|
العودة الى الحي
can maroc
الحوار المتمدن-العدد: 4535 - 2014 / 8 / 6 - 20:50
المحور:
الادب والفن
عاد ابن العوام الى الحي الذي ولد فيه بعد غيبة طويلة ، تجاوزت العشر سنوات او اكثر استقبله شيوخ الحي و شبابه بحفاوة بليغة ، لا احد من سكان الحي الذين استقبلوه يعرف اسباب عودته ، و لإشباع فضولهم نظموا الاستقبال ، كنت أراقب نظارتهم من بعيد ، أدركت من خلال نظرات ابن العوام ان له شوق كبير للحي الذي ولد و كبر فيه ، انه الان حقيقة قائمة ، و رغم فرحة المستقبلين به و ضجيجهم حوله ، الا ان نظراته كانت تعبر عن ثلج يجتم على قلبه ثلج تموت الحيثان من برده ، و لابد من شمس حتي تذيبه ، مضي وقتا ليس بالقصير و ابن العوم لم يلمز بكلمة واحدة في وجه من استقبلوه ، بل لم يبتسم في وجه شيخ ، بقدر ما كان يبتسم ابتسامة عارضة في وجه الشباب الذي يقتربون منه ، امر محير فعلا و يبعث على طرح اكثر من سؤال و سؤال ، لما لا يبتسيم في وجه الشيوخ ؟ لما ...لما ...؟. ان عودته هذه المرة مختلفة عما كان عليه في السابق ، حيث اختار بن العوام ان يشيد كوخا من القصدير المتهالك باحد زوايا الحي ، ليتخده مسكنا له ، الوضع الجديد ايضا يطرح الف سؤال و سؤال ؟ اولها السبب الذي يدفع ابن الاعيان و الاثرياء الى اختيار حياة البؤس ؟ . الا ان شيوخ الحي من الذين لازالت تربطهم علاقة بعائلته ، لم يترددوا في اعطاء الاجوبة عن الوضع الجديد الذي اختاره ، اذا شرعوا يروجون في الحي انه تحث تأثير عمل شيطاني بتحالف مع احد النسوة اللواتي كان يخرج معهن حين كان إطارا بأحد المكاتب الوطنية ، تبرير ارد منه شيوخ الحي جعل شبابه ينفرون من ابن العوام و لا يقتبرون منه ، ثرى من يخدم إفشاء مثل هذا الامر بين شباب الحي ، أكيد انه يخدم عائلة ابن العوامل الإقطاعية أولا ثم من الأخر سيستفيد من عزل ابن العوام عن شباب الحي ؟ سؤال محير فعلا كم من ظلم تعاني منه كل من المرأة و الشيطان في مجتمعنا ـ انهما متهمان دائما و علي حد قول المثل المغربي " طحت الصمعة علقوا الحجم " و لا تنصب لهما محاكمة عادلة ، من طرف عامة الشعب فما بالك في ....؟ . و انا اقترب من ابن العوام رغم الابتسامة العريضة التى كادت تغطي وجهه ، و تطرد الحزن الذي لم يفارق محياه مند ان وطأت قدميه حينا ، بل حيه هو لانه يكبرني بحوالي ثلاثة اجيال ، كان خوف كبير ينتابني ، قد ادرك هو الامر فبادرني بالسؤال هل صدقت انني فعلا مجنون كما يحاول خدام الاقطاع إبهام الكل ؟ . سؤال صدمني و خلخل امور كثيرة بداخلي ، و هل الاقطاع لازال سائدا بمجتمعنا ، و هم الذين درسوا لنا ان الاقطاع كفترة من تطور تاريخ البشرية انتهي ؟ كيف لشخص ينعتونه بالجنون يدرك انهم ينعتونه بهذه الصفة و لا يقوم باي ردة فعل ؟ ... ثم استرسل قائلا علك ايضا تريد ان تعريف لما اخترت العودة الى الحي ؟ لم اجبه بل اكتفيت بالنظر اليه و بداخلي فعلا لذي رغبة في المعرفة ، لم ينتظر كثيرا ثم استرسل انت فعلا تريد ان تعرف السبب و لا تقول لا لان عينيك يؤكدان تلك الرغبة . و كانه قرأ افكاري و استخلاص ما يخالجني . بقيت انظر اليه و بداخلي مجموعة اسئلة كيف لشخص بهذا الذكاء ان ينعته الاخرون بالجنون ؟ و هل الجنون صفة قدحيه كما يسوقون لنا ؟ ....؟ قطع علي شريط فكاري قائلا عدت الى هذا الحي لان دوره و طرقاته و كل شيء فيه يشهد على ترهات حياتي في طفولتها و مطلع شبابها ، عدت للحي لاحس ان لي جدور ضاربة في الارض مثل الاشجار ، جدور تمنحها قدرة على الصمود في وجه العواصف و قوة لتستمر واقفة ،عودتي للحي لاحس انني لست ريشة في مهب الريح انما كائن له جذور و اصول و له هدف يعيش من و لاجله ، عدت لاحي لا لاموت كما يفعل احد انواع السمك ، يعود الى مكان ولادته ليموت فيها . توقف ردحا من الزمان فسالني هل انا مجنون كما صوروني لكم ؟ وقفت امام السؤال مشدوه الفكر ، و خصوصا و انني انا من بين الذين صدقوا فعلا انه مجنون ، ز كيف لي ان لا اصدق شيوخ الحي الذين طالما لقنوننا دروسا في مساؤ الكذب ، ثم استرسل قائلا ان الجنون حالة انسانية و من لم يمارسه لحظة ، فانه فقد جزء من انسانيته ، هذا ان كان فعلا قد أدرك انسانيته في لحظة من لحظات حياته . و من يستطيع ان يجن يمكنه فعل اي شيء . ثم صمت و كانه محارب يحاول استرجاع انفسه و يجدد نشاطه ليردف اسمع يا بني في الحياة مجموعة حقائق ، و هذه الحقائق تتحول الى فراضيات مع تقدم الوقت . و الانسان الذي لا يعيش من اجل هدف مجرد ضل انسان ، و الحياة بدون هدف مقرفة و مملة ، لا تستحق ان تعاش . ثم استطرد قائلا و في نبرات صوته نوع من الصرامة لا تسألني عن هدفي لانه سر من اسراري الخاصة لن أبوح بها لأحد تحث تأثير اي ظرف من ظروف ، و أنصحك يا بني ان تحاول رسم هدفا لك في الحياة ليعطها طعما . أدركت انه يتعمد مخاطبتي ببني و كأنه يحول أن يذكرني و ينصحني، بأنه علي عدم نسيا فارق السن بيننا . و بعد ان جثم الصمت على جلستنا مدة ليست بالقصيرة و اعتقدت انه لا يرغب في مجالستي و هممت بالمغادرة ، ظهرت على محياه ابتسامة عارضة شككت انه يقرئ ما يدور بداخلي من افكار ، أطلق العنان للسانه قائلا انا اصبحت سؤالا بالنسبة لنفسي ، سؤالا لكل من يلتقيني سواء أولئك الذين اعرفهم او الذين لا اعرفهم ، سؤال لأولئك الذين اتعامل معهم رغم ان معاملاتي مع الاخرين جد محدودة ، و قليلة حتي اقلل من عدد الذين ساصبح سؤال عندهم ، الى درجة انني اشك بكوني موجود خارج تفكيرهم ، انا احس انني ولدت من افكار تراكمت برأسي ، افكار تشكل جزء كبير منها بفعل الاختلاط بالناس و الاطلاع على تجاربهم ...
#can_maroc (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض
...
-
الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس
...
-
رابطة المؤلفين الأميركية تطلق مبادرة لحماية الأصالة الأدبية
...
-
توجه حكومي لإطلاق مشروع المدينة الثقافية في عكركوف التاريخية
...
-
السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي
-
ملك بريطانيا يتعاون مع -أمازون- لإنتاج فيلم وثائقي
-
مسقط.. برنامج المواسم الثقافية الروسية
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
موسكو ومسقط توقعان بيان إطلاق مهرجان -المواسم الروسية- في سل
...
-
-أجمل كلمة في القاموس-.. -تعريفة- ترامب وتجارة الكلمات بين ل
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|