|
ألحرب وألأخلاق
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4523 - 2014 / 7 / 25 - 14:08
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ألحرب وألأخلاق تستضيف استديوهات المحطات التلفزيونية الإسرائيلية جميعها ، ضيوفا للتعليق على مُستجدات الحرب الدائرة في غزة ، ورغم أن الإسم الرسمي لهذه الحرب ما زال حتى اللحظة ، هو عملية "الجرف الصامد "، إلا أنها حرب بكل ما في الكلمة من معنى . ومن بين الضيوف في الاستوديو ، شارك بالأمس الوزير السابق إبن الطائفة الدرزية ، صالح طريف وهو من حزب العمل ووصل الى رتبة عسكرية كبيرة في الجيش ، أثناء خدمته العسكرية ، وإلى جانبه جلس السيد ايلي مويال ،رئيس بلدية سديروت السابق وعضو مركز حزب الليكود . صالح طريف وكعسكري سابق بدأ بالحديث عن أخلاق الجيش وبأنه لا ولن يستهدف المدنيين ، عن سابق إصرار ، ويجب أن يُحافظ على هذا النهج ، في هذه الحرب أيضا . أثار ، هذا الكلام عن الأخلاق ، حفيظة السيد ايلي مويال ، والذي هو بالمُناسبة رجل قانون ،عمل طويلا في المحاماة ، وقال مُقاطعا السيد صالح طريف :" بالنسبة لي ، ليمُت هناك على الطرف الأخر ، أكبر عدد من الأطفال ، لا يهُمني هذا الأمر ، فأنا لا أُريد أن أموت وأنا إنسان أخلاقي ، وأفضل على ذلك ، أن أبقى حيا وقاسيا (بلا قلب )!! واستعمل كلمة عبرية تحمل معنى ، أشد من القسوة . حقيقة وبصدق ، لا أُريد مناقشة موقف السيدين ، فكل واحد منهما ، يظن وبطريقته الخاصة ، بأن هناك حربا أخلاقية ، فالذي لا يهمه ما يجري على الطرف الأخر ، ينطلق من واجبه الأخلاقي الذي يدعوه لخوض حرب للحفاظ على حياة شعبه ، بينما الذي يعتقد بأن الحرب يجب أن تُدار "بطريقة " أخلاقية ، ينطلق هو أيضا من واجبه الذي يدعوه للحفاظ على مسموعية جيشه وشعبه (من ألناحية الأخلاقية ) . بينما أعتقد أنا ، بأن أعظم إنجاز يستطيع جيش ما، أي جيش ، أن يُحققه ، هو في المقولة الثمينة للفيلسوف نيتشه :
"عندما تحارب الوحش إحذر من أن تتحول أنت بنفسك إلى وحش " لأن كل واحد من طرفي الحرب ، يعتبر خصمه "وحشا " بطريقة ما . فالجيش يُقام أصلا لهدف واحد ووحيد ، هو "القتل " ، فالجيش هو ماكينة قتل مشروعة ، تستمد مشروعيتها من الناراتيف الإجتماعي ، ولا يهم هنا حقا ، نوعية هذا الناراتيف ، أكان دينيا ، قوميا أو إنسانيا . والحرب سواء كانت دفاعية أم عدوانية ، لا تنتهي إلا بعد أن تُسفك الدماء وتُدمّر البنى التحتية . وهي أداة في يد الطبقات والأيديولوجيات الحاكمة ، لتنفيذ الأجندات ألسياسية والإقتصادية لهذه الطبقات والأيديولوجيات ، وتأتي كذريعة لحسم خلافات ، أو لتعزيز مواقف سياسية – أيديولوجية ، لأنها ، أي الحرب ، لا بد لها إلا أن تنتهي ،إلى مائدة مُفاوضات ، أجلا أو عاجلا ، حتى لو أنتهت بحسم واضح لأحد أطرافها . نعم ، هناك مشروعية ، لخوض الحروب ، لكن الأخلاق ليست إحداها ، فمقاومة العدوان ، الظلم والإستعباد هي مُبررات مشروعة لخوض حرب ستنزف فيها الدماء وتُزهق فيها الأرواح ، لكن لا أخلاق في الحرب ، فهي، أي الحرب، في المُحصلة دفاع عن مصالح طبقية، إقتصادية أو قومية . ويُحدد هذه المصالح وطبيعتها أصحاب المصلحة في خوض هذه الحرب . أما المشروعية الأخلاقية ، فهي غطاء ناعم الملمس ، لحرب ضروس ، تطحن رحاها أرواح الفقراء والمسحوقين ، فهم أولا وأخيرا من يدفع ثمنها بأرواحهم وأموالهم . لا أخلاق في القتل.. الذي تُنتجهُ الحروب !! لكن العالم المتمدن وضع قوانين للحرب ، لا يحترمها المتحاربون في الغالب .. ويبقى السؤال مفتوحا ، ما هي الأخلاق أصلا ؟ ومن الذي يحددُ طبيعتها ؟ وفي القصة المروية عن نابليون عبرة كبيرة ، والذي أجاب الجندي، الذي سأله عن الجانب الذي سينحازُ إليه ، الله ، وهل سيقف إلى جانب الكاثوليك أي جيش نابليون أم إلى جانب ألبروتستانت أي الجيش الإنكليزي ؟ فكان جواب نابليون ، بأن الله سيقف إلى جانب الجيش الذي يملك المدافع الكبيرة !! وهكذا هي "الأخلاق" ، فهي مع الأقوياء دائما ...في كافة مجالات الحياة وفي كل أشكال الصراع !! أما موقفي من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي فمعروف ، ولا بأس من تكراره ، وهو إنهاء الإحتلال الذي هو السبب المُباشر لكل المصائب في العقود الأخيرة ، وإقامة دولتين جارتين تربطهما علاقات تعاون وحُسن جوار ، في حدود الرابع من حزيران للعام 1967 .
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الألم النفسي : قراءة للحالة ألعربية الإنتحارية (2)
-
مردخاي كيدار : دكتور في -الإغتصاب -..!!
-
داعش : الإستثناء عن -القاعدة - ..!!
-
التنزيه لسياسات أليمين الإسرائيلي ..!!
-
أنا فلسطيني شريف .. نقاش هاديء مع الزميل ماجد جمال الدين .
-
حياة جدعون ليفي في خطر ..!!
-
الإعلام الإسرائيلي : لا صوت يعلو فوق صوت دوي المدافع .
-
ألشعب أليهودي بين التنظير والواقع ..
-
أخوية ألدم ..!!
-
-أفضال- الإسلام السياسي ..
-
الألم النفسي : قراءة للحالة ألعربية الإنتحارية
-
أوباما ألواعظ ..!!
-
ألأحزاب -ألعربية - في إسرائيل : قيادات بلا جماهير ..!!
-
الأطفال الفلسطينيون ..لا بواكي لهم .
-
ألعقل نقمة ..!!
-
نتانياهو نصير الشعوب !!
-
قيمة أخلاقية جديدة ...كراهية ألعرب .
-
سلام الله على الأغنام ...مع الإعتذار للأغنام الحقيقية!!
-
حماس وإسرائيل : تقاطع مصالح أم -حصان طروادة - الفلسطيني ؟؟!
-
نجاحات داعش ..
المزيد.....
-
كانت فاقدة للوعي.. فيديو درامي يظهر طفلاً يوقف شرطيًا لإنقاذ
...
-
بتصميم مبهر.. عُمانية تصنع برقعًا من 3 آلاف ملعقة معدنية
-
مزينة بالأسماك والدلافين.. العثور على فسيفساء مخفية منذ آلاف
...
-
اليونسكو تبدي قلقها إزاء حرمان نحو 2,5 مليون فتاة أفغانية من
...
-
مصر.. مصطفى مدبولي يكشف عن تطور جديد بشأن تسليم أرض رأس الحك
...
-
وزارة الصحة في غزة: عدد القتلى تجاوز 40 ألفًا خلال 10 أشهر م
...
-
قائد قوات -أحمد- الروسية: الوضع تحت السيطرة ونواصل تطهير أطر
...
-
سودانيون يتخوفون من المستقبل بسبب تعديل إجراءات الإقامة في م
...
-
-إيران تصعد محاولاتها لتدمير إسرائيل- – يديعوت أحرونوت
-
الوجود العسكري الأوكراني يتوسع: رصد مركبات في سومي مع استمرا
...
المزيد.....
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
المزيد.....
|