أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - درويش عصي على النسيان














المزيد.....

درويش عصي على النسيان


مروان صباح

الحوار المتمدن-العدد: 4506 - 2014 / 7 / 8 - 08:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


درويش عصي على النسيان
مروان صباح / لم تكن تماماً تلك الأقنعة التى سقطت عند بوابات بيروت في صيف 1982 م غائبة عن ذهنية محمود درويش كشاعر ، حتى لو جاءت تساقطها تباعاً في قصيدة مديح الظل العالي ، والتي عُرفت عند الأغلبية بالأقنعة المتساقطة ، وفي إلقاء استثنائي ، بل ، نادر التكرار ، تألق به الشاعر وهو يطوي احداث غير عادية باغتت الأمة ، ومنّ على خشبة فصل الخطاب ، أعلن للبشرية جمعاء بأن القيامة قامت ويوم الحساب للعربي ، ابتدأ ، وجرد الأعمال قيد التنفيذ ، وأمام حضور لم يتوقعوا النجاة من حلقة اجتياح كانت الأصعب بامتياز ، حيث ارتبطت بسلسلة حلقات تعاقبت على مسيرة شائكة التبني والمحاسبة ، وقف درويش ، حيث قال ، بأن الخروج من أم المعارك لا منتصر ولا مهزوم ، كان امراً مستحيلاً ، لكن ، ماذا يصنع رجل قد كتب له القدر ، حياة اضافية ، كان قد اتقن فنها الذي يسمح له المغادرة وهو مطمئن ، إلا أن فائض الحياة والعنفوان حال بين محاولات اسرائيل الهستيرية بالإلغاء الآخر ، ليعود هذه المرة من رماد مدينة وصفت بالجحيم ، اختصته بامتلاك ، ناراً مستعرةً ، قادرةً على تذويب تلك الأقنعة المتخمة التى توارت خلف الخطاب الخادع ، ومع تزامن سقوطها واحدة تلو الاخرى ، كان التعري قد حل بشكله الكامل ، مقابل ، عدمية ، كادت أن تُسقط الخجل عن الإنسان ، كون الخجل كما هو معلوم امتياز بشري .
في قصيدة الظل العالي يسجل محمود ما آل إليه الوطن العربي بشقيه الرسمي والشعبي من انحطاط سوف يعرضه أمام الملأ بشكله التفصيلي ، حيث ، تقدم بمقدمته التوضيحية عن وقائع حملت من التواطؤ في لحظة ارتكاب الجريمة بحجم مدينة بيروت ، ما اَدَاَن جبين الإنسانية عندما تخلت القوى الكبرى عن دورها بتحمل مسؤوليتها الطبيعية وممارسة رقابتها للقيم الناظمة بين سكان هذا الكوكب ، وبالرغم من اشارته للعرب عندما خصهم دون البشرية وسمى الأشياء بأسمائها ، لأنهم ذوي القربي ، عرب اطاعوا رومهم ، اطاعوا ، عرب باعوا روحهم ، باعوا ، كانت بلاغة نبرته تخاطب وجدان الإنسان العربي بأن القدس وفلسطين دونهما يعنى انت تعيش بلا روح ، وحيث ابتدأ بصوته الخافت ينتظر كما يبدو انعكاس ملامح من هم يستمعون لكل الحكاية ، إذ بياسر عرفات قائد حصار البارحة شهيد اليوم تتدفق من ملامحه شرارات الاحتضان للشاعر ، تماماً ، كالأب الذي يرى ابنه لأول مرة يمتطي خشبة المسرح السياسي وأعين السياسيين اللاتى كانت تترقب كل جديد يصدر عنه ، تمنوا طيلة حياتهم أن يكون الشاعر ابنهم كي يقولوا لقد كان منّا ولنا ، وبالفطنة المشهودة يذهب صاحب الكلمة إلى الحد الأقصى في افتضاح ضباب الصورة ، خصوصاً ، عندما أصر الوقوف عاري القدمين كي يستشعر الرمال التى يقف فوقها ، وبأن الحصانة ليست لها حدود والمتاح من البوح يمكن له أن يفوق كل المحاذير أمام جريمة مكتملة الشهود وباعتراف أعضائها عن سبق خذلان وتواطؤ ، يُكمل دون تردد برفع رأسه للسماء ، متسائلاً ، ما كان للمحاصرين ، إلا ، محاصرة الحصار وما مفر من اللجوء ، إلا ، للخالق الواحد القهار الذي خلقنا من عدم ، كي يتعلم الشاعر الأسماء ، وهنا ، يؤكد محمود عندما يقول ، لعل لي رباً لأعبده ، لعل ، علمتني الأسماء ، أي يعني ، أن الشاعر له نصيب من الرؤية الثاقبة التى تتعذر على الآخرين ، فكيف يمكن معرفة تلك الدول بأنها لقيطة رغم عملية التضليل التى اجتهدت فئة فتفانت بالتدليس عندما أعادت كتابة سيرها الذاتية من أول وجديد وعلى ورق أبيض ، مقابل ، موت حاصد لعائلات بيروت الثكلى ، الذين جعلوا من الجحيم ، جنة ، رافضين تحويل مدينتهم إلى لقيطة .
ليس من السهل أن يأخذ الفرد على عاتقه مواجهة أمة اخفقت في اختبار تاريخي ، لكن ، إدراك حمله للمسؤولية التاريخية كشاعر اقام في الحاضر وسيقيم بالمستقبل بعد أن تربع على عرش الشعر العربي الحديث من خلال إقدامه على قول كلمة العدل بحق سلاطين متخاذلين ، فهو يصنع دون أدنى شك ، أفضل جهاد يمكن ردع به بطانة السوء .
غادر درويش قبل أن ترتوي العقول من أفكار لم يقولها ، بالتأكيد ، ما لم يقوله أجمل مما قيل ، وما تركه ، بالتأكيد ،عصي على النسيان .
والسلام
كاتب عربي



#مروان_صباح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة الاسترداد
- انتحار مذهبي بعينه
- معالجة الانفلات وتهذيب الاختلال
- البابوية المتجددة والإسلامية المتجمدة
- المعركة الطامة ، قادمة لا محالة
- مسرح النوباني
- الى من رحلوا لهم دائماً بريق الصمت ... رحمك الله يا أبي .
- مقايضة عفنة
- جمهورية اردوغان ،،، الثانية
- استعادة جغرافيات ، ونتائج انتخابية تفتح عدة احتمالات
- يمتنع البحر عن هضم السفيه
- تقليم الخيانة
- الدول الحديثة على المحك
- الحقيقة ... رغم مرارة واقعيتها
- الإضهاد الطويل
- مزيج أبومازن
- سُلالة ، أبداً ، لا تنقرض
- قراءة طبوغرافية
- أبومازن والواقعية الفائقة
- أبومازن والواقع العربي


المزيد.....




- تهديدات رسوم ترامب تضع ورشة ألمانية ريفية أمام معضلة شائكة
- -تيمو- و-شي إن- تعلنان رفع الأسعار في أمريكا بسبب رسوم ترامب ...
- عشرات القتلى والجرحى في غارات إسرائيلية استهدفت خيام نازحين ...
- موسكو تؤيد الحوار بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية
- انفجار في موقع لاختبار الصورايخ بولاية يوتا الأمريكية (صور) ...
- رئيس الوزراء الفرنسي يعرب عن قلقه حيال الوضع الصحي لصنصال وي ...
- الهند تصنع جيلا جديدا من السفن الحربية
- الوجه المظلم للأبوة .. اكتئاب الآباء يترك آثارا مدمرة على سل ...
- بعيدا عن عدد الخطوات.. كيف يمكن لمشيتك أن تحميك من الموت الم ...
- دميترييف: فكرة السفر إلى المريخ أصبحت أكثر واقعية


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان صباح - درويش عصي على النسيان