جعفر المظفر
الحوار المتمدن-العدد: 4540 - 2014 / 8 / 11 - 19:59
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ثمة خطر مركزي يهدد الجميع إسمه داعش, مجموعة من المخلوقات الرملية التي جاءت من عصر السيوف وحطت في عصر الفضاء لكي تلغي الزمان الممتد ما بين الكهف وما بين الإنترنيت, وهي تهدد كل ما هو بينهما, بنفس الفكرة ونفس السكين.
الوقوف ضد هذا الخطر لا يشترط أن ينسى السياسيون خلافاتهم, ولا يعني أن علينا أن نحب هؤلاء السياسيين, أو ننسى أن السياسات الخاطئة للمالكي قد أدت إلى تفعيل وتسريع وتنشيط عوامل الخلل البنيوي في العملية السياسية. لا بل أن معركة العراقيين ضد داعش تبدأ من تحديد مواقع الضعف في الحالة العراقية, فلقد كشفت الهزيمة في نينوى أن الجدار العراقي منخور تماما, وإن بإمكان طفل لو إتكأ عليه أن يهدمه, وبدون إعادة بناء هذا الجدار على اسس متينة فإن نفاذ داعش إلى عمق بغداد يصبح ممكنا, ولن تنفع حينها المراهنة على إمكانية ان يلعب تجييش الطائفة دورا في صد هذا الخطر فلقد أثبت التاريخ ان الشعوب ليست هي الخير المطلق, وبدون قياداتها المخلصة الأمينة الخلوقة الواعية فإن الوجود الفعلي لما نسميه (الشعب) يصبح خيالا سياسيا وهذيانا نظريا .
إن الموقف من داعش مشابه إلى حد كبير مع الموقف من العدو الصهيوني. الكل يختلف مع الكل لكن لا مناص من الوقفة الواحدة ضد العدو المركزي المشترك.
قد تختلف مع حماس إلى درجة الإفتراق لكنك بكل تأكيد لن تقف مع إسرائيل ضدها.
ثمة خلافات اساسية لهذا الفصيل أو ذاك مع السياسيين الكورد, وليس ذلك بالغريب فبين جميع الأطراف هناك خلافات بينية تحتاج إلى حل حقيقي وجذري, لكننا الآن أمام ديناصور على وشك ان يبتلع الجميع, ومشكلتنا مع هذا الديناصور أنه ليس من النوع النباتي, وإنما هو من أكلة لحوم البشر, وهو يحب التكبير بإسم الله حينما تذبح الناس لا حينما يُطلق قمر صناعي, ولذا فهوسوف لن يشبع إلا إذا إلتهمنا جميعا.
داعش تعيش حالة إنبهار نتيجة الإنتصارات الكاسحة التي حققتها في الموصل وهي تستثمر قوة التعجيل لكي لا تتوقف إلا عند حدود الفاو, ربما لإستراحة تواصل بعدها القتال بإتجاه الضفة الأخرى, وهي الآن تهاجم بغداد من أربيل فإن هي إنتصرت فسوف تتعجل الوصول إلى بقية المناطق. وأربيل اليوم هي أمانة في أعناق الجميع فهي جبهة الدفاع عن كل العراق. ولا شيء سوف يطيح بفورة الإنبهار الداعشية أكثر من إنتصار البيشمركة.
في هذه اللحظات الحاسمة : إنتصار البشمركة على داعش هو الذي في مقدوره إعادة التوازن للموقف العسكري والسياسي على الأرض, وغير ذلك سيكون موقف الجميع صعبا للغاية.
#جعفر_المظفر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟