أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم سوزه - صراع المظلوميات














المزيد.....

صراع المظلوميات


سليم سوزه

الحوار المتمدن-العدد: 4515 - 2014 / 7 / 17 - 13:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أنا مصاب بمرض السكري. افضل نصيحة قدّمها لي طبيبي هو أن انسى المرض وأتعلم إحتواء آثاره النفسية.
الكآبة والقلق اهم تلك الآثار، ومعهما تصبح الحياة بلا قيمة.
لا أستطيع ان آكل ما اريد أو اشرب ما أحب. لا يتخثّر دمي بسهولة حين أتعرض لجرحٍ ما. المرض لا يشفى. سأموت قريباً. هذا الهوس هو الذي صنع كآبتي وقلقي في بداية الأمر وصارت الدنيا في عيني سوداء غير ذي قيمة، لكني تغلّبت على هذا كله حين عملت بنصيحة طبيبي. وهأنذا اغدو بلا قلق من هذا المرض ولا خوف من آثاره.

هذه مقدمة اسوقها لأني لمست تشابهاً ملحوظاً بين مرض السكري وبين معضلة المظلومية، فالعيش في سرديّة المظلومية يشبه الرضوخ لقلق السكري. الأثنان يقودان لليأس فيشكلان البنية الاساسية لفعل اللحظة، اذا استطعنا احتوائهما، نكون قد احتوينا ذلك الفعل، سواء كان فعلاً اجتماعياً ام سياسياً.

لا شك إن الشيعة في العراق تعرّضوا الى ظلم شديد في تاريخهم، لكن لم يكن هذا الظلم فعلاً اجتماعياً ممنهجاً، بل فعلاً سلطوياً محضاً وظّف بصورة مبطّنة صراعاً تأريخياً موجوداً لدعم حكم دكتاتوري فردي. سعى نظام الدكتاتور صدام الى تحويل جدلية السلطة والمعارضة الى مفهوم عرفي مُبسّط يعني في طيّاته نزاعاً سنياً شيعياً على السلطة، وإن أي معارضة لصدام كان يُبلّغ لها البعث بأنها معارضة خمينية صفوية مجوسية، وهي رموز تُحيلنا بدورها الى التشيّع كمذهب فقهي اسلامي. وبسبب طبيعة الاحزاب السياسية المعارضة ذات الصبغة الاسلامية الشيعية ومناخ الحرب العراقية الايرانية آنذاك، لم يُعانِ البعث كثيراً في تأسيس ونشر هكذا تصوّر. وبالفعل نجح البعث نوعاً ما في تثبيت فكرة إن حكم صدام ضمانة للسنّة من خطر شيعي قادم، وبهذا صنع سرديّة سنّية، قائمة على اساس الخوف من مظلومية مستقبلية قادمة، كان المستفيد الوحيد منها صدام وحزبه في السلطة.

اليوم يتعرّض السنّة في العراق الى نفس تلك المظلومية. ليس أنا مَن أقول هذا، بل منظّر المجلس الاعلى الاسلامي وواحد من مؤسسي العراق الجديد الشيخ همام حمودي الذي صرّح يوم امس للقرطاس نيوز (رابط التصريح موجود في نهاية المقالة) بأن السنّة ظُلِموا في عراق ما بعد 2003. وهذا الظلم كذلك ليس فعلاً اجتماعياً ممنهجاً بقدر ما هي إرادة سلطوية جديدة حاولت هي الأخرى الاستفادة من سرديّات التأريخ السحيق وتوظيفه في صراع السلطة القائم في العراق.

لا ترى سلطة العراق الحالية أيّ حراك سياسي او عسكري في المنطقة الغربية سوى حراكاً بعثياً داعشياً إرهابياً، وهذه لعمري تشبه تلك النمطية التي سار عليها البعث مع الشيعة كما وضّحنا مسبقاً. فتاريخانية الصراعات المذهبية وتوظيفها في الفعل السياسي ممارسة سلطوية بحتة، يستفيد منها الحاكمون ويُقتَل من اجلها التابعون.

اليوم، لا يرى الكثير المظلومية على إنها صناعة سلطوية، بل يعتقدها نتاج فعل اجتماعي منظم. هذا هو الأخطر في هذه المرحلة، فالإعتقاد بأن المظلومية فعل اجتماعي يعني إن شريحة من المجتمع مسؤولة عن إلحاق الاذى بشريحةٍ أخرى، وإنها هي وراء ذلك الظلم وليست السلطة السياسية فقط.
من هنا تتحوّل المظلوميات الى ايديولوجيا، تُحرّك افعال المجتمع الإنتقامية وتعطي للعنف مبرراً إخلاقياً.

لقد تحوّل حلم العيش سويةً في ظل سرديّة "إننا مظلومون" الى معجزة وصار خطاب المظلوميات مصنعاً للكراهية بين ابناء الشعب الواحد. ليس ثمّة مهمة في هذه المرحلة سوى تفكيك ذلك الخطاب وكشف تلك اللعبة السلطوية التي لا علاقة لها بأي فعل اجتماعي.

نعم، المظلومية موجودة ولكلا الطائفتين، لكنها نتاج ممارسة سلطوية وليست فعلاً اجتماعياً ممنهجاً، والعيش في سرديّاتها للأبد تتحوّل الى إشكالية معقدة لا تهدد بنية الدولة الواحدة فقط، بل تستنزف دماء وطاقات ابنائه وناسه وتقضي على المجتمع برمّته.

رابط خبر الشيخ همام حمودي:
http://www.alqurtasnews.com/news/36327/%D9%87%D9%85%D8%A7%D9%85-%D8%AD%D9%85%D9%88%D8%AF%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%86%D8%A9-%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D8%B6%D9%88%D8%A7-%D9%84%D9%84%D8%B8%D9%84%D9%85-%D9%85%D9%86%D8%B0-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85



#سليم_سوزه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن -التفّاگين- وكركوك والمتنازع عليها
- النخبة العراقية .. إغتراب ما قبل النحر
- قناعة الأربعين
- عن المثقف العاجي والمثقف الروزخوني
- لعبة السلطة والمعارضة في العراق
- فرانكشتاين في بغداد .. مسخ على قدر الألم
- عن المرجعية الدينية وعلاقتها بالمجتمع الشيعي الجديد
- زعيمنا
- ما بعد الطائفية
- لحظة التغيير
- العراق ميريتوقراطية مشوّهة
- الرجل القوي
- عن المجتمع الروحي والمجتمع المادي
- قصة شعبنا المنهار ... الجزء 2
- قصة شعبنا المنهار
- السعودية تحتضر
- كسبنا البزّاز وكسبتم القاعدة
- الحرب على داعش
- عن المسيرة الحسينية وزيارات المشي المليونية
- ماذا يريد رجل -السُنّة- في العراق؟


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سليم سوزه - صراع المظلوميات