أديب كمال الدين
الحوار المتمدن-العدد: 4494 - 2014 / 6 / 26 - 08:30
المحور:
الادب والفن
شعر: أديب كمال الدين
1.
صرخَ الطاغيةُ الأرعن
مُحَاطاً بحاشيته وجلّاديه وكلابه:
أنا
أنا
أنا.
فالتهبت الأيادي بالتصفيق،
واغرورقتْ العيونُ بالدموع،
وامتلأت الحناجرُ بالهتاف.
2.
صرخَ المطربُ المشهور
مُحَاطاً بالأضواء البرّاقة
وبفرقته الموسيقيّةِ العملاقة:
أنا.
فملأتْ معجباتُه المراهقاتُ القاعة
بالصفيرِ والصراخِ وصيحاتِ الإعجاب.
3.
صرخَ المجنونُ: أنا.
وَصَمت.
فضحكَ الناسُ طويلاً.
تركَ المجنونُ أناه تسقطُ فوقَ الأرض،
وبكى.
4.
قالَ الماضي:
أنا أسكنُ في الماضي أبداً
فكيفَ لي أنْ أعرفَ: مَن أنا؟
5.
قالَ الحاضر:
أنا ساعاتٌ
تتناثرُ هذي اللحظة في الريح.
مَن يجمعها لي كي أعرفني.
6.
قالَ المستقبلُ: أنا لا أنا لي.
لأنّي لم أزلْ
في كهفِ الغيب.
7.
قالت الزهرةُ: أنا.
فضحكتْ مِنها النحلة.
8.
قالت الكأس:
أنا الخمرةُ أو السمّ،
أيّهما أقرب مِن شفتي.
9.
قالَ الحرفُ: أناي النقطة،
فهل سألتْ النقطةُ: مَن أنا؟
10.
قالَ السرُّ: أنا السين
لكنْ ما مِن راءٍ لي.
11.
في خاتمةِ رسالةِ حُبٍّ
طارتْ في الريح،
خاطبَ العاشقُ معشوقته:
يا أنا...................ي.
12.
قالت الريح:
أناي لا اسم لها ولا عنوان
ولا حتّى ذكرى.
13.
قالَ غرابُ نوح: أنا.
وتركَ السفينةَ في موجٍ مُتلاطم
والناسَ في هلعٍ مُتلاطم.
ضحكَ قليلاً،
وصفّقَ بجناحيه طويلاً،
وحلّقَ فوقَ الطوفان.
14.
قالتْ حمامةُ نوح: أنا
حلمٌ يمتدُّ إلى ما شاءَ الله.
وعادتْ بغصنِ أنا الزيتون،
أي عادتْ بغصنِ أنا الماء.
15.
قالَ أخوةُ يوسف: إنّا نحن، إنّا أنا.
وألقوا يوسفَ في البئر،
ومضوا لأبيهم بدمٍ كَذِبٍ.
فبكى يعقوبُ على أناه
حتّى ابيضّتْ عيناه.
16.
بعد رحلته الكبرى،
قالَ كلكامش
وهو يمسكُ عشبةَ الخلودِ: أنا.
نعسَ فنام.
فاقتنصت الأفعى الفرصة
وسرقتْ منه أناه.
17.
قالَ الحلّاج: أنا هو وهو أنا.
ومحبّتُه سرّي الممتدّ
مِن أقصى الكونِ إلى أقصاه.
18.
قالَ الدهرُ: أنا.
لم يسمعْه أحدٌ أبداً.
لكنَّ صدى صوته
ظلّ يتردّدُ في كلّ مكان
إلى ما شاءَ الله.
19.
قالَ الموتُ: أنا.
فامتلأت الأرضُ بجُثثِ الناس.
www.adeebk.com
#أديب_كمال_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟