أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم طلبه سلكها - نظرية الطريق الثالث عند أطونى جيدنز















المزيد.....



نظرية الطريق الثالث عند أطونى جيدنز


ابراهيم طلبه سلكها

الحوار المتمدن-العدد: 4556 - 2014 / 8 / 27 - 09:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نظرية الطريق الثالث عند أنطونى جيدنز
الطريق الثالث third way يقع بين طريق الاشتراكية socialism وطريق الرأسمالية capitalism ، بين اليسار left واليمين right .. ولقد تولد مصطلح "اليسار" ومصطلح "اليمين" عن الحياة البرلمانية الفرنسية في مستهل القرن التاسع عشر ، عندما اعتاد الملكيون أو المحافظون أن يجلسوا جماعة إلي يمين رئيس الجلسة , وتجمع المصلحون الدستوريون والانقلابيون إلى يساره . وفي هذا إشارة رمزية لها دلالتها , لأن " اليسار " على وجه الإجمال يريد أن يدفع الأهداف الديمقراطية للثورة الأمريكية والثورة الفرنسية حتى تتحقق على أكملها , ويريد " اليمين " إجمالا مجتمعا أقل من ذلك ديمقراطية بدرجة كبيرة . وهذه الخطوط العريضة التى ترسم الفوارق بين هذين المصطلحين لا تكفي – بطبيعة الحال – لقياس ما في الآراء من تعقيد حتى في السياسة . وذلك لأمر واحد وهو أن الوسط الذي نقيس منه اليسار واليمين ليس نقطة محددة واضحة لأن الجذب الديمقراطي بين مثل الحرية والمساواة موجود دائما . كما أن المثل الأعلى للأمن يزيد الأمر تعقيدا .. غير أن التقسيم إلى اليسار واليمين – برغم هذا – كوسيلة للتمييز بين الجانبين قد ينفعنا وبخاصة إذا لاحظنا أن خط التقسيم منحن يمكن أن يكون دائرة كاملة فيلتقي الطرفان . ومما يلفت النظر في السنوات الأخيرة من الجمهورية الفرنسية الثالثة أن الملكيين والشيوعيين وهما في المصطلح السياسي يمين متطرف ويسار متطرف , كثيرا ما صوتوا في جانب واحد في مشكلة معينة ( 1)
ومهما يكن من أمر فإن جيدنز يحاول عبر مؤلفاته أن يجسد التعارض القائم بين " اليسار " و " اليمين " ويدعو إلى الانصراف عن الجانبين التماسا لطريق ثالث وهو يري أن الطريق الثالث وسيلة لتحقيق التقارب بين الاشتراكية أو اليسار وبين الرأسمالية أو اليمين .
وبالنسبة للاشتراكية يري جيدنز أن أصولها ترتبط بالبدايات المبكرة لتطور المجتمع الصناعي منذ حوالي منتصف القرن الثامن عشر وحتى أواخره . وقد كانت الاشتراكية في بدايتها بمثابة بناء فكري يعارض النزعة الفردية individualism في حين ظهر اهتمامها بتطوير نقد للنظام الرأسمالي في فترة لاحقة . وقبل أن تدعي لنفسها معنى محددا شديد التخصيص بقيام الاتحاد السوفيتي اختلط مصطلح الشيوعيةcommunism بشدة مع مصطلح الاشتراكية حيث سعى كل منهما إلى تأكيد أولوية الاجتماعي أو المجتمعي . ( 2)
وكانت الاشتراكية تمثل في المقام الأول موقفا فلسفيا وأخلاقيا . ولكنها أخذت قبل ماركس بوقت طويل تصطبغ بصبغة المذهب الاقتصادي economic doctrine . بيد أن ماركس هو الذي زود الاشتراكية بنظرية اقتصادية محكمة . هذا فضلا عن أنه وضع الاشتراكية في إطار تفسير شامل للتاريخ . وقد شارك الاشتراكيون جميعا ماركس موقفه السياسي , بغض النظر عن مدى حدة خلافاتهم الأخرى معه . فالاشتراكية تسعى إلى مواجهة نواحي القصور في الرأسمالية بغرض إضفاء صبغة إنسانية عليها أو الإطاحة بها تماما . وتنهض النظرية الاقتصادية للاشتراكية في فكرة مؤداها أن الرأسمالية إذا ما تركت وفقا لآلياتها , فإنها – الرأسمالية – تتسم بعدم الكفاءة الاقتصادية بسبب ميلها إلى خلق تمايزات اجتماعية وعجزها عن إعادة إنتاج نفسها على المدى الطويل . ( 3)
ولقد كانت النظرية الاقتصادية للاشتراكية تتسم دائما بالقصور وعدم الكفاءة ، من حيث تهوينها من قدرة الرأسمالية على التجديف والتكيف وزيادة الإنتاجية باضطراد . كما أخفقت الاشتراكية أيضا في فهم أهمية الأسواق باعتبارها آليات للمعلومات تزود الباعة والمشترين ببيانات أساسية . ولم تنكشف هذه النقائص إلا مع تعاظم عمليات العولمة والتغير التكنولوجي التى بدأت منذ السبعينات . فطوال الفترة من منتصف السبعينيات وقبل انهيار الاتحاد السوفيتي بزمن طويل ، أخذت الديمقراطية الاجتماعية تواجه بصورة متزايدة تحدي فلسفات السوق الحر وعلى وجه الخصوص مع نشأة التاتشرية والريجانية التى يمكن وصفها بشكل أدق بتعبير الليبرالية الجديدة . ولقد كانت فكرة تحرير السوق تبدو في فترات سابقة ، وكأنها تنتمي إلى الماضي ، إلى عصر تم تجاوزه . وهكذا عادت أفكار كان ينظر إليها الكثيرون باعتبارها خارجة عن المألوف , مثل أفكار فريدريك فون هايك friendrich von hayek - الداعية البارز للسوق الحر – ونقاد آخرين للاشتراكية من دعاة السوق الحر ، عادت فجأة لتصبح قوة يعتد بها. وقد مارست الليبرالية الجديدة قدرا ضئيلا من التأثير في أغلب دول القارة الأوربية بالقياس إلى التأثير الذي مارسته في المملكة المتحدة والولايات المتحدة واستراليا وأمريكا اللاتينية . وإن كانت فلسفات السوق الحر قد أصبحت مؤثرة في القارة الأوربية ، شأنها شأن أماكن أخرى . (4 )
وتتسم مقولات الديمقراطية الاجتماعية والليبرالية الجديدة باتساع نطاقها واشتمالها على جماعات وحركات وأحزاب ذات قناعات وتوجهات سياسية مختلفة . وتستند الليبرالية الجديدة إلى تيارين أساسيين ، أكثرهما أهمية هو التيار المحافظ ( أصل المصطلح هو اليمين الجديد ) . وقد أصبحت الليبرالية الجديدة بمثابة الرؤية الفكرية للعديد من الأحزاب المحافظة في كافة أنحاء العالم . ومع ذلك فإن ثمة نمطا هاما من التفكير يرتبط بفلسفات السوق الحر التى تتبنى ، على خلاف التوجه المحافظ ، موقفا تحرريا فيما يتعلق بالقضايا الأخلاقية والاقتصادية في نفس الوقت. فعلى العكس من المحافظين التاتشريين يميل أنصار التحرر علي سبيل المثال إلى دعم الحرية الجنسية أو عدم تجريم المخدرات . (5 )
ويقصد جيدنز بتعبير " الديمقراطية الاجتماعية " الإشارة إلى الأحزاب والجماعات الإصلاحية اليسارية الأخرى ، بما في ذلك حزب العمال البريطاني british labour party . ويري أن النظم الديمقراطية الاجتماعية تتباين فيما بينها بدرجة كبيرة ، ومع ذلك فإن الديمقراطية الاجتماعية الكلاسيكية والليبرالية الجديدة يمثلان فلسفتين سياسيتين متميزتين ويلخص جيدنز الاختلافات بينهما على النحو التالي :
أ- الديمقراطية الكلاسيكية " اليسار القديم "
تقوم على :
• التدخل الشامل للدولة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية .
• النزعة الجمعية .
• إدارة الطلب بالأسلوب الكينزي بالإضافة إلى النزعة المؤسسية.
• دور محدود للأسواق ,واقتصاد مختلط أو اشتراكي .
• نزوع قوي نحو المساواة .
• دولة رفاهية شاملة تحمي المواطنين " من المهد إلى اللحد " from cradle to grave
• مسار تحديثي تقدمي .
• وعي بيئي منخفض .
• النزعة الدولية internationalism .
• الانتماء إلى عالم ثنائي القطبية .
ب – التاتشرية أو الليبرالية الجديدة ( اليمين الجديد )
يقوم على :
- دور محدود للدولة .
- مجتمع مدني مستقل ذاتيا .
- نزعة سوقية متطرفة .
- نزعة تسلطية أخلاقية بالإضافة إلى نزعة اقتصادية فردية.
- سوق عمل حر مثل أي سوق أخر .
- القبول بعدم المساواة .
- نزعة قومية nationalism تقليدية .
- دولة الرفاه كشبكة أمان .
- مسار تحديثي تقدمي .
- وعي بيئي منخفض .
- نظرية واقعية حول النظام الدولي .
- الانتماء إلى عالم ثنائي القطبية . ( 6)
وفي ضوء هذه الاختلافات لاحظ جيدنز حرص الديمقراطية الاجتماعية الكلاسيكية على ضرورة تدخل الدولة في نظام السوق (فالدولة ملزمة بأن تتيح السلع والخدمات العامة التي لا يمكن للسوق أن يقدمها , أو لا يمكنه أن يقدمها بصورة ملائمة ) وفي حياة الأسرة ( فالمزايا التي تقدمها الدولة ذات أهمية حيوية لمساعدة الأسر المحتاجة ) . وربما كان أعلى منظر في نشأة دولة الرفاه في المملكة المتحدة كعبا هو ت . هـ . مارشالmarshall والذي قدم عرضا مفحما لهذا النموذج . وفي رأيه أن دولة الرفاهية تمثل قمة عملية تطورية طويلة لحقوق المواطنة. ( 7)
ولقد وجدت الديمقراطية الاجتماعية الكلاسيكية من الصعب عليها أن تتوافق مع الاهتمامات الإيكولوجية ecological concerns .فتأكيدها على النزعة المؤسسية ، وسعيها للتشغيل الكامل , وتأكيدها المتعاظم على دولة الرفاه جعلها غير قادرة على التعامل مع القضايا الايكولوجية بطريقة متسقة . فضلا عن أنها كانت تفتقر – من الناحية العملية – إلي نظرة كونية قوية .لقد كانت الديمقراطية الاجتماعية ذات توجه دولي , حيث كانت تسعى إلى خلق وحدة تضامنية بين الأحزاب السياسية ذات التوجهات المتشابكة , عوضا عن مجابهة مثل هذه المشكلات الكونية . ومع ذلك فقد ارتبطت بقوة نظام الثنائية القطبية حيث احتلت مركزا وسطا بين نزعة الحد الأدنى من الرفاهية الأمريكية والاقتصاد المختلط للشيوعية . (8 )
أما وجهة نظر الليبرالية الجديدة ينبع من " الحكومة الكبيرة الحجم ". فلقد عبر الأب المؤسس للنزعة المحافظة في بريطانيا ادموند برك edmund burke عن كراهيته للدولة , والتي إذا ما توسعت إلى أبعد ما يلزم لابد أن تتحول إلى العداء للحرية والاعتماد على الذات . وقد كانت النزعة المحافظة الأمريكية تكن العداء منذ أمد بعيد للحكومة المركزية . واستندت التاتشرية على هذه الأفكار , فضلا عن الشكوك الليبرالية الكلاسيكية حول دور الدولة التى نهضت على مقولات اقتصادية حول الطبيعة الأعلى تفوقا للأسواق . وترتبط أطروحة الحد الأدنى من تدخل الدولة ارتباطا وثيقا برؤية مميزة للمجتمع المدني يجب أن تتاح لها فرصة النمو والازدهار ، ولن يتحقق هذا إلا إذا امتنعت الدولة عن تعويقها . ( 9)
ولهذا يري الليبراليون الجدد أن مصدر النظام في المجتمع لا نجده ماثلا أساسا في التفكير ولا في الحساب والتخطيط العقلانيين من جانب الدولة أو أي جهة أخرى . ذلك أن المجتمع له بمعنى خاص , كيفية عضوية . بيد أن هذه الصفة وليدة تأزر عفوي غير متعمد بين أفراد كثيرين يعملون وفاء لمتطلبات دوافعهم الخاصة . وإن الأسواق التي تعمل على نحو جيد هي المثال الأول والأساسي لذلك , وهي المرتكز الرئيسي للنظام الاجتماعي العفوي. ومثل هذا النظام الاجتماعي ليس مقصورا على الساحة الاقتصادية. وتمثل نظرية النظام العفوي المصدر المباشر المقيد المنوط بالحكومة في مذاهب اليمين الجديد . إذ تقرر أن الهدف الرئيسي للحكومة ليس ( إنتاج أي خدمات أو منتجات بذاتها ليستهلكها المواطنون ) وإنما أن تراعي أن آلية تنظيم السلع والخدمات تعمل وتدار على نحو صحيح . وهنا تكون رسالة الاقتصاد التنافسي إلى الحكومة ما يلي : ابتعدوا ذلك أن تدخل الحكومة حتى وإن جاء بحافز أنبل الدوافع قابل لأن يخلق على الأقل نفوذا بيروقراطيا إن لم نقل استبدادا وطغيانا . ( 10)
ويذهب أنصار الليبرالية الجديدة إلى القول بأن من فضائل المتجمع المدني إذا ما ترك يعمل وفقا لآلياته " خلق الشخصية الصالحة , والأمانة , والإحساس بالواجب , والتضحية بالذات , والشرف , والخدمة , والانضباط , والتسامح , والاحترام , والعدل, وتنمية الذات , والثقة , والكياسة , والجلد , والشجاعة, والنزاهة , والاجتهاد , والوطنية , واحترام الآخرين , والاقتصاد والتوفير . والدولة ، وعلى الأخص دولة الرفاه ، تعمل على تدمير النظام المدني . (11 )
وإن حدود دولة الرفاه , في رأى الليبراليين الجدد , فاضحة وواضحة لكل ذي عينين . وتشوبها عيوب كثيرة من بينها أنها تفيد الأكثر ثراء دون الأقل ، وتخلق مزيجا غير مقدس من الوحوش البيروقراطية وتواكلية الرفاهwalfare dependency . ( 12) فدولة الرفاه تعد مصدر كل الشرور بذات القدر الذي كانت تمثله الرأسمالية ذات يوم في أعين اليسار الثوري . وما ينهض بعبء تقديم الرفاهية إذا ما قمنا بتفكيك دولة الرفاه هو النموذج الاقتصادى الذى يقوده السوق . فالرفاهية لا ينبغي أن تفهم على أنها منحة تقدم من الدولة بل بأنها تعظيم للتقدم الاقتصادي ، ومن ثم لمجمل الثروة من خلال السماح للأسواق بان تحقق معجزاتها. ( 13)
وهكذا استعرض جيدنز منطلقات كل من الاشتراكية والرأسمالية او اليسار واليمين ثم نجده يقدم نظريته حول الطريق الثالث فما الذي يقصده " جيدنز " بالطريق الثالث؟
يري جيدنز أن مصطلح " الطريق الثالث " ليس خلقا جديدا في حد ذاته فقد استخدمه من قبل كثيرا عبر تاريخ الديمقراطية الاجتماعية social democracy كتاب وسياسيون ذوو مشارب سياسية مختلف كل الاختلاف . (14 )
وأن عبارة " الطريق الثالث " فيما يبدو قد صيغت منذ بداية القرن ، وشاع استخدامها في أواسط الجناح اليميني في العشرينات وإن كانت أكثر استخداما في الغالب من جانب الديمقراطيين الاجتماعيين والاشتراكيين في الفترة التى أعقبت الحرب العالمية مباشرة ، قدر الديمقراطيون الاجتماعيون بوضوح تام أنهم قد اكتشفوا طريقا متميزا عن رأسمالية السوق الأمريكية ، وعن الشيوعية السوفيتية . وعند إعادة تأسيسها في سنة 1951 تحدثت الدولية الاشتراكية بصراحة عن الطريق الثالث بهذا المعنى . وبعد نحو عشرين سنة من هذا التاريخ استخدم الاقتصادي التشيكي أوتاسيك ota sik وآخرون المصطلح للإشارة إلى اشتراكية السوق. وكان الاشتراكيون الديمقراطيون السويديون في العادة أكثر الجميع ميلا إلى استخدام مصطلح الطريق الثالث بأحدث معانيه في أواخر الثمانينات بوصفه برنامجا مهمًا للتجديد وأما الاستخدام الأحدث لتعبير " الطريق الثالث " فنجده عند بيل كلنتون وتوني بلير . ( 15)
ويستخدم جيدنز مصطلح " الطريق الثالث " بوصفه تجديدا للديمقراطية الاجتماعية أو دلالة على الرؤية المعاصرة للمراجعة وإعادة التفكير التى أنجزها الديمقراطيون الاجتماعيون في أكثر من مناسبة على امتداد القرن . (16 ) أو للإشارة إلى الإطار المرجعي للتفكير وصناعة السياسات التى تهدف إلى مواءمة الديمقراطية الاجتماعية مع عالم تعرض لتغيرات جذرية خلال العقدين أو الثلاثة عقود الماضية . هو إذن " طريق ثالث " بمعنى " أنه محاولة لتجاوز كل من الديمقراطية الاجتماعية الكلاسيكية والليبرالية الجديدة "( 17)
ويري جيدنز أن ثمة قلقا يساور اليمين واليسار على حد سواء حول مجتمع " أنا أولاMe first society وما يترتب عليه من تحطيم القيم الاشتراكية والاهتمامات العامة أو تحطيم التضامن الاجتماعي ، ولكنهما يرجعان هذا القلق إلى أسباب مختلفة . فالكتاب الذين ينتمون إلى الديمقراطية الاجتماعية يبحثون عن جذور هذه المشكلة في قوى السوق متضافرة مع التأثير الأيدلوجي للتاتشريه التى تؤكد على أن الأفراد يجب أن يوفروا احتياجاتهم بأنفسهم ولا يعتمدون على الدولة . أما الليبراليون المحدثون وغيرهم من المحافظين فإنهم يبحثون السبب في التسامح الذي ظهر خلال الستينات ، والذي زرع البدايات الأولى لنوع من التحلل الأخلاقي moral decay . (18)
ويطالب جيدنز بضرورة مراجعة هذا الجدل برمته , فإطلاق كلمة " جيل أنا أولا " لوصف النزعة الفردية الجديدة ليس سوى وصف مضلل , فالنزعة الفردية لا تشير إلى عملية تحلل أخلاقي . وبدلا من النظر إلى عصرنا على أنه عصر تحلل أخلاقي فإنه من الأفضل أن ننظر إليه على أنه عصر تحول أخلاقي moral transition . ويجب عليا أن ننظر إلى أساليب جديدة لخلق التضامن بيننا . ولا يمكن أن نضمن تحقق التماسك الاجتماعي عبر فعل يأتي من أعلى تقوم به الدولة أو اللجؤ إلى التراث . إن علينا أن نؤسس حياتنا بشكل أكثر نشاطا مما كان لدى الأجيال السابقة كما أننا بحاجة إلى أن نتحمل مسئولية تبعات أفعالنا وعادات أساليب الحياة التى نتبناها . وعلينا أن نفتش عن توازن جديد بين المسئولية الفردية والجمعية اليوم . (19 )
لقد ظلت التفرقة بين "اليسار" و"اليمين" منذ أن ظهرت في نهاية القرن الثامن عشر غامضة ومستعصية على الفهم , ومع ذلك فإنها لم تختف وتشبثت باستمرار . ولقد لاحظ مؤرخ الفاشية الفرنسي زيف سيترنهل seev strenhell في تأريخ للأحزاب والجماعات السياسية التى تصف نفسها على أنها " لا يمين ولا يسار " لاحظ إلى أي مدى كان الخلاف دائما حول طبيعة الانقسام . فقد غير اليسار واليمين من معانيهما عبر الزمن . فنظرة على تطور الفكر السياسي توضح لنا أن نفس الأفكار كان ينظر إليها على أنها تنتمي إلى جناح اليسار في فترات وسياقات بعينها, كما كانت تعتبر منتمية إلى جناح اليمين في فترات وسياقات أخرى . وعلى سبيل المثال كان دعاة فلسفات السوق الحرة في القرن التاسع عشر يعتبرون في صف اليسار ، على حين يوضعون اليوم على قائمة اليمين . (20 )
ويعرض جيدنز دفاع المفكر السياسي الإيطالي نوربرتو بوبيو norberto bobbio عن استمرار التفرقة بين اليمين واليسار . فقد رأى بوبيو أن فئتا اليمين واليسار قد استمرتا في ممارسة تأثيرهما على الفكر السياسي لأن السياسة بطبيعتها خلافية. فجوهر السياسة هو الصراع بين وجهات نظر متعارضة وبين سياسات مختلفة . ويأتي اليمين واليسار من كلا الجانبين في الجسد السياسي . وبالرغم من أن معنى اليمين أو معنى اليسار يمكن أن يتغير إلا أنه لا يمكن أن يوجد شئ يظل على اليمين واليسار فى آن واحد . فالتمييز بينهما تمييز استقطابي بطبيعته . وعندما تتوازن الأحزاب أو الأيديولوجيات السياسية يشرع البعض في مناقشة جدوى التمييز بين اليسار واليمين . ولكن فى الأوقات التى يصبح فيها أحدهما من القوة بحيث يبدو وكأنه هو " اللاعب الوحيد في المدينة " فإن كلا الجانبين يكونان له مصالح في مناقشة هذه الجدوى . ويكون للطرف الأقوى مصلحة في أن يعلن – كما فعلت مارجريت تاتشر – أنه " لا يوجد بديل آخر " . ويحاول الطرف الآخر في الغالب , وطالما أن روحه العامة لم تعد شعبية ، أن يتبنى بعض آراء أعدائه وينشرها باعتبارها آراءه الخاصة . وتكون الاستراتيجية المعهودة للطرف الخاسر هي محاولة التوصل إلى " صيغة توليفية من المواقف المتعارضة بهدف إنقاذه من موقفه الخاص عن طريق النسج على منوال الموقف المعارض , ومن ثم محاولة تحييده " ويصور كل طرف نفسه على أنه يتجاوز التمييز القديم بين اليمين واليسار أو يؤلف بين عناصر من هنا وهناك لخلق توجه جديد يتسم بالحيوية. (21 )
ويري جيدنز أن العولمة قد غيرت ، جنبا إلى جنب ، مع تفكك الشيوعية , الملامح المميزة لكل من اليمين واليسار . فلم يعد هناك فى المجتمعات الصناعية يسار متطرف له صوت عال . بل هناك يمين متطرف له صوت عال ، وهو يعرف نفسه على أنه استجابة للعولمة . وهو اتجاه مشترك يجمع السياسيين من جناح اليمين من أمثال بات بيوكانن pat buchanan في الولايات المتحدة وجان ماري لوبان jean marie le pen في فرنسا وبولين هانسون pauline hanson في استراليا .. وينسحب نفس القول على شرائح اليمين الأكثر شراسة أو الأميل إلى العنف فى الولايات المتحدة التى ينظر أفرادها إلى الأمم المتحدة والحكومة الفيدرالية باعتبارهما من المؤامرات التى تحاك ضد الكيان الوطني الأمريكي . وتنحصر الموضوعات التى تستحوذ على تفكير اليمين المتطرف في موضوعات تتعلق بالحماية الاقتصادية والثقافية . (22 )
ويتوصل جيدنز إلى نتيجة مهمة لا يمكن تجاهلها مفادها أن الغرب اليوم يمر بمرحلة تحول ، وأن تغيرًا نوعيا قد حدث بالفعل. فمعظم المفكرين والنشطاء السياسيين في نطاق اليسار قد تبنوا نظرة تقدمية إلى التاريخ . فهم لم يتحالفوا فقط مع " المسيرة التقدمية للاشتراكية " وإنما تحالفوا كذلك مع تقدم العلم والتكنولوجيا. وعلى الناحية الأخرى نجد أن المحافظين قد ساورهم الشك في المخططات الفكرية الكبرى , وكانوا برجماتيين فيما يتصل بالتطور الاجتماعي وركزوا جل اهتمامهم على قضية الاستمرارية . ولكن هذه التعارضات أصبحت اليوم أقل حدة مما كانت عليه . فقد قبل كل من اليسار واليمين الطبيعة ذات الحدين للعلم والتكنولوجيا ، والتي تولد منافع عظيمة في الوقت الذي يخلق فيه مخاطر جديدة ومظاهر جديدة من القلق وعدم اليقين.( 23)
ومع اختفاء الاشتراكية كنظرية فى الإدارة الاقتصادية ، اختفي واحد من أهم خطوط الانقسام بين اليسار واليمين .... وطفا على السطح عدد من المشكلات والاحتمالات التى لم تكن واردة في المشروع اليساري أو اليميني . من بين هذه المشكلات قضايا البيئة وقضايا أخرى تتعلق بالطبيعة المتغيرة للأسرة والعمل والهوية الشخصية والثقافية . ولهذه التغيرات الجديدة يطالب جيدنز الديمقراطيين الاجتماعيين بضرورة تبنى نظرة جديدة إلى الوسطية السياسية . فقد تحركت الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية نحو الوسط لأسباب انتهازية إلى حد بعيد . حقيقة أن الوسطية السياسية في سياق اليسار واليمين لا يمكن أن تعني إلا التوفيق أي اتخاذ موقف " وسط " بين بديلين واضحين . وإذا كان كل من اليسار واليمين قد أصبح أقل شمولا وإحاطة عن ذي قبل , فإن هذا التصور يصبح غير منطقي . ومن هنا يؤكد جيدنز أن فكرة "الوسط النشط" أو "الوسط الراديكالي" يجب أن تؤخذ مأخذ الجد.(24 )
ويضع جيدنز عدة مهام على سياسة الطريق الثالث third way politics القيام بها وهي :
1- إن الهدف العام لسياسة الطريق الثالث يجب أن يكون مساعدة المواطنين على أن يشقوا طريقهم عبر الثورات الرئيسية في هذا العصر : العولمة ، والتحول في الحياة الشخصية والعلاقة بالطبيعة .
2- يجب على سياسة الطريق الثالث أن تتبنى اتجاها إيجابيا نحو العولمة ، ولكن بوصفها ظاهرة أكثر اتساعا وأبعد مدى من السوق العالمي .
3- يجب على سياسة الطريق الثالث أن تحافظ على اهتمامها المحوري بالعدالة الاجتماعية ، مع الاعتراف بأن المسائل التى تجاوزت الانقسام بين اليسار واليمين قد أصبحت أكبر عددا من ذي قبل . ويمكن للمساواة أن تتصادم مع الحرية الفردية ولكن مزيدًا من معايير المساواة سوف يؤدي في الغالب إلى توسيع مدى الحريات المتاحة أمام الأفراد . وطالما أن سياسة الطريق الثالث تخلت عن النزعة الجمعية ، فعليها أن تسعى إلى تأسيس علاقة جديدة بين الفرد والجماعة والى إعادة تعريف الحقوق والواجبات.(25 )
ويضع جيدنز مبدأين أساسين لهذه السياسة الجديدة هما :
أ- " لا حقوق دون مسؤوليات " No rights without responsibilities . فالحكومة تتحمل مجموعة متكاملة من المسئوليات تجاه مواطنيها وتجاه غيرهم بما في ذلك حماية المعرضين للخطر . ولابد أن يعمل اتساع النزعة الفردية على اتساع الالتزامات الفردية . فتعويضات البطالة ( التى تدفعها الحكومة ) يجب على سبيل المثال أن يصاحبها التزامات بالبحث الدؤوب عن عمل ، وعلى الحكومة أن تضمن أن نظم الرفاهية لا تشجع التكاسل عن البحث عن العمل . وكمبدأ أخلاقي ، فإن شعار " لا حقوق دون مسؤوليات " لا يصح أن يطبق فقط على المستفيدين من برامج الرفاهية وإنما يجب أن يطبق على كل فرد.
ب- لا سلطة دون ديمقراطية "no authority without democracy “. ففي مجتمع تفقد فيه العادات والتقاليد أهميتها ، تكون الديمقراطية الطريق الوحيد لإقامة السلطة . وإن النزعة الفردية الجديدة لا تؤدي حتما إلى تأكل السلطة , ولكنها تستلزم أن تتأسس السلطة على مبدأ الفاعلية أو المشاركة . ( 26)
ومن أهم القيم التي يجب على الطريق الثالث أن يلتزم بها:
1- المساواة .
2- حماية الجماعــات الهشـة .
3- الحـرية كاستقــلال ذاتـي .
4- لا حقــوق دون مسئوليـة .
5- لا سلطــة دون ديمقراطية .
6- التعددية العالمية ( الكونية ) .
7- النزعة الفلسفية المحافظـة . (27 )
كما يحدد جيدنز برنامج programme الطريق الثالث على النحو التالى .
1- الوسط الراديكالي .
2- الدولة الديمقراطية الجديدة ( دولة بلا أعداد )
3- مجتمع مدنى نشط .
4- الأسرة الديمقراطية .
5- الاقتصاد المختلط الجديد .
6- المساواة كأداة للاستيعاب .
7- الرفاهية الإيجابية .
8- دولة الاستثمار الاجتماعي .
9- الأمة الكونية .
10- الديمقراطية الكونية .( 28)
وفي شرحه لسياسة الطريق الثالث بأهدافه وقيمه وبرنامجه رأى جيدنز أن الليبراليين الجدد يريدون أن يتقلص دور الدولة . كما كان الديمقراطيون الاجتماعيون – تاريخيا – حريصين على توسيع هذا الدور . أما الطريق الثالث فيرى أن المطلوب بشكل ضروري هو أن نعيد بناء الدولة ، فنتجاوز ما يقوله أهل اليمين بأن الحكومة هي العدو " ونتجاوز كذلك ما يقوله أهل اليسار من أن " الحكومة هي الحل " .(29 )
ويضع جيدنز عدة أسس فعالة لإعادة بناء الدولة يجب الالتزام بها وهي :
1 - يجب على الدولة أن تستجيب بنائيًا للعولمة . فلكي تكون الديمقراطية أكثر ديمقراطية يجب أولا وقبل كل شئ التحول نحو اللامركزية ، ولكن ليس بوصفها عملية ذات اتجاه واحد . فالعولمة تخلق منطقا ودوافع قوية لدفع القوة إلى أسفل ، وكذلك دفعها إلى أعلى ومعنى ذلك أن هذه العملية لا تؤدي إلى إضعاف سلطة الدولة – الأمة ، فهذه الحركة المزدوجة وهي حركة تحول ديمقراطي مزدوجة – تمثل ظرفا لإعادة تأكيد هذه السلطة ، طالما أن هذه الحركة يمكن أن تجعل الدولة أكثر استجابة للتأثيرات التى يمكن أن تلتف حولها من كل حدب وصوب .
2- يجب على الدولة أن توسع دور المجال العام ، والذي يعني إجراء إصلاح دستوري يتجه نحو مزيد من الشفافية والانفتاح بجانب توفير ضمانات جديدة ضد الفساد .
3- يجب على الدولة التى ليس لها أعداد أن ترفع كفاءتها الإدارية وذلك للمحافظة على الشرعية أو استعادتها . ذلك أن عدم الثقة في الحكومات على كل المستويات يرجع في جانب كبير إلى كونها عاجزة وغير فعالة .
4- ضرورة وجود صور أخرى من الديمقراطية غير عمليات الاقتراع التقليدية . فالحكومات يمكنها أن تقيم علاقات أكثر مباشرة مع المواطنين ، ويمكن للمواطنين أن يقوموا بنفس الشيء وذلك من خلال " التجريب الديمقراطي " أو الديمقراطية المحلية المباشرة ، الاستفتاءات الإلكترونية ، وهيئات المحلفين من المواطنين وغير ذلك من الاحتمالات .
5- تعتمد شرعية الدولة التى ليس لها أعداد بشكل أكبر من ذي قبل على قدرتها على التعامل مع المخاطر .
6- كما أن توسيع نطاق الديمقراطية لا يمكن أن يكون محليا أو وطنيا فقط . فالدولة يجب أن تكون لها نظرة كونية . فنشر الديمقراطية إلى أعلى لا يجب أن يتوقف على المستوى الإقليمي ، ونشر الديمقراطية إلى أسفل يعنى تجديد المجتمع المدني. ( 30)
فالدولة الديمقراطية الجديدة ( الدولة بدون أعداد ) تقوم على :
- تحريك الديمقراطية إلى اسفل .
- التحول الديمقراطي المزدوج .
- تجديد المجال العام " الشفافية ".
- الكفاءة الإدارية .
- آليات الديمقراطية المباشرة .
- الحكومة كمسئولة عن إدارة المخاطر . ( 31)
وتجديد المجتمع المدني – وهو أحد مكونات سياسة الطريق الثالث – يكون عن طريق :
- الشراكة بين الحكومة والمجتمع المدني .
- تجديد الجماعة من خلال تشجيع المبادرات المحلية .
- إشراك القطاع الثالث .
- حماية المجال العام المحلي .
- منع الجريمة على النطاق المحلي .
- الأسرة الديمقراطية . ( 32)
فيجب على الدولة والمجتمع المحلي أن يعملا كشريكين يسهل كل منهما للآخر شئونه ويعمل في نفس الوقت على مراقبته . فموضوع الجماعة موضوع جوهري بالنسبة للسياسة الجديدة ، ولكن ليس كشعار فارغ مجرد , فنمو العولمة يجعل التركيز على دور الجماعة أمرا لازما وممكنا في نفس الوقت ، وذلك بسبب الضغط الذي تمارسه من أعلى . ولا يعني التركيز على دور الجماعة محاولة لبعث الصور البالية من التضامن المحلي وإنما يعني الاهتمام بالوسائل العملية للتعجيل بالمساندة المادية والاجتماعية لجماعات الجيرة والمدن والمناطق المحلية الأوسع . وليست هناك حدود دائمة بين الحكومة والمجتمع المدني . فالحكومة تحتاج تبعا للظروف – إلى أن تتغلغل في نطاق المجتمع المدني وتحتاج فى أحيان أخرى إلى الابتعاد عنه . وعندما تنسحب الحكومة من الانخراط المباشر فإن مواردها تظل ضرورية لتدعيم الأنشطة التى تضطلع بها الجماعات المحلية ، خاصة فى المناطق الأفقر . وفي المجتمعات المحلية الأشد فقرا يمكن أن تحقق المبادات والمشاركة أفضل النتائج الممكنة . (33 )
وتدعو سياسات الطريق الثالث إلى اقتصاد مختلط من نوع جديد . ولذلك يري جيدنز أن هناك شكلان معروفان من الاقتصاد المختلط القديم . ينطوي أحدهما على الفصل بين الدولة والقطاع الخاص مع احتفاظ القطاع العام بنصيب كبير من الصناعة تحت سيطرته . أما الآخر فكان وما يزال يسمي بالسوق الاجتماعي . وفي كلا الشكلين تظل الأسواق خاضعة للسيطرة الحكومية إلى حد بعيد . ولكن الاقتصاد المختلط الجديد يسعى بدلا من ذلك إلى تحقيق التعاون بين القطاعين العام والخاص وذلك باستخدام آليات السوق مع وضع المصلحة العامة نصب عينيه . وينطوي ذلك على إيجاد توازن بين السيطرة واللاسيطرة على المستوى العابر للقوميات وعلى كل من المستوى القومي والمحلي وتوازن بين الجوانب الاقتصادية وللاقتصادية في حياة المجتمع . ويحظى ثاني هذين البعدين على الأقل بذلك القدر من الأهمية التى يتمتع بها الأول مع انه يتحقق جزئيا من خلال البعد الأول . ( 34)
وإذا كانت قضية دولة الرفاه قد استقطبت كلا من اليمين واليسار بصورة أكثر عمقا ووضوحا ما بين شجب اليمين لها ودعم اليسار إياها . فإن جيدنز يري أن الإقرار بالطابع الإشكالى لتاريخ دولة الرفاة يفرض على سياسات الطريق الثالث أن تتقبل بعض الانتقادات التى يوجهها اليمين للدولة . فالدولة غير ديمقراطية بالضرورة ، حيث إنها تعتمد فعليا على نظام يتدرج من أعلى إلى اسفل لتوزيع المنافع . كما أن القوة الدافعة لها هي الحماية والرعاية ولكنها لا تتيح مساحة كافية للحرية الشخصية فضلا عن ذلك , فان بعض أشكال مؤسسة الرفاه تتسم بالبيروقراطية وعدم الكفاءة وتشعر المتعامل معها بالاغتراب , كما أن منافع الرفاهية يمكن أن تخلق نتائج معاكسة من شأنها أن تقوض الأهداف التى أنشئت لتحقيقها . ومع ذلك فإن سياسات الطريق الثالث ترى أن هذه المشكلة لا تعني التخلص من دولة الرفاه بل تعدها جانبا من الأسباب الداعية إلى إعادة بنائها . ويري جيدنز أن إعادة بناء دولة الرفاه يجب أن يسير جانبا إلى جنب مع برنامج التطوير الفعال للمجتمع المدني . ( 35)
الهوامش
1 - كرين برنتن : مرجع سابق ص ص 565 - 566
2 - giddens , anthony : the third way , the renewal of social democacy , polity press , 1999 , p- 3
توجد ترجمة رائعة لهذا الكتاب تحت عنوان " الطريق الثالث ، تجديد الديمقراطية الاجتماعية " قام بها د/ احمد زايد , د/ محمد محي الدين ، مراجعة وتقديم د / محمد الجوهري صادرة عن المجلس الأعلى للثقافة المشروع القومي للترجمة وقد اعتمدنا عليها فى كتابه هذا الفصل ويمكن مراجعة هذه الترجمة ص ص 33 - 122
3- Ibid , p - 3
4 - Ibid , pp - 4 -5
5- Ibid , pp - 5-6
6- Ibid , pp - 6 -8
7- Ibid , pp - 8 -9
8 - Ibid , pp - 10 -11
9 - Ibid , pp - 11 -12
10 - giddens,anthony : beyond left and right , pp - 34 -35
11 - giddens,anthony :the third way , p - 12
12- giddens,anthony : beyond left and right , pp - 35 -36
13 - giddens,anthony :the third way , p - 13
14 - Ibid , p - vii
15- Ibid , p - 25
16 - Ibid , p - vii
17- Ibid , p - 26
18- Ibid , p -35
-19 Ibid , pp - 35 - 36
20 - Ibid , p 37 -38
21- Ibid , pp 38 - 39
22 - Ibid , p - 42
23- Ibid , p -43
24- Ibid , pp 43 -44
25 - Ibid , pp 64 -65
26- Ibid , pp 65 – 66
27- loc - cit
28- Ibid , p-70
29- Ibid , pp 70 -71
30- Ibid , pp 72 - 76
31 - Ibid , p- 77
32- Ibid , p- 79
33- Ibid , pp - 79 -80
34- Ibid , p-100
35 - Ibid , p p - 111 -118



#ابراهيم_طلبه_سلكها (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية الفعل عند حنه ارندت


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم طلبه سلكها - نظرية الطريق الثالث عند أطونى جيدنز