أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوزفين كوركيس البوتاني - الغربة تقطنني














المزيد.....


الغربة تقطنني


جوزفين كوركيس البوتاني

الحوار المتمدن-العدد: 4501 - 2014 / 7 / 3 - 18:16
المحور: الادب والفن
    


كم من الصعب ان تكون غريبًا وأنت داخل بلدك، والأصعب ان تعاني ذل الغربة وأنت في قلب وطنك المسلوب، ولعل الكثيرين مثلي راودهم هذا الإحساس، ولكن أنا إحساسي مختلف؛ إنني أتعذب حد النخاع وينتابني شعورغريب تجاه نفسي، لدرجة اشعر معها بأن الغربة تقطنني منذ ولدت وأتخيلها جالسة فوق عرش قلبي التعب. أشبّه غربتي بامرأة ساقطة جاحدة، وأتخيلها متكأة على نافذة أوهامي وهي تدخن بصمت، كأنها تنتظر عشيقًا ما. وحالما يصل عشيقها، تسرع هي اليه وتعطيه كل ما تملك فقط كي ترضيه وتشبع غروره. آه، هذا ما تفعله الغربة بي...غربتي لعينة تمارس معي لعبة قذرة، ومن خلال لعبتها هذه، تذلني حتى أشعر بأن كل شيء حولي لا يخصني...

غربتي تحيط بكل جوانبي، حتى داخل قوقعتي ومع نصفي الآخر ومع ذاتي...آه كم انا تعبة...كم انا مثقلة...آه ياغربتي اللعينة، كفي عن تعذيبي ولو لبعض الوقت...!

أراها غير مبالية بي. كم هي أنانية. غرست أنيابها بي لدرجة جعلتني أحس بأنني لست من هذا الكوكب. كأني أخر مخلوقة من سلالة انقرضت نهائيًا ولم يعد لها وجود، لذا تراني أبحث عن من هم من فصيلتي ولكن دون جدوى...

أريد التخلص من تلك التي تدخن على حافة أوهامي، ولكن كيف؟ فأنا لا اعرف كيف أتكيف مع الظروف ولا استطيع تحمل ما يتحمله غيري ولا أجيد فن التغلب على الصعوبات التي باتت لا تعد ولا تحصى ولا اعرف كيف أمثل دور المواطنة "الحرة" وأنا سجينة...كيف أكون حرة وأنا مقيدة بأغلال ثقيلة تعيق حركتي؟ كيف أكون حرة وأنا غير قادرة على ان تمثيل دور المواطنة الصالحة التي منحها وطنها امنًا وهميًا؟ واي امن امنحه لذاتي وهي بحالة خوف وقلق وشعور دائم بعدم الاستقرار؟ وماذا عن عجزي عن اتخاذ اي قرار؟

كل هذه الأمور جعلتني اكتشف بأن وطني هو من يمد يد العون والمساعدة لغربتي..! بأنه هو من يقوي من عزيمتها في داخلي، وكم هو صعب أن يفرض الوطن الغربة عليك، والأصعب حينما يخيرك بين ان تقطنك الغربة أم تقطنها أنت...

وان كنا نعاني الذل داخل بلدنا، فما حال هؤلاء الذين يقطنون الغربة؟ ترى كيف تتعامل معهم؟ كيف يتحملونها؟ الغربة تستوطنني وتذلني وانا هنا في حضن الوطن، فكيف حال أمتي المبعثرة هنا وهناك؟ ربما هم ايضًا تراهم يمارسون الدعارة والعشق المزيف بين أحضانها الملوثة...وربما يتوهمون بأنهم جالسين على عرشها اللعين بانتظار يوم السعد الذي لا يأتي أبدًا...وربما سيهبون كل ما يملكون فقط لكي ترضى عنهم غربتهم...؟

آه لمن تقطنه الغربة والويل لمن يقطنها. لذلك شكرت غربتي وقدمت لها سيكارتها المفضلة وقلت لها: افعلي بي ما شئت...مارسي معي عشقك وتعسفك كما يحلو لك وامنحيني كل آلامك، أقطني فيَّ طالما شئت شرط ان لا تجبريني على ان اقطنك يومًا من الأيام، لأني لا أريد ان أمارس تلك اللعبة التي تمارسينها معي ومع عشاقك...لأني ببساطة امرأة تعبة والويل لمن يقطنك...والويل كل الويل لمن تقطنينه...!

كتبت بتاريخ 26-08-2001



#جوزفين_كوركيس_البوتاني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روائح
- وجوه
- حداد
- المتسولة المدمنة
- غربة مكان
- هذا المكان
- دسّني في عبك
- الغانية والهيكل المقدس
- حب بلا كلمات
- حزينة أنا
- من أنتِ؟
- ديك شهريار
- هذا المساء
- قالوا
- الضوء والفراشة
- لحظات مكسورة- الجزء الرابع
- مكالمة لامرأة منسية
- ثقوب
- هجرة جماعية
- لوحة رسام وأوراق لعب مبعثرة


المزيد.....




- الجزء الثاني من الفيلم الناجح -Freakier Friday- أصبح جاهزاً ...
- مسجد إيفري كوركورون الكبير.. أحد معالم التراث الثقافي الوطني ...
- من دون زي مدرسي ولا كتب.. طلاب غزة يعودون لمدارسهم المدمرة
- فنان مصري يتصدر الترند ببرنامج مميز في رمضان
- مجلس أمناء المتحف الوطني العماني يناقش إنشاء فرع لمتحف الإرم ...
- هوليوود تجتاح سباقات فورمولا1.. وهاميلتون يكشف عن مشاهد -غير ...
- ميغان ماركل تثير اشمئزاز المشاهدين بخطأ فادح في المطبخ: -هذا ...
- بالألوان الزاهية وعلى أنغام الموسيقى.. الآلاف يحتفلون في كات ...
- تنوع ثقافي وإبداعي في مكان واحد.. افتتاح الأسبوع الرابع لموض ...
- “معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جوزفين كوركيس البوتاني - الغربة تقطنني