غازي صابر
الحوار المتمدن-العدد: 4502 - 2014 / 7 / 4 - 20:54
المحور:
الادب والفن
عصافير
غازي صابر
همس لها :هل تكونين لي ـ ـ لي وحدي ؟
لم ترد لكنها أغمضت عينيها بأسنحياء ونشوه . صعقه هذا الخيط المتلالآ وسط عينيها فكاد يسقط نشوة لكنه تماسك وحين حلقا بالطيران شعر وهي الى جانبه وكأنه يطير لأول مره ،أحس بالمتعه وهذا الهواء المعطر برائحة الخضره وهناك ـ ـ ـ هناك حيث النهر الخالد والمتدفق من ينابيع الجبال في الشمال وهو يضحك لأمواج المياه السابحة فيه والمتدافعه فرحاً فوق جسده الممتد بطول الوطن فرحاً ، ولأول مره شعر وكأن شيئاً يتبخر في رأسه الصغير ويدفعه للنشوة والزهو .
كانت هي أحياناً تسبقه في الطيران فتمتلئ عينيه برشاقة جسدها المغزلي والذي يحرك فيه نوازع لايدرك ماهيتها ولا يعرف حدوداً لمضامينها، كانتترتفع وتهبط وبسرع متفاوته ،إنه لايريد ان يعرف فقط ان يبقى محلقاً معها هكذا .
كم تمنى ان يطول طيرانهما ويأخذها هناك ويحط بها على غصن شجرة عالية وجميلة وقويه لكنها هبطت فجأة على بقعة تتوفر فيها بقية من الطعام مرغماً هبط خلفها حيث إختارت .كان ينقل قدميه حيث يلتصق الطعام بهما فيلتصق بها ويحتك الجنح بالجنح :
ــ معك وخلفك الى الأبد . يتمنى ان يذوب فيها وتذوب فيه
ــ كأن في عينيك وحش جائع ؟
ــ قبل ان أراك كان كل شئ سواد بسواد . صيرتي كل شئ حولي له طعم خاص حتى هذا الصندوق الفارغ الذي نقف فيه وبقايا للطعام هذه أراها عالم جميل .
أحست بالخجل ،قفزت أمامه بغنج ودلال فأصبحا وسط الصندوق المفتوح ،أراد ان يهبط برأسه الصغير ويلتقط حبة من هذا الطعام ويقدمها بمنقاره لمنقارها والذي بات متيماً عشقاً بحلاوته وطراوته لكنها هبطت برأسها قبله فقد أغراها الطعام وفجأة هبط غطاء الصندوق فوقهما فساد الظلام داخل الصندوق ،كانت تلتصق به من الخوف والهلع ،اراد ان يحيطها بجناحيه ويضمها لجسده بقوه ،كانت ترتعش ،إنزاحا لأحدى الزوايا يبحثان عن فتحة او مخرج من هذا الظلام الذي طغى على كل شئ وسمعا صوت أجش في الخارج يردد :
ــ أي صيد هذا ؟ ولا أطيب من العصافير المشويه .
في جبهات القتال الخلفيه كان بعض الجنود يبنون جدار من أكياس الرمل ويختبأون خلفه بعد أن يضعوا قليل من الطعام في صندوق للعتاد ويربطوا غطاءه بحبل رفيع وما ان تحط الطيور داخل الصندوق لنقر الطعام حتى يتركون الغطاء يهبط عليهم .
#غازي_صابر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟