أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أريج عبدالرزاق الفرج - بيانولا في المدينة ..!














المزيد.....

بيانولا في المدينة ..!


أريج عبدالرزاق الفرج

الحوار المتمدن-العدد: 4567 - 2014 / 9 / 7 - 10:35
المحور: الادب والفن
    


“بيانولا و الابندا و حركات ، اطلعي بقى يا نصاص يا فرنكات ، أنا عازمك يا حبيبي لما الاقيك ، على فسحة في جميع الطرقات ” …هكذا يغني عمنا صلاح جاهين و سيد مكاوي و “أغني ” ، يغنيان هذه الكلمات التي لا تشبه سوى زمن آخر لا نتقنه إلا صامتين ،فنحن نخاف من حرس المدينة .

ففي مدن الإسفلت لا وجود لشئ يشبه صندوق الدنيا “البيانولا” ، غير محل تجاري عُلقت عليه لوحة كبيرة بإسمه – بيانولا ! .

في المدينة لا نرجع أطفالاً ، نكبر قبل أعمارنا ، لا مكان لمهرج قافز على رتابة الحياة يحمل آلته المليئة بمغامرات عنترة بن شداد و أبي زيد الهلالي على كتفه ليشي للأطفال بسر ملون ، حين يُسدل الستار يخرج التاريخ البطولي مُصوراً كحكاية مبتسمة تبقى في الذاكرة . لا مكان للبسطاء يغنون بأصوات عالية ، يقفزون غير عابهين بالعيون التي تلاحقهم و تحكي صامتة عن “حماقتهم” ، لا مكان لبشري لا يشبه عهر تاجر هذه المدينة ! فيها ، لا مكان لي طفلة تصنع قارباً في مستنقع ماء ظنا منها أنه بحيرة ..!

في المدينة لا مكان ل البيانولا ، فكل ما فيها يوحي بالزيف ، خطواتنا المترددة على الرصيف ، بعض هذياننا المتمرد المرَعب من قبضة شرطي ساخر يحرس الليل من خمرة تُسكر الخيال ، لفتاتنا الحذرة من الاخرين ، أغانينا التي لا تصل و نسجلها على صفحة الكترونية أملاََ منا ب ” لعلها تصل ” ، خطوط يدنا التي نسيناها و لا نتذكرها إلا صدفة في مبارزات لحكايا الذاكرة !، عواطفنا الخجولة التي تتربص بها كل أجهزة التجسس فتستحيل لحبس إنفرادي لا يشبه حديث قلوبنا !. المدينة …كل مافيها يوحي بالزيف ، حتى أعيننا ينقصها الكثير من وحي القصائد ، أتعلمون ما معنى أن ينقص العين قصيدة؟! أي أن تبهت مشاعرنا و خفقات قلوبنا و لا تعرف اللغة كيف تتهجأ العاطفة .

من إخترع فكرة البيانولا ، كان يعتقد بأنها ستختصر المسافة بين اللحظة الآنية و الخيال الأسطوري ، من إخترعها قصد أن يصل الطفل حينها لعالم قد لا يشبهه ، لكنه للحظة يصبح حقيقته و ذاكرته التي يشتهيها ، و بعض الخيال هو ذاكرتنا المشتهاة .و أذكر هنا جابريل جارسيا ماركيز حيث يقول بأن الذاكرة ليست فقط كل مانعيشه بل هي ما نتخيله و نشهده في الخيال بدون أي اتصال مادي بهذه الرواية الذهنية و يستحيل جزء مهماً ومتعباً من الذاكرة.

البيانولا لم تولد لتعيش في المدن الصاخبة المزيفة و الطاغية ، المتحيزة لأسواق بيع البشر ، لم تولد لتُحاصر في عالم تقرر فيه الشركات الكبرى من يستحق أن يعيش و من يستحق أن يموت ، لم تولد ليتنافس عليها الأغنياء فيحتكرونها لطفل لا يعرف كيف يمشي حافياً تحت قطرات المطر . لا يعرف كيف “تتخلى” عنه مظلته و لا يعرف كيف يُصاب بحماقة الحمى و يموت متأخراً في الليل وحده لا يشيعه سوى دمع أمه و قلة حيلة والده .

لأن ألعابنا التي كنا نلعبها شاخت و قصصنا المشاغبة لم تعد حاضرة إلا في ضحكاتنا على زمن ولى ولا تشبهه طفولة آخرين ، لأننا لم نعد نمسك الطباشير و نخربش على الأرض بعض الأرقام و نرمي الحجر و نقفز ، لأن آخرين بعدنا نسيوا كيف تكون اللعبة ، نحن أيضا نسينا كيف نرجع أطفالاً في صخب هذه المدن و احتضار البيانولا كفكرة وكل ما يشبهها .

لكي تصبح هذه المدن بشرية لا يستوقفها إحتكار بدلة أنيقة متعصبة ، عليها أن تستعيد البيانولا من جديد ، تستعيد ذاكرتها ، خيالها و عواطفها …تستعيد صلاح جاهين و سيد مكاوي و تغني : ” أنا قلبي مزيكا بمفاتيح من لمسة يغنيلك تفاريح “.

أريج عبدالرزاق الفرج



#أريج_عبدالرزاق_الفرج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أريج عبدالرزاق الفرج - بيانولا في المدينة ..!