أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - الاغنية الاخيرة لحارس النواعير














المزيد.....

الاغنية الاخيرة لحارس النواعير


سعد محمد موسى

الحوار المتمدن-العدد: 4492 - 2014 / 6 / 24 - 19:50
المحور: الادب والفن
    


الاغنية الاخيرة لحارس النواعير
سعد محمد موسى

(بمناسبة مرور أربعينية رحيل شيخ الفنانين وعراب الطين والقباب نوري الراوي)

"أرثي فيك الرحيل والوطن وموت نواعير راوة على ضفاف الفرات وجراح العراق"

أيتها الطفولة المعلقة دائماً مابين أعذاق النخيل
ومابين أكتاف الامومة
وهي ترتل تعاويذها مابين المعبدين
وكأنها توشك أن تلامس قبة السماء!!

يبقى الفنان طفلاً يحن الى أحضان أمه وأبجديات عشق مدينته الاولى حتى أخر لحظات حياته !!
...
كانت اقدام الطفولة المعفرة بغرين الفرات تطلق العنان في رحاب قرية تسكن بها البساتين وتصغي الى تغريد البلابل وهديل الحمائم وتغفو على ضفاف نهر الحلم والاسطورة .. انها مملكة الفنان التي دفن تحت ترابها حبل سرته .. (راوة) التي ولدت ومنذ الازل على ضفاف الفرات.
كان الطفل ابن تلك القرية السعيدة والمعمد بضياء الشمس يعدو كل صباح خلف قوافل الفراشات واليعاسيب والجراد . أو يعبر قناطر الجداول الخشبية نحو الضفاف الاخرى لمطاردة الارانب البرية أو لقطف ثمار التوت والنبق وهو كان يعبأ بغنائمه في جيوب دشداشتة المقلمة .
وأثناء عودته الى المدينة كان يتسلق جدران البيوت بخلسة وخفة وهو يسرق ورود الجوري
الى بنت الجيران .
بقيت مدينة السحر وقبابها البيضاء ودوران نواعيرها الابدية في البساتين تسكن روح الفنان الراوي .. حتى أخر يوم في حياته الذي عاشه في مدينته البديلة بغداد والتي كان يشاهد في مناراتها وقباب جوامعها المشيدة في رحاب العاصمة موازنة روحيه مع ذاكرة مدينة طفولته راوة .
لكن قباب الفنان فقدت برائتها ونقائها وأتشحت السماء في لوحاته بالقلق وبدأت تميل الى العتمة. بعد ان بدأت لعنات الحروب والويلات في العراق .. فكانت تحيط بفضاءات اللوحة أجواء مشحونة بالحزن واللوعة . وبقيت أعماله رغم جمالياتها وأناقتها لكنها كانت منكسرة يشوبها وجع الفنان وهواجسه على وطن مغتصب أنهكته المواجع وكأنه لبوة جريحة تكابر وجع السهام وطعنات الرماح في جسدها.
وحين شاهد الفنان قبل رحيله احتضار بغداد ونواح الحمائم على ضفاف دجلة بكى وطنه مثلما بكى كلكامش رحيل خله وصاحبه انكيدو.
فلا شيء كان يواسي الفنان عاشق الرافدين غير نشوة السرقات من بقايا رفوف الذاكرة.
وحين ارتحل شيخ الفنانين الى سموات أخرى ترك رحيله بارواحنا فراغاً وحسرة.

لقد غادر ناطور نواعير راوة .. فحزنت البساتين وتوقفت النواعير عن دورانها وهاجرت الطيور .. مثلما هي بغداد اتشحت معالم الشجن بعد رحيل عرابها وعاشقها نوري الراوي.



#سعد_محمد_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رثاء لجراح المدن المكابرة
- ينابيع المحبة والسلام
- الصبي المسحور
- مقهى أبو سعد
- عزلة الراهب كياتسو
- أعياد ملونة من أقاصي الذاكرة
- رقصة الفراشة في شرنقة النار
- أمنيات النسيان فوق رصيف ذاكرة
- وليمة الظل
- الحرب وزمن السفلة
- الجدة علاّهن
- حكايات الرمل والنمل
- مذكرات الانتفاضة والمنفى
- الفنان سعد محمد موسى وريث الحضارة السومرية
- تجليات في مبخرة العشق
- ابتهالات في ليلة عشق
- تنفيذ عملية إعدام لعاشق ٍ متهم بجريمة حب
- الارنب والقمر
- أمنية متأخرة تطرق الباب
- صهيل الفرس المفجوعة فوق التل


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد موسى - الاغنية الاخيرة لحارس النواعير