جعفر المظفر
الحوار المتمدن-العدد: 4517 - 2014 / 7 / 19 - 20:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مفردة المكونات والأقليات صارت مثيرة للأعصاب, والسبب لا علاقة له بالعنصرية أو بمحاولة طمس حق هذا أو ذاك .
إن ما أكرهه حقا هو طريقة إستعمال المفردة لا المفردة ذاتها.
وأني إذ أنفي عن قولي أي جنوح عنصري فلأنني أعتقد أن التخفيف من إستعمال ثقافة المكونات فيه فائدة للجميع وخاصة الأقليات ذاتها.
ثقافة المكونات في حالة نظامنا السياسي الحالي لا يمكن لها أن تأتي خارج معنى وفعل ثقافة الأقليات والأغلبيات والتي تأسست عليها ثقافة المخاصصة اللعينة.
لا ضير أن تستعمل هاتان المفردتان لأغراض توصيفية, كأن نقول الشعب العراقي فيه عرب وكرد وتركمان وآشوريين وأرمن.. وإلى آخره
وكأن نقول أن هناك مسلمين ومسيحيين وصابئة .. وإلى آخره
أو أن نقول أن هناك شيعة وسنة ويزيدين وكاثوليك وبروتسانت .. وإلى آخره.
لا مشكلة حقيقة في ذلك .. المشكلة تولد حينما تنتقل المفردة من خانة التوصيف إلى خانة الفعل السياسي, هنا ستتقدم الهوية الثانية, أي المذهبية والقومية والدينية على الهوية الوطنية لتتقسم الحقوق الوطنية وفق كوتة الأقلية والأكثرية وليقع ظلم هذا التقسيم الأشد على الأقليات بداية ويكون نصيب ألأسد من حصة المكون الأكبر, وعلينا أن نقربالنهاية أن المستفيد الحقيقي من هذا التقسيم هم السياسيون الذين يمثلون مكوناتهم وليست المكونات ذاتها, فلا أحد من هؤلاء السياسيين كان إهتم بالواقع المزري لطائفته أو قوميته وقام بتوزيع عادل للحقوق عليهم, تحت تلك الطبقة من السياسيين وجوقة المنتفعين منهم يعيش العراقيون جميعا حالات متقاربة من الفقر والتخلف والإضطهاد وضياع الهوية الوطنية الذي يمهد لضياع الوطن ذاته.
الحق أقول أنه ليس من الحكمة أن ننكر أن هذه الثقافة كانت تأسست على واقع الشعور بـ (المظلوميات), فراح البعض يطالب تضمين الدستور ما ينص على هذه الثقافة وتفرعاتها , لكن الحق الذي اقوله أيضا أن الحل بصيغته السياسية جاء مقرفا وبدلا من أن يكحلها عماها.
أما النتيجة بالنهاية فهي التي جعلتنا عميان في وطن أعمى.
ما نحتاجه هو إعادة بناء الثقافة السياسية بالإتجاه الذي يستعمل مفردتي المكونات والأقليات أو غيرها من المتشابهات لأغراض التوصيف الإحتماعي غير القابل ابدا للتفعيل السياسي.
إن فترة أكثر من عقد من الزمن باتت تكفي لدراسة آثام التجربة العراقية وإعادة تأسيسها من جديد بشكل يلبي حاجات العيش في الوطن الواحد.
وحينما تكونوا في مواجهة خطر التقسيم تذكروا أن الجغرافيا تتبع السياسة.
#جعفر_المظفر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟