أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عمامي - البركوس














المزيد.....


البركوس


محمد عمامي

الحوار المتمدن-العدد: 4504 - 2014 / 7 / 6 - 04:35
المحور: الادب والفن
    



لم يكن يتصور نفسه يوما ذا شأن. حين توافق على تعيينه الخبثاء اتقاء لصراعات مدمرة بينهم، واحتفاء بتوافق موارب يلتف عن كل اختلافاتهم، لم يصدق نفسه. كان يعيد على اذهان الجميع صيغا متواضعة بسيطة وشديدة العفوية. كان يسخر من نفسه زعيما ويتهكم على هيئته بيروقراطيا معتبرا. وكم ألحد في التندر بدور الزعيم الذي البسوه إياه.

مرّ الزمن متثاقلا وتحلق المريدون المخاتلون حول المنسق العام. نفخوا فيه من روحهم الماكرة وزودوه بوقود النرجسية والتصنع والهيبة. انتهى إلى تصديق التمثيلية، فاستوى منتفخا وقطب حاجبيه تقطيبا. أصبح ينطق بحساب وينتقي كلماته ويرطن بلغة الزعماء. هو رجل التوافقات، ينأى بنفسه عن مواقف التنطع وراديكالية صغار النقاد. هو رجل مسؤول، لا يحق له قول مايفرّق، ولا يجازف باصدار مواقف تخل بالتوازنات.. تلك التوازنات التي يجب عليه مراعاتها والتدخل قصد تصليبها.

اليوم دعي الزعيم إلى اجتماع توحيدي لمجمل أركان الديمقراطية.
قاعة كبيرة فاخرة، تتناثر فيها الارائك، وتتواتر على حيطانها المعلقات واللوحات الجذابة. ترنح الزعيم على الزرابي المبهرة ألوانها والرطب ملمسها قبل ان ينهال على أريكة لم يجلس على مثلها قط. أصابه الدوار واضطربت حركته وتكور باحتشام وراء زعيم سبقه خبرة وتدربا على دوار القصور.

لم يهشّ له أحد ولم يستقبله مكرّم. استمع إلى المبجلين يتناقشون ويقررون ويثبوتون على ورق ناعم ما توافقوا عليه. واكتفى الزعيم بالتصفيق وطأطأة رأسه من حين لآخر لرسم علامة الموافقة. جلب انتباه الأسياد مرة واحدة حين مخط أنفه بصوت مقزز جراء نزلة أصابته، صباحا، وهو يستحم بالماء البارد نتيجة قطع التيار الكهربائي في منزله منذ يومين.

كان لا بد من الابتسام فابتسم. كان لا بد من الانحناء فانحنى وكان لا بد من الامضاء فأمضى. امتلأ حبورا وزهوا بعد الامضاء. فقد صافحه كبار القوم وربّت بعضهم على كتفه. ها قد دخل عداد الشخصيات الوطنية وثبّت ضمن أسياد المجتمع. منذ اللحظة، ارتقى من زعيم عصبة ضيقة لا شأن لها إلى أحد ركائز الوطن. هذا الوطن الذي تحوّل بالنسبة له، منذ نفس اللحظة، إلى ابن قاصر أودع له ووضع تحت رعايته. هذا الوطن/النظام لن يستطيع التفريط فيه للفوضويين المخربين اللامسؤولين.

اضطربت خطواته وهو يقطع الطريق إلى حانة المزار. توقف في الطريق حائرا مترددا. لم يعد مناسبا له الاختلاط مع الدهماء. عليه من الآن أن يبحث له عن حانة فاخرة لا يرتادها سفهاء القوم. ولكن كيف السبيل إلى حانات رعاة الوطن وجيبه خال لا يحتوي على أكثر من مبلغ بسيط يشحذه كل يوم من هنا وهناك. فكيف السبيل إلى التزود بذخيرة مالية لارتياد الأماكن الملائمة لوضعه الجديد؟ ربما وجب عليه الاقتراض مجددا ؟ أو ربما بحث عن ممول سخي من أعمدة الوطن المتوارين خلف الزعماء، يسندونهم ويدفعون عنهم الفاقة والتسول إلا ما كان في مصلحة الوطن؟ ألم يصبح هو ذاته حارسا لذات الوطن ؟ تلك هي المعضلة المباشرة التي على الزعيم حلها قبل غيرها للقيام على الوجه الأكمل بمهامه الوطنية.



#محمد_عمامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثورة الاجتماعية في مواجهة مسخها -الديمقراطي-
- البرنامج المباشر للثورة الاجتماعية والسياسية بالبلاد التونسي ...
- الهبة الشعبية الجديدة ودروس 32 أكتوبر 2011
- تونس ترتقي إلى مصاف الفريسة المتميّزة
- السلطة -للكفاءات الوطنية-والشارع للشعب الكريم!
- الإتحاد العام التونسي للشغل بين الوفاق البيروقراطي وتجذر قوا ...
- نداء إلى من اختار أن يسبح ضد التيار
- الثورة في خطر، نداء ما قبل الإنتحار الجماعي.
- القوى الثورية وحرب استنزاف حكم الالتفاف
- مسيرة اليوم للاتحاد العام التونسي للشغل، وماذا بعد؟
- رسالة مفتوحة إلى مناضلات ومناضلي النقابيين الأتحاد العام الت ...
- قراءة أولية لمشروع دستور حزب النهضة: نحو جمهورية إسلامية سني ...
- قراءة أولية لمشروع دستور حزب النهضة: نحو جمهورية إسلامية سني ...
- مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل: دار لقمان على حالهاً(2)
- مؤتمر الاتحاد العام التونسي للشغل: دار لقمان على حالهاً (1)
- ديموقراطية الحكماء وديموقراطية الدهماء
- الإسلاميون وحالة الكمون الجديدة
- تونس في مفترق الطرق
- المطالب الاجتماعية الملحة والمهام الثورية
- ليسقط جلاد الشعب لنستكمل مهام ثورتنا!


المزيد.....




- وصف مصر: كنز نابليون العلمي الذي كشف أسرار الفراعنة
- سوريا.. انتفاضة طلابية و-جلسة سرية- في المعهد العالي للفنون ...
- العراق.. نقابة الفنانين تتخذ عدة إجراءات ضد فنانة شهيرة بينه ...
- إعلان القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية 2025 ...
- بينالي الفنون الإسلامية : مخطوطات نادرة في منتدى المدار
- ذكريات عمّان على الجدران.. أكثر من ألف -آرمة- تؤرخ نشأة مجتم ...
- سباق سيارات بين صخور العلا بالسعودية؟ فنانة تتخيل كيف سيبدو ...
- معرض 1-54 في مراكش: منصة عالمية للفنانين الأفارقة
- الكويتية نجمة إدريس تفوز بجائزة الملتقى للقصة القصيرة العربي ...
- -نيويورك تايمز-: تغير موقف الولايات المتحدة تجاه أوروبا يشبه ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عمامي - البركوس