أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - قرعان أم عبد _ قصة قصيرة














المزيد.....

قرعان أم عبد _ قصة قصيرة


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 4523 - 2014 / 7 / 25 - 22:35
المحور: الادب والفن
    


((قرعان أم عبد))

أم عبد الوحيدة التي تقرأ القرآن رسما فهي لا تعرف التهجي ولا الكتابة مثل بقية من تعلموا قراءته عند الملا أو الملاية ,الكل يهاب هذا القرعان ويحتاجه ويقدسون أم عبد لأن قرآنها يعرف كل شيء وبيده كل شيء ولا يمكن لأحد في جزء المدينة الصغيرة هذه أن لا يمر يوما ما دون أن يلجأ له , أمن الناس أنهم أمام الله حقيقة وكل ما عدا هذا الكتاب فهو لا يحمل روح كتلك التي عايشت الناس ..... الحلف به والاستخارة والتوكل راجعا حصرا له لا تتزوج نسائنا ولا يذهب الرجال للجيش ما لم يمر عبر بركات أم عبد وقرعانها الشريف , هكذا أنا عرفت وأنتسبت أيضا له .
مسيلم الدميم شراب العرق وأمه نجمة يسكنان في صريفتهما مقابلا لدار أم عبد لا تجمع بينهما إلا النسب الأم المسكينة تجهد نهارا تبيع البيض والرز وتشتري وتبادل هذا بذاك لأجل أن تعيش , مسيلم كالقراد متطفل على هذه المسكينة يسرق أحيانا دجاجاتها وأحيانا يسرق الدراهم التي تعدها للغد فتصبح وقد نقص كيسها المدلى في رقبتها , لا تعلم كيف تنقص وهي تجيد الحساب ,عندما يأتي المساء ويعود للدار مترنحا تعرف أن من سرقها هو لا غيرة لكنها تتعجب كيف يتم ذلك لا جواب إلا بقرعان جارتها لكنها تخاف من سطوته على مسيلم .
شائعة سمعتها اليوم أن كويظم الأعرج وجد مشنوطا في سريره المصنوع من سعف النخيل لا يعرف أحد كيف حدث هذا ومتى ولكن الجميع يعرف السبب أنه حلف بقرعان أم عبد كذبا بعدما سرق من جيرانهم ثلاث حمامات وباعها وهو يعلم أنه لن ينجو .... هذه الأخبار جعلت نجمة أم الدجاج تتردد في تحليف ولدها لكنها ستهدده بذلك عسى أن يرعوي عن السرقة , أخبرها أنه سبق وأن أقسم لها أنه غير سارق وهو برئ ومستعد أن يحاف إذا أرادت , سكتت وحملت ما في جعبتها من تجارة وذهبت للسوق تفكر .
مضى على وفاة أم العبد أشهر ولكن قرعانها لم يمت ما زال الناس تتوافد تبركا به أو تلمس روحها النقية وما زالت تسجل في غيابها المعاجز , غير أن من يجلس في بيتها أبنتها الكبرى وأحفادها الثلاث ,الكبير منهم طالبا في المرحلة الثانية من الدراسة المتوسطة أما الأم والبنتان فهم على أثار من سبقهم لا يقرؤون ولا يكتبون , يكفيهم ما يأت من النذور والبركات كأنهم شركاء مع الله في كتابه .
أم مسيلم مع علاقتها الوطيدة مع بيت أم عبد وتعاملها المباشر معهم لكنها تخشى أن تقدم على خطوة تندم عليها لا حقا فأثرت السكوت حتى صباح هذا اليوم عندما لم تجد حتى الكيس في رقبتها وهي تعلم علم اليقين أنه كان في صدرها قبل أن تنام , تتحسسه بين الفينة والفينة حتى غالبها النوم و مسيلم جالس في باب الدار مع شلته من رفاق السوء , هرعت تبكي حالها لبنت أم عبد التي ذهبت وجلبت القرعان ملفوفا براية بيضاء كانت معلقة في باب غرفة الأم وذهبت لمسيلم تخوفه بالقرعان .
كل الشباب في الشارع يعرفون أن ما يسرق من البيوت من دجاج أو دراهم وأحيانا (التمن) لا بد أن يكون كويظم بن وردة أو مسيلم بن نجمة هم أبطالها ويعرفون أن الكثير من الشجارات التي تحدث بين بائعات الدجاج تكشف عنهم لكنهم يحلفون بالله ما فعلوا هذا ولن يفعلوه حتى سقط كويظم من قرعان أم عبد صريعا لا يعرف لموته سبب , لهذا هرب مسيلم من اليمين بحجة أن ذاهب يتطهر بالنهر ويعود ليحلف .
يومان و مسيلم هارب من وجه قرعان أم عبد يعث أحد أصدقاءه يتوسل أن تصفح عنه وأن هذه أخر مرة يفعلها وأنه سيذهب لبغداد فقد وجد عملا هناك لعله يتوفق .. طلب جنسيته فقط , لم تمنحه الأم أي شيء فقد ضيع كل شيء لم يعد لديها مال تشتغل به أو يسد حاجتها وأخبرت الصديق أنها عقدت على راية القرعان شدة وطلبت منه الشارة ولن تسامحه أبدا .
هرب مسيلم ومات كويظم الأعرج وبقي قرعان أم عبد علامة مميزة في تاريخ المدينة حتى هالة القدسية لم تفرق الدار وخاصة بعد أن تم هدمها وبناء دار حديثة طلب مني الأهل أن أفتح القرآن لأقرأ لهم شيئا منه تبركا قبل الانتقال مجددا له , نزعت الراية البيضاء وبعدها ثانية خضراء لأقرأ كتاب تأريخ العراق القديم للصف الأول المتوسط , أعدت الحال إلى ما كان عليه وقرأت لهم سورة الفاتحة سبع مرات وسلمت قرعان أم عبد للخالة بنتها .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة الدين ومفهوم الإيمان ح2
- حقيقة الدين ومفهوم الإيمان ح1
- الإنسان الحاكم والمحكوم ح2
- الإنسان الحاكم والمحكوم ح1
- الإنسان الحاكم والمحكوم ح3
- أبتلاء الرب ح2
- أبتلاء الرب ح1
- البحث عن الطوطم ح1
- البحث عن الطوطم ح2
- تزييف الفكرة
- تشريع الوهم ووهم التشريع
- وهم الدولة الإسلامية ج2
- وهم الدولة الإسلامية ج1
- فصل الدين أو الأنفصال عنه ج1
- فصل الدين أو الأنفصال عنه ج2
- الدين والدولة والإنسان ح1
- الدين والدولة والإنسان ح2
- الجريمة التاريخية ج1
- الجريمة التاريخية ج2
- حروفك أمنا مريم


المزيد.....




- الفن في مواجهة التطرف.. صناع المسرح يتعرضون لهجوم من اليمين ...
- عائشة القذافي تخص روسيا بفعالية فنية -تجعل القلوب تنبض بشكل ...
- بوتين يتحدث عن أهمية السينما الهندية
- افتتاح مهرجان الموسيقى الروسية السادس في هنغاريا
- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - قرعان أم عبد _ قصة قصيرة