حنان علي
الحوار المتمدن-العدد: 4551 - 2014 / 8 / 22 - 23:25
المحور:
الادب والفن
بالأمس كتبتُ إليكم أن لا تحلموا وتعيشوا الحلم , واليوم أكتب وأعترف لكم أنا عندي حلم , يختلج روحي وسكن بالعمق , لا ينفك عني كما يعقوب لم ينفك عن ذكر يوسف , ولد هذا الحلم من رحم النفس وعانى من ولادات متكررة عسيرة جدًا حتى كاد أن يُقتل , لكنه صمد وقال لا أحد غيركِ يحملني ويلدني حيُّ أرزق , وأصاب في قوله وولد لهذه الحياة وتنفس بعد أن نغمس بأوهام الإنسان , هو حلمٌ صغير وكبير بالوقت نفسه , سهلٌ لكنه صعب المنال , عاش بين ضلوعي موازي لنبضات قلبي وخالط دمي ومشى معه حتى تشابك مع خلايا جسدي , أشعر به تخللني وبدأ يكبر يومًا بعد يوم , كانت الأيام تلهني عنه وتشغلني قليلًا فلا أفكر فيه لكنه يصر بالعودة لأفكار ويصرح أنا حلمكِ فلا تغيبي عني , وأعود إليه حاملة به أينما أذهب أينما أجلس , لازمني العمر كله .
حلمٌ هو فهل أراه يتحقق ؟ هذا هو السؤال الذي يلح عليّ الآن ويجول بين طيات عقلي , إنّ بني الإنسان خُلقوا في ازدواجية الروح والجسد , فالجسد الشيء الملموس الكائن أما الروح فهي من تحلم و تبصر وترى أشياء لا يراها الجسد , تبلغ الجبال طولا وتخرق الأرض عرضا , تسافر حُيث شاءت وتحط رحالها أنى شاءت , تجعلنا في مهب الريح تارة وتغير أنفسنا تارة أخرى , عندي روح وعندي حلم وعندي جسد يرضخًا تحت وطء القدر , فهل أنهي الجسد حتى ترحل الروح وتحقق الحلم ؟
هذا ما أعجز عنه وأهرب منه , لأن حلمي بالله أكبر هو أقرب من الروح للجسد , لربّما تعسرت ولادة حلمي لكنه وُلد ورأيته ضاحكًا أمامي ومن بين يدي غادرني , ألهمني الكثير من الجمال في الروح والنقاء في الجسد , بالرغم من كثرة الحنين له فهو حلم حياتي . إذ أن حياتنا تُبنى على الأفكار بالحلم الصغير ثم ما لبث أن يكبر ويصبح رشيد في حياة الوجود , فالبعض منه يتحقق والآخر يغادر إلى الفناء بلا حدود , أحلامنا هي أنفسنا وأفكارنا اعترافات صامتة عن خلجاتنا الواقعية واللاواقعية , أرى بعيني أن حلمي لم يعيش طولًا لكنه لازمني كثيرًا .
عندي أمل بحلمي الذي غدا حقيقًا تُرى أنّ يبلغ المدى ويصل للشمس وينشر الضياء ويهطل مع المطر ليسقي الخير على أرضٍ عانت الوجع وكادت أن تموت جفافًا , فيا روحًا أسكني في جسدي ولا ترحلي حتى أصل بكِ المدى وأعبر الأفق وحقق الحلم .
#حنان_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟