثوري المشترك ومحاربتهم أحياناً اطياف المعارضة بشقيها السياسي والعسكري ، والعمل على وضع شروط انتهازية واستفزازية مستغلين انشغال الآخرين بلملمه جروحهم وبحثهم عن مأوى وملجأ بعد تهجيرهم تحت نيران الاسلحة . والأهم من ذلك في ظل "وجود نظام يزداد قوة واستبداداً"، فهل الوقت مناسب لطرح شروط انتهازية والبحث والخلاف عن "البيضة أم الدجاجة أم الدجاجة أم البيضة"
السؤال هو : إذا كان قبل سقوط النظام يتم طرح هذه المواضيع ، فماذا بعد سقوط النظام في ظل فوضة ستكون أكبر بحسب المؤشرات على أرض الواقع ؟ ماذا سيتم طرحه إذا تم إدخال قوات اجنبية تحت ذريعة سقوط النظام ووجود الإرهابيين وبغرض حماية الأقليات ؟
الأمير شكيب أرسلان في مقالين له تم نشرهما في عددي جريدة الافكار البرازيلية المؤرخين في 6 و 9 نيسان سنة 1921 كانَّ قد طرح إشكالية مشابهة تقريباً ، ويقولُ وسأقتبس "قبل أن ينجلي الأتراك عن سورية كان جميع أهلها عربًا ولم نكن نسمع فيها بسرياني وعبراني إلا من قبيل العاديات (الآثار العتيقة) وكثيرًا ممن برزوا لنا الآن بالحلة السريانية كانوا من صميم القحطانيين يومئذ؛.........، فلما خرج الترك وجاءت محلهم دولة عربية تريد تحرير البلاد باسم العرب وتنفي كل من يريد أن يغشى البلاد من غير العرب - جدَّت عند بعض هذه الفئة القليلة من أهل سورية نغمة لم تكن معهودة من قبل وهي: إننا نحن سريانيون غير عرب، وإن لغتنا هي السريانية وإنما غلب علينا اللسان العربي "
طبعاً كلام شكيب أرسلان ينتمي لمرحلة تزيد عن تسعة عقود ومرحلة كانت تندرج تحت مسمى "الثورة العربية ، والتحرر العربي" ولسنا في صدد تبنيّ هذا الخطاب ، لكن هو يؤكد على حقيقة أن المبالغة في خطاب الهويات والاقليات الذي لعبَت عليه الدول الغربية سابقاً هو أمر ليس بجديد ، انما متجدد ، والتاريخ يثبت بأن هؤلاء لا يهمهم مصالح أقلية او اغلبية ، انما هذه كلها ذرائع من أجل مصالحهم الخاصة فقط ، وسيتخلون عن كل شئ عندما تنتهي مصلحتهم . وسيبقى بالتالي السوري مع السوري بغض النظر عن هويته ومذهبه ودينه متعايشين!
يجب أن ندرك هذه الحقائق قبل فوات الأوان ، ويجب أن نسعى جميعاً لتقدمة ما يطمأن الجميع وتعزيز الثقة المتبادلة التي عمل النظام على زعزعتها طيلة نصف قرن مضى ، لا يجب أن يكون طرح الساسة متشنجاً وداعياً لشق الصفوف ، وخاصة الكتل السياسية التي تطرح نفسها "بديلة" عن عمل قادم ، فلنركّز على النقاط المشتركة ، ولنترك الإشكاليات التي لا تُسمِن الآن ولا تُغني من جوع إلى مرحلة ما بعد سقوط النظام ، ومرحلة التوافق على دستور ، يكون للشعب السوري السلطة الفعلية في قبوله أو رفضه .
#مهند_الكاطع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سورية و ليسَ شوربة !!
-
النظامُ السوريّ و دعشَنةُ الثورة !
-
مجزرة حي غويران الجديدة .. برسم الثورة وليس الائتلاف!
-
تجريد الأكراد والسريان من الجنسية -بروتوكول تموز 1938
-
أكراد سورية بين خطابين !
-
الرد على رؤية الأستاذ عبد العزيز التمو
-
حركة خويبون .. ومضة في تاريخ النضال الكردي
-
هندسة بقايا وطن !
-
الرد على مقابلة المدعو .. بولات جان !
-
عبد الباسط سيدا .. يسقطُ في مُستنقع البعث الكُردي !
-
من تل برك .. محافظة الحسكة .. توثيق إنتهاكات قوات الحماية ال
...
-
الثورة الأوكرانية أسقطت القناع عن خذلان العالم للسوريين !
-
أستمرار أنتهاكات حزب العمال الكردستاني .. بلدة المناجير في م
...
-
توثيق إنتهاكات قوات الحماية الكردية الحليفة للنظام في سوريا
-
النظام السوري يُحسِنُ استخدامَ الورقة الكردية!
-
صمود تل حميس ... يهزم قوات الحماية الكردية !
-
أكذوبة الإدارة الذاتية في -غرب كردستان-
-
لست من دعاة الفيدرالية ولا القومية في سوريا !
-
آلهة الكذب المميزين
-
الفيدرالية ... رفضها في سوريا .. وقبولها في اليمن !
المزيد.....
-
مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل
...
-
متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح
...
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م
...
-
السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
-
مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
-
فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي
...
-
الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار
...
-
لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك-
...
-
-الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
-
بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي
المزيد.....
-
علاقة السيد - التابع مع الغرب
/ مازن كم الماز
-
روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي
...
/ أشرف إبراهيم زيدان
-
روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس
...
/ أشرف إبراهيم زيدان
-
انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي
/ فاروق الصيّاحي
-
بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح
/ محمد علي مقلد
-
حرب التحرير في البانيا
/ محمد شيخو
-
التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء
/ خالد الكزولي
-
عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر
/ أحمد القصير
-
الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي
/ معز الراجحي
-
البلشفية وقضايا الثورة الصينية
/ ستالين
المزيد.....
|