أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى اسماعيل - القذارة الشمولية














المزيد.....


القذارة الشمولية


مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)


الحوار المتمدن-العدد: 4492 - 2014 / 6 / 24 - 00:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كان ملفتاً ومثيراً للاستغراب بالنسبة للعديد من طلاب الدورة التدريبية التي نظمها مركز الأديان والدبلوماسية التابع لجامعة جورج ماسون الأمريكية في مدينة استنبول التركية خلال شهر يونيو / حزيران 2014 ما قاله العسكري السوري المنشق اللواء محمد فارس عن أن نظام حافظ الأسد زجَّ به في ما يشبه الإقامة الجبرية طيلة تسع سنوات ونصف بعد عودته إلى سوريا من رحلة إلى الفضاء الخارجي مع طاقم سوفياتي حينها.

متوقعاً الإجابة, سألتُ اللواء فارس عن أسباب محنته تلك, فأجاب بلا تردد : إنها طبيعة الأنظمة الشمولية التي لا تريد نجماً آخر بجوار الطاغية.

يأتي حديث اللواء فارس بعد أيام من انتهاء محنة نجم الفروسية السوري عدنان قصار الذي أفرج عنه بعد 21 سنة من الاعتقال التعسفي بدون محاكمة, وقد تم اعتقال قصار في 1993 لأن سوريا المختزلة إلى مزرعة لطاغية لا تحبذ وجود فارس آخر يتفوق على ابن الطاغية ( باسل الأسد ) ويسرق الأضواء منه وإن كان جديراً بالأضواء وماهراً أكثر منه.

المفترض في الحالتين وكل الحالات المشابهة أن يتم الاحتفاء بالشخصيات الناجحة التي تحقق لبلدانها قصص نجاح, لكن ما حدث ويحدث هو العكس تماماً, أي التنكيل بها, وإعادة عقارب ساعات أولئك الشخصيات إلى الخلف, وتكبيلهم, ويفعل النظام الشمولي ذلك مدفوعاً بذهنية ( النجاح لا يحتمل القسمة على إثنين ).

لم يكن النظام الشمولي في سوريا الوحيد الذي مدَّ سرير بروكوست للاقتصاص من أركان في دائرته والكائنين خارجها, ولم يكن الوحيد الذي أطلق حملات قص الأجنحة ونتف الريش التي استهدفت شخصيات بارزة في المستويات العديدة المجتمعية, هناك أنظمة شمولية عديدة في العالم ارتكبت أهوالاً مشابهة مدفوعة بعقدة الأبوية والوصائية والثأرية التي حكمت مقارباتها للمجتمع الذي تحكمه وترتيب تلكم المجتمعات وفاقاً لبرنامجها المحكم. قد يكون تطهير المجال العام وما يمتُّ منه للسياسة هو الأولوية القصوى, لكن المؤكد أن النظام الشمولي في سوريا وغيره من الأنظمة لم تكتفي بذلك, بل عمدت إلى ما هو أبعد, ويشكل المثالان المتقدمان : محمد فارس وعدنان قصار دالاً مؤلماً, يذكرنا ذلك بمقولة معبرة للمفكر الفرنسي مونتسكيو : " موقف الطاغية, هو موقف ذلك الذي يقطع الشجرة لكي يقطف ثمر.. ".

نحن شهود على جرائم أنظمة الحكم الشمولية العديدة, وكذلكم الأمر الأحزاب الشمولية التي تحكم بأجهزتها المرعبة واستبدادها العاري هنا وهناك, مطوحة بكل الفرص من أجل صياغة مجتمعات أفضل, أو خلق آفاق أرحب أمامها وأمام الإنسان فيها, ماذا عسانا نقول عن النظام الشمولي الحاكم في كوريا الشمالية الذي يلزم الكوريين بتسريحة شعر الزعيم الأوحد, وماذا نقول عن أحزاب شمولية أخرى ارتكبت خلال أشهر معدودة ما لم ترتكبه أنظمة بوليسية طيلة عقود, نردد هنا مع الفرنسي ديفرجيه إن " الدكتاتوريات ليست إلا مرضاً ". والمؤكد أنها مرض كارثي وقاتل.

لا تريد الاستبداديات الشمولية أي اختلاف في الجوار, وأي فعل مغايرة سياسي وثقافي واجتماعي, ولا تريد قامات وشخصيات كاريزمية مؤثرة في مجتمعاتها, ولا تريد حكماً أي خطاب مصاغ خارج مطبخ السلطة, ولا تريد شخصيات ملهمة أو مبدعة, ولهذا ربما نرى رعاية الاستبداديات لأنصاف المواهب وأنصاف الكفاءات وأشبه المبدعين, ولعل الكواكبي لم يبالغ حين عدَّ الاستبداد سبباً لكل بلاء ومفسدة.

إذ نتذكر توصيف الطاغية الكوري الشمالي مؤخراً لزوج عمته ونائبه الذي قتله بدعوى أنه " قذارة حزبية ", يصح أن نطلق تسمية " القذارة الشمولية " على كل نظام حكم شمولي وكل حزب سياسي متغوِّل يتحول فجأة من ضحية إلى جلاد, وقد أنهيا كل قانون وكل سلطة للقانون وكل سلطة للمعرفة والحريات كافة, عبر ترويض وتدجين المجتمع ومكوناته.

أردد دائماً مع الشاعر الأغريقي أرخيلوخوس : " لا أرغب أن أكون طاغية ".



#مصطفى_اسماعيل (هاشتاغ)       Mustafa_Ismail#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقوق الإنسان.. سؤال الجدوى
- متاهة جنيف 2
- الساسة والعسكر مجدداً
- المهرجون
- عن مواقف الحكومة العراقية المعادية لسوريا
- شعبٌ أخير
- عملية تبوّل
- قصائد
- يعلمني الماء
- بشار وفقاعة صابون أخرى
- من مسلسل كوردي طويل : الاتحاد السياسي
- مقترح من أجل اليونيسكو
- منجزات بشار
- أمنه سوره كه وأقبية المخابرات السورية
- القضية الكردية في سوريا : من مشكلة إلى جزئية
- وعاد الوفد بخفي هولير
- تركيا والنزوح السوري
- شعب دائري بإمتياز
- مبعوث دولي من أجل حل ذهبي
- الموقف الأمريكي من كورد سوريا


المزيد.....




- ليس الإكثار فقط.. مخاطر صحية قد تنتج عن خفض استهلاك الملح بش ...
- التبرع بالدم يقدم فائدة غير متوقعة لصحتك وحياتك
- دراسة تكشف العلاقة بين مشاهدة التلفزيون وأمراض القلب
- مفاوضون أمريكيون في موسكو وترامب يأمل بموافقة بوتين على وقف ...
- مصادر دبلوماسية للجزيرة: مجلس الأمن يقر مشروع بيان يندد بالع ...
- شرخ في جدار الغرب.. الطلاق بين الولايات المتحدة وأوروبا
- جنود على الخطوط الأمامية في أوكرانيا يصفون محادثات السلام مع ...
- زاخاروفا: تصريحات بودولياك حول موقف روسيا في الاتفاق مع الول ...
- حريق بطائرة تابعة لأميركان إيرلاينز بمطار دنفر
- انقسام في مجموعة السبع حول البيان الختامي


المزيد.....

- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى اسماعيل - القذارة الشمولية