|
حذاري من الوقوع في مُستنقَع الشوفينية
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4539 - 2014 / 8 / 10 - 14:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
طالما عانى الكُرد ، من الشوفينية المقيتة .. شوفينية [ الحكومات ]التركية والعربية والفارسية ، ولقد وضعتُ الحكومات بين قوسَين ، لأنني لا أعتقد مُطلقاً ، بأن هنالك ( شعوب ) شوفينية . قد تُؤثِرُ سياسات الحكومات المُستبدة ، على قطاعات من الناس ، بحيث ينحون منحى مُتطَرِف تجاه بعض مواطنيهم ، بسبب إختلاف القومية او الدين او المذهب أو المُعتَقد ، لكن هذه المظاهِر لاتعكس حقيقة إتجاهات الرأي العام عادةً . وكمثالٍ حي وقريب على ذلك ، هو سياسة حزب البعث الذي حكمَ العراق قرابة الأربعين عاماً ، فإلى جانبِ فاشيتهِ التي طالتْ جميع فئات الشعب العراقي ، بل حتى الدول المجاورة ، فأن النهج الشوفيني تجاه الكُرد ، كان واضحاً لدى حزب البعث . وحتى ذاك الحزب ، لم يستطع ان يُقنِع جميع منتسبيهِ بأفكاره الفاشية والشوفينية ، فكان هنالك الآلاف من البعثيين غير راضين في أعماقهم عن سياسات الحزب . عدا عن طغمةٍ مُؤمِنة فعلاً بنهج البعث ، وأغلبهم من القياديين وذوي المواقع المهمة في الحزب والأجهزة الامنية القمعية . إذن لايُمكن القول ، بأن [ العرب ] في العراق شوفينيون ، ومُعادون للكُرد بصورةٍ عامة ، إذ ان ثُلّة من الشوفينيين المجرمين ، لايُمثلون مجموع العرب في العراق . ........................... من تبعات ، الوضع المأساوي الحالي في الأقليم والعراق عموماً ، أن أعداداً كبيرة من النازحين العرب ، من الأنبار وصلاح الدين وديالى والموصل وغيرها ، توجهوا الى أقليم كردستان بحثاً عن ملاذٍ آمِن . أدناه بعض الملاحظات : * الغالبية العُظمى من العرب القادمين من الرمادي والفلوجة وبغداد وغيرها " منذ حوالي السبعة أشهُر " ، هُم من المتمكنين مادياً ، ويقطنون في بيوت مُؤجَرة او شُقق او فنادق ، بل ان هنالك أعداداً مهمة من العرب جاؤوا الى الأقليم في 2003 وحتى قبل ذلك ، وأغلبهم أساتذة جامعات او أطباء ، وبقوا لحد الآن . إنضمتْ إليهم أعداد أكبر من نازحي الموصل من العرب ، في الآونة الأخيرة . الكثير من هؤلاء النازحين القُدامى والجُدُد إشتروا عقارات وبيوت ، ووضعهم طبيعي . [[ في حين ان مجالس المحافظات ، في بعض المدن الجنوبية ، ومن بينها كربلاء ، أصدرتْ تعليمات بعدم السماح للنازحين بشراء العقارات ، علماً ان النازحين الموجودين في كربلاء ، كُلهم من الشيعة ]] . * كُل العرب النازحين الى الأقليم ، مُسجَلين عند الجهات الأمنية المُختَصة ، وهذا الأمر الروتيني معمولٌ بهِ منذ سنواتٍ طويلة ، ولم يسبق ان حدثتْ أية مشاكل أمنية او إجتماعية أو غيرها ، سببها النازحين العرب . ( وإذا كان قد حصلَ شِجارٌ بسيطٌ هُنا ، أو إحتيالٌ عادي هناك ، او إحتجاجٌ مشروع .. الخ ) ، فان كُل ذلك شئٌ طبيعي ويحدث في أي مكانٍ من العالم . * من الناحية الدستورية والقانونية : ان " اللاجئ " هو أي [ أجنبي ] يدخل الى الأقليم هرباً من ظرفٍ مُعّيَن . مثل اللاجئين السوريين الكُرد . بينما " النازِح " هو أي [ عراقي ] يدخل الأقليم هرباً من العنف وبحثا عن مكانٍ آمن . اللاجئ ينبغي ان تُقام له مُخيمات . بينما النازح هو مواطن كأي مواطن في الأقليم ، يحق له الإقامة أينما كان حسب إمكانياتهِ . ومعنى ذلك : ان الكردي السوري هو لاجئٌ أجنبي ، بينما العربي العراقي سواء من الفلوجةِ او الموصل او غيرها، فهو مواطنٌ نازح . والأقليم مُلتزمٌ بالدستور في هذا الصدد . أما الإجراءات الأمنية " التي يخضع لها " العربي العراقي " الداخل الى الأقليم ، سابقاً والآن ، وربما كانتْ أحياناً مُزعجة ومُبالَغ فيها " ، في السيطرات والدوائر الأمنية .. إلا أنها ضرورية ، وهي من الأسباب التي أدتْ الى إستتباب الأمن والإستقرار في الأقليم . ................................ * نسبةٌ قليلة من الكُرد في أقليم كردستان ، إرتفعتْ أصواتهم في الأيام الماضية ( لاسيما بعد إحتلال الموصل من قبل داعش وسقوط سنجار والعديد من المدن الأخرى بيدها ) .. مُطالِبةً بِطرد العرب من الأقليم ! . مُستندين في دعوتهم الحمقاء الى : 1- ان الكثير من عَرب الموصل تعاونوا مع داعش ودعموها ، وقبل ذلك وّفروا حاضنة جيدة لهم . وطردوا الكُرد من الموصل . وان ميليشيات شيعية عربية في بغداد والوسط والجنوب ، تُهدد االكُرد وتجبرهم على ترك منازلهم . 2- ان القُرى العربية المتواجدة في مُحيط سنجار وزُمار ، رَحبتْ بهجوم داعش على سنجار ، بل شاركتْ معهم فيهِ . 3- ان العشائر العربية القريبة من سنجار وربيعة وزمار ، قامتْ بنهب بيوت النازحين الكرد الإيزيديين في سنجار ومئات القُرى التابعة لها . 4- ان العرب النازحين الى الأقليم ، يبثون دعايات في صالح داعش ، ويخلقون بلبلة متعمدة ، وأن قسماً منهم مُتصلون بداعش فعلاً ، ويوفرون لهم الأرضية للهجوم على الأقليم . 5- ان داعش تُمّثِل العرب وهدفهم هو القضاء على الكُرد ، وان العرب الموجودين في الأقليم يُؤيدون داعش . قد تكون " نسبة " ضئيلة من كُل فقرة أعلاه ، صحيحة الى حدٍ ما . ولكن " التعميم " خطأ قاتل . بالمُقابل ، يجب الإقرار بما يلي : * ان داعش ليستْ تنظيماً " عربياً " خالصاً ، بل فيهم قياديون شيشان وأفغان وباكستانيين ، بل حتى فيهم كُرداً ! . * ان هنالك المئات من العرب العراقيين المقيمين في الأقليم ، أبدوا إستعدادهم للقتال جنباً الى جنب البيشمركة ، ضد داعش .. بل ان هنالك مَنْ إشتركَ بالفعل . * ان الصِفة الغالبة على " الكتلة الكبيرة " من الناس ، سواء العرب او الكُرد ، هي المَيل الى العَيش المُشترَك والتسامُح وتقبُل الآخَر . وأن تواجُد بعض المتعصبين لدى العرب او الكُرد ، ينبغي ان يوقَف عند حّدهِ ، ولا يُسمَح له بالتمّدُد . وان موقِف حكومة الأقليم موقفٌ مُشّرِف في الحقيقة بهذه الصدد . والمثقفين الكُرد عموماً ، ينددون بِأي فعلٍ أحمق يقوم بهِ متهورون ، تجاه العرب او غيرهم في الأقليم . .............................. خمسة ملايين تقريباً ، نفوس اربيل والسليمانية ودهوك .. ومنذ سنةٍ ونصف ، إبتدأت الموجات الكبيرة من اللاجئين والنازحين ، بالقدوم الى الأقليم .. فبلغتْ اليوم أكثر من مليون وستمئة ألف لاجئ ونازح ! . في محافظة دهوك وحدها فاق عدد اللاجئين والنازحين سبعمئة ألف . انها ظروفٌ في غاية الصعوبةِ للجميع . الناس كلهم هُنا ، بدون إستثناء ، يُقدمون ما يقدرون عليهِ ، الى هؤلاء النازحين ، هذه الأيام .. لكن إذا طالتْ المُدة وإقتربنا من الخريف والشتاء ، فأننا على مشارِف كارثة إنسانية غير مسبوقة ، لأن أكثر من نصف هؤلاء يقيمون الآن في العراء ! . كيف لي أن أهنأ أو أنام .. ونازحٌ [ إنسانٌ ] جائع بقُربي .. إنسانٌ مسيحي او إيزيدي أو عربي ؟. .............................. حذاري من الوقوع في مُستنقع الشوفينية القَذِر .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أحسنُ رَدٍ كُردستاني ، على داعِش
-
العَجز عن تفسير ما يجري
-
الشعبُ مع البيشمركة ، أقوى كثيراً من داعش
-
على هامِش أحداث سنجار
-
إقترابات ، مما حصلَ في سنجار
-
سنجار .. معركة الحضارةِ ضد الهَمَجِية
-
النازحين .. وأحفادي ، هُم السبب في كُل المشاكِل
-
الفرقُ بين ( الفَرض ) و ( السُنّة )
-
جيش المالكي يُدّمِر ( المّزَة ) !
-
مَخالِب حّادة .. وقفازات من حَرير
-
الجَورَب الذهَبي
-
أيُ عِيد ؟
-
الرئيس فُؤاد معصوم
-
الى متى الهروب من الإستحقاق ؟
-
إرحموا الطالباني ، ودعوهُ في سَلام
-
أُذْنان ولسانٌ واحد
-
بدون المسيحيين ، لايكون العراقُ جميلا
-
الكُرد وإسرائيل
-
هل علينا أن نَقلَق ؟
-
حقول نفط كركوك
المزيد.....
-
إليسا تشيد بحملة هيفاء وهبي ونور عريضة في مواجهة التحرش الإل
...
-
ماذا قال أحمد الشرع في أول خطاب له كرئيس لسوريا؟
-
حماس تؤكد مقتل القائد العسكري محمد الضيف، فماذا نعرف عنه؟
-
عاصفة قوية تضرب البرتغال وسيول من رغوة بيضاء حملتها الفيضانا
...
-
ما دور الهلال الأحمر المصري في دعم غزة؟
-
أمير دولة قطر في دمشق للقاء الشرع وبحث التعاون بين البلدين
-
تدريبات قوات الحرس الوطني الخاصة
-
مصر.. وزارة الطيران المدني توضح سبب تصاعد الدخان في صالة الس
...
-
العراق يؤكد دعم مصر ويرفض مخطط تهجير الفلسطينيين
-
ترمب: نتواصل مع موسكو حول كارثة الطائرة
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|