أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين يوسف - حينما تبوح ذاكرة البيدق باعترافاتها , قراءة في رواية من اعترافات ذاكرة البيدق لعباس خلف .















المزيد.....

حينما تبوح ذاكرة البيدق باعترافاتها , قراءة في رواية من اعترافات ذاكرة البيدق لعباس خلف .


علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)


الحوار المتمدن-العدد: 4504 - 2014 / 7 / 6 - 21:17
المحور: الادب والفن
    


منذ العتبة النصية الاولى على رأي جيرار جيبت تضعنا الرواية بوصفنا لعبة بيد الاقدار _ الاقدار السيئة _ ربما لأننا عراقيون , عرب , مسلمون , لكن ليس كل ما يعرف يقال لذلك .... نحن امام جزء صغير من اعترافات بيدق , وللحرف(من) دلالته التي تفيد التبعيض اذا هي اعترافات بائسة لكنها مزهوة بفعل الاعتراف بحد ذاته ... اعترافات بيدق مختزنة في ذاكرته التي صمدت بوجه الايادي التي مارست نزواتها به .
وليس من المبالغة ان يشعر القارئ للرواية هذه بأنه ازاء عمل اقل ما يمكن ان يقال فيه انه يستحق القراءة , ربما لجاذبية السرد , بل ربما لأنه يأسر القارئ بجمله الاخاذة , وصياغته البلاغية التي على الرغم من وجود بعض الملاحظات الا انها تستحوذ على لبه وتفرض نفسها عليه فرضا بل تقيده بتصوراتها حتى يأتي على اخر الرواية منتشيا بجمال السبك , ومتعة السرد.
السرد في ذاكرة البيدق لا يسير على وتيرة واحدة ... انه يمارس لعبة الانا والاخر بجدلية طغت عليها تقنيات كثيرة : الفلاش باك , الكولاج, التاريخية , الاختزال , السيناريو , التقطيع, الوصف, التكثيف , المجازات, لكن الاجمل ما فيه تلك الحكمة الطاغية التي تفوح بين ثنايا الاسطر .
ولا نريد الخوض في كيفية التصرف بالعناصر الاساسية للسرد الروائي في ذاكرة البيدق فهذا امر يتطلب وقتا اطول من هذا, لكن لابد من القول: ان تلك العناصر الستة واقصد: العقدة ,الشخصيات, السرد, البيئة, الفكرة الاسلوب, اكتست بطابع جمال واضح.
فالعقدة او الحبكة امتازت بالشد والاسر والتكثيف من ناحية العرض, وتصاعد الاحداث وذروتها ونزولها ووصولها الى الخاتمة او الحل الذي انتهت بالتصالح مع الذات قبل التصالح مع الاخر , ولم نجد في العقدة مجالا للصدفة والافتعال , بل كانت مركبة بشكل مقنع لم تشعرنا بأية آلية او قسرية ... فيها من التناسق والتناسب بين الاحداث ما جعلها تسير دون تلكؤ , فضلا على خلوها مما يشوب الحبكة عادة من حشو واسهاب او حذف ممل, فضلا على ان العقدة كانت هنا متماسكة تذكرنا برواية بمدام بوفاري مثلا .. اما الشخصيات فقد كانت تتحرك بعفوية بقسميها الثابتة والنامية , وقد اعتمدت الرواية على طريقة التحليل , فالقاص قد تكفل بتحليل سمات شخصياته , لكن ما يؤخذ عليه في هذا المجال انه مال الى وصف الحدث اكثر من وصف الشخصيات ذاتها الا في بعض المواضع مثل رسمه لشخصية المجندة الايرلندية .
اما السرد الذي يعني في ابسط تعريفاته :تطويع الحدث الواقعي ونقله الى حدث لغوي بطريقه مباشرة ملحمية, او بطريقه ذاتية, فقد كان في ذاكرة البيدق يميل الى الطريقة الثانية مع الافادة من الطرق الواقعية او تيار الوعي .
اما البيئة, والمقصود بها الزمان, والمكان, فقد كانا عاملين مؤثرين في تحديد الشخصيات , فضلا على وضوحها ودلالتها فقد كانا عراقيين بامتياز.
اما فكرة الرواية وثيمتها الاساسية فقد اوحت بمغزها لعام وبينت وجهة نظر القاص عباس خلف في الانسان والمجتمع والحياة عموما , ومما يحسب للرواية ان فكرتها لا يمكن اصطيادها في جملة او فقرة او صفحة او فصل, انما تمثلت في نسيج الرواية كلها, ولا اعتقد ان القارئ يمكنه التوصل الى اصطياد الفكرة في ذاكرة البيدق ما لم يتم قراءتها.
اما الاسلوب الذي كتبت فيه ذاكرة البيدق فقد تميز بالفرادة والعمق الفلسفي, ماعدا بعض الواضع التي بدا فيها تقريرها واضحا بسيطا وعلى الرغم من ذلك لم يكن الاسلوب السردي في هذه الرواية غاية في حد ذاته بل كان وسيلة تأطرت بالصياغات الجميلة من اجل غايات بعيدة المنال, تمثلت في تحقيق الغرض الذي كان يرمي له عباس خلف من روايته , لذلك قد لا يجد القارئ كلمة او جملة, الا وتشي بالتعاضد والتآزر من اجل تلك الغاية , على الرغم مما يحسه القارئ او يشعر به احيانا من ان القاص اسرف في التأمل او الوصف ,لكني اعتقد ان ذلك التأمل او الوصف لم يخل هو الآخر من قيم بلاغية.
ومهما يكن من امر فإن ذاكرة البيدق تميزت بنمط سردي انماز بتبريز عناصر الحكي او القص بطريقة جعلت المكونات السردية :الزمن , والرؤية , والصيغة متواشجة غير متناثرة, فقد كان زمن الرواية منطقيا في حين كان زمن السرد ذاتيا مما خلق مفارقة زمن السرد مع زمن الحكي بطريقة استرجاعية اتسمت بالإيجاب فضلا على توظيفها لوظائف السرد الزخرفية والتقريرية .
ويمكن تقسيم الرواية على لحظات وهي :
لحظات الحكاية الاولى :
1- لحظة التأمل مع الذات _توصيفات_ .
2- لحظة الانقلاب على الذات _ما ورد فيما شبه له او لحظة الولوج في الذات .
3- لحظة غياب الذات , وابراز الحدث الموضوعي _ على ظرف الغيم ينطلي الدفء.
4- لحظة النكوص الى التاريخ من ص 45 وصف ذكريات الحرب العراقية .
5- لحظة الوقوف امام الحدث – حدث الاحتلال من ص 49 – الوصف التفصيلي الدقيق .
6- لحظة الفناء في الاخر- ص 55 حينما وصف الراوي لحظات العشق مع حبيبته اسماء التي ترتد الى الشابندر .
7- الرحلة مع مذكرات الباشوات , مذكرات الشابندر مصطفى خان, والتواشج معها في الكتابة ص 65 الى 79 .
8- لحظة الذكريات مع اسماء 79 .
9- لحظة الحادثة المفرقية وخطف اسماء .
لحظة الحكاية الثانية
وصف فيفين روفائيل المجندة , وعرض الشيخ راهي بن حمود له ان يعوضه خطف اسماء بمجندات من المعسكر الامريكي .
ومن الامور الجميلة في الرواية : تلك اللغة الحكيمة المصاغة بلاغيا , من ذلك قوله :
نفيت بلا احد يرشدني الى صوابي ..اه النسيان (النسيان بعض الاحيان نعمة )ص 23 .
كان بودي ان اعرف __التعريف بماذا ؟ص 32 .
في تلمس مصدر الاحداث نعمة التفاصيل ص 32 .
يقول الجاحظ :حين تلزمك الحجة لا مفر من الاحتكام الى المنطق ص 320 .
لا صدفة في المنطق 32ص .
ومما يحسب للرواية ايضا التلاعب الجميل بتصورات القارئ فمثلا بعد الحديث مع نزار والمرأة التي فقدت عكازها ,يعود القاص ليضع القارئ في دوامة السرد قائلا : ((هل المرأة العجوز وصوت الصبية الذي تتناهى الى سمعي ونزار والرجل الجالس وكيس الرمال والعصا صادفتهم في هذه الرقعة المسجلة في مكاتب الدفن ام اني لم اصادفهم اصلا ماذا ؟ كيف يتحرك المرء ذاته , فعلا جنون ,من يعذر من ؟ : ))
ومن الامور الاخرى التي تحسب للرواية وضع القارئ امام حشد من تفاصيل الاحداث , كما في : على ظرف الغيم ينطلي الدفء . واستعمال الفراغات كما في قصيدة النثر ص 50 , وقوله الملوك اذا دخلوا قرية ......... , وقوله : واعظ ديني يمنع عن دخول القوات الغازية ولكن ........... , واستعمال كلمات اجنبية في اكثر من موضع . والثراء المعلوماتي _مثل ما ورد في الفصل : على ظرف الغيم , و في ص 80 و87 اذ ذكر اسماء روايات وكتب كثيرة .
ومع استمتاعنا بالرواية الا ان قراءتنا قد شابتها عدد من الهنات البسيطة التي يبدو انها من فعل الطباعة او التنضيد , ومن ذلك :
قلت له صدقني __ والا ابلغ اصدقني .
غناء الروح يخرج من تيهة الصحراء __والاصوب من تيه الصحراء او متاهة الصحراء .
سمراء ونحيلة __والاصح سمراء نحيلة , اذ ان حرف العطف الواو يفيد الجمع .
وقد تبدو احيان العبارة غير مستقرة , كما في قوله : لم أر في حياتي مدينة لا تستجيب لصفارة الانذار وهي على وشك قدرها المحتوم او يبدو مراقبته او انتظاره ؟39ص.
وقوله : لم تعد الانوار التي نجت من القصف تسبح في الشوارع اولها اثر يذكر وكأنها مجرد هياكل معلقة ص40 , الاصح لم يعد للأنوار اثر .



#علي_حسين_يوسف (هاشتاغ)       Ali_Huseein_Yousif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذات في خطاب الشكل الشعري المعاصر ... قراءة في النص الشعري ...
- الكشف الشعري والنفاذ الى حقائق الاشياء ..... قراءة في نصوص ع ...
- المجاوزة الرؤيوية في الشعر ... قراءة في الاعمال الورقية للدك ...
- مشكلة السوابق واللواحق في ترجمة المصطلح
- ازمة الخطاب الموجه في الفضائيات العراقية
- غياب الإفادة من التطورات الحاسوبية لخدمة اللغة العربية
- المعجم العربي وازمة الدقة المصطلحية
- حلم ... (قصة قصيرة )
- جدل التراث والحداثة في النقد العربي ... ادونيس نموذجا
- في نقد العقل العربي التنظيري
- استقبال البنيوية عند المفكرين العرب ... قراءة في كتاب مشكلة ...
- الحداثة وما بعد الحداثة والتداخل المفاهيمي بينهما .
- الممارسة النقدية العربية ومشكلة التنظير
- من البحث عن النقد الى البحث عن الهوية المنهجية
- النقد والآيديولوجيا ... في النقد العربي المعاصر
- قراءة في كتاب نظرية البنائية في النقد الادبي
- في مصطلح الاجراء النقدي
- على حافة الحرف (نص)
- ادعاء (نص)
- فوكو بوصفه قارئا


المزيد.....




- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين يوسف - حينما تبوح ذاكرة البيدق باعترافاتها , قراءة في رواية من اعترافات ذاكرة البيدق لعباس خلف .