أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلال حسن - الموصل بلا قدّاس














المزيد.....

الموصل بلا قدّاس


جلال حسن

الحوار المتمدن-العدد: 4545 - 2014 / 8 / 16 - 10:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الموصل بلا قدّاس
جلال حسن

لم أحزن على حرق مكتبتي بمخطوطاتها النادرة في شارع المتنبي عام 2007 حينما فجرها انتحاري، مثلما أحزن اليوم على تهجير المسيحيين من الموصل، كأني أطرد من بيتي بلا سبب يقنع حتى طفل، أطرد من بيتي وذكرياتي وأصدقائي والدار الذي أحبها وجيراني وحديقتي وأفراحي وأحزاني ومواعيدي ومدرستي ودائرتي وعنواني. لا أتصور ما يحدث كأني في حلم على واقع يفـر مني ويئن نحو غربة أجرجر عليها اقدامي في مجهول يخبئ كارثة تقص على غرباء قساة القلوب.
لا أحد يقدر معنى التهجير غير الطرقات البعيدة التي تزرع الشكوى في الغياب، ولا أحد يسمع الأنين غير تراتيل صامتة وقدّاس في صومعة قاسية الضرب على شغاف عذوبة الأفئدة،
التهجير نزع الروح من الجسد، وقتل البسمة في زمجرة الدهر، هكذا أرى توديع نفسي وتوديع بابنا الخشبي وسياج الحديقة والدار ومحل الزهور وبيت حبيبتي.
أودع جاري وأذرف دمعي على ما تبقى من حنين صوب منفى لا أعرف شكله في ديار تلفظ اسمي في مسمى "مهجر" هو أنا وسط التلظي بحسرتي وآهاتي. ليس لي ذنب بالذي يجري ولدت من أم مسيحية وأب آرامي وصار أخوتي يحملون اسمي وأخوات يبكينّ فقدي، ليس ليّ علاقة بالذي يجري كل ما في الأمر ولدت من أبوين عراقيين في شهادة الميلاد وسماء فيها رب يحمي الضعفاء.
ليس ليّ علاقة بالأديان غير ما مدون في هويتي وحب الآخرين أسمى ما تعلمته من أبونا الذي يسكن قلبي. لهذا أحن الى ما عرفته في السماء لأنه منقذ الضعفاء والمساكين والمؤمنين به من الشر. سأشد الرحال مثل دمعة تسيل، وتنشف قبل وصولها الى الخذ، أية ملوحة فيك يا وطني أية عذوبة وأنت تطردني. سأودع عتبة الدار والمواويل وكل الأغاني التي غادرتني.
قلت: سوف لا ألتفت الى الوراء في وداعي الأخير للمدينة خشية من دموع أمي، ودموع أختي التي نستْ لعبتها على سطح الجيران.
لهذا لم ألتفت، ولكن هاجس أصابني على دراجتي الهوائية حين كنت أطير بها الى السوق وأشتري ورداً وشموعاً للسيدة العذراء وأيقونات تنير الطريق. كان يمكن أن أموت لكن أمي سحبتني بكل حنانها ولثمتني بدموعها النازفة أكثر من وجعي.
حزين على حرق الكنائس القديمة، وحزين على نسيان "البوم" تصاويري وذكرياتي وما قاله العاشق لحبيته في تخوم السهل.
أيها الرب يا صانع الحب والمعجزات وهذه الأرض والسماء صرت أخجل من النظر اليك والحال على الصليب ينوء من ثقل الأحزان وكل هذه الدموع النازلات والفراق ونحيب الوجع وكل هذه العذابات.



#جلال_حسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزين جداً يا وطن
- الكتاب في مواجهة السلطة الدكتاتورية


المزيد.....




- رقصت بالعكاز.. تفاعل مع إصرار هبة الدري على مواصلة عرض مسرحي ...
- هل باتت فرنسا والجزائر على الطريق الصحيح لاستعادة دفء العلاق ...
- الجزائر تعلن إسقاط طائرة درون عسكرية اخترقت مجالها الجوي من ...
- من الواتساب إلى أرض الواقع.. مشاجرة بين المسؤولين العراقيين ...
- قفزة بين ناطحتي سحاب تحول ناج من زلزال تايلاند إلى بطل
- قراءة في تشكيلة الحكومة السورية الانتقالية : تحديات سياسية ...
- قناة i24 الإسرائيلية: ترامب يعتزم لقاء الشرع خلال زيارته للس ...
- إعلام أمريكي: دميترييف وويتكوف يلتقيان في البيت الأبيض
- الخارجية الألمانية تعلن إجلاء 19 مواطنا ألمانيا مع عائلاتهم ...
- الولايات المتحدة توسع قوائم عقوباتها ضد روسيا


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جلال حسن - الموصل بلا قدّاس