|
هل تقصد امريكا اطالة ما يحصل في العراق
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4535 - 2014 / 8 / 6 - 08:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من يتابع ما يجري على الساحة العسكرية و السياسية في العراق بعد مجيء داعش و احتلالها لمساحة شاسعة من الاراضي، من الموصل الى عتبات بغداد و من ثم تغيٌر تكتيكاتها و توجهاتها العسكرية بعدما لاقت الصعوبات هنا و هناك فيما قصدته منذ البداية و لم تنجح فيما نوت عليه، ومن مجريات الاحداث و التغييرات السريعة و العمليات التي باشرت بها بعد سيطرتها على الارض و اعلان دولتها الخرافية، كان مجيئها مخططا له و ليس كما يُقال بانها جاءت لتحرير سجناء بادوش فقط و طمعوا لاكثر بعد انكسار الجيش العراقي بشكل فضيح . كيف عومل معها بعد فتوحاتها وما عاث على الارض فسادا و تحت الراية السوداء المزركشة بلا اله الا الله . هل المضحي هو الشعب العراقي و المخطط كبير و معقد و طويل الامد كما يحصل في سوريا و ما دخلت فيها الصراعات الاقليمية و العالمية، ام انه مجرد عارض سريع و ليس لها اية علاقة بالشرق الاوسط الكبير و الخارطة الجديدة، و ستنتهي بوقت قصير . ان كل ما تشير اليه نظرة و تعامل امريكا مع ما يحدث، و خصوصا عليها هي الواجب الاخلاقي ان كانت اصلا تعتمد على الاخلاق في سياساتها، لانها هي التي احدثت التغييرات الكبيرة منذ اسقاطها للنظام الدكتاتوري و هي التي فشلت و تراجعت و سحبت دون تحقيق اي هدف يمكن ان نشير اليه، انها تتعامل مع ما يحدث بخلفية سياسية دبلوماسية استراتيجية بعيدة عن كل القيم التي تدعيها . اليوم نراها تراوغ و تتملص و خصوصا العملية هي عسكرية و هي تتضمن توجهات و اهداف سياسية مختلفة، لا نتكلم عن المنشا ولا نكرر كيفية و منبع و من وراء تاسيس داعش هنا، اوضحنا الشكوك و الدلائل و المعطيات التي تدلنا على انها من صنع المخابرات العالمية و الاقليمية المتعاونة و لاهداف استراتيجية كبيرة من قبل و كل التداعيات التي تقع لصالح امريكا و اسرائيل تدلنا على انهما اصل البلاء . اما ما نريد ان نوضحه ان الناس باتت تتاكد يوما بعد اخر ان اهمال امريكا و مراقبتها لما يحدث دون حراك تثير شكوكا اكثر فيما تقصده، فتعاملها مع ما يحدث من الجرائم البشعة بدم بارد و تحتسب عليها هي اولا قبل حتى منفذ الفضائع داعش بنفسها، بعد اسقاط الدكتاتورية، و هي دولة كبرى تقع عليها مسؤولية اخلاقية كبرى و سفط الدماء البريئة ازدادت من هذه المسؤلية و هي تدعي الانسانية . ان المعادلات ستتغير بعدما ظهرت الى العلن ما يمكن ان تنبثق من قوة عالمية واقليمة و تفاعلات و يمكن ان يوقفوا بوجه هذه القوة الجبارة التي سيسجلها التاريخ عليها ما تفعل بمنطقة معلومة السمات و المستوى الثقافي و الاجتماعي و الوعي العام، مستغلة الضعف المكنون في كيانها و قياداتها و طبيعة مجتمعاتها، و سيزيد الحقد عليها بدلا من النظر اليها كقوة انسانية محررة للشعوب المضطهدة التي ادعت بعد تحرير العراق . كل التصرفات و ما نتمعن فيه من التعامل المحير من قبلها مع ما يحدث يؤكد لنا ان امريكا تتعامل مع الانسان وفق ما تملك من نطرة و عقلية ناتجة من انسان آلي هندسي مخطط للسياسة بعيدا عن العاطفة و ما يمت بالانسانية ذرة واحدة، و لا يعلم هذا الا من يوغل في سياسات امريكا العالمية منذ صراعها مع الاتحاد السوفيتي اثناء الحرب الباردة . عمدت امريكا هي بذاتها الى تغيير شكل و نوع الصراع البذيء الموجود اصلا في المنطقة التي تُدار بعقلية الغابة مناجل تحويله من الصراع القومي الى الصراع الديني المذهبي المتشدد، و افادت به اسرائيل قبل غيرها، و ان كانت هي ايضا متعاونة معها في الامر بشكل كبير . و ان سالت الدماء و ارتكبت داعش ما ترتكبه من الجرائم باسم الدين و ما تسير عليه يؤكد لنا ان الاهداف الامريكية المتحققة لن تدعها ان تسرع في انهاء ما يحدث من هذه الجرائم البشرية، انها تهدف ضمان ما نجحت فيه من قبل و ما سارت عليه الدول الاخرى الاستعمارية و ما نهبوه من الثروات دون ان يحدث اي تغيير ايجابي في معيشة و فكر و عقلية شعوب المنطقة ما يمكن ذكره، و هي تعيش كما الحقبات الغابرة من تاريخ المنطقة و كانت الحياة واقفة على نمط واحد رغم التواصل والاحتكاكات الكبيرة نتيجة التواصل الاعلامي و الالكتروني التي وضحت حياة الاخرين و معيشتهم و تمتعهم بالحياة، الا ان اعادة افكار متشددة مغطية لكل ما يحصل و مانعا للتغيير الايجابي افرغت مؤثرات الاحتكاكات من مضمونها الايجابي المؤثر على شعوب المنطقة . مماطلة امريكا و تكتيكاتها و تعاملها مع تفصيلات ما يحدث بهذه الطريقة ، و الوضع يحتاج للمواقف الحاسمة و الحازمة، تشير الى انه فعلا جزء او مرحلة لتنفيذ الاستراتيجية الجديدة لها و كيف تخطوا من اجل ضمان قرن او اكثر من الزمان لمستقبل شعبها من تثبيت الوضع المراد ابقاءه في منطقتنا لنجاح ما تهدف . والا في الامكان ان تستاصل داعش في بكرة ابيها او توقفها عند حدها منذ اول اسبوع لمجيئها لو كانت حقا تريد ذلك، و خصوصا العراق ليس سوريا، ففيه ما يمكن ان تنجح امريكا في اي عملية ضد هذا التنظيم الارهابي صاحب اشنع عمليات في تاريخ المنطقة الحديث، و هي تفعلها باسم الاسلام و تحت راية الاسلام و بمنطق القران و مضمونه و من سنة النبي و تاريخ الفتوحات و العمليات التي حدثت اثنائها . ان كانت الاطالة في بقاء داعش لما تنتهي هي من ماهي عليه من المفاوضات مع ايران حول المفاعل النووية او ما تقع عليه المنطقة من سورية و لبنان و ايران و دول الخليجالى ليبيا و مصر و تونس، ان كان الان في صالح امريكا و مخططاتها اما فيما بعد ستنعكس ضدها كما حدث لها في التعامل مع القاعدة و بن لادن من قبل، و كيف استعصى عليها لسنين . و الحضارة العريقة لهذه المنطقة و خاصة في وادي الرافدين لا تسمح ان نفكر بان تتقبل ما يحدث و ان تقبل ادامة الحال على هذا الشكل و ان تُعاد المنطقة الى العصر التخلف و العبودية، و يجب ان تفكر امريكا بشكل مختلف ان كانت تريد اعادة افعالها السابقة هنا .
#عماد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ان نجح المالكي في فرض شروطه التعجيزية
-
لماذا انكسر البيشمركة في سنجار ؟
-
الحاح المالكي صغٌره في عين الجميع
-
هل pkk قوة احتياطية للدفاع عن كوردستان الجنوبية ؟
-
دور الاعلام منذ مجيء داعش
-
هل يجري العنف في عروق المتخلف فقط ؟
-
هل بقى العراق كدولة كي يقاوم؟
-
متى و كيف تنتهي داعش ؟
-
ايٌا كان رئيس الوزراء العراقي، ما الحل ؟
-
داعش تكمل مهام الفتوحات الاسلامية
-
مجلس الامن يحظر شراء النفط من الاسلاميين فقط ؟؟
-
لا تلقوا كوردستان في دهاليز القدر
-
عادات الجزيرة العربية و افعال داعش
-
انتفض هذا المكون ام احتلته داعش ؟
-
السياسة ليست فن القتل
-
البنية الشعبية لتقبٌل داعش
-
تُستاصل داعش بانتفاضة مَن في بيئتها
-
هل ولٌى زمن الحرابي السياسة في العراق ؟
-
الفرصة الذهبية امام السلطات العراقية الجديدة
-
هل خفت حدة طوفان داعش ؟
المزيد.....
-
-لحظة نادرة وغير متوقعة-.. حديقة حيوان أمريكية ترحب بصغير “ا
...
-
شاهد غرق جزيرة بورتوريكو في ظلام دامس
-
الكشف عن سبب الوفاة الغامضة لميشيل تراختنبرغ بطلة مسلسل Goss
...
-
قطاع غزة.. اندلاع حريق هائل في خان يونس
-
موسكو تحذر طوكيو من عواقب خططها إجراء تدريبات عسكرية قرب الح
...
-
الصين تسدّد ضربة موجِعة للولايات المتحدة عبر استخدام سلاح ال
...
-
ميلوني تسافر إلى واشنطن - ما الذي يمكن أن تحققه من لقاء ترام
...
-
ماذا قال زعيم أنصار الله عبد الملك الحوثي عن غزة ولبنان وسور
...
-
الدفاع الروسية: أوكرانيا فقدت 165 جنديا ودبابتين في كورسك خل
...
-
فلاديمير بوتين يمنح عدة أوسمة لشخصيات سياسية وإعلامية روسية
...
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|