|
عندما يحكمنا العقل القبلى ... هذه هى النتيجة!!
حمدى السعيد سالم
الحوار المتمدن-العدد: 4532 - 2014 / 8 / 3 - 22:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فى البدء أحب أن أوضح أن سبب كتابة هذه المقالة هو تلك الرسالة التى وصلتنى عن طريق بريدى الشخصى وأيضا على الشات الخاص بصفحتى على الفيس بوك من سيدة متعلمة تعليما راقيا ....وبعد الاطلاع علي الرسالة وجدتها تدور فى إطار أحلام ومنامات لمجاهيل من الناس وهذا نص الرسالة : ( وصية الرسول عليه السلام في منام الشيخ أحمد حامل مفاتيح حرم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ..... بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.....أقسم أن الرسالة استقبلتها اليوم فأرجوا أن تقرؤوها كاملة وتعلموا ما بها ... هذه الوصية من المدينة المنورة من الشيخ أحمد إلى المسلمين من مشارق الأرض ومغاربها وإليكم الوصية : (يقول الشيخ أحمد : أنه كان في ليلة يقرأ فيها القرآن الكريم وهو في حرم المدينة الشريف ... وفي تلك الليله غلبني النعاس ورأيت في منامي الرسول الكريم و أتى إليًّ وقال:- إنه قد مات في هذا الأسبوع 40 ألف على غير إيمانهم وأنهم ماتوا ميتة الجاهلية... وأن النساء لا يطعن أزواجهنَّ ويظهرنَّ أمام الرجال بزينتهم من غير ستر ولا حجاب وعاريات الجسد ويخرجن من بيوتهن من غير علم أزواجهن ... وأن الأغنياء من الناس لا يؤدون الزكاة ولايحجون إلى بيت الله الحرام ولا يساعدون الفقراء ولا ينهون عن المنكر.. وقال الرسول (صلى الله عليه وسلم): أبلغ الناس أن يوم القيامة قريب وقريباً ستظهر في السماء نجمة واضحةً ... وتقترب الشمس من رؤوسكم قاب قوسين أو أدنى وبعد ذلك لا يقبل الله التوبة من أحد وستقفل أبواب السماء ... ويرفع القرآن من الأرض إلى السماء....ويقول الشيخ أحمد أنه قد قال له الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) في منامه : أنه إذا قام أحد الناس بنشر هذه الوصية بين المسلمين فإنه سيحظى بشفاعتي يوم القيامة ويحصل على الخير الكثير والرزق الوفير )... الخ ...
على صعيد أخر جاء في مقدمة الرسالة تحذير يشير إلى إهمية محتوى الرسالة ( إقرأ هذه الرسالة كاملة ولا تهملها وإلا ستأثم) !!!... هذه الرسالة نكأت فى القلب جرحا لأنها تعفى الاتباع من إعمال العقل وتفتح المجال واسعا لمنح إجازة طويلة ومفتوحة لمن له مسحة من عقل، لأن مضمون الرسالة منسوب للرسول صلى الله عليه وسلم ولكن بطريق المنام والرؤية، ومعلوم أن فلسفة تقرير رؤية الرسول في المنام عبر الاسانيد والمتن يعني استمرارية التشريع خارج إطار الوحي.... ورد عن الرسول قوله : "من رآني في المنام فسيراني في اليقظة ولا يتمثل الشيطان بي"....الكثير حتى من العلماء يعتقدون أنهم رأوا النبي في المنام وعلى حسب قولهم يجب أن يروه أيضا في اليقظة عيانا !!... وهذا هراء لأن النبي ليس باستطاعته الحياة بعد الموت ليحضر أمام من رأه في المنام في اليقظة !!... ثم ألم يكمل لنا الله الدين فما الحاجة للرسول؟؟.... هل سيضيف شيئا؟؟ أم أنه يا ترى لم يبلغ الرسالة كاملة والعيادبالله ؟!.... اما كان بالأولى أن يراه الصحابة في عهدالفتنة فتحقن الدماء ... المنافقون وأهل الشرك رأوه عيانا هل زاد ذلك في ايمانهم حبة خردل ؟!!.. من هنا يتضح أن معنى الحديث : أنه في عهدالنبي من كان سمع بدعوته فرأه في المنام لا شك أنه سيلتقي به عيانا !!... اذا فمن يقول أنه رأى النبي فهومفتون وغرر به و لبس عليه !!... هذه الرسالة تخرج من رحم الجهاز الدعائى الاسود الإخوانى لتجييش الجيوش من أجل التنظيم !!!..
إن ثورة مصر لم ولن تذهب سدى، ولكن قطف ثمارها مؤجل... والحكم الاخوانى الفاشستى في مصر والغير ملتزم بالديمقراطية انزلق في المطبات التي أودت بالأنظمة الاستبدادية العفنة .... الاخوان جهلاء لايعرفون إن مشكلة الحكم في عصرنا، عصر العولمة والإنترنت والفضائيات وترابط مصائر الشعوب، هي في أنه فقد استقلاليته، بالمعنى الذي كان للاستقلال في القرون الماضية، وبات مقيدا بتشريعات وقرارات ومصالح وتوازنات قوى دولية وإقليمية، وخاضعا لمراقبة وحكم منظمات عالمية، ووسائل إعلام واتصال في متناول كل من في منزله جهاز تلفزيون أو إنترنت، أو في يده هاتف جوال.... وباتت بعيدة جدا تلك الأيام التي كان فيها بعض الضباط وبضع دبابات كافيين لقلب الحكم، وكانت الإذاعة والصحف الموجهة من الدولة هي المصدر الوحيد للمعلومات والأدوات الكافية للسيطرة على الرأي العام، أو توجيهه نحو ما يراه اى نظام يركب على سدة الحكم !!..إن جماعة الاخوان استلمت الحكم فى مصر ولكنهم لجهلهم السياسى والتاريخى لم يفهموا ان عليهم أن يحكموا بعقلية العصر الحديث وفي ظل الديمقراطية التعددية، وإلا فإن ثورات جديدة سوف تنتظرهم، إن هم أرادوا فرض آيديولوجية سياسية واجتماعية شمولية، على الشعب المصرى الذى بات واعيا لحقوقه وقادرا على منع أي حكم من انتهاكها أو تقييدها !!..
فمثلا (الإسلام هو الحل)كشعار قد أصابه التشويه و ألصقت به شوائب شتى ومتنوعة مما جعله جزء من الداء وليس عين الدواء ،وطرفا في المشكلة وليس حلا لها كما تصوره رافعوه،ومرد هذه الشوائب الخطيرة جملة من المفاهيم المغلوطة التي أحاطت به، منها،عدم تحرير نصوص الإسلام من الفهم التاريخي،وفصل القيم عن الذات،وكلام الشارع عن الشارح،وقيم الدين وأشكال التدين....كذلك العفوية في إيقاع أحكام الإسلام على غير مناطاتها وعللها ،مما زاد من حالة الإلتباس والإرتباك في الفكر والواقع ،وهيج أجواء الإرهاب والمطاردة لكل محاولة للإصلاح والتجديد...الى جانب إقامة شخوص ورموز للتدين المغلوط وأضفاء شيء من العصمة عليها،فصار الحديث بنقد أو تقويم أو مراجعة لهؤلاء الشخوص والرموز تعني انتقاص لقيم الإسلام ومبادئه المطلقة ،الأمرالذي جعل رافعي شعار(الإسلام هو الحل) في حالة إرتباك وعجز فاضح عن فك الإشتباك بين الشارع والشارح،وبين القيمة والذات،مما أدى إلى تجرئة خصومهم على قيم الإسلام ومبادئه سرا وعلانية ،فزاد الطين بله ،وتأزمت حالة الأمة من سيء إلى أسوأ، كل ذلك من جراء عدم الفهم الصحيح ،وممارسة النقد والمراجعة ،والتجديد والاجتهاد !! .... نحن نريد الخروج من العقلية المتحفية، والقراءة التمجيدية، والنفسية الصنمية، وأساليب الترديد والاستذكار، للتخفف من حمل التابوت وصولا إلى الإلتزام بأدوات الاستفهام، وطرائق الاستكشاف!!..من أجل الوصول إلى مستوى تصور وفهم حقيقة الاسلام الصحيح وقيمه السامية كقيم الحريات،ومباديء احترام الرأى الأخركما عرفناها من خلال خطاب الوحى !!..
واللافت للنظر في هذه الرسالة المنامية أنه لم يذكر استبداد الحكام وكيفية الخروج والتمرد على ظلمهم، و لم يشر من قريب ولا من بعيد إلى حالات تخلف الأمة في الفكر والانتاج والمشاركة في تعمير الارض.... بينما ركز وشدد في منامهالتخيلى العبثى على طاعة المرأة للرجل، وجلد الذات والبكاء والتوبة، ثم ختم خياله الاسطوري بتحذير أخطر من سابقه حيث قال: ومن اطلع عليها ولم يعطها اهتماماً بمعنى أن يقوم بتمزيقها أو القائها أو تجاهلها فقد أثم إثماً كبيراً ..... ومن اطلع عليها ولم ينشرها فإنه يرمى من رحمة الله يوم القيامة .... ولهذا طلب مني المصطفى عليه الصلاة والسلام في المنام أن أبلغ أحد المسؤولين من خدم الحرم الشريف أن القيامة قريبة فاستغفروا الله وتوبوا إليه.... على صعيد أخر لم يجد حرجا في استعمال اساليب الترهيب والترغيب ووسائل الضغط على نفسية وعقلية المتلقي وإن كانت بطريقة طفولية، فقد قال: وحلمت يوم الإثنين أنه من قام بنشرها بثلاثين ورقة من هذه الوصية بين المسلمين فإن الله يزيل عنه الهم والغم ويوسع عليه رزقة ويحل له مشاكلة ويرزقه خلال 40 يوماً تقريباً !!!.... وقد علمت أن احدهم قام بنشرها بثلاثين ورقة رزقه الله(25 ألفاً من المال).... كما قام شخص آخر بنشرها فرزقة الله تعالى 96 ألفاً من المال... وأخبرت أن شخصاً كذًّب َ الوصية ففقد ولده في نفس اليوم ... وهذه معلومة لا شك فيها.... فآمنو بالله واعملوا صالحاً حتى يوفقنا الله في آمالنا ويصلح لنا شأننا في الدنيا والآخرة ويرحمنا برحمته ...قال تعالى: فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون.... قال تعالى: لهم البشرى في الدنيا والآخرة.... قال تعالى: ويثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الدنيا والآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء....علماً أن الأمر ليس لعبا ولهوا ... أن ترسل هذه الوصية بعد 96 ساعة من قراءتك لها... وسبق أن وصلت هذه الوصية أحد رجال الأعمال فوزعها فوراً ومن ثم جاء له خبر نجاح صفقته التجارية بتسعين ألف زيادة عما كان يتوقعه......كما وصلت أحد الأطباء فأهملها فلقي مصرعه في حادث سيارة فأصبح جثة هامدة تحدث عنها الجميع..... وأغفلها أحد المقاولين فتوفى أبنه الكبير في بلد عربي شقيق .....يرجى إرسال 25 نسخة منها ... وبشر المرسل بما يحصل له في اليوم الرابع وحيث أن الوصية مهمة للطواف حول العالم كله فيجب إرسال نسخة متطابقة إلى أحد أصدقائك بعد أيام ستفاجئ بما سبق ذكره .....
مما لاشك فيه أنه إذا كان في الأمة من يحمل رتب علمية ودرجات جامعية ويستعمل وسائل الاتصالات الحديثة و يؤمن بهذه الخرافات والاساطير والأحلام، فلا لوم ولا عتاب على أؤلئك الذين لا نصيب لهم من علم إلا ما يقذفه إليهم رجال المخزن ( رجال الدين) عبر وسائل الاعلام والمنابر الرسمية والشعبية!! ... لا يختلف إثنان ولا ينتطح كبشان أننا بحاجة ملحة لتبني مناهج البحث العلمي الحر، وإخضاع كثير من المسلمات والمفاهيم والعلوم الدينية لأضواء العقل وميزان النقد،مع الاستبعاد التام لكل مناهج التلقين والحشو والتمجيد والاسطورة، وبهذا وحده يمكننا أن تخرج من نفق الاسطورة وسطوة الخيال والمنامات إلى عالم الأخذ بالاسباب وقوانين النهضة..... فهذا مثلا الدكتور - احمد عبده عوض احد ابناء محافظتى كفرالشيخ يتحدث فى الطب النبوى ويعالج به المرضى على الرغم من ان الرجل ليس طبيبا بل اساتذ جامعى ... ولكن بضاعته هذه المرة مختلفة عن اساتذته فهو لايعالج بالبردقوش ولم يخترع قطرة قرآنية كغيرة ... ولكنه يعالج بطريقة اخرى وهى العلاج بالاسماء الحسنى ... وهكذا تكتمل الحلقة الجهنمية التى تقوم على التجارة بالدين واستغلال البسطاء وغسل ادمغة المتعلمين ...ان ما يحدث لهو اكبر اهانة للدين الاسلامى الذى قام على العقل .... ومايحدث يعتبر جريمة تغتال سماحة وعقلانية الدين ... لتملأه بالخرافات وتدس فى نخاعه الدجل والشعوذة .... الى جانب كم الاستخفاف بعقولنا واستغلال اقدس الاشياء فى الترويج لافسد الاشياء وهو بيزنس بيع الوهم للناس فى ظل فقر الناس وبؤسهم وفساد النظام الصحى وخلل التعليم الذى يفرز انصاف متعلمين وجهلاء بدرجة اساتذة جامعات ومثقفين بمرتبة متخلفين عقليا !!!...
الاسماء الحسنى التى هى صفات للخالق عز وجل , هذه الصفات المقدسة التى لايقترب منها بشر استطاع احمد عبده عوض ان يحولها الى كبسولات وحقن واقراص وملينات وبخاخات وقطرات .... كيف واتته الجرأة على ان يفعل فعلته تلك ويهين تلك الاسماء الحسنى ويهتك قداستها وينزل بها الى معترك الواقع لتتحول القداسة الى مستوصف , والجلالة الى وحدة صحية ... هل هى خطة مدبرة من هؤلاء الدعاة اصحاب اللحى لاغتيال اى نفس عقلى او نبض منطقى فى الدين .؟... نريد اجابة ... عن مغزى وهدف تلك الخزعبلات .... هل هى نتيجة الدونية التى نحس بها تجاة الغرب ؟ ... هل هى نتيجة اننا لم نسهم فى مسار العلم منذ عصر ابن رشد ؟ ... هل هى نتيجة اننا صرنا نستورد كل شىء من فتاحة العلب الى ادوات تنقيب البترول ؟ ... ام نتاج ان الوحش الاسرائيلى الرابض الى جانبنا عدد علمائه ضعف عدد العلماء فى الدول الاسلامية مجتمعه بكاملها .؟.. ... ام هو نتاج وافراز كل هذه الامور مجتمعه ؟!!!!!فعلاج الصمم عند احمد عبده عوض هو ترديد اسم السميع 100 مرة ...ولعلاج آلام العمود الفقرى ترديد الجبار 100 مرة ايضا .. اما الجيوب الانفية فلا يجدى معها الا اللطيف 100 مرة ... ولتثبيت الجنين قراءة اسم المتين 100 مرة يلصقه بقوة فولاذيه ( خليه جوه بقى ياعم الشيخ ) ...والقولون لها اسم الرؤوف , والبروستاتا الرشيد , وضغط الدم له الخافض ,والروماتويد له اسم المهيمن ......... وهكذا .... كل مرض له اسم من الاسماء الحسنى يستطيع اصلاح الخلل واعادة الحيوية ....
من جهتى ساحاول ان اناقش احمد عبده عوض وامثاله بجديه .... فالحياة فى مصر المحروسة هى التى تفرض علينا احيانا ان نناقش البديهيات من المربع رقم صفر ... اولا.. لايوجد يادكتور احمد دواء يعالج عضو ... هذه الفلسفة انتهت من زمن بعيد بظهور علم الفسيولوجيا وصار الدواء يقتل ميكروبا ما عن طريق تقوية جهاز المناعة ضد هذا الميكروب بمساعدة الدواء اى يعالج خللا ما وليس عضوا ما ... فاصبحنا نسمع عن دواء يعالج خلل الانسولين فى البنكرياس او خلل توازن الاملاح فى الضغط او خلل هرمون الثيروكسين وليس الغدة الدرقية ...او يقتل نوعا خاصا من الفطريات او البكتريا الى اخر هذه الفلسفة التى استقر عليها العلم وصار يكتشف بها ويقتحم وينشر السعادة ويطيل عمرالانسان ويقلل وفيات الاطفال والامهات ويقضى على امراض فتاكة مثل الجدرى والطاعون والكوليرا ...الخ .... كل ما سبق كان بسبب العلم ولاشىء غيرالعلم وهذا يقودنا الى : ثانيا .... وهو ان المعنى العلاجى يوصلنا الى تفرقة عنصرية فى العلاج ويقودنا الى فتنة طائفية ... فالمريض المسلم يشفى والمريض المسيحى يموت ... لان المسلم يملك اسماء حسنى اما المسيحى فلايملكها ... وهذا ظلم ياعم الشيخ احمد يتنافى مع اسم من اسماء الله الحسنى وهو ( العدل ) ... ثالثا... العلاج بالكلام الشفهى والمعجزات الخارقة كان فى عصور السحر ايام انسان الكهف الذى كان لايفهم سر الزوابع والاعاصير والبراكين ..فيحفظ تمائم وتعاويذ ويعالج بكلام شفهى سحرى ... ويتخيل انه اخرج الارواح الشريرة مثلما كانوا يقولون قبل عصر ابو قراط عندما كانوا يعالجون الصرع بالضرب حتى تخرج الارواح الشريرة من جسد المريض .... فهل بعد كل هذا التقدم الطبى والعلاج بالهندسة الوراثية والخلايا الجذعية والمناظيرالضوئية والتشخيص بالمقطعية والرنين وثلاثى الابعاد وتحليل نقطة الدمالتى صارت تكشف لنا الكثير من علامات الاستفهام التى كانت تكتنف العالم الغامض ... عالم الانسان .. ..الخ ....
بعد كل هذا نعود للعلاج بالكلمات مهما بلغت قداستها ... اعتقد ان هذا هو الجنون بعينه ... فالذى هدى الانسان الى كل هذا التقدم هو الله ... فلو كانت تلك الكلمات تنفع علاجا لماذا هدى الانسان الى تلك المخترعات التى افادت البشرية كلها ؟..... المشكلة الكبرى ان هؤلاء المروجين لمثل هذه الطرق من العلاج والتى يطلقون عليها اسماء مختلفة مثل الطب النبوى او الدواء الربانى ..... الخ . يتخيل هؤلاء انهم يخدمون الدين ولكنهم فى الواقع يدمرونه ويجعلونه مجرد قارب لاهدافهم ...والكارثه ان هذا القارب لن يصل بهم الى شاطىء النجاة بل سيظل عرضه لعواصف وانواء الواقع واختباراته ....والسؤال ماذا لو لم تنجح الاسماء الحسنى فى علاج المرض ... وكيف سيكون حال المريض الذى شعلقناه على حبال الامل الدايبه !!.... أليس الشك سيمتد الى مابعد الاسماء الحسنى ؟! .... لماذا نعرض القداسة المطلقة للقيل والقال وتجارب الشفاء والمرض والنسبية ؟!!! ... ارحمونا وارحموا العلم وارحموا مصر .... ياصاحب الدكتوراة فى اللغة العربية ولم يتعلم المنهج العلمى فى التفكير ...فانا اعرف انك ممن كانوا يصمون الكتب ويحفظون المناهج والمقررات وحصلت على اعلى الشهادات ولكنك فى الحقيقة تفكر بعقلية خرافية غير علمية على الاطلاق ... فالمنهج العلمى من الممكن ان يمارسه صاحب سوبر ماركت افضل من دكتور جامعى مثلك ..... فدرجة التعليم عندنا نحن العرب والمصريين لاتعبر عن درجة الثقافة العلمية والتفكير النقدى ....فمن الممكن ان يذهب الاستاذ الجامعى بعد الخروج من الجامعة الى زار اويفتح المندل اويقرأ الفنجان .... فالعبرة ليست بدرجة التعليم ولكن بالمنهج العلمى السليم فى التفكير ......
فى ظل هذه العقليات المتخلفة لا استعجب من أناس يعيشون في أوروبا يفسرون الأحداث العالمية بل والكوارث الطبيعية بمنامات ورؤى رأوا فيها النبي ويحتجون علينا بحديث (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة) .... فمثلا حرب العراق وتفصيلها ومآلاتها المتشابكة معروفة لديهم بالتمام والكمال !! أما الكوراث الطبيعية كزلازل كمشير ، وتاسونامي ، وكاترينة التي حار في تفسيرها عقول مراكز الإرصاد والتخصص في العالم !!.... فقلت في نفسي ماهو منطلق هؤلاء القوم ، أهي نصوص شرعية في دائرة (إسلام النص)،أم هو عيش في(إسلام التاريخ)، أم هي حالات نفسية وصور من صور الضعف والعجز عن الأخذ بالأسباب ومدافعة أقدار الله بأقداره ؟ !... لقد تناول العقل الكلاسيكي عبر التاريخ تفسير نص الحديث بما ينسجم والمنظومة الرسمية في الجانب السياسي والمذهبي ، لأن السلطة الرسمية والمذهب كانت تدعم هذا الضرب من حالات اللاوعي ومن عمليات تدجين العقول والواقع،بغية المساهمة في إشاعة وجهات نظر معينة على أنها حقائق مطلقة غير قابلة للنظر ناهيك عن رفضها....فقد جاء ضمن تفسيرات العقل الكلاسكي لهذا الحديث أن من رأى الرسول في المنام فقد رأه حقا بما يعني أن استمرارية التشريع والتكليف خارج الكتاب والسنة قائمة إلى يوم القيامة .... ففي تثبيت السلطة : اعتمد الخطاب السلطوي على مر العصور في تاريخ الإسلام ، على دلالة نص الحديث ،لأنه وليد إرادة الرسول وإرادة الرسول من إرادة الله !! فعلى سبيل المثال : الخليفة المنصور،كان يأمر المحدثين بإشاعة هذا الحديث،بل ويقوم بمتابعة مدى تنفيذهم لهذا الأمر،قال المنصور يوما للمحدثين،اتذكرون رؤيا كنت رأيتها ونحن بالشراء؟ فقالوا:يا أمير المؤمنين ما نذكرها ، فغضب من ذلك وقال،كان ينبغي لكم ان تثبتوها في ألواح الذهب وتعلقوها في أعناق الصبيان .وتتمثل هذه الرؤيا في عقد الرسول الخلافة للمنصور في الكعبة بحضرة الصحابة !! تأمل المكان الكعبة ،الموصي بالخلافة الرسول ، والشهود الصحابة ، الموصى له المنصور ،فمن يا ترى يمكنه معارضة أو محاسبة أو مخالفة هذه السلطة!!..
وعلى هذا المنطلق تم توظيف دلالة الحديث في السيطرة على رقاب الناس وأرزاقهم فقد كان المنصور –ومن سار على دربه من الخلفاء- يقول في خطبته: أيها الناس إنما أنا سلطان الله في أرضه ، أسوسكم بتوفيقه وتسديده ، وأنا خازنه على فيئه ، أعمل بمشيئته ، وأقسمه بإرادته ، وأعطيه بإذنه فقد جعلني الله عليه قفلا !! ... للاسف أن أمات الكتب لا تسعفنا في معرفة أسباب ورود هذا الحديث الوارد فى رؤية الرسول وغيره ،وهذه إحدى إشكاليات فهم السنة حيث نصوص بمعزل عن سياقها التاريخي ودوافع صدورها.... فلنتجاوز هذه النقطة وننظر إلى نص الحديث من خلال الكليات القرآنية من تحديد جهة التوجية والتشريع ،ورسم مهام ووظائف النبي ودوره الرسالي ، فأننا نجد أنفسنا أمام حزمة من أسئلة جوهرية الإجابة عليها بشكل أو بأخر تسهم في حل إشكالية فهم دلالة هذا الحديث،منها على سبيل المثال،أين يقع هذه الحديث من هيكل السنة المعتمد ،وهل هذا الحديث خوطب به من حضره،وهل كان جوابا لحل إشكالية كثرة الرؤى ، أم معالجة لظاهرة معينة ،وهل نص الحديث بقى على ما هو عليه أم تم إعادة انتاجه حسب مستجدات الظروف السياسية والمذهبية، بمعنى هل هو سنة صحيحة أم مصححة ؟! ...
مما لا شك فيه أن هذه السلطة السياسية الجبرية العاضة قامت على أكتاف سلطة ثقافية مذهبية مدجنة ترى السمع والطاعة المطلقة لتلك السلطة وعدم الخروج عليها وأن سلطتها تمثل ظل الله في الأرض ،ومن خرج على سلطة الله فيستحق التنكيل والتشريد والإقصاء.......وبعض المجادلات التي كانت تدور بين العلماء المخالفين للسلطة والمؤيدين لها ، تكشف لنا أن لغة التخاطب بينهم لم تكن واحدة ،فالمخالفين للسلطة اعتمدوا المنطق والعقل ، والمؤيدين لها اعتمدوا مصالح السلطة والرؤى والمنامات،فمثلا لما جابه أحد المخالفين أحد فقهاء السلطة بالحجج وانصرفا ،رأي فقيه السلطة في المنام أن الرسول يخبر عن مآل مخالفه في المذهب ،فقال له : مه قوم من أمتي يتظهرون ويقولون كلام ربي مخلوق وليس بمخلوق لا تكلمن هؤلاء ولا تجالسنهم ، ولا تدع لهم ولا تشهد جنائزهم .. عليهم غضب ربي !!... وتكرر هذه المشهد مع فقيه سلطة ومخالف له في الرأي حيث قال: أنه رآه في المنام يوم جمعة والناس مجتمعون يصلون نحو القبلة إلا هو فقد كان يصلى إلى غير القبلة وحده ،فعلمت أنه على بدعة ، فتركت حديثه!! وهكذا يكون معنى إدارك القبلة بحسن توظيف العقل هو المعنى الذي يختزل الفهوم في فهم السلطة المذهبية حليفة السلطة السياسية !! وهذا ابن المبارك يبين له الرسول في المنام مآله في الجنة ، عندما ظهر لأحد المحدثين في المنام ،فقال:إنه مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.... وعلى هذا الأساس تم توظيف دلالة الحديث بقولهم :إذا رأيت الرجل يقدح في ابن المبارك فأعلم أنه عدو للإسلام !!...كذلك استعملت سلطة الرسول نفسه عندما ينسب إليه التنبؤ بظهور الشافعي ويروي عنه الحديث التالي :لا تسبوا قريشا فإن عالمها يملأ الأرض علما ، اللهم إنك أذقت أولها عذابا ، أو وبالا ، فأذق آخرها نوالا ....ثم جُعل الرسول يصرح باسم عالم قريش هذا إذ ظهر في المنام لاثنين من اتباع الشافعي ، فقال للأول : من أراد محبتي وسنتي فعليه بمحمد بن إدريس الشافعي المطلبي ، فإنه مني وأنا منه!! وقال للثاني : بأبي ابن عمي أحيى سنتي !! ....ولعل هذه المنامات كانت بحاجة إلى إضفاء القداسة عليها وإصباغها بصفة الوجوب والإلزام ،فكان دعم بعض المحدثين لها بروية مفادها أن من رأى الرسول في المنام فقد رأه حقا ورأى الحق !! ويصبح المخالف لهذه المنامات في حقيقتها مخالفا للرسول وليس للسلطة ولا للمذهب ،بهذا يصل التوظيف الدلالي للحديث قمته !! وهنا تكمن اشكالية تدجين العقول باسم الدين واستمرارية التشريع والتكليف خارج الكتاب والسنة !!..ان توظيف دلالة الحديث وأضرابه لحسم الخلاف مع المخالفين وذلك بتكفيرهم وإبراز مآلهم في الأخرة ، فقد رأى أحد فقهاء السلطة مخالفا له في النوم والمصحف في حجره وهو يحك آية من كتاب الله حتى يجعل مكانها خيرا منها !! وآخر رأى أبا حنيفة ينبش قبر الرسول !! وأخر رأى أن جهنم تستعد لتستقبل المريسي !!... وهذه المنام وإن لم يكن فيها من النبي منام مباشر ،فإنها رؤية المؤمن وهي جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة !!....
ولا يخفى أن هذا السياق المنامي والأسطوري والنشاط التأويلي يشير بشكل من الإشكال إلى أن جملة الأحاديث التي جاء فيها ذكر أن من رأى رسول الله في منامه فكأنه قد رأه في اليقظة،قد سيقت لدعم هذا النشاط المنامي والأسطوري الذي قد انتشر في أوساط العقل النقلي خاصة أهل الحديث !!..ويبدو أن الشافعي بهذا الارتباط العرقي (النسب إلى الرسول والخليفة،والنشأة بمكة،والتعلم بالمدينة) والنشاط المنامي قد حظي عند السلطة الحاكمة والناس بكل ما تحظى به مكانة الرسول من تعزير وتوقير وتعظيم وإيمان، حتى أن الخليفة العباسي هارون الرشيد قد استنكر على فقيه دولته (محمد بن الحسن الشيباني)أن يناظر الشافعي عالم قريش واستدل عليه بحديث:قدموا قريشا ولا تقدموها،وتعلموا منها ولا تعلموها،فإن علم العالم منهم يسع طباق الأرض(تاريخ بغداد،سير أعلام النبلاء)....بل اعتبر عبدالله بن البوشنجي–من تلاميذ الشافعي-أن حب الشافعي من الإيمان حيث أنشد ومن شعب الإيمان حب ابن شافع ....وفرض أكيد حبه لا تطوع (مناقب الشافعي،وسير النبلاء)ويبدو للناظر في السياق التاريخي لتوظيف النسب(قريش)من قبل السلطة الحاكمة والعقل المنامي ضد الإنتشار الفارسي الفكري والسياسي،كان مدعاة لبروز جملة من أحاديث منسوبة لرسول الله في الأوساط السياسية والعلمية(الحلفاء؛السيف والقلم)والتي جاء فيها أن الأئمة من قريش،ولاشك أن توظيف الديني بهذا المستوى كان بمثابة ردة اجتماعية(الرجوع إلى العقل القبلي)،وردة سياسية(الرجوع إلى النمط الكسروي والهرقلي في الحكم)،بالضرورة لا نقصد الردة الدينية...الى جانب خطورة تعطيل العقول وتدجينها عن الأخذ بسنن الكون ،وكذلك تجييش العامة وتحريكها ضد مخالفيها في الرأي بالمنامات والرؤى دون تفهيمها والإرتقاء بها...وقد أدى هذا الفهم المغلوط من زاوية الوظيفة الدلالية للحديث إلى تضخيم العقيدة الجبرية التي تعتمد على الخوارق والمعجزات والكرامات ،وشطب عقيدة الأخذ بالأسباب وفهم سنن الشرع والبحث فى سنن الكون ومحاولة الجمع بينهما !!...
حمدى السعيد سالم صحافى ومحلل سياسى
#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا تجهدوا انفسكم بقتل الناموس , فقط جففوا المستنقع
-
انفراد :محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك في بورسعيد سبتمبر19
...
-
الصقر وثقافة التغيير
-
موتوا بغيظكم جيشنا بيعمل مكرونة وصلصة
-
أنت مين ؟!
-
الحب فى زمن الثورة
-
هزيمتنا فى حرب 48 سببها خيانة الأردن للجيوش العربية وليس الأ
...
-
إلى حبيبتى اقول :
-
بالبلدى الفصيح :( لايصح إلا الصحيح )
-
أسرار عزل مرسى
-
خط الفقر وخط الفكر الثورى
-
لعنة الحسين هى سبب بلاء العراق
-
أمنيات حائرة
-
داعش هى رامبو الأمريكان الجديد
-
أين نخوة المصريون؟
-
الفيل الأبيض
-
كفاية بقر بقى !.. أفهموا يرحمكم الله
-
الفرق بين كم المشاركة وكم التصويت
-
امنحوا مصر والسيسى فرصة كى يتنفسا
-
اسلام محمد عبدالحليم بطلا لمصر وافريقيا
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|