جريس الهامس
الحوار المتمدن-العدد: 4565 - 2014 / 9 / 5 - 22:05
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
نص تاريخي هام كتب باللغة اليونانية التي كانت سائدة مع السريانية في المشرق العربي كله ومصر وغيرها قبل الإسلام ... وجد عند مدخل حمامات الحمة السورية المعدنية الواقعة في وادي اليرموك الذي يصب في بحيرة طبريا - التي كانت تسمى الإنجيل ( بحر الجليل ) في فلسطين المحتلة اليوم ..
,وتقع الحمامات في الزاوية الجنوبية لجولاننا المحتل ,, وهي من أهم المنتجعات الشتوية في العهد القديم والحديث بناها الرومان , وجدِّدَت في عهد معاوبة بن أبي سفيان مؤسس الدولة الأموية ,, بعد تهدمها نتيجة زلزال ضرب المنطقة ..
ويحفظ التجديد لمعاوية نصُُمحفور عند مدخل الحمامات باللغة اليونانية ..لايزال قائماً في مدخل الحمة حتى اليوم ... وهذه ترجمته الحرفية التي تركها لنا صديق الفيسبوك السيد ( تيسير خلف )بتاريخ 1/ 2 / 2014 تحت عنوان " المسيحيون في دولة الأمويين " :
( في أيام عبدالله معاوية أمير المؤمنين .. تمت إعادة بناء الحمامات الساخنة لينتفع بها الناس , بواسطة الحاكم عبدالله بن أبي هاشم, في الخامس من شهر كانون الأول , في اليوم الثاني من الأسبوع في السنة 6 من توليه الحكم , في العام 42 لتاريخ العرب ( أي الهجري ) والعام 663 م ميلادية – لشفاء المرضى . برعاية عامل الجدار ( أي البنّاء ) - يواّنّس – ( أو يوهانس أي يوحنا , أو يحيى عند المسلمين ) إنتهى . )
لذلك لابد من التعليق والشرح حول هذا النص التاريخي الهام الذي بقي من حسن الحظ سليماً , وبعيداً عن عبث الأصوليين الإسلاميين , والإخباريين العرب مزوري التاريخ ووقائعه والمخربين لمعالمه حسب أهوائهم وأهواء السلاطين الطغاة , المستهترين بالحضارة الإنسانية ..
وقد تأخر التعليق على هذا الحدث الهام حتى اليوم لأن جرائم النظام الأسدي القاتل المتلاحقة لم تتح لنا فسحة للراحة, سوى كتابة الضروري من التعليقات اليومية والرد على رسائل الأصدقاء والصديقات ومتابعة ماحل بشعبنا ووطننا من مجازر وكوارث على يد عصابة صهاينة القرداحة ...
..وهاقد عزمنا على نبش ماخفي أوشوّه من تاريخنا على أيدي ( الإخباريين العرب ) الذين كتبوا التاريخ لاكماهو ..بل كما يريدونه أن يكون خدمة لجيوبهم وعطاءات خلفاء و سلاطين الإستبداد في زمانهم ) ونحلل النص وبعض ما قيل حوله ...
1 – إستغرب البعض إفتتاح النص بإشارة الصليب , وليس بالبسملة الإسلامية , علماً أنهم يعلمون أن كاتب نص اللوحة يوهانس مسيحي و يمكن أن يكون من سكان البلاد يونانياً أو أرمنياً .. ويعزون ذلك إلى الحرية الدينية التي منحها معاوية للمسيحيين سكان البلاد الأصليين ليعمموا ذلك على الإسلام كله وفي عهود كل الخلفاء ( حتى خلافة مجرمي داعش صناعة البترودولار ) اليوم .وهذا تزوير فاضح للتاريخ والواقع لذلك أقول :
من الطبيعي أن يكون معاوية متحرراً من الأصولية الدينية وهو المثقف وإبن سيد قريش ( أبوسفيان ) الذي رفض دخول الإسلام حتى اّخر حياته .. رغم أن محمد بعد إحتلاله لمكة ( فتح مكة كما يقولون ) أعلن : ( من دخل بيت أبي سفيان فهو اّمن ) ..
ورجّح الدكتور جواد علي في موسوعته ( المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ) أن أبا سفيان كان يتبع مذهب أهل الحيرة في جنوب العراق -- ومذهب أهل الحيرة . وكانت المسيحية النسطورية التي كان من أتباعها في مكة المطران " ورقة بن نوفل " عم السيدة خديجة زوجة محمد التي لم يتزوج غيرها طيلة حياتها ؟؟؟؟( علماً أن تعدد الزوجات كان سائداً في مكة والمدينة وكل الجزيرة باستثناء المسيحيين الملتزمين بزوجة واحدة حتى اليوم ؟؟؟,)
ومن النساطرة في مكة أيضاً الذين كانوا مقربين لمحمد -- الراهب " بحيرا " صديق محمد الذي يعتفد البعض أنه كان في بصرى الشام .. بينما أ كد الدكتور " كامل النجار " في دراساته الأكاديمية على منبر " الحوار المتمدن "" أن الراهب النسطوري " بحيرا" كان في مكة في زمن نبوة محمد ,,ونلاحظ الاّية التالية التي أعلنها محمد في القراّن في سورة – فصِّلت – ( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي ) فهي من المذهب النسطوري الذي كان يرفض ألوهية المسيح - وكان هذا المذهب منتشراً في العراق ومكة ..
لذلك لم يفرض معاوية على سكان جنوب الجولان وولاية " جدارا " الأردنية التي تقع الحمة تحت سلطتها أي شعار إسلامي لأ نهم كانوا مسيحيين يعاقبة على ( مذهب الطبيعة الواحدة ) كما تشير وثائق أديرة العرب السريانية ومنها دير أرثوذوكسي للغساسنة في تل جدارا – يطلق عليه حتى اليوم : تل الدير ..
كما أضيف إن زوجة معاوية _ أم يزيد – كانت مسيحية , وهي الشاعرة السيدة ( ميسون بنت بحدل الكلبية – تاريخ الخلفاء – للسيوطي ص – 242 ) من قبيلة كلب الشهيرة في تاريخ بلاد الشام وهي من كبريات القبائل العربية المسيحية في بلاد الشام وسكنت هذه القبيلة جبل " سنير # ( أي القلمون حالياً ) في صيدنايا وتلفيتا والمنطقة كما جاء في معجم البلدان للواقدي -- كما أذكر وهي من القبايل الكبرى , مع تغلب , وطي , وبكر وائل , وغسان وربيعة وكندة والمناذرة و الأنباط ولخم وتميم وغيرها ..وكانت كلمة عرب وعربي تطلق على سكان البادية على هذه القبائل وكان قسمهم الأكبرمن الرحّل في البادية وكان لهم رهبان يتنقلون معهم في البوادي والقسم الاّخر سكن المدن وشكلوا عدة ممالك شهيرة منها الحيرة في العراق وغسان وتدمر وكندة والأنباط , ومملكة ماوية في دمشق وغيرها ,كل هذه الممالك بنتها القبائل التي هاجرت إلى بلاد الشام منذ القرن الأول والثاني والثالث للميلاد من غزة والبتراء إلى الخليج إلى تدمر و دمشق وبصرى والحيرة إلى نصيبين و الرها ( أورفة اليوم) شمالاً في جنوب تركيا ..
وميسون سيدة العرش الأموي الأولى هي القائلة :
ولبسُ عباءةٍ وتَقَرُ عيني .......... أحَبُ إليّ من لبسِ الشُفوفِ
كما كان شاعر البلاط الأموي ( الأخطل التغلبي ) طلب منه معاوية الأسلمة فأجابه :
_ أنا مسلمُُ في مسيحيتي – ومثله كان جواب -- سرجون بن منصور – المرجح أنه تغلبي الذي إستلم وزارة المالية ةتنظيم إدارة الدولة ودواوين الجند وهو والد منصور بن سرجون الفيلسوف الملقب ب ( يوحنا الدمشفي )المدرس والمربي الأول لأبناء الطبقة الحاكمة الجديدة كما سنرى ؟؟؟
وفي معركتي اليرموك في بلاد الشام والقادسية في العراق الحاسمتين لم يرفع شعار الإسلام والنبوة الجديدة ,, لذلك إنضم مسيحيو الشام والعراق وقبائلها سكان البلاد الأصليين لجيوش الغزو الجنوبي ليتحرروا من إستبداد وإضطهاد الفرس والبيزنطيين ..وهم الذين حققوا نصر اليرموك والقادسية وهم الذين فتلوا الحّراس الأجانب ( البيزنطيين - والفرس ) وفتحوا أبواب المدن لغزاة الجنوب الذين أعلنوا أنهم أبناء عمومتهم – وحقّ لهم أن يطالبوا أبي عبيدة بن الجراح القائد العام بحقهم في الفيء ( أي خمس الغنائم ) كبقية المحاربين فلبى طلبهم بعد النصر كما رأينا في فتوح الشام للواقدي وغيره كما شرحنا هذا الموضوع عدة مرات ..
2 -- كما نلاحظ في هذ االنص أن الكاتب أورد إسم معاوية دون لقب " خليفة المسلمين "
ورد كما يلي : " عبد الله معاوية أمير المؤمنين "
وهذا اللقب يشمل جميع المواطنين أياً كانت معتقداتهم الدينية وهو الأفضل في تلك الأيام لأنه ليس حاكم المسلمين وحدهم خصوصاً أنالسكان المحليين رفضوا الدخول في الإسلام طوعاً وبلإراجتهم الحرة في جميع العهود .
لكن هذا لاينسحب على جميع خلفاء بنس أمية ..
ومن مراجعة " تاريخ الخلفاء" للسيوطي . و " مروج الذهب للمسعودي " و -- مختصر تاريخ دمشق لإبن عساكر – نجد أن معظم النصوص تحمل لقب " خليفة المسلمبن " كما حمل عبد الملك بن مروان ’ لقب ملك .... كما بقيت الجزية ومواد " العهدة العمرية – صك العبودية الأول لسكان المشرق الوطنيين ..التي تضع سكان البلاد الأصليين في المرتبة العاشرة من المواطنة سارية المفعول ..تطبق حسب أهواء الحاكم المطلق ومزاج هذا الطاغية أو ذاك ... دون أية قواعد أو ضوابط .ولم يجر} أي حاكم على إلغائها رسمياً..حتى سقوط الدولة العثمانية عام 1918 بعد الحرب العالمية الأولى ..وإعلان مملكة فيصل واستقلال سورية الأول ....
3 – المعروف عن معاوية أنه كان متعلماً يتقن اللغة السريانية ورجل دولة لذلك إتحذه محمد كاتباً له في أواخر حياته بعد كاتبه الأول / زيدبن ثابت / ..
وصفه الإمام السيوطي في كتابه الخلفاء بما يلي : ( كان معاوية رجلاً طويلاً جميلاً مهيباً , وكان عمر ينظر إليه ويقول : هذا كسرى العرب . وكان مشهوراً بالحلم والذكاء . وعن إبن أبي شيبة والطبراني قال معاوية : مازلت أطمع في الخلافة منذ قال لي رسول الله :: يا معاوية إذا حكمتَ فأحسن -– ص 231 )
وقال إبن عساكر :
( لما بعث أبو بكر الجيوش إلى الشام , سار معاوية مع أخيه بزيد بن أبي سفيان , فلما مات يزيد إستخلفه على دمشق , فأقرّه عمر , ثم أقرّه عثمان وجمع له الشام كله .. فأقام أميراً عشرين سنة –وخليفة عشرين سنة ,, ودفن بين باب الجابية والباب الصغسر في دمشق ,, وفيل أنه عاش 77سنة -- مختصر تاريخ دمشق- 25 / 60 – وتاريخ الخلفاء ص 234 – ولم يعترف معاوية بخلافة علي – قبل معركة صفين ولا بعدها ....- يتبع
5 / 9 لاهاي
#جريس_الهامس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟