أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الجهل، الحصان الرابح













المزيد.....

الجهل، الحصان الرابح


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4548 - 2014 / 8 / 19 - 08:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


“أمّة جاهلة، أسلسُ قيادةً من أمة متعلمة.” عبارة خبيثة قاتلة قالها الخديوي سعيد، وهو يغلق المدارس العليا والكليّات التي أنشأها والده المستنير محمد علي باشا. وتعلّمها من بعده الفاشيون من الرؤساء العرب، ممن أرادوا ضمان بقائهم على كراسيهم بتجهيل شعوبهم. فحين خصص الرئيس التونسي المستنير الحبيب بورقيبة خوالي 50٪-;- من ميزانية الدولة للتعليم، انتعش الشعبُ التونسي ونهض، فأراد تعميم ذلك في الوطن العربي. لكنه حين نصح صديقه الرئيس الليبي معمر القذافي ليحذو حذوه ويعلّم الشعب الليبي، كان رد القذافي: “:قيادة شعب جاهل أسهل من قيادة شعب متعلم مستنير، قد يقوم بثورة ضد حاكمه”. فأجابه بورقيبة: “ثورة المثقفين تعزلك، أما ثورة الجهلاء، فتذبحك.”
كارت "الجهل"، وكارت "الفقر"، هما الكارتان اللذان وصل بهما الإخوان للحكم في مصر، لكنني أهتم (من الهمّ وليس من الاهتمام وحسب) بكارت الجهل، لأن الجهل يجلب الفقرَ ويجلب المرضَ ويجلب الفوضى، ويجلب الفساد، ويجلب الطائفية، ويجلب الاتجار باسم الله، ويجلب الاتجار بالدين، ويجلب الفتاوى الشاذة المخجلة التي يطلقها بعض المتنطعين على موائد الدين، ويجلب السذّج الغافلين الذين يصدقون تلك الفتاوى.
نظرة واحدة لمسلسلات رمضان هذا العام تخبرنا بأن الجهل هو سيد الموقف في مصر، وهو الحصان الرابح الذي يمتشق صهوته الطامعون اللصوص في كل الدنيا.
الجهل هو البطل الأول في مسلسل "السبع وصايا" الذي جعل سيدة ماكرة اسمها "أوسة" تستغل جهل سبعة أشقاء ليقتلوا ويسرقوا ويزنوا ويرتكبوا الخطايا باسم أحد الأولياء الصالحين الذين صنعته تلك الماكرةُ أيضًا بجهل الناس وغيبتهم وتشوفهم وتشوقهم إلى "صناعة" وليّ. فجعلوا من "السيد نفيسة" وهو أحد الفاسقين الفاسدين، وليًّا مبروكًا يزور ضريحَه البسطاءُ ويدفعون لصندوق نذوره من أعوازهم الضئيلة، لتجمع أوسة هذا المال، وتسرق ميراثه الضخم بعدما تقتل أبناءه بأيديهم هم، لا بيدها! والجهل هو الذي جعل من محتالة نصابة سيدة مبروك من أولياء الله يحج إليها الناس لتقضي لهم حوائجهم، وهي غير قادرة على نفع نفسها، كما شهدنا في مسلسل "تفاحة آدم".
تاجر الدين، يشتري صوتَ الجاهل بترويج الأكاذيب واستغلال أُميّته الدينية والأبجدية. لهذا، إن وصل ذلك التاجر للحكم، سيبذل وسعَه لكي يظلَّ الجاهلُ جاهلاً غافلاً، حتى يشتري صوتَه مرّةً ومرّات. لن يبني له مدرسةً لكي يتخلّص من أميّته، ولا جامعة ليتعلّم ويفهم كيف يدور العالم من حوله، ولا مكتبةً ليتثقف ويبني دماغه ويمتلك قرار وإرادته، ولن يجلب له علماء دين ثقاةً محترمين لكي يخطبوا في المساجد فيمحون الجهل الدينيّ ويستبدلون به نورًا وتنويرًا. الفاشيون يرومون أن يظلّ البسطاءُ على حالهم من بساطة الوعي، لكي يخدعوهم مرة بعد مرة زاعمين أنهم أولو التُّقى وممثلو الإسلام ومطبقو شرع الله في الأرض. وهذا ما فعله الإخوان حرفيًّا في رابعة والنهضة حين صرخوا على المنصة: "مرسي عائد والإسلام عائد، فاحملوا الأكفان وهلمّوا للشهادة"! فكانت المغالطة التي تحمل أكذوبتين: أولاً: أن "مرسي" هو "الإسلام"، وثانيًا: أن الإسلام لم يدخل مصرَ إلا في عهد مرسي التعس، وبعد سقوطه، هرب الإسلامُ من مصر! فأجبر الآباءُ أطفالهم على حمل الأكفان! وهنا نتذكر في أسًى حكمة فيلسوف الإسلام أبو الوليد بن رشد: "إذا أردتَ أن تتحكّم في جاهل، عليك أن تغلّف كلَّ باطل بغلاف ديني." بئس قوم يبنون سلطانهم الواهن بجهل البسطاء.

-;- ***
قصيدة “مصوغات”| من ديوان "اسمي ليس صعبًا” | فاطمة ناعوت | دار “الدار” 2007



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- داعش أم دولة الإسلام أم عمعيص؟
- اقتلوهما كما قتلتم ابن رشد
- من أرض مشروع القناة
- من ينقذ كردستان الجميلة؟
- تكبيرات داعش
- دافنينو سوا تحت الوصايا السبع
- الخوف من جائزة جبران
- انتفضوا للأقرع، وباركوا داعش!
- باليرينا في سجن النساء
- تكفيريون في ثوب الميري
- القتل أرحم فظاعات داعش
- هل ندرس عملية الفرافرة؟
- سجينات الفقر
- أيها الشيطان، قرّ عينًا
- الدراما، آمرةٌ أمّارةٌ، أم مرآة؟
- ميرفت التلاوي، جبلُ الكريستال
- أستاذية العالم الداعشية
- لما كنا صغيرين
- سرقوا التلاجة يا محمد
- دريّة شرف الدين.. شكرًا


المزيد.....




- البندورة الحمرة.. أضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سا ...
- هنري علاق.. يهودي فرنسي دافع عن الجزائر وعُذّب من أجلها
- قطر: تم الاتفاق على إطلاق سراح أربيل يهود قبل الجمعة
- الفاتيكان يحذر من -ظل الشر-
- عاجل | مصادر للجزيرة: الشرطة الإسرائيلية تعتقل الشيخ رائد صل ...
- الفاتيكان يدعو لمراقبة الذكاء الاصطناعي ويحذر من -ظلاله الشر ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى ودعوات لتكثيف الرباط بالمسجد ...
- قائد الثورة الاسلامية: لنتحلّ باليقظة من نواجه ومع من نتعامل ...
- قائد الثورة الاسلامية: العالم يشهد اليوم المراحل الثلاثة للا ...
- قائد الثورة الاسلامية: المقاومة التي انطلقت من ايران نفحة من ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الجهل، الحصان الرابح