|
داعش و السودان
مازن صلاح الأمير
الحوار المتمدن-العدد: 4505 - 2014 / 7 / 7 - 23:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بساعته الباهظة ، صعد البغدادي منبر مسجد الموصل ، في مشهد طال بحساب زمن ساعته 10 دقائق لكنه فعليا جر الزمن من ذيله 14 قرنا للوراء ، و حتى حينما عاد لم يجد غير قديم لم يتجدد (لقد وليت عليكم و لست بخيركم) ليفتتح به عهد خلافته أو خرافته ،لا يهم فطعم الفجيعة في القلب سواء .. الدولة الإسلامية في العراق و الشام و التي تسمى إختصارا بداعش و التي يعتبر الزرقاوي أبو مصعب مؤسسا لها توالت عليها أربع رئاسات آخرها عند البغدادي و الذي شهدت فترته على خلاف الآخرين نشاطا جهاديا مكثفا في جبهتي سوريا و العراق ، و تضم داعش فيما تضمه من (خبوب و ربوب) قاعديون سابقون و مقاتلون و ضباط بعثيون كانو ضمن جيش صدام حسين المحلول ، و كما أسلفنا فإن نشاط الدواعش الجهادي في سوريا و العراق و سيطرتهم على مدن إستراتيجية مثل حلب و الموصل جعلهم يميطون لثام التقية عن خارطة دولتهم المرتجاة من أوربا القديمة حتى اليمن و من حدود الهند و السند حتى الأندلس - حسب تسمياتهم - ، فالدولة التي ترفع علم الخلافة الأسود تلتزم بكافة قوائم إرهاب اﻹ-;---;--سلام السياسي فليست هي بالحركة الدعوية بل نموذج أكثر سلطوية و شراسة بين كل نماذج الأصوليات الدينية التي مرت على سجاد المنطقة .. و لكي نناقش الأمر في لبه يجب أخذ ما إستشكل في فهم أمرهم و سبر غورهم ، و كما ذكرنا عاليه فإن الحركة الأصولية الوحيدة في المنطقة التي تخوض حربا مباشرة ضد دولة بكامل جيشها و تحالفاتها و بل تسيطر على بقاع كبيرة و تطمح في المزيد ، أو كما ذكر خليفتهم (حتى روما) ، أمر يدعو للتساؤل حول مصدر تمويلهم و تدريبهم ، و بالطبع لكي يستلين العاصي وجب أخذ الأمر من أعين المراقبين على عقب الفعل منهم و خصوصا دخولهم كطرف ثالث في معادلة الأزمة السورية بعد أن كانت المواجهة محصورة بين النظام البعثي في دمشق و المعارضة السورية و جناحها العسكري الجيش الحر ، ظهرت جماعات سلفية كان طليعتها في المكان جبهة النصرة السلفية التي يرجح تمويلها الخليجي و لتأتي من بعد داعش و التي في فترة وجيزة إستطاعت أن تسيطر على مناطق واسعة داخل نطاق سيطرة المعارضة مما يعني أنهم بكل تأكيد واجهو فقط جيش المعارضة و لم يجرؤا أو للدقة لم يكونوا (مدفوعين) لمواجهة جيش الأسد في مناطق سيطرته و هو بالطبع ما أضعف قوى المعارضة و زاد من أمد الحرب زمانا لصعوبة خيار الحسم العسكري بالنسبة للجيش الحر كون أنه أصبح يقاتل في جبهتين تقاتلانه منفرداً ، و جمر التسوية السياسية دون محاسبة النظام على جرائمه مما يجعل في حكم الراجح إنطفاء الثورة تحت خرير التبول الجهادي على جذوتها الديمقراطية ، مما زاد الأمر ضغثا على إبالة على مجمل المشهد و طعمه بالقباحة .. في الجانب الآخر من مسرح العبث و في الأراضي العراقية و بعمليات نوعية سريعة و خاطفة إختطفت داعش عدة مدن و غرزت في أعينها رايتها السوداء ، و شهدت هذه الفترة القصيرة تتويج كامل عصور الإنحطاط و بلوغ نرجسية جروح الكولونيل منتهاها بإعلان دولة الخلافة الإسلامية كتمرد أولي على نمط الدولة الحديثة و كتطبيق لنص يتكئون عليه ، و لكن ما كان أكثر إدهاشا بالنسبة لي هو البيان الصادر من (القيادة القومية لحزب البعث العربي الإشتراكي) و المصدر بأنه يختص بالإوضاع في المنطقة العربية ، تحدث البيان بلسان المصفق و بيد الطروب مسميا ما يحدث في العراق بالثورة و واصفا مكوناتها بـ (قوى الفعل المقاوم المؤتلفة في جبهة الجهاد و التحرير و الخلاص ، قوة تعيد للحياة السياسية العراقية توازنها) ، و لهج لسان البيان بذكر الأوضاع في المناطق كلها و إختص بالذكر مصر و سوريا و البحرين و لم يذكر أو لم يهتم بذكر السودان و لم يأبه لأمره على الرغم من أننا نملك طيفا واسعا من القوميين العرب يفوق عدد تنظيماتهم الستة أو الخمس و هو لعمري أضخم من عدد تنظيماتهم في سوريا و العراق مجتمعتين ! ، و ختم البيان بجملة تحايا إختص إحداها لشخص (عزة إبراهيم الدوري) الأمين العام للحزب و قائد جبهة الجهاد و التحرير كما وصفه البيان ، و الذي أظنه قد يشكل إجابة والو جزئيا عن سؤال التمويل و التدريب و القيادة .. و بالعودة لشأن السؤال ، أولا بحساب الموقف السياسي و إن كان بيان القيادة القومية يعبر فعلا عن موقف البعث و يحسم علاقة البعث بداعش و يقر بقيادته لها و بالتعريج على مضمونه و كما ذكرنا قفزه تهوينا عن ذكر الشأن السوداني ، مع العلم أن أحد الأحزاب البعثية في السودان أصدر بيانا مطابقا وقد يكون سابقا في الهتاف و التبجيل للحركة الجهادية في العراق مؤكدا بأنها ضد أذيال الغرب و مجسدا لموقف يتسم بخفة و رشاقة ليلية .! ، و هو ما يجعلنا نؤكد ما إستبان للغالب منذ أمد متطاول بأن مجهودات البعض في المسوح بالتعرب و هو في هامش مركزهم ثقافيا و جغرافيا لن يجعل منهم أكثر أولوية من قضايا أكثر مركزية بالنسبة لهم مثل فلسطين و سوريا و العراق و البحرين و مصر .. و من جهة أخرى إن كان أمر داعش مفصول تماما عن ما سقناه عاليه ، و إن ثبت بأنهم دعاة شريعة و خلافة فقط ، فقطعا أمر السودان ليس مركزيا أيضا لهم و لا أمرهم حلم بالنسبة لنا ، و قد يشي بذلك تقسيمهم الذي وضعوه على خارطتهم ، إذ أنهم دمجوا السودان و إثيوبيا و إرتيريا في قالب واحد سمي بأرض الحبشة ، و خيرٌ ما فعلوا ، من حيث أنهم وضعونا مباشرة أمام تصورين نابعين منهما ، الأول الإعتراف بإفريقية السودان و تسديد طعنة باذخة في صدر دعاوى الإستعراب و كذبة (نحنا و مصر حتة واحدة) ، الثانية إبداء عفتهم عن أمر بيعتنا بحيث أننا إن صنفنا في خانة الأحباش فإنهم كما في الأثر (إن جاعوا سرقوا و إن شبعوا زنوا) ، فلا خير فيهم يرتجى إلا تجارة يطلبون بها فضل من الله و منة ، و أيضا من موانع حمل السودان بهم هو زهدهم المتوقع في أي محاولة للزحف نحو السودان - إن كفينا بأس الشر المقيم - ، لإفتراض أنه لجماعة أصولية تسعى للوصول للسلطة مما يستدعي أن تحصل على موارد سريعة و بقاع جديدة فإن السودان و بترديه اﻹ-;---;--قتصادي المريع و حروبه القائمة ليس مكانا محبذا لهم ، و غير ذلك فإن النظام مع إدعائاته بالأصولية و دفاعه عن الشريعة فإن واقعة مريم يحيى تبثت إرتخاء عزم الإسلاميين للشريعة أمام غلظة العصا الأمريكية مما سيحتم عليهم مواجهتم إن مد الله في آجالهم .. ختاما و إن صار غير كل الذي سقناه ، فإنه و بمطلع العصور التي نحن فيها فإن تواجد أصوليات دينية جهادية يحتم و بكل عجلة إطالة النظر و الفحص في السرديات الكبرى و تنقيب التراث و هز اليقينيات و تفكيك الشعارات الكاذبة كالتي فوق رؤوسنا
#مازن_صلاح_الأمير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحجر الذي أباه البناؤون
-
تسذيج العلمانية
-
الإسلاميين و فجوة العقل و الضمير
-
الإسلاميين و صدمة الصعود
-
العلمانية في السودان : الطريق نحو الأنسنة-*
المزيد.....
-
بعد ارتفاع أسهم تسلا عقب الانتخابات الأمريكية.. كم تبلغ ثروة
...
-
وزير الخارجية الفرنسي: لا خطوط حمراء فيما يتعلق بدعم أوكراني
...
-
سلسلة غارات عنيفة على الضاحية الجنوبية لبيروت (فيديو)
-
هل تعود -صفقة القرن- إلى الواجهة مع رجوع دونالد ترامب إلى ال
...
-
المسيلة في -تيزي وزو-.. قرية أمازيغية تحصد لقب الأجمل والأنظ
...
-
اختفاء إسرائيلي من -حاباد- في الإمارات وأصابع الاتهام تتجه ن
...
-
أكسيوس: ترامب كان يعتقد أن معظم الرهائن الإسرائيليين في غزة
...
-
بوتين يوقع مرسوما يعفي المشاركين في العملية العسكرية الخاصة
...
-
-القسام- تعرض مشاهد استهدافها لمنزل تحصنت فيه قوة إسرائيلية
...
-
للمرة الأولى... روسيا تطلق صاروخ -أوريشنيك- فرط صوتي على أوك
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|