نبيل محمود
الحوار المتمدن-العدد: 4528 - 2014 / 7 / 30 - 15:58
المحور:
الادب والفن
منذ اللحظة الأولى
اللحظة التي سقطتُ فيها
وارتطمتُ بهذا العالم
اللحظة التي شممتُ فيها رائحة هذا العالم
صرختُ عالياً
وفي الستين ما زلت أشمّ
رائحة حرائقه التي لم تنطفئ بعدْ
وأصرخ عالياً..
دخان يغشى العيون
والدموع قطرات حزن
تنضح من الأحلام
الأحلام التي يعصرها العالم
ويعجنها مع الدم والآلام
الدموع وعجين الزمان المجعّد
وقصب الأعمار
حطب النار
فالعالم يطهو حساءً اسمه التاريخ
والأحلام دخان..
***
منذ ابتكار الأسماء
واختراع الأراجيف
أنفق هذا العالم ملايين الحيوات
وكدّسها في مقابر الوهم
وأفزع عصافير الجنة
ففرّت محلّقةً في السماوات
ولم تجد طريقها
إلى الجنة حتى الآن..
***
تعدّدت مذاهب الموت
ووجوهه تلوّنت
موت أحمر
موت أسود
موت أزرق
الخ..
تشكيلةٌ مذهلةٌ من ألوان الموت
صبغَتْ وجهَ هذا العالم القاسي المخيف
لا أعرف كيف نجوتُ حتى الآن؟
من ضربة الفرشاة
ومن لطخة كل هذه الألوان
***
إعتادت جدتي أن تحكي لنا
في ليالي الشتاء الطوال
والبلوط يطقطق فوق النار
حكايات مخيفة
عن عالمٍ غامضٍ قديم
وكيف أنّه وُلد في لحظة ألمْ
وكيف أنّه سقط
دمعةً من ملح ودمْ
من عين إلهٍ حزين
هاله ما رآه في لوح الأقدار..
كانت تقصّ سيرةَ هذا العالم
وعما سيتعرّض له كل من يلقاه
من مراراتٍ وأوجاع
كان البلوط يطقطق فوق النار
والحكايات تقرص قلوبنا الصغيرة
فكنا نلوذ باللحاف
نتكوّر تحته ونغطّي وجوهنا
حتى انتهاء حكايات الطفولة!
***
والآن بعدما حبوتُ ومشيتُ وتعكّزتُ
في هذا العالم
ورأيت منه وما فيه
من فظائع وأهوال
فهمت سرّ الاحتجاج الأوّل للإنسان
وسرّ صرخته الأولى
عند استنشاق
رائحة هذا العالم..
#نبيل_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟