أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرانسوا باسيلي - حين يتحول المهجر إلى منفى.. فرانسوا باسيلي في ديوان -شمس القاهرة.. ثلوج نيويورك-














المزيد.....

حين يتحول المهجر إلى منفى.. فرانسوا باسيلي في ديوان -شمس القاهرة.. ثلوج نيويورك-


فرانسوا باسيلي

الحوار المتمدن-العدد: 4568 - 2014 / 9 / 8 - 09:19
المحور: الادب والفن
    


هذا مقال د. عبد الناصر عيسوي عن ديواني شمس القاهرة .. ثلوج نيويورك
...............................


على الرغم من وضوح التضادّ والانقسام في عنوان الديوان، وضَعَ الشاعر تحت عتبةِ العنوان عتبةً تفسيرية أخرى تزيد من معنى الاغتراب، وهي "شظايا شعرية من المهجر الأمريكي"، مما يؤكد لنا أنه شاعر "مهجري" وأن ما يحتويه الديوان من قصائد لا يعبر عن الوحدة بقدر ما يعبر عن التشظي.

ويضم الديوان الذي بين أيدينا أربعًا وثلاثين قصيدة، موزعة على أقسام الديوان الأربعة، يضاف إلى تلك القصائد الافتتاحيات الشعرية الأربع للأقسام الأربعة. هذه الأقسام جاءت تحت عناوين: (عالم أول- الشمس)، (عالم جديد- الثلج)، (عالم ثالث- الأرض)، (عالم رابع- البعث).
وقد يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى المعنى الساذج للشمس، لكن قراءة قصيدة "شمس القاهرة" يُطلعنا على أنها لم تكن للدفء، فإنها للإحراق، حيث نجد الشاعر يقول:

"في القاهرة/ لهَوْتُ مع النخل والنحل والنيل/ وفي نزق العشق في لفحات الهوى/ لثمتُ فم الشمس فاحترقتْ شفتايَ/ وسال الكلامُ كفولاذ مصهور/ قلتُ لا بأس، لا نور/ إلا من النار/ ولا عشق إلا بمحرقة تفني العاشق في المعشوقْ/ واحترقت شفتاي بما لا يقال/ ففي القاهرة/ لا يقال سوى ما يقول الدعاة/ أو ما يقول الطغاة/ أو ما يقول الغزاة/ وأنا قلتُ ما قلتُ دون أناة/ ودون مراعاة/ ومن عرف الحق كيف يقول سواهْ؟/ فاحترقت شفتاي/ بما ظل مرتعشا في دمي/ من سر الأسرار/ قلت لا بأس، لا نورَ/ إلا من النار/ وحين أتى الوقتُ ودعتُ أهلي/ وعانقتُ الشمس على مهلي/ ودخلتُ طقس الاحتضار".

لقد صار المهجر منفى في قصيدة بعنوان "صدرك أرحب من منفاي"، حيث يقول:
"الجداولُ تلك التي تترقرقُ من صخرة القلب/ أين تسيل؟/ والطيورُ التي هاجرتْ/ ستعودُ لأيِّ نخيل؟/ نعم إنَّ صدركِ أرحبُ من أرض منفاي/ لكنَّ نجمكِ مَرَّ وأومأ لي/ أن أهيِّئ نفسي لهذا الرحيل/ فسافرتُ. من يومها لم أحط رحالي/ ولا كان لي في الليالي دليل/ ولا طل بدرٌ كوجهكِ أتبعُهُ/ وعلى جسدي إذ أخِرُّ يميلْ".

كما يبدو الاغتراب جليًّا في قصيدته المقطعية "الأغاني التي ليست للأصفهاني"، وخصوصًا في المقطع الثالث بعنوان "الأغاني"، حيث يقول:
"كلما سمعتُ الشعر والأغاني: عانيتُ ما أعاني/ بكيتُ فجأةً سألتُ الأصفهاني/ يا أصفهاني/ هل بكى الذين كانوا يسمعون في ذلك الزمانِ/ مثلما بكيتُ الآن؟/ هل من المعقولِ/ أن تنوح الروحُ كالأرغول/ في الليل هكذا/ وتلتوي في الريح من تباريح زماني/ عند سماع الشعر والأغاني؟/ سألتُ الأصفهاني/ يا أصفهاني/ ما هو الوطن؟/ قال ربما هو اللحن الذي يظل كالشجن/ بعد رحيل الصوت والمعاني/ وربما هو الحزن/ وربما الحلم الذي يظل مقبلاً وراحلاً/ منطفئًا مشتعلاً/ ربما هو خلاصةُ الأماني/ وأجملُ الأشعار/ والأغاني".

ويضم الديوان عشرة مقاطع قصيرة تحت عنوان "شكاوى جديدة للفلاح الفصيح"، يقول في المقطع الأول:
"للفلاح الفصيح شكواهُ/ لداود مزاميرُهُ/ للأصفهاني أغانيه/ أما أنا/ فحين يجيءُ ميعادي/ سأذهبُ إلى قبري/ وفي داخلي نشيدُ بلادي/ مصرُ تقول لي/ نشيدي ليس أيَّ نشيد/ نشيدي لا يُغنيه/ سوى قلب شاعر/ أو روح شهيد".
ويتخذ الشاعر أقصر طريق للشاعرية في مقاطع قصيرة جدا، كما يقول في المقطع الخامس:
"عجبتُ لقومي/ يحاربون حتى الموت/ من أجْل الحرية/ ثم يُسلمون أمرهم/ لأول طاغيةٍ/ يقابلهم في الطريق".

ويصل الاغتراب مداه في المقطع التاسع، حيث يحمل الشاعر مصر كلها بكل ملامح الأرض والنيل والناس، فلا يجني إلاَّ مناظر خلابة فارغة من المعنى، لا تُسمن ولا تُغني من جوع:
"يحمل المصري أرضه/ ونيله ونخله وأهله/ ويزرعها كلها في أرض منفاه/ وبعد سنواتٍ/ في موسم الحصاد/ يجني زهورًا خلابة/ بلا رائحة/ وفواكه زائدة الحجم/ بغير طعم/ فيمضي ما بقي من أيامه/ في مجاعة/ لا يشبعها شيء".

وبعد جولة طويلة من الشاعر في أنحاء نيويورك، شرقا وغربا وشمالا وجنوبًا- لم يعثر الشاعر إلا على ملامح مصرية تشير إلى الأصالة بطرفيها الإسلامي والمسيحي، ولا شك أنه في جولاته تلك كان يشعر باغترابه الروحي، حيث لا يعثر على روحه إلا في مصر، فهو يقول في المقطع العاشر والأخير:

"اكتشفتُ بعد ثلث قرن/ أن شوارع نيويورك/ من فيرست أفنيو شرقا/ إلى إلتنث أفنيو غربا/ ومن شمال برودواي/ إلى هاوستون ستريت جنوبا/ تنتهي بي كلها/ إلى ميدان الحسين/ ومدخل الكنيسة المعلقة".

لقد صار الوطن فكرة هلامية من الدخان قائمة في ذهن الشاعر فقط، حيث لم يعد له وطن يداوي اغترابه، في قصيدة له بعنوان "وطن من دخان"، والتي يختمها بقوله:
"لي وطنٌ ليس يشبه مصر/ ولا مصر تشبهه/ فأين ستهجع روحي في الأرض؟ وهل بعد مصر لها مطرحٌ/ أو مكان؟".

لقد صار الاستقرار الروحي للشاعر يعني مصر، وماعدا ذلك فهو اغتراب، وليس مجرد غربة مكانية، فإنها الروح المغتربة التي لا يقر لها قرار.



#فرانسوا_باسيلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا ثار المصريون، ولا يثور الأمريكان
- إقرأي
- في مصر أمشي علي مهلي
- طعنة في شوارع نيو يورك
- رأيت للأرض يدا تكتب أبجدية السماء
- خبز الغريب
- هذا مخاضك يا وطن
- الأسباب الفكرية لسقوط الاخوان
- شهوة الموت
- في القاهرة
- صوت يطلبني
- شم النسيم عيد ميلاد الكون!
- مزامير لشم النسيم
- مصر وحدها بلادي
- سعاد يا وطني الأخير
- نبيذ المحبة
- تعلمت منك القيامة
- ابتهالات مريض علي شفا الموت
- لمن ستكون مصر؟
- لك السلام يا جميلة


المزيد.....




- وفاة الفنانة الأردنية رناد ثلجي
- -حدث ذات مرة في الموصل- يحصل على جائزة MENA في مهرجان سينما ...
- الصين تسعى لحظر أفلام هوليوود الأمريكية ردا على رسوم ترامب ا ...
- زاخاروفا توضح موقف الغرب من النازية بصورة من عام 1948 لرسام ...
- المغرب: لبصير والعوادي ضمن 7 فائزين بجائزة الشيخ زايد للكتاب ...
- منع أم دعاية؟ الجدل يلاحق فيلم -استنساخ- قبل عرضه الرسمي
- لماذا أصبحت الأفلام أطول زمنا؟ وهل يستمتع الجمهور بها؟
- 40 عنوانا جديدا.. ومسيرة الموسوعة السعوديّة للسينما مستمرّة ...
- بمشاركة أكثر من 660 ناشرا.. الشارقة تطلق الدورة الرابعة لمؤت ...
- الشارقة -ضيف شرف- المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط في دور ...


المزيد.....

- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرانسوا باسيلي - حين يتحول المهجر إلى منفى.. فرانسوا باسيلي في ديوان -شمس القاهرة.. ثلوج نيويورك-