أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لكطيبي - الفلسفة اليهودية-الإسلامية أنموذج للحوار الحضاري















المزيد.....

الفلسفة اليهودية-الإسلامية أنموذج للحوار الحضاري


محمد لكطيبي

الحوار المتمدن-العدد: 4511 - 2014 / 7 / 13 - 17:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الفلسفة اليهودية-الإسلامية أنموذج للحوار الحضاري
عاش اليهود في شبه الجزيرة العربية منذ قدم العهود، إلى أن جاءت الدعوة المحمدية في القرن السادس لتغير منحى التاريخ نحو وجهة أخرى، حيث حدثت تغيرات اجتماعية وسياسية واقتصادية وفكرية، وبدأ المسلمون في بناء حضارة كما فعل الفراعنة واليونان وغيرهم ، و بعد الفتوحات الإسلامية اشتد عود المسلمين، وأرسوا دعائم دينهم، وشمروا سواعدهم، في كل المجالات، وكان الحقل الفكري أكبر المتأثرين بهذه التحولات، فانشر العلم في كل فج عميق، واتسعت دائرة المعرفة في كل العلوم وعن كل الحضارات.
ومع بداية القرن الثالث الهجري، بدأت ثمار هذا الانفتاح تؤتي أكلها مع الخليفة المأمون، الذي أسس بيت الترجمة، رغبة منه في نقل التراث اليوناني إلى الثقافة الإسلامية، علوم الفلسفة التي نبغ فيها اليونان، ورغم تضارب الروايات في هذا الشأن، فيظل للمأمون اليد الطولي، في إرساء دعائم الانفتاح على ثقافة الأخر، وان كان رجال الدين كالإمام الشافعي (ت 204م) لهم موقف الرفض، حيث حذروا من الفلسفة الأرسطية، وهو الأمر نفسه وجد عند اليهود، خاصة رجال الدين الذين رفضوا الفلسفة اليونانية وان كانوا اقل حدة مما فعله الفقهاء العرب.
غير أن ذلك الرفض لم يكن عائقا من التواصل الفكري فقد تأثر العرب باليهود اليونان الذين كانوا على اطلاع واسع بالفلسفة الأرسطية، كما لم يمنع الفلاسفة العرب من المقاومة والدفاع عن الفلسفة، فهذا الكندي (252) يحارب رجال الدين في تبرير المشروعية الفلسفية، وابن رشد الذي ألح على مشروعية الفلسفة وابن سينا (ت 428) والفارابي وإخوان الصفا والغزالي غيرهم ممن كان لهم صدى واسع في الفلسفة الإسلامية.
وقد أخذ اليهود عن الفلاسفة العرب، وعن هؤلاء خاصة "ومن الطبيعي أن يلفت ازدهار الفلسفة اليهودية، الانتباه أكثر فأكثر بحيث تمثل فلسفة حقيقية و نموذجا فلسفيا يصعب فصله عن باقي النماذج الفلسفية والأنماط الفكرية، بمكوناتها الكلامية والوصفية والأخلاقية والشعرية بل والشرعية والسياسية، التي تجمعت كلها بانسجام ويقدر غير متكافئ تبعا لما يغلب على العمل الفلسفي من أنحاء التفكير ونذكر نماذج في هذا الصدد أعمال سعديا ويحيا من يقودا وابن ميمون، ويهودا هاليفي، وأقرانهم من المسلمين كالكندي، والفارابي، وابن سينا والغزالي وابن رشد، وغيرهم"( ).
يتبين إذن كيف تأثر الفلاسفة اليهود بالفلاسفة العرب، من خلال نفوذ مناهج الفكر الإغريقي في الفكر اليهودي عن طريق الفكر الإسلامي، رغم رفض رجال الدين اليهود هذا الفكر "يقول الزعفراني في يهود الأندلس والمغرب" "الرفض الذي كان يضره اليهود في أعماقهم للعالم الوثني ويترجم ذلك بنوع من الدفاع الذاتي، حفاظا على التوحيد الذي كانوا به يحافظون على هويتهم، اتجاه غواية الوثنية المتمثلة في الحضارة الإغريقية (...) وما كان بالإمكان أن يصبحوا أكثر تقبلا للحكمة الإغريقية إلا بعد انتصار فكرة التوحيد مما لا خطر فيه على مذهب التوحيد."( )
بناء على ذلك يتبين الحوار الحضاري في الفلسفة اليهودية حيث أخذت من نظيرتها الإسلامية وخاصة من الفلسفة اليونانية التي ترجمها العرب، ولعل ذلك راجع إلى شمولية الفلسفة الإسلامية وإحاطتها بكل تلابيب الفلسفة اليونانية، وهنا أيضا يتجلى الدور الفعال للعرب في تحويل العلوم والمعارف إلى الطوائف الأخرى فرغم المعارضة الشديدة للفلسفة في البيئة الإسلامية، إلا أنها استطاعت أن تبتث قدمها في أرضية التاريخ، بقوة العقل العربي آنذاك، والأمن والاستقرار الذي ساد البلاد فعاش الفكر بعض حريته وأينع فلسفة إسلامية يذكرها التاريخ ، ولولاها لما عرفنا أرسطو و أفلاطون والسفسطائيون وغيرهم.
وقد شكل ابن ميمون أنموذجا للفلاسفة اليهود في العصر الذهبي للأندلس ، ولد سنة 4895 من بدء الخليقة أو 30 مارس 1135 في قرطبة من عائلة عرفت بالعلم "كان عطاء مجتمع وحضارة وثقافة لها خصوصياتها ومساهمته في العديد من صيغ التعبير الأكثر تنوعا في فكر عصره، لا نظير لها على الإطلاق، لقد كان طيبا لامعا، وضع مؤلفات في علوم الطب نالت شهرة كبيرة وكان عمله لا يزال في مجال "الهالخا" السلطة التي لا سلطة عليها، وأصبح ابن ميمون في الأبحاث الفلسفية الوسيطة التي شهد عليها اليوم طفرة في الجامعات الشرقية والغربية، ولدى العلماء الباحثين والمتخصصين يهودا ومسيحيين، ومسلمين، يوضع في مصاف أعلام كبار كالفارابي وابن سينا والغزالي وغيرهم") (
سطر في العديد من مجالات المعرفة:
- رسالة العزاء إلى يهود اليمن عندما أجبرهم الفاطميون دخول الإسلام.
- رسالة الردة عندما اجبر الموحدون اليهود في مراكش الدخول إلى الإسلام.
- مقالة في سماع الموسيقى وتحدث فيها عن حكم الموسيقى .
- مقالة في تدبير الصحة الأفضلية إلى الناصر صلاح الدين.
- مقالة في السموم وتعرف بالمقالة الفاضلة.
- توراة المشناه كتبه سنة 1180 يعد من أبرز الكتب الأدبية في العلم، أوضح فيه التعاليم اليهودية ببساطة وبأسلوب عبري سهل، وواضح ودقيق رتيب مادته على غرار الترتيب الإسلامي "انه يقوم بعمل تشريعي يكون فيه أهلا للقيادة، عمل يشبه بعمل المشرع الأول يكن بطبيعة الحال في مستوى دون مستواه، أن خلافة الله في الأرض وهي مهمة من مهام الشرع لا تنحصر فقط في فعل التفلسف إنها تتعدى ذلك إلى فعل التشريع، إلى ممارسة السياسة والحكم") (.
- دلالة الحائرين لأولئك الذين حاور في قضايا كثيرة بين العقل والدين بحيث لا يكون هناك تناقض بين الأمور العقلية والنقلية والكتاب خطاب إلى تلميذه يوسف بن عنقين، كتبه باللغة العربية بحروف عبرية في البلاد العربية.
المصادر الفلسفية "لدلالة الحائرين"
قام الزعفراني بالوقوف عند أهم هذه المصادر وهي: اليونانية المتمثلة في أرسطو، والإسلامية يحد صداها في كثير من الفلاسفة العرب المسلمون.
أ- المصادر اليونانية "كانت الأرسطية تمثل أسس فلسفية ابن ميمون، وكانت هذه الأرسطية في زمانه متأثرة إلى حد بعيد بالسياسة المدنية لأفلاطون" .
ب- المصادر العربية "غير أن نصيب الأسد من مصادر ابن ميمون ومراجعه كان للفلسفة العربية، ولا يخفى أثر الفارابي في ابن ميمون الذي كان يكن تقديرا كبيرا، فيما كان يعتقد في أمر النبوة والدور الأساسي الذي على النبي القيام به كما جاء ذلك في كتاب الدلالة، وتردد صدى ابن ميمون والفلاسفة العرب الذين أثروا فيه، في ما كان يدور حول بعض القضايا مثل الدار الأخرى، وخلود الروح بعد الموت وفي بعض أرائه حول ما يختلف فيه الأفلاطونية عن الأرسطية في موضوع كون المدينة والمجتمع" ) ( .
وقد نهل ابن ميمون من خيرات الفلاسفة العرب الكثيرة لذلك وردت أسمائهم بكثرة عكس الأعلام اليهود فلم " يرد عنده من ذكر كتابات الأعلام اليهود المتكلمين منهم والفلاسفة إلى القليل جدا، إذا ما قورنت بما ورد من النصوص التوراتية، والشروح التوراتية الارمية مثل أنكروس، ولم يرد في الكتاب إلا أن نصان فريدان بما كتب الكؤونيم (علماء) الأكاديميات الثلمودية العراقية.) (
-التيار العقلاني الإسلامي وأثره في الفلسفة اليهودية.
عرفت الفلسفة منذ تأسيسها على يد الكندي (ت 252ه) تياران مختلفان: احدها يرى العالم والأشياء وفقا لمرجعية النص –الكتاب والسنة- وهو يمثل في الثقافة الإسلامية المروي والمنقول الذي ينتمي إليه معظم أعلام السلف والأشاعرة، وأغلب المدارس الفقهية والسنية، وهذا التيار يؤكد حدود دور العقل في حدود النص، ولا سلطة لحجة العقل على النص.
والآخر يعلي من شأن العقل على النص، بل و يرى ضرورة تغليب العقل على النص، في حالة التعارض بين ما جاء في النص وما يراه العقل وإلى هذا التيار ينتمي أغلب الفلاسفة المميزين كابن رشد وابن باجة والغزالي والفارابي.
وقد أشاد الزعفراني بهذا الأخير (التيار العقلاني) ودوره في الفلسفة اليهودية يقول "ابن باجة مؤسس المدرسة الأرسطية، في الأندلس التي ينتمي إليها ابن ميمون، وكان ابن ميمون يعرف مؤلفه "رسائل الاتصال" ولم يأخذ منه مفاهيمه الفلسفية فحسب، ولكنه اخذ منه صورة خصوصا المجازية الواردة في الرسالة الأولى بالكتاب، حيث قارن الدرجات المختلفة في فهم الأشياء وإدراكها فوق بعض") (.
ويؤكد ذلك في "يهود الأندلس والمغرب" أما فيما يخص ابن ميمون، ومعرفته بعلماء الكلام والمعتزلة والأشاعرة فنكتفي بالإشارة العجلى إلى عرضه الذي عرض فيه للمذاهب، الكلامية الاثنية عشرة، ودحضه للمذهب الذي كان يروج له صاحب هذا المذهب، وما من شك في أن ابن ميمون عرف أعمال الغزالي واطلع على كتابه تهافت الذي رده عليه ابن رشد بكتابه تهافت التهافت، وتختلف أراء كل من ميمون والغزالي من حيث الجوهر لكن يبدو أن ميمون كان قد أعجب ببعض الملامح الفكرية لهذا العالم المسلم المتصوف الكبير، وإنه أخذ عنه بعض آراءه وورد أيضا في كتاب الدلالة اسم أبي بكر الرازي المفكر والطيب الذي يرد عليه ابن ميمون وثيقتي آراءه") (.

إن أهمية الفلاسفة العرب المسلمين جعلت لهم مكانه مرموقة عند اليهود، بل إن اليهود كانوا أكثر استفادة من هؤلاء، والحفاظ على هذا التراث الزاخر الشيء الذي جعلهم يحتفظون ببعض الكتب التي وصلت إلينا، خاصة ما كتبه ابن رشد الذي عانى الأمرين من ضغوط الفقهاء ورجال الدين ومحنة الحرق والنفي من طرف الأمراء والحكام، ذنبهم أنهم حاولوا التوفيق بين الفلسفة والدين، والحديث عن مشروعية الفلسفة من الوجهة الدينية، والسعي إلى تحذير ممارستهم الفلسفية داخل التربة الإسلامية جاء في أخبار سنة 555هـ في الكامل لابن الأثير انه لما تولى المستنجد الخلافة، ورغب في القضاء على ما كان في الإمارة من سوء فساد قيص على أحد من القضاة، وكان بئس الحاكم فأمر بأمواله فأخذت وبكنيته فأحرقت منها في الرحية ما كان من علوم الفلاسفة، فكان فيها كتاب "التقاء" لابن سينا و كتاب إخوان الصفا وما شاكلها، وعندما تعرض المتصوف الحنبلي الكبير عبد القادر الجيلاني للاضطهاد في عهد وزارة ابن داهمت دار حفيده عبد السلام بن عبد الوهاب المتوفى (611 هـ) وكان خصما للفقيه ابن الجوزي وفتشت كتبه ووجد فيها كتب الفلاسفة ورسائل اخوان الصفا، وكتب في السحر وأمر بإحراق كتبه.) (
وهو ما يؤكده الزعفراني "ابتداء من القرن 13 قام اليهود بترجمة مصنفات الغزالي إلى العبرية ودارستها و التعليق عليها، فعرفت بذلك شعبية كبيرة وواسعة( )"، ويقول أيضا "هذا يوضح جيدا العام لكتاب الغزالي في المجتمع اليهودي خلال العصر الوسط، ودليل على الالتحام الفكري، وشاهد على وجود التلاقح السوسيوثقافي( )".



#محمد_لكطيبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى متى نكذب على التاريخ ؟


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لكطيبي - الفلسفة اليهودية-الإسلامية أنموذج للحوار الحضاري