فايز الخواجا
الحوار المتمدن-العدد: 4511 - 2014 / 7 / 13 - 21:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ان القومية وعبر تطورها التاريخي سواء في اروربا او في مناظق اخرى في العالم مهما كانت درجة تطورها ونضوجها لا يكون الدين عنصرا مباشرا وحاسما وقاطعا في تبلورها ابدا, ولكن الصهيونية العالمية وارتباطاتها مع القوى الاستعمارية والراسمالية والتي صعدت وبقوة في القرن العشرين, كان لا بد لها من زيادة ادواتها وشركائها في السيطرة على شعوب العالم ونهب ثرواتها وابتزاز مواردها, وبطبيعة الحال المنطقة العربية كانت احدى هذه المناطق, ومن هنا دخلت الصهيونية والمسيحيون المتصهينون على الخط ممن افرزهم مارتن لوثر من خلال عملية احياء التراث الديني المسيحي والرجوع الى العهد القديم ومقولة"ارض الميعاد""وشعب الله المختار" واعتبارهم ان الايمان المسيحي الصحيح لا بد ان يعتمد على التوراة وعلى تحقق"رجوع شعب الله المختار الى ارض اللبن والعسل" ومع ان الصهيونية قد رشحت اكثر من منظقة لمشروعها الا انها تخلت عنها لكثبر من الاسباب ونحن لسنا بصددها في هذه المقاربة...
ولكن الدراسات التي قامت بها الصهيونية وعمليات المسح على السكان الفلسطينيين وحالة التفتت والصراعات العائلية والصورة الاقطاعية الرثة والجهل والفقر وعدم وجود اي رابطة بين السكان سوى اللغة العربية وايمان ديني مليء بالضبابية والعفوية قد جعل فلسطين مرشحة للمشروع الصهيوني مع امكانية تحقق هذا المشروع طالما ان فلسطين تحت الانتداب الانجليزي من جهة وتعاطف الكثير من قادة الانجليز مع هذا المشروع الصهيوني لاسباب لاهوتية وايضا سياسية واستعمارية.
ومع اطلالة المشروع الصهيوني في فلسطين,لم يكن هناك وعيا واضح المعالم والرؤيا لطبيعة المشروع الصهيوني, بل بالعكس استطاع الصهاينة الاوائل في فلسطين استدخال المشروع الصهيوني في عقول الفلسطينيين على اعتبار ان اليهود ابناء العمومة للمسلمين لا يريدون الا العيش مع اخوانهم العرب والمسلمين معا وسويا وان هؤلاء اليهود سوف يعملون على تطوير فلسطين ومساعدة ابناء عمومتهم المسلمين ورفع مستواهم من الفقر والعوز الى بحبوحة الحياة وانهم اي اليهود لا يستطيعون عمل ذلك الا بامتلاك الاراضي الشاسعة والمهملة بدون عناية,وتم استدخال ذلك في عقول الكثير من الفلسطينيين من العائلات الكبيرة والتي دخلت في شراكة مع ما يسمى بالوكالة اليهودية للاراضي الى عقل الفلسطيني الفقير والمعدم والجاهل فالاقطاع المشوه دخل في شراكة ويبيع الاراصي من خلال شرائها من الفلسطيني الصغير ويمررها للوكالة اليهودية لشرائها ويبقى الفلسطيني الصغير يعمل قنا في الارض والتي هي اصلا ارضه,ولكن المال الصهيوني غير الاتجاهات ولوث وعيا اصلا ملوث وغيب وعيا اصلا مغيب.. وابتدأت كرة المأساة والهزيمة تتدحرج وتكبر الى هزيمة عام 1948....ولكن الم يكن هناك وعيا يوضح ويشرح ويصد ويمانع؟؟
الواقع ان كل المراجعات التاريخية في الحقبة التي سبقت هزيمة عام 1948 لم توضح لنا ابدا ان هناك وعيا واضحا وناضجا لا على المستوى الوطني ولا على المستوى القومي وانما هناك وعيا بدائيا صبابيا مرتبطا بالدين, واعتقد ان ذلك مطابقا للمرحلة التاريخية,اناس كانوا تحت الاحتلال التركي,يعيشون التخلف والجهل والظلم والاسعباد لا يجمعهم جامع سوى طقوسا دينية خالية من الروح والوجدان والابداع, حتى ان النخب كانت تسعى لمصالحها ولمصالح عائلاتها عبر تسوقها في بازارات المؤتمرات واللجان التي كانت تعقد وتشكل هنا وهناك..............ويحضرني ما قاله المفكر اللبناني النشأة الفلسطيني الاصل عندما كان في باريس وقرأ مقالة فلاديمير جابوتنسكي في صحيفة لوموند الفرنسية عام 1928 حول الجدار الحديدي وطبيعة رؤيته "لاسرائيل" وكيفية التعامل مع"الاغراب"الذين يقطنون فيها!!! وكيف ان نجيب بعث برسالة الى مجلة الكرمل في حيفا حول الخطر الصهيوني وان رسالته لم تنشر من النختة المشرفة على المجلة!!!! حرصا على المصالح المشتركة بين النخبة المتنفذه والمشروع الصهيوني!!!
غير ان ما حدث من ردود افعال من بعض البسطاء من الفلسطينيين بعد انكشاف ابعاد المشروع الصهيوني, لم يكن وليد منظومة وعي كاملة ومتكاملة وهذا يسحب ايضا على بعض من ساعد من خارج فلسطين ولم يكن يحركها سوى وعي ديني هابط يجمع مجموعات متشظية من هنا وهناك!!! فما يسمى بالثورات لم يكن يقودها الا ابناء العائلات الكبيرة ومن خلال مصالحهم ووقودها المساكين والفقراء والمسحوقين من ابناء الشعب الفلسطيني,تلك المصالح التي كانت تتقاطع مع الانتداب من جهة ومع الصهيونية من جهة اخرى,ولكن هذا لا يجعلنا نهضم حقوق من قاتل المشروع الصهيوني بشرف ولكن هيهات من المعرفة والوعي والاستعدادات والمنظومات الوطنية والتي لم تكن موجود لان الوعي الوطني اصلا يم يكن موجودا ولا متبلورا.. اما من الخرج فالوضع لم يكن افضل!!! صراع الملك عبد الله مع الملك فاروق على النفوذ!!مصر فاروق يديرها الانجليز والملك عبد الله يتحرك على اوامر الانجليز بشكل مباشر والصهيونية بشكل غير مباشر!!! والجيش السوري والعراقي لم يكونا افضل حالا لا على مستوى الوعي ولا على مستوى الاداء العسكري اضافة الى فضلات الانجليز التي كانت في بغداد وفضلات الفرنسيين في دمشق!!
وما تبقى فزعات جهل ليس لها لا لون ولا طعم ولا رائحة ولا تأثير بل ان سلبياتها كانت هي الاكثر!!!
ولكن..................................
بعد الاعلان عن"اسرائيل" وطرد الشعب الفلسطيني من ارضه وقيام الثورة المصرية بقيادة عبد الناصر الذي كان صابطا محاصرا في فلسطين في الفالوجة وبداية تحسس دور مصر والنهوض القومي في العالم الثالث ولو بشكل غض وغير ناضج في معادات الاستعمار اخذت البذور القومية العربية تنمو في عقل هذا القائد مستلهما الكثير من تجارب العالم وحركاته التحررية ومن الفكر القومي الذي انتشر في المشرق العربي ووجد هذا الرجل ان التجزيء في العالم العربي هو الثقوب التي تؤدي للاختراقات المباشرة وغير المباشرة للاستعمار والقوى المشاركة لها منها الصهيونية"واسرائيل" وبدأ مؤشر البوصلة بالعمل, وكان القادة الصهاينة يراقبون بعيونهم التي لا تنام الليل وبعقولهم يحللون ليل نها بماذا يفكر هذا الرجل وتوصلت القيادة الصهيونية الى ما يلي:
* عبد الناصر معادي للاستعمار وطالما ان اسرائيل ولادة اتفاق بين الصهيونية والاستعمار فان عبد الناصر ضدها على طول الخط وان التناقض معه رئيسيا!!
* ان عبد الناصر لديه بذورا قوميا لتجديد وبناء القومية العربية وهي بحكم المنطق وبالضرورة ضد"القومية اليهودية" والمتجسدة باسرائيل..............
وتحركت الادوات معا:
* الرجعية العربية ممثلة بالسعودية والمشيخات ونواتج امارة شرق الاردن
*القوى المعادية في لبنان ممن هم على شاكلة شمعون.....واقربائه وادواته
الاسلام السياسي ممثلا بالاخوان المسلمين وباقي الحركات التي تستخدم الدين الاسلامي في صراعاتها السياسية
*اسرائيل بالاصالة عن نفسها
هذه التحالفات كانت ضد عبد الناصر لحمله لواء الفكر القومي العربي وطرح حلم الوحدة العربية على اجندة الامر اليومي....فكان العدوان الثلاثي وحرب عام 1967 وما آلت اليه من هزيمة وفاة عبد الناصر ومجيء السادات!!! والوافع ان السادات قد عمل ضد عبد الناصر تماما في الخطوط التالية:
* الخروج من التيار القومي واخراج مصر من بعدها القومي وكان هذا مطلبا صهيونيا بامتياز حيث ان القادة الصهاينة دائما في تحليلاتهم ومذكراتهم يقولون باهمية العمل على اخراج مصر من الدائرة العروبية لما لها من وزن وتاثير على توجيه سياسات المنطقة العربية وكان ممن ينظر لذلك دافيد بن غوريون اول رئيس وزراء لدولة الصهاينة.
*استحضار الاسلام السياسي والحركات الاسلاموية والتعاون معها من اجل صرب الفكر القومي والعروبي والتقدمي فاتحا الطريق امام الوهابية واشكالها تحت عنوان فاقد المعنى والمضمون"دولة العلم والايمان" واذا يثقافة الشعب المصري العريق تتحول جميعها الى ثقافة سلفية اسلاموية معادية بطبيعة الحال للفكر القومي العربي وللقومية العربية وللفكر الانساني التقدمي من جهة اخرى, وبدأت اليات التفقيس في انتاج ما هب ودب من الحركات التي تتدعي الاسلام وتتصارع في الشارع وفي الاعلام ولم يعد يجمعها الا المتاجرة بالاسلام فقط..........................هذه الحركات وتاريخيا لم تكن قادرة اصلا على البناء وانما هي تجيد التدمير والتخريب من خلال عملها في خدمة الاجندات الاجنبية وعلى راسها الصهيونية العالمية..........وما الفتاوي التي نسمعها كل يوم الا ما يعمل على تخريب وعي الانسان المسلم اولا وجعله خارج اطار الحياة والصراع وما عليه الا ان يعيش كالحيوان تحت رعاية دولة الرب بعد ان صدح الكثير من شيوخ الردة والعبث ان قتال اسرائيل لا يجوز وان العمالة لاسرائيل سنة نبوية.
وعلى ضوء هذا فان المشروع القادر على التصدي للمشروع الصهيوني"القومية اليهودية" هو مشروع القومية العربية والفكر القومي العروبي غير الشوفيني والتقدمي والذي يحتضن كل مكونات الوطن العربي من المحيط الى الخليج على ان يكون الانسان فيه مواطنا له كامل الحقوق وعليه واجبات يرقض التبعية والتخلف والمذهبية والمشروع الصهيوني وادواته ضاما تحت جناحيه كل الاخوة غير العرب من الاكراد الى الاشوريين والكلدان والامازيغ والبربر مع الحفاظ على الخصوصيات المشروعة لهم في وطن ودول حديثة مدنية تقوم على فصل الدين عن السياسة وعبر تنشئة انسانية حضارية ترفض الظلم والاستغلال والاستعباد.
#فايز_الخواجا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟