أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسعد الامارة - التفاؤل والتشاؤم بين الصحة ونقيضها















المزيد.....


التفاؤل والتشاؤم بين الصحة ونقيضها


اسعد الامارة

الحوار المتمدن-العدد: 1280 - 2005 / 8 / 8 - 11:23
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بما ان الحياة تقوم في بنيانها على الشئ ونقيضه،وبنفس الوقت يتعادل التوازن في التناقض،فالليل يعقبه النهار،ووجود الشمس يقابل نقيضها في الظلام،ووجود تأثير البيئة لا يلغي قوة تأثير الوراثة،ووجود الخير يتزامن مع وجود الشر، ووجود الذكر مقابل الانثى،ووجود اللاعنف والمسالمة وسلوك التسامح مقابل العنف والكره والسلوك العدواني،وتحدثت فلسفات الشرق القديمة في اسيا وخصوصا الفلسفات الصينية والهندية واخرى نشأت في اليابان وتايلاند،تدور معظمها عن فلسفة الاختلاف والتوافق ومنها فكرة فلسفة(اليونغ يانغ)،فالحياة تقوم على وجود الشئ ونقيضه او ضده ليجتمعان في اطار واحد،وعلى هذا الاساس فأن الاضداد دائماً تكون في رموز مختلفة ولكن هذا الاختلاف فيها يكون مكملاً للاخر حتى وان كان نقيضه وابرز التكامل هو ما نجده بين الموجب والسالب وبين الفاعل والمفعول به وبين الذكر والانثى،وبين الليل والنهار وبين الخير والشر ولكن يبقى اكثر الرموز تناقضاً وتباعداً ثم تقارباً هو شعار مهنة الصيدلة الشهير في كل العالم حيث نجد الثعبان(في الحقيقة يمكن ان يقابل ما هو موجب ومذكر وفاعل)ينفث ســـمه(الذي هو في الوقت ذاته شفاء)في الكأس(وهو ان يقابل ما هو سلبي ومؤنث ومفعول به).والسم القاتل هو نفسه الدواء الشافي،ولا نجافي الحقيقة كثيراً اذا ما اتفقنا مع قول الشاعر الشهير ابو نؤاس"وداوني بالتي كانت هي الداء".وحديثنا الذي سنتناول به التفاؤل مقابل التشاؤم وهو بداية الطريق للغور في تفسير السمتين(التفاؤل والتشاؤم) من خلال معرفة وجود الشئ ونقيضه،اي معرفة الشئ وضده، وهي سابقة علمية لمعرفة ما يدور في انفسنا او حولنا في العالم الخارجي،وعليه اننا نعيش لكي ندرك ان الشئ لايوجد الا مع ضده،ومن ثم يمكن قبول الانسان لحقيقة ان الشئ وضده موجودان بداخله،فكما هو الحق يوجد الباطل وكما هو التفاؤل يوجد التشاؤم،ولكن غلبة احدهما على الاخر يعطي الارجحية في سلوك الفرد وتعامله،ولكن لا يمكننا نفي الآخر نفياً قاطعاً،والا لما اخرج السم من الثعبان لعلاج المرضى،ومن خلال التفاؤل والتشاؤم يمكن القول ان تتوازن الحياة ولدينا امثلة كثيرة يمكن ان نضعها على المحك،اولها اننا نتقبل الآخر المرن اكثر من المتشدد والمتصلب،ونحن ايضاً نعترف بالدور الفاعل لايجابية المتفاءل اكثر من المتشاءم،فهو يمنحنا القدرة على رؤية الامور بشكل معتدل ومتفتح،وخاصة اذا كنا نعيش في عصرنا الحالي،عصر الضغوط والقلق والازمات والكوارث المفاجئة بشكل يومي،وتحيط بنا الفضائيات حتى في غرف النوم،تحاصرنا لتنقل لنا كل مساوئ الحضارة في عالمنا المعاصر،بينما في الكثير من الاحيان تغض الطرف عن مسرات كثيرة،لا ندري هل بات الامر به من التشاؤم اكثر من التفاؤل ام كثرة الازمات الانسانية والكوارث والهتنا عن رؤية الجميل..انها نظرة متشائمة ،اليس كذلك؟
يقول علماء النفس علينا ان ندرك جيداً ولا نبالغ كثيرا في التفاؤل او التشاؤم رغم ان ميزان التفاؤل يشير الى نتيجة واضحة لصالح التفاؤل ولكن تبقى المواقف واللحظات الحاسمة في حياة الانسان او المجتمعات هي الحكم الفصل،ومن هذا المؤشر يجدر بالناس ان لاتبالغ في التفاؤل كثيراً حتى لا يصبح التفاؤل متطرفاً يعرض صاحبه للنكسات عندما لاتتحقق الامنيات،او لا يبالغ الناس في التشاؤم كثيراً حتى تصبح الحياة متشائمة متطرفة.
ان قدرة الانسان قديما وحديثا تكمن في امكانيته على التوازن الديناميكي بين التفاؤل والتشاؤم فهما كالمد والجزر في البحر على الدوام ومثل الليل والنهار في الصيف والشتاء،تارة طويل وتارة اخرى قصير وافضلهما المعتدل فليس كل فصول السنة شتاء او صيف،وليس كل مناخ السنة متطرف في الحرارة او البرودة،وكل ذلك يعتمد على المزاج الشخصي للفرد ومدى تقبله وقد اثبتت الدراسات النفسية ان من الصفات الرئيسة للمتشائمين اعتقادهم ان الاحداث السيئة ستستمر طويلاً وتدمر كل شئ في حياتهم وانها تنبع بالاصل بسبب اخطائهم وذنوبهم،اما حين يواجه المتفائلون نفس الظروف السيئة فأنهم يدركونها بشكل مختلف تماماً،انهم يرون ان الفشل ليس سوى اخفاق آني عارض وان اسبابه كامنة في الموقف ذاته،انهم غير ميالين الى ان يشعروا بالذنب تجاه اي فشل،وينسبون الاسباب غالباً الى ظروف غير مناسبة،او الى مجرد الصدفة او الى تصرفات الاخرين،لاتؤثر المتاعب كثيراً على همم المتفائلين،وهم حين يواجهونها ويتعاملون معها على انها مواقف تحد،فيحاولون بذل مزيد من الجهد ليحققوا ما يصبون اليه،كما عبر عن ذلك د.مطاع بركات.
لا نبالغ كثيراً ان قلنا ان الفرد هو المسؤول عن رؤيته لامور الحياة بصورة سلبية تشاؤمية او ايجابية تفاؤلية،فاسلوب التفكير وطريقة التعامل مع احداث الحياة،هي المفتاح الذي بوساطتها يستطيع الناس ايجاد حلول ناجعة لتلك المواقف الحياتية.لقد اثبتت تجارب العديد من الناس ان ذوو التفكير التشاؤمي يحملون هموم الدنيا كلها وهموم الاخرين حتى نشاهدهم يهرمون بسرعة وتنهشهم نوبات الاكتئاب والافكار السوداوية،بينما المتفائلون يهرمون ببطء وتكون شكواهم اقل من غيرهم،وربما تكون اعمارهم اطول وحيويتهم اكثر،حتى مجرى التفكير يكون لديهم اقل تدهوراً من الاخرين.ان البحث في دقائق الامور والمبالغة في الدقة في التنفيذ والمتابعة والاجراءات حتى اخر خطوة فيها يمكن ان تنعكس على شخصية الفرد القائم بذلك العمل ونمط شخصيته يحدد مستوى تفكيره،فالدراسات النفسية اشارت الى ان الاشخاص ذوي التفكير التشاؤمي يعاملون الهفوات البسيطة في الحياة اليومية وفي الحالات الاعتيادية،على انها اخطاء مدمرة تماماً،ويتحملون تبعاتها في حياتهم وينتابهم شعور بتأنيب الضمير،ويتحرون عن الذنوب والآثام ويلصقونها بانفسهم ويصفون انفسهم في بعض الاحيان بانهم فاشلون لا يستحقون العيش،وهي رؤية اكتئابية قد تقود صاحبها بمرور الوقت الى القناعة بانهاء حياته بالانتحار، ونحن اذ نقول من مدخل ارشادي لتعديل السلوك والاتجاهات بأن الشخص الذي لا يشعر بالالم ومرارة الفشل ولحظات المراجعة مع الذات،لا يشعر باللذة وحلاوة النجاح وهو يحتاج في كلا الموقفين الى مراجعة الذات،وان الصحة النفسية ليست انعدام الالم في حد ذاته ولكنها تشمل ايضا القدرة على تقبله،فكما هو الليل سيأتي النهار حتماً،وكما هو الرجل-الانثى،حتما سيكمل كل منهما الاخر،وكما هو التفاؤل ،سيمر الانسان بمواقف بها من التشاؤم فليست كلها نجاح تلك الحياة بمسيرتها وليست كلها فشل وخيبات أمل ،ويبقى الفرد هو الحَكم على قدرته في ضبط سلوكه الذاتي ازاء المواقف الحياتية المختلفة وهو الذي يختار اساليب التعامل التي تخفف من وطأة وشدة ضغوط التفاؤل لحد الاعتدال وتخفف من وطأة وشدة التشاؤم لتحوله الى الوسطية والاعتدال ايضاً وبالتالي فأنه من المستحيل ان يكون هناك تفاؤل مطلق،او تشاؤم مطلق.



#اسعد_الامارة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعصب والتصلب في الرأي وعلاقتهما بالمرض النفسي
- هل تخفي شخصياتنا افعالنا ام العكس؟
- مهارة اللاعنف..مهارة الالفة والصداقة
- التكامل النفسي بين الواقعية والمثالية
- نحن واضطرابات العصر(الاضطرابات النفسجسمية)سيكوسوماتيك
- تفجير النفس بين التعصب والاكتئاب
- الصراع النفسي ..ديالكتيك الهم الانساني
- هل يتراجع العراقيون عن قيم التسامح والمودة!!
- الشخصية السلبية Passive
- الهذيان والهلاوس في المرض العقلي..حقيقة ام وهم؟
- هكذا يتم تحويل المشاعر والافكار!!
- عقدة النقص وآلية التعويض
- التسامي في السلوك ..قوة للنفس والانسان
- الشك المرضي..ابعاده وتأثيره على الشخصية
- الارهاب الاسلامي وقيم العنف
- صراع الجسد والنفس والمجتمع..رؤية نفسية
- المقاومة العراقية ..بين الطائفية وجذورها!!
- صراع النفس مع النفس
- البرهان العلمي في اسس الجامعة المفتوحة في الدانمارك
- العراقيون وعقوبات المقاومة


المزيد.....




- ويتكوف: وفد أمريكي سيتوجه إلى السعودية لإجراء محادثات مع وفد ...
- إيطاليا.. الجليد والنار يلتقيان في مشهد نادر لثوران بركان إت ...
- كيف يبدو مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل؟
- روبيو ونتنياهو يحملان إيران عدم الاستقرار في المنطقة، ويؤكدا ...
- فيديو: مناوشات مع مؤيدين لإسرائيل أثناء مظاهرة مؤيدة لفلسطين ...
- رئيس دولة الإمارات يستقبل النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ال ...
- سوريا.. هجوم على دورية تابعة لوزارة الداخلية في اللاذقية يسف ...
- سيناتور أمريكي يوجه اتهاما خطيرا لـ USAID بتمويل -داعش- والق ...
- السعودية.. القبض على 3 وافدات لممارستهن الدعارة بأحد فنادق ا ...
- الخارجية الروسية تعلق على كلمات كالاس حول ضحايا النزاع الأوك ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - اسعد الامارة - التفاؤل والتشاؤم بين الصحة ونقيضها