سعد محمد موسى
الحوار المتمدن-العدد: 4528 - 2014 / 7 / 30 - 18:27
المحور:
الادب والفن
في هذا العيد الذي غادرته الالوان وغادره الفرح تذكرت بائع البالونات المحلقة
فوق السطوح وفوق منائر وقباب المساجد وكأنها حمائم ملونة عمدها الطيف الشمسي
رغم انك يابائع المسرات كنت تعتق الاحزان في اقبية الصمت وتمنح الاحلام الملونة الى عتبات الطفولة . لكن الحزن كان يحاصرك
فليس ثقل البالونات من أحنى ظهرك أيها الشيخ
بل قساوة الانسان والزمن
يابائع الافراح والالون فوق الارصفة العارية وأنت دون فرح
مثل مهرج كان يمنح المتفرجين الضحك والسرور في الصباح .. ثم يعود الى غرفته وحيداً وحزيناً في المساء
وهو يتحدث مع الجدران ويعانق الفراغ
...
في هذا المساء الموحش كان الباعة المتجولين يمرون فوق رصيف الذاكرة.. بعرباتهم الخشبية ودراجاتهم الهوائية وهم يعيدون صدى الالفة والعفوية من الضفاف البعيدة الى ضفاف المنافي .
حضر الى مساء ذاكرتي بائع الدوندرمة (أبو حميد) والذي كان يجوب بعربته مابين شارع 20 وشارع 19 في الناصرية.. حيث مسكنه الملاصق لحانوت مجيد الشرطي المتقاعد والد الروائي العراقي عبد الرحمن الربيعي .. كنا نتجمع حول العربة ونشتري الدوندرمة الملونة والتي كانت تشبه أحلامنا الغافية في مملكة الطيف الشمسي.
وكنا نلعق ونلتهم الدوندرمة المجمدة بفرح في ظهيرة الصيف.
ثم نعدو بعدها وراء دراجة بائع حلوى الكَركَري والشامية كي نأخذ حصتنا وفرحنا الاخر.
فكان (شامل) الذي يقود دراجته الهوائية يتوقف في المنعطفات الرئيسية للمحلة كي نتجمع حوله ونشتري منه الحلوى اللذيذة!!
وبعدها يخترق (أبو سمره) بائع البقصم والكعك .. الذي يمر في محلتنا السراي مخترقاً الشوارع والدرابين بصوته المألوف وهو يحمل صينيته المعبأة بالمعجنات الساخنة بتشكيلة وكأنها تشبه بناء زقورة أور .. وكانت ذكرى الزنجي بائع الكعك من أكثر المشاهد التي
أحزنتني وأنا أتذكره بعد سنوات حين تشظى جسده مع صينية الحلوى فوق رصيف
الفجيعة في كَراج الناصرية بعد أن هاجمت المدينة طائرة ايرانية مسعورة في بداية الحرب
ونفثت بنيرانها وغلها فوق المدينة فاستشهد أبو سمره بعد أن ترك حزناً في قلب المدينة.
#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟