|
جهاد التخريب
محمد السيد محسن
الحوار المتمدن-العدد: 4502 - 2014 / 7 / 4 - 13:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
جهاد التخريب ............. محمد السيد محسن لندن 2014 .............. قبل معركة الفلوجة الاولى وتحديدا في الايام الاخيرة من شهر سبتمبر/ ايلول من عام 2003 ذهبنا مجموعة من كادر الجزيرة مكتب بغداد الى المدينة وقد ساعدنا رجل من مجلس شورى المجاهدين للدخول الى المدينة خلسة بين البساتين لنقل عدتنا واجهزتنا التي بقيت في المدينة بعد ذلك , وكان احمد منصور يرافقني في تلك الرحلة وللامانة فقد كان خائفا وكنا نتعامل معه كطفل يخاف من ظلام الليل . وحين وصلنا المدينة أقمنا في دار رجل اسمه "عمر حديد" الرجل الثاني في تنظيم التوحيد والجهاد الذي كان يتزعمه ابو مصعب الزرقاوي. عمر حديد كان مقاتلا قادما من افغانستان له لحية كثة وشعر طويل ويرتدي زيا افغانيا ولا يفارقه سلاحه ومجموعة الرمانات اليدوية التي كانت تحيق بخصره , تحدث لنا طويلا عن المعارك التي خاضها في "تورا بورا" ومناطق عدة تحت راية تنظيم طالبان الافغاني ويومها لم يكن معروفا تنظيم طالبان الا في افغانستان في المساء احتجزنا جميعا في غرفة واحدة وبقينا فيها ساعتين على الاقل وقيل لنا بعد ذلك ان أبا مصعب الزرقاوي جاء لاداء الصلاة صباحا اخذنا مقاتل تونسي وسائق من اهل المدينة .. مدينة الفلوجة .. ومررنا بجانب مسجد وكان يقف عند القرص الدائري لمنارته قناص تابع لتنظيم الزرقاوي سألت المقاتل التونسي سؤالا بريئا مفاده : الا تعتقد ان هذا المقاتل سيكون هدفا سهلا للامريكان وان وجوده هنا سيتسبب في استهداف بيت من بيوت الله . قال لي التونسي هذا ما نبغيه وما نهدف له وهذا الاخ هو يعرف نفسه انه " سيستشهد " لامحالة ولدينا كاميرا في زاوية قريبة ستصور استهداف الامريكان لدور العبادة في الفلوجة واذا ما تم استهداف هذا المسجد ومنارته سيعرف المسلمون والغرب ان الامريكان يدمرون دور عبادة المسلمين منذ ذلك الموقف اصبحت على يقين بانني امام اناس يتصرفون بالدين كمسعى اعلامي يهدفون منه استجلاب الشباب المغرر بهم من كافة أصقاع الدول السنية والعالم للقتال الى جانب التنظيم في الفلوجة ومع استمرار الجولة في شوارع واحياء المدينة كان بعض المقاتلين من العراقيين وغيرهم الكثير يحذرون سائقنا من المرور ببعض الطرقات والأزقة لان الدور السكنية كانت مفخخة وبعض الجسور كذلك, فانطبع في ذهني مسمى جديد للجهاد اسمه جهاد التخريب وكان المقاتل التونسي يتحجج برواية لأحد الغزوات في زمن الخليفة الثاني حين مر الجيش الاسلامي في بستان فقال لهم عمر بن الخطاب اسلكوا طريق المزرعة وان ادى ذلك الى تدمير زرع احد المسلمين وكان يتحدث عن نظرية اسلامية يتبناها كل فقهاء المسلمين بما فيهم فقهاء الشيعة واسمها نظرية "الراجح والمرجوح" فالراجح ان "لاتقطعوا شجرة ولا ترعبوا طفلا او امراة" حسب ما جاء في حديث للرسول محمد لكن المرجوح ان تسلم خطة الغزوة وان تصل الى اهدافها . هذه النظرية بالطبع طورها ابو محمد المقدسي مفتي تنظيم التوحيد والجهاد وسميت بعد ذلك بنظرية "الترس" والتي عدل عنها بعد ذلك بسبب مقتل تسعة وثلاثين تلميذا عراقيا في الرستمية جنوب بغداد حين فجر انتحاري جسده بين التلاميذ وكان بينهم جندي امريكي يوزع عليهم الحلوى بعد خروجهم من المدرسة . الأمر الذي رفضه ابو مصعب الزرقاوي وارسل رسالة الى المقدسي قال له فيها : لست بشيخي, واستعان بأبي أنس الشامي كمفتي للتنظيم بدلا عن المقدسي. ما أود خوضه في هذا المقال بعد هذه المقدمة ان جهاد التخريب ركن اساس في عقيدة تنظيم التوحيد والجهاد والذي بات يعرف اليوم بتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام "داعش" التخريب ليس بمعناه الاجرائي على الارض بل حتى على النفوس وحتى على تطبيق الشريعة الخاصة بهم استنادا الى مفتي من الممكن انه ليس له القدرة على استنباط الأحكام الشرعية بشكل صحيح فهذا التنظيم اعتاد على ان ينقل للجميع صورة عن تنفيذ الاعدامات الميدانية لاسرى في حروب يخوضها مقاتلوه وهذه سابقة في العقيدة الاسلامية وغيرها حيث ان حقوق الاسير مصونة وان كان من الكفار . ونقل كتاب التاريخ الاسلامي بأجمعهم كيف تعامل الرسول محمد مع الاسرى الذين فتكوا بمقاتليه لكنه حقن دماءهم ولم يقتلهم ميدانيا استنادا الى طباعه الانسانية أولا والى الدبلوماسية الناشئة وقتذاك على اساس تأسيس الدولة الاسلامية فيما بعد , ولم يذكر التاريخ حوادث لقتل الاسرى الا حادثة مالك بن نويرة الذي قتله خالد بن الوليد طمعا في الزواج من زوجته الذي جعلها أرملة واقام عليها في ليلة مقتل زوجها لكن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب طالب الخليفة الاول ابو بكر الصديق بمعاقبة خالد وحين لم يستجب ادخر ها بن الخطاب حتى الت اليه الخلافة واولى قراراته كان عزل خالد حتى مات على فراش الموت ولم يمت بمعركة المثير في ما يجري في العراق ان النخب السنية العراقية ضيعت بوصلة المواجهة من خلال استقدام تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام كي يكون يدا ضاربة يحرج الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة الاسلاميون . فمعركة النخب السنية في العراق هي مع النخب السياسية الشيعية التي تنضوي بجميعها تحت مسمى الاسلام السياسي وبذلك فقد ورطوا قواعدهم الجماهيرية في جهاد التخريب الذي يحرص تنظيم داعش على تطبيقه بين أبناء السنة العرب باعتبار أن مناطقهم هي التي باتت حواضن لمقاتلي داعش وهي التي اقيمت عليها ما دعا اليه زعيم التنظيم بدولة الخلافة
ان ضياع البوصلة السنية العراقية أثر كثيرا على المشهد العراقي في كل جوانبه السياسية والاجتماعية وغدا سيعرفون ان اقتصاد مناطقهم وخيراتها ستكون حكرا للتنظيم بالاتفاق مع الاكراد والاتراك الذين تعاملوا مع الموقف وفق براغماتية عالية المستوى, واليوم بدأ الحديث عن تصدير داعش للنفط من الموصل ومناطق اخرى الى الاكراد والاتراك باسعار زهيدة الامر الذي يدعم قوة التنظيم بمقابل ضعف الارادة الشعبية في المناطق التي تسكنها الغالبية السنية العربية في المناطق التي سيطر عليها تنظيم داعش وازعم ان التاريخ لن يرحم الطبقة السياسية السنية العربية في العراق ولن يغفر لها تبريراتها في التعامل مع "داعش" على اساس الظلم الذي حاق بهم من قبل سياسات حزب الدعوة الذي وصل الى السلطة مرتين بفضل تحالفات بعض النخب السنية معه مقابل الحصول على مناصب وامتيازات شخصية لم يستفد منها المواطن العراقي السني العربي
#محمد_السيد_محسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فأراد معرفة اليقين فذاقه
-
داعش العراق وحرب الفتاوى
-
البطاقة التموينية بين السيستاني والمالكي ومحمد مهدي صالح
-
اللاعب الثالث في سوريا
-
السعودية والبحرين , اعلان موت اتحاد
-
شكسبير يدعو العراقيين للمحبة
-
دمشق ... اخر العواصم
-
القرضاوي وصناعة الفتوى
-
لحية جيفارا ولحية الاخوان
-
هل سيقلب رفعت الأسد الطاولة
-
جمهوريات الاخوان
-
جلباب الدكتاتورية
-
المظلومة حنان الفتلاوي
-
رسالة الى اياد علاوي
-
الفاعل والمفعول به في تجديد البقاء للامريكان
-
السعودية وايران الحرب الخامسة
-
جمعة البحرين في العراق والخلط بين الزعامة السياسية والطائفية
-
باسل انت ومغوار ايها الملك
-
هل اخطا المالكي ؟
المزيد.....
-
-حماس- تصدر بيانا بشأن فلسطينيين تتوقع الإفراج عنهم مقابل 3
...
-
عمدة مدينة اسطنبول أمام القضاء وسط هتافات المؤيدين ودعوات لا
...
-
أكبر تجمع للمسلمين بعد الحج .. مهرجان ديني على ضفاف نهر تور
...
-
مشغلو المسيرات الروس ينقذون جنديا روسيا معتقدين أنه أوكراني
...
-
لماذا يخشى ترمب تخلي -بريكس- عن الدولار؟
-
ترامب: سأفرض رسوما جمركية على السلع الأوروبية لأن بروكسل تعا
...
-
إسقاط 7 مسيرات أوكرانية فوق مقاطعة بريانسك الروسية
-
فرق الطوارئ الأمريكية تنتشل جثث 41 ضحية في حادث تصادم الطائر
...
-
زاخاروفا: روسيا قدمت بديلا للكتل السياسية العدوانية على السا
...
-
المغرب واليمن.. توقيع 7 اتفاقيات لتعزيز التعاون
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|