|
الاكتئاب ..هل الحياة ليس لها معنى!!
اسعد الاماره
الحوار المتمدن-العدد: 4508 - 2014 / 7 / 10 - 12:10
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ليس الحزن هو الاكتئاب، وليس كل حزن هو اكتئاب، وإنما فقدان الحب المؤدي إلى الحزن العميق هو الاكتئاب، فكثيرا ما يكون الحزن ثانوي لصراع داخلي أو لمؤثرات خارجية أو لفقد عزيز، أو لخيبة أمل، أو لصعوبة في التكيف، أو لفقدان هدف أو موضوع الحب، وهنا يوجد ترابط وثيق بين المؤثر الخارجي والوجدان الداخلي، وحتى الان لا يعد ذلك مرضا إلا إذا زاد عن وقته وأخذ مأخذا أعمق واقوي وطالت مدته، وهنا نستدل من سلوك الفرد عندما يبدأ يتدهور اجتماعيا ويفقد اهتمامه وينزوي بعد مدة طويلة.ويقول"بيير داكو" حينما يقع الشخص في نوبة من السوداوية مصحوبة بالانحطاط الكلي للمعنويات وتكون أفكاره زاخرة بأفكار الإثم والإهانة حيث يشكو ويئن ويعتقد إنه سارق ، قاتل ، غير أهل لأي شيء، إنه يعتقد أن كل شيء حوله في الحياة ليس له معنى، وتسيطر عليه تماما أفكار النفي وتظهر بوضوح عليه أفكار الاضطهاد التي تؤدي الى انتحار اندفاعي وتسبق ذلك إعراض مثل ارتعاش اليدين والنحيب المعلن مع البكاء ويتضرع لوضع حد لألمه. نحن معشر البشر أن الطبيعي فينا هو أن نتعلم نعمة النسيان، نسيان الحزن، ونسيان الآسي ولحظات الألم، إن مواقف الحياة في عالمنا المعاصر هي في الحقيقة معظمها آلالام وبها من المعاناة الشيء الكثير لأننا في مواجهة دائمة لإشباع متطلبات الحياة واحتياجاتها فصحيح تماما قول "د. مصطفى زيور" الحياة صراع قبل وفاق، وصراع بعد وفاق. إن أسلوب إي منا هو من يبعد شبح السقوط في وحل الأفكار الاكتئابية لا بل طريقة التفكير هي التي أما توصل البعض منا للاكتئاب أو تبعدنا عنه . وسؤالنا كيف ينجو الإنسان من الاكتئاب؟ هذا ما سنحاول الإجابة عليه خلال السطور القادمة بطريقة علمية دقيقة . يقول د. احمد عكاشة يبدأ الاكتئاب بأعراض بسيطة تتدرج في الشدة أن لم تعالج في بدء الأمر فيشكو الفرد أولا بفقدان القدرة على التمتع بمباهج الحياة أو ما يصفه بتنميل في العواطف مع انكسار النفس وهبوط الروح المعنوية ثم يشعر بتغير لون الحياة وقيمتها ويبدأ في التساؤل عن أهميتها ويعيش في سحاب من اليأس والجزع والانقباض وهنا تبدأ نوبات متكررة من البكاء الهادئ أو الصراع الحزين ثم تزيد وطأة الاكتئاب ويشعر بفقدان الأمل ويتخلل ماضيه وحاضره ومستقبله الرعب والخوف ويصيبه الارتباك الشديد ويتساءل ..لماذا لا استطيع التمتع وقد وهبني الله كل المباهج؟ ماذا حدث لي؟ كل الألوان متألقة والحياة سوداء لماذا لا يأتي الموت؟ هل كتب علي الانتظار؟ الحياة لا تستحق ..أسوار الحزن تحيطني من كل جانب، إني أرى كل شئ في الكون باهت يميل للسواد ..أنني لا استحق الحياة، تغمرني الذنوب والشعور بالإثم. أما رؤيته النفسية للأشياء فيلف تفكيره أفكار سوداوية دائما مع إجهاد شديد عند التفكير بأبسط الأمور وكأنه يقوم بعمل شاق بدني مع تضخيم للأمور البسيطة ويراها وكأنها كبيره وثقيلة، فعندما يبدأ يومه يكون قد حمل هموم الدنيا كلها معه، وحينما يذهب إلى عمله تكتنفه المخاوف وتراوده الهواجس في كل خطوة، أما إذا وقع على وثيقة أو على ورقة فإن سلوكه يتعكر وينتابه الوسواس الدائم إنه يضخم أتفه الأمور، يعاني من خيال مستمر بالهموم غير المنتهية. إن الإحساس بتأنيب الضمير هي السمة الغالبة لدى تفكير الاكتئابي فضلا عن الشعور بالذنب والاتهام الدائم للنفس بالمعاصي وفعل الخطيئة والدونية وتقليل القدر للذات، مع نبش الماضي ومحاسبة النفس عن كل فعل قام به في مرحلة الشباب أو المراحل السابقة من العمر، أنه الشعور بالخطيئة أو هي محاولة إيقاع التهم بالنفس وتحميلها ذنوب الماضي حتى وان كانت فكرة عابرة أو رغبة شباب طائشة كوعد بالزواج لفتاة تعرف عليها قبل سنوات واختلف معها وتركوا بعضهم وذهب كل في طريقه، أو فتاة تعاني من أعراض الاكتئاب تسترجع ذكرياتها وتنبش الذاكرة وتستدعي تلك الابتسامة لابن الجيران وهي مراهقة منذ زمن طويل مضى ولكن الشعور بالخطيئة هو السائد في التفكير فيكون التنقيب في الماضي الشخصي لإيجاد سبب لإرضاء هذه النزعة من الشعور بالخطيئة. إن احتقار النفس والإحساس بالدونية والحط من قيمة الذات هي المدخل الأساس والبداية للأفكار الانتحارية التي تراود الاكتئابي دائما وتشل تفكيره لأنه يعيش عذاب الذنب والشعور ويعتقد جازما إنه مسؤول عن كل شئ في حياته بما فيه زواجه أو إنجابه للأطفال ويتحمل وزر أفعاله وذلك بالخلاص من خلال إنهاء حياته بالانتحار لأنه وصل إلى حالة لا يشعر فيها بالألم أو بالسعادة وهو ما يعرف في الدراسات النفسية اختلال الإنية والعالم الخارجي. ويصف عالم التحليل النفسي الدكتور مصطفى زيور سلوك المصاب بالاكتئاب أو بعبارة أدق تحليلية نفسية معالم علاقته بالموضوع، تلك المعالم التي تعبر أدق تعبير عن نمط شخصيته بما يتضمنه من عذاب أليم، وتميز ديناميات موقف المكتئب إزاء الغير(علاقته بالموضوع) بالإدماج"الالتهام" العدواني لموضوع لم يتم تمييزه عن الأنا" المكتئب" ولما كان أنا المكتئب قليل النضج فهو لا يتعامل مع الموضوع على أساس تبادل الأخذ والعطاء، بل على أساس الأخذ وحده، فضلا عن أن نهمه لا يكتفي بما يستطيع الموضوع منحه إياه وإنما يفترض أن على الموضوع أن يمنحه كل شئ وفي كل وقت وبغير حساب وهذا يؤدي به بالضرورة إلى أن يحس بالإحباط وبالتالي بالنقمة على الموضوع بالرغم من حبه إياه وحاجته إليه ويقتضي هذا الموقف الوجداني المزدوج حيال الموضوع أن يشطره شطرين: احدهما صورة مثالية من الكمال والأخرى صورته الواقعية التي تشتد نقمته عليها بقدر بعدها عن الصورة المثالية، ويؤدي إدماج الموضوع غير المتميز عن الأنا تمييزاً كاملا إلى توقيع نقمة على الذات التي كان هدفها نقمة الموضوع، وهكذا يصل بالمكتئب إلى كراهية ذاته وتحول حياته إلى جحيم من العذاب ينصهر فيه كل اعتبار للذات.
#اسعد_الاماره (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|