أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد عبد اللطيف سالم - موجز تاريخ المحنة - 8 -














المزيد.....

موجز تاريخ المحنة - 8 -


عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)


الحوار المتمدن-العدد: 4500 - 2014 / 7 / 2 - 00:25
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


موجز تاريخ المحنة - 8 -

( 1 )

العراق .. سينما .
والفِلْمُ المعروض الآن بنجاحٍ ساحقٍ ، على شاشاتِ تاريخٍ طويلٍ من الصُبّيرِ والرملِ واللغوِ ، والأبلِ الفارّةِ من الثكناتْ .. لن يكون طويلاً كفلمٍ هنديّ ، تتّمُ فيهِ فبركة النهايات الحزينة ، و تلفيق النهايات السعيدة .
و هذا الفلم ، ايضاً ، لن يكون قصيراً .. كفلم اللقطةِ الواحدة .
ولكنّهُ فلمٌ مُعَقّدٌ بعض الشيء .
و العراقيّونَ لا يُحبّونَ الأفلامَ المُعَقَدّة .
و يكرهونَ النهايات المُلفقّة ، لأنهم يعتقدون أنّها ليستْ نهايات ..
لقد سبقَ لهم اختبار المقدمات والنتائج ، من تفاصيل تاريخهم الخاص ، طيلة قرونٍ مريرة . وهم على يقينٍ تام بأنّهُ بعدَ كلّ نهاية ، سيبدأُ تاريخٌ كاملٌ من الأسى العراقيّ الطويل .
هذا ماتعلّمتُهُ من العيشِ هُنا لأكثر من ستينَ عاماً .. شاهدتُ فيها الكثير من الأفلام الرديئة ، و ذرفتُ فيها ، مع أقراني ، الكثير من الدمعِ الرخيص .
وهكذا ..
وكما يحدث كلما تم عرض فلمٍ جديدٍ على شاشةِ هذا الوطن المُلتَبِسْ ،
سيغادرُ العراقيّون الصالةَ ، وهُمْ يتجادلونَ حولَ السبَبِ وراء هذا الأستثمارِ السيّءِ
، والدائم ، لثمن التذكرة .
هذه التذكرة التي يرتفع سعرها منذ تموز 1958 ، لتبلغ ذروتها في حزيران 2014 .. ومع ذلك فاننا نستمّرُ في دفع فاتورتها الباهظة الكلفة صاغرين .. رغم ان الأفلام المعروضة تزداد سخافةً ، وبؤساً ، منذ ذلك الحين .
في نهاية المطاف قد يقرّرُ الجمهورُ الغاضِبُ والمُحبَطُ حرقَ الصالةِ .. باوراق التذاكر باهظة الثمن .
عندها لن تكون هناك صالةُ عرضٍ واحدة ،على امتداد هذا العالم الفسيح ،
تقبلٌ أن تعرض فلم " العراق " الطويل ، والمُعقّد .. والسيّء الصيت .
وعندما لا يكونُ هناك فلم .. لن تكون هناك صالة ..
وسيموتُ المُمَثِّلونَ جميعاً .

( 2 )

ليسَ لنا مكانٌ آخرَ ، لنذهَبَ إليه .
كُلّنا .. كلّنا .. كلّنا .
المنفى بالنسبة لنا .. ليس وطناً .
وقد نصبرُ على التهجير .. ولكنّهُ لن يكونَ هجراً جميلا .
والحربُ هي الحرب .
و منْ يعتقدْ أنّ لديهِ بديلاً عن وطنهِ في مكانٍ آخرَ .. فليذهبْ إليه ، ويتركُنا لهذا العراق ، ويتركُ هذا العراقَ لنا .
إنّهُ بلدُ حارٌّ ، ومُغْبّرٌ ، وحزين .
و للروحِ فيهِ جروحٌ لا تندمل .
وفي قلوبِ أهلهِ ألفُ طعنةٍ ، و طعنة .
و لكنّنا لانملكُ غيره .
نحنُ نعرفُ أنّ الوطنيّةُ ليستْ محَلاًّ للسكن . وليستْ حَكْراً علينا .. نحنُ الذين نَعَضُّ على ترابنا ، بأسناننا ، الآن .
و نعرفُ أنّ هناك ، في المنافي ، من هو أكثر ُ وطنيّةً من " حراميّة البيت " المُقيمين هنا ، بين ظهرانينا .
ومعَ ذلك .. فأنّّ على من يعتقدْ أنّهُ يمتلكُ أوطاناً أخرى ، و منازل أخرى ، أنْ لا يفتحَ علينا أبواب جهنم ، ثمّ يعودُ في الوقت المناسب ، إلى حيثُ بنى أعشاشَهُ الآمنِةْ .. ليضعَ " بيوضَهُ " الذهبيّة ، " و فراخَهُ " المقدسّةُ " هناك " ، و يتركنا ، " هُنا " ، وحدنا .. في الوقت بدل الضائعِ من التاريخ .
نحنُ الذينَ لا نملكُ بيتاً آخرَ .. لنذهبَ إليه .

( 3 )

أنْ تدخُلَ الموصلَ " فاتِحاً " ..
هذا لن يجْعَلَ منكَ " موصِلِيّاً " .
الموصلُ .. مدينة .
أنْ تعيشَ في بغداد ..
هذا لن يجْعلَ منكَ " بغداديّاً " .
بغدادُ .. مدينة .
أن تأتي إلى البصرة ، بلا لونٍ ، ولا طَعْمٍ ، ولا رائِحةٍ
، وتجعَلَ أهلَها غُرباءَ عنها ،
هذا لن يجعلَ منكَ " بَصْريّاً " .
البصرةُ .. مدينة .
إنّ للبصرةِ ، كما للموصل ، و بغداد
رائحةٌ ، ولونٌ ، وطَعْم .
تَمَدْيَنوا ..
أو ..
عودوا إلى صحراء الروح الكبرى .

( 4 )

" الأنسانُ قد يُهْزَمْ ، ولكنّهُ لا يُدَمَّرْ " .
هذه واحدةٌ من أكبر الأكاذيب التي صدّقْتها في حياتي .
والدليل على ذلك ، هو أنّ من كتَبَها لنا .. قد انتّحّرْ .
وضعَ ماسورة البندقية في فمه .. وأطلقَ الرصاصَ على عقلهِ ، الذي أطلق تلك الأكذوبة .
أتعرفونَ لماذا انتَحَرَ " همنغواي " ؟
لأنّهُ كان يعرفُ أنّ " الأنسان " هو أضعفُ الكائنات .. وانّ " الوغْدَ " هو أكثرها قُوّةً ، و تأثيراً ، و سُلْطَة .
لأنّهُ كان يعرفُ أنّنا خَسَرْنا .. وأنتهى الأمر .
لأنّهُ كان يعرفُ أنّنا هُزِمْنا .. وأنتهى الأمر .
لأنّهُ كانَ يعرفُ أنّ السمَكَةَ ، ليستْ هي التي ضاعَتْ .
وأنّ الذي ضاعَ .. هو البحر .




#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين تلك الرائحة
- عندما يأتي المغول
- لجوء .. نِسبي
- موجز تاريخ المحنة - 7 -
- يومٌ سيّء
- حطّابُ القلوبِ القديم
- موجز تاريخ المحنة - 6 -
- تأخير أقرار الموازنة العامة في العراق / مقاربة أخرى للسلبيات ...
- إبنةُ العَمِّ - مارك زوكربيرغ - العزيزة
- لحظةُ حزنٍ .. وتَمُرّ
- موجز تاريخ المحنة - 5 -
- بُلبُلَ الحُلْمِ .. في - نارِنْجَةِ - أيّامي .
- اليومَ لها .. وغداً ليسّ لي .
- موجز تاريخ المحنة - 4 -
- مفاهيم و مصطلحات .. و رؤى وانعكاسات
- وضّاح العراق .. و وضّاح اليمن
- أصابعها الطويلة .. التي تشبهُ الليل
- حزب - الكَنَبَة - المصري .. وحزب - القَنَفَة - العراقي
- بلدٌ مكسور .. قلبٌ مكسور .. روحٌ كسيرة
- أنت وحيدٌ .. أنتَ وحدَك


المزيد.....




- تحليل لـCNN.. لماذا تعتبر الصفقات التجارية بين الدول -صعبة ل ...
- فليك يُشعل الكلاسيكو ويدعو برشلونة لفرض هيمنته أمام مدريد
- بيسكوف: روسيا ستدرس مقترح وقف إطلاق النار لمدة 30 يوما
- المهندس محمد جودت: الذكاء الاصطناعي قد يحل كل مشاكل البشرية. ...
- هذا ما كشفته التحقيقات الإسرائيلية بشأن إخفاقات 7 أكتوبر
- حلفاء أوكرانيا يعرضون هدنة ويهددون روسيا بعقوبات قاسية
- مظاهرات في بوروندي للاحتفال بالانتخابات التشريعية والبلدية
- المغني الأوغندي بوبي واين يعلن عزمه الترشح للرئاسة
- عشرات القتلى والجرحى بقصف الدعم السريع سجن الأبيض وهجمات أخر ...
- القسام تبث مقطعا مسجلا لأسير إسرائيلي يهاجم سارة نتنياهو


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد عبد اللطيف سالم - موجز تاريخ المحنة - 8 -